مصالح عابرة
يأسرني و يرعبني الحديث عن حدث زلزل كياني و أوقف مسارب تفكيري , و أجرى مجاري الدمع في مقلتي بعد أن شحت في ما مضى من عمري البائس . في الربع الأخير من العام الفائت رزقت بطفل لم تكتمل سعادتي بولادته , و لم يكحل ناظري برؤيته . لقد جاء بكري بتشوه ولادي في يده اليسرى الناقصة الكف المحتوية أصبع واحد جاء كأنه خطاف يذكرك بقصص مثل " جزيرة الكنز " للقرصان الذي تحتوي يده خطاف صناعي , لكن خطاف ولدي الرائع جاء رباني . ترافق مع قصر في اليد أيضاً . امتد تشوه ولدي أيضاً إلى قدمه اليمنى التي احتوت على ثلاثة تشوهات تبدأ من قصر في عظم الفخذ إلى نقص عظمة الشظية و نقص في القدم أيضاً .
إنني و أمام هذا العطاء الإلهي أقف عاجزاً إلا عن شكر الباري القدير العزيز الذي أعطى فأجزل العطاء , و إن كان هناك هنة في الخلق فأن الخالق ألطف بعبده من أمه و أبيه , و إنا لراضون بحكم الله فهو مولانا و نعم الوكيل .
يكثر المواسون و المخففون الألم في ألم يقارب ألمي و وجعي هذا . يكثرون خاصة في مجتمع ريفي يتسم بالبساطة و المحبة . فمنهم من يحيلك إلى الله و يوصيك بالصبر و التسليم بقضاء الله و قدره . و منهم من يؤملك بالمستقبل و يذكرك بقدرة الله على التغيير , و الآمال بتطور العلم و أمكانية حل المشاكل المستعصية , و منهم من يقارنك بحالات أخرى و يردد المثل القائل " من رأى مصائب الناس تهون عليه مصيبته " , و هؤلاء ما لفت النظر في حديثهم أنهم ذكروا حوالي السبع تشوهات في منطقتنا الصغيرة سكانياً " و هنا مربط الفرس " .
إن وجود تشوهات ولادية بهذا العدد في منطقة صغيرة و وقت متقارب يجعل الأمر حدثاً بارزاً , و غير معتاد و يثير في الذهن تساؤلات عدة و أفكار شتى قد استطيع تلخيصها في أفكار هي كما يلي :
أولاً : إن جوارنا الجغرافي للوباء النووي الذي حط رحاله في بغداد مع وصول طلائع الاستعمار الأمريكي , وظهور آثاره في العراق بشكل واضح و جلي فأن احتمال تأثرنا بهذا الوباء ليست مستبعدة من خلال العوامل المناخية والتبادل الغذائي مع العراق الذي قد يؤدي إلى احتمالات أن تكون هذه التشوهات الولادية مستورد أمريكي عبر الأراضي العراقية .
ثانياً : إن إنشقاق عبد الحليم خدام و ما ترافق مع إنشقاقه من كشف لأوراق مستورة و مطمورة كان إحداها هي النفايات النووية في بادية تدمر تدفعنا للتساؤل عن الأيام المقبلة , هل تخبئ لنا أوراق مستورة مطمورة قد يكون مسرحها هو منطقتنا لا بادية تدمر , و تكون دلائله و علاماته هي التشوهات الولادية التي ظهرت في منطقتنا مؤخراً .
ثالثاً : إن البحث في أسباب التشوهات الولادية غير ذي جدوى إذا ما أدركنا أن أسباب التشوهات متعددة , وقد تكون التشوهات الموجودة في منطقتنا لا تنتمي كلها لسبب واحد , و نحن هنا لما نذهب مع الاحتمالات و يحار بنا السؤال و يتوه معنا المقال .
رابعاً : إن أسباب التشوهات و إن تعددت فإنه لا يستطيع الجزم بسبب أو غيره إلا ذوي الاختصاص و الخبرة , و إنما نحن نستطيع الجزم أن هذه التشوهات الولادية في منطقتنا لم تجد من الجهات المسؤولة أي اهتمام يذكر و قد تفاجأ الجهات الصحية إن لعبت الصفة دورها و قرأ أحدهم هذا الكلام بوجود هكذا حالات من التشوهات الولادية , و المفروض أن تكون هكذا حالات مسجلة و مشخصة لديهم لأنها لا تمس فرد بعينه بل تمس صحة المجتمع , و المفروض أن يكون المجتمع هو الهدف في عملهم .
إنني لن أجد من يتحمل المسؤولية و يقول أنه هو الذي يجب به البحث وراء هكذا حالات و قد قصر في عمله لأن النقد الذاتي للعمل لا يوجد إلا في أدبياتنا فقط , و هو للمباهاة لا للعمل به , ثم لماذا الاهتمام بهذه الحالات و هي لن تدر مالاً على أصحاب المناصب أبداً . و ما أهمية المنطقة التي وقعت بها هذه الحالات لكي يبادر إلى الاهتمام بها , و لماذا و كيف ......الخ .
اللهم ارزقنا الصبر و السلوان جنبنا شر التندر بالمصالح العابرة , و أمنحنا الثقة بالنفس لمقاومة الهجمة الامبريالية و الصهيونية , و القوة و الثبات لتحقيق مصالحنا الإستراتيجية . اللهم إني لا ( أرى . أسمع . أتكلم )
تل أبيض 26/5/2006 م
إضافة تعليق جديد