هذا السيد اللبناني النبيل

18-07-2006

هذا السيد اللبناني النبيل

من يتابع خطاب السيد حسن نصر الله وساحة عمل الحزب، يدرك فوراً الطبيعة الأخلاقية للخطاب بمعنى استيتيك وليس فقط بمعنى مورال. وهو يختلف تماماً عن الخطاب الديني لمجموعات إسلامية قد تتشابه بالمفردات إذ تستخدم نفس القاموس اللغوي والشكلاني ولكن تختلف جذرياً في خطابها الأيديولوجي: لا يسعى الحزب إلى سجال ديني أو إلى فتح ديني.
تبنّيه الصادق لحرية العقيدة يحرره من الإشكاليات التي وقعت فيها أصوليات المنطقة: الفخ التكفيري والفخ السلفي ونشر الدعوة، وما إليه من مقولات لا تتحقق إلا بتطبيع الآخر.
دعت الأصوليات للجهاد في أفغانستان وفي الشيشان وآخت بين التتري والمغربي واستباحت السياح في مصر والمسافرين في لندن، ولاقت من يفتي لها في التلفاز والكتب وفي البرلمانات.
أما عندما يقوم مجاهد عربي في أرض عربية بالاصطدام مع عدو حتى هذه اللحظة لم يقرر العالم والعرب أن إسرائيل دولة جوار تقوم الأعراب بلوم هذا السيد اللبناني النبيل! وتتهمه بعروبته!!! هل هذا يضع كل الطوائف المنتشرة في سوريا ولبنان من مسيحيين وشيعة ودروز وعلويين في دائرة التغريب!!! أو التشريق!! وماذا عن أخوة الإسلام في منغوليا والبلقان وماذا عن الفتوح العثمانية؟ هل ما ينطبق على طائفة تحرم منه بقية أهل الكتاب حتى نتهم اللبناني بهويته وولائه!
من ناحية مهنية يعتقد البعض أنه قرأ المستقبل أفضل من غيره، فلا مستقبل إلا للسلام وعليه فإن من يسالم إسرائيل أولاً يحظى بحصة أكبر من كعكة المصالح الاقتصادية القادمة! البعض يركض إلى استرضاء إسرائيل طمعاً بغد واعد. يا سادة يا ملوك الاقتصاد والسياسة: عندما يصبح سلام مع إسرائيل سيتاح للجميع عقد صفقات. تماماً مثلما أتيح لأهل مصر والأردن. ستبنون الفنادق شراكة مع اليهود وتتقاسمون شركات تعبئة المياه ومنحدرات التزلج ومخابر الدراسات الكيميائية الحيوية. ولكن جشعكم هذا يجب أن لا يقودكم إلى هز الشجرة قبل نضج التفاح.
الجميع يعرف كيف أخذت حكومات بعض الدول قرارها في حرب العراق! وكيف أنها لم تستشر مجتمعاتها وكيف أنها وجهت دعوة مفتوحة لجيوش العالم إلى مائدة الذبيحة العراقية.
أتساءل إذا وجد في الجنوب اليوم مقاتل سوري أو حتى تركي أو يوناني أو إيراني هل هذا انتهاك صارخ لفلسفة الحرب في العالم؟ هل سألت السعودية إيران عندما استجلبت القواعد الأميركية إلى الخليج ضد العراق؟!!
لماذا لم تشن حكومة لبنان حرباً على إسرائيل بعد كشف جرائمها وخروقاتها على الأرض اللبنانية؟ لأنها مقتنعة بالحلول الدبلوماسية! وماذا ستفعل بعد أن اكتشفت المرونة الدبلوماسية لنظيرها على طاولة السلام؟ وكيف أنه لا يشاركها نفس الفهم للدبلوماسية وللسلام ولتساوي الفرص وللتكافؤ وسيادة الدولة. هل ستصر على نسيان التاريخ وتبدأ العد ابتداءً من يوم خطف المقاومة للجنود الأعداء حتى تاريخه على الأقل عندما أعرف أن الشهداء هم من أهل الجنوب وأصحاب حزب الله أفرح. لأن النصر على العدو وإن كبر سيذهب به لئيم يعاتبك في خسارته.
فلينتصر حزب الله بأهله إلى أن يدرك بقية اللبنانيين أن نصر حزب الله نصر لهم قبل السلام مع إسرائيل وبعده.
(سينمائي سوري)

ايهم ديب

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...