فلسطين في مسلسل درامي «سفر الحجارة»
بعد أعمال معاصرة عديدة تناولت قضايا اجتماعية استثنائية كالإيدز والمخدرات والجريمة، يطل المخرج يوسف رزق هذا الموسم بعمل يقارب الواقع الفلسطيني، من زوايا قد تتقاطع مع أعماله السابقة، في بعض من جانبها الاجتماعي. العمل مشروع مؤجل للكاتب هاني السعدي، وكان قد اصطدم بصعوبة الحصول على تمويل أو حتى على ضمان توزيع مسبق، كونه يتناول في إطاره العام الواقع الفلسطيني (وهو موضوع غير محبذ كثيرا لدى المحطات العربية)!! ومن هنا يمكن وصف إقدام يوسف رزق على إنتاج العمل بالخطوة الطيبة، بغض النظر عن النتائج المرتبطة بالعرض، وبالتالي بطريقة الطرح والتناول، وإن كان الكاتب هاني السعدي قد أشار الى أن المسلسل “اعتمد الوضوح التام - والذي يطلق عليه المباشرة – في الأحداث، لأن موضوع الصراع بين الطرفين العربي والإسرائيلي هو أمر واضح ومُعلن في أنحاء العالم كلّه.. ولم نعد معنيين بالترميز أو خفض حدة التوتر أو اللف والدوران، فإما أسود وإما أبيض، كحقيقة الوضع الراهن... بمعنى أننا لا نريد أن ننظر أو نفلسف المواقف ولا الأحداث الجارية... وفي العموم، فإن كل الأعمال الدرامية التلفزيونية التي قدمت والتي ستقدم، لا تستطيع أن تنافس طفلاً يرمي حجراً على دبابة إسرائيلية، فالواقع شيء، والفن شيء آخر، لكننا نحاول أن نقرب الواقع وأن نعكسه في مرآة الفن”.
الكاتب هاني السعدي اشار ايضاً إلى أن العمل يتضمن أيضاً فسحات إنسانية راقية، فمع مشاهد القسوة والعنف والدمار، لا بد من أن يتوقف المشاهد أمام لحظات إنسانية دافئة للناس الذين يقاتلون ويتعرضون للعدوان، ونحن نقدم ملحمة إنسانية تسلط الضوء على الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وعلى الحياة، بمثل ما تتحدث عن وقائع المقاومة والصمود.
المخرج يوسف رزق شدد على ضرورة أن يقدم المخرج ولو عملا واحدا عن القضية الفلسطينية التي هي قضيتنا جميعا، وإذكاء ثقافة المقاومة روح التضحية والعطاء، وقال إن العمل في حقيقة الأمر هو مسلسل اجتماعي أيضاً ويتضمن أطيافاً اجتماعية عديدة، فهناك المقاوم والمقاتل، وهناك رجال يضحون بحياتهم في سبيل أهلهم وأرضهم، وهناك الطفل الذي يتشرب واجب مقاومة المحتل، وهو الواقع تحت القهر والظلم، فيندفع إلى العمل المقاوم والمواجهة التي توصله إلى الشهادة، وهناك في المقابل الشاب الذي يريد أن يحيا حياته الطبيعية والضغوط التي يتعرض لها في واقع اجتماعي محاصر ومقموع ويتعرض للظلم والقهر يوميا.
وأشار المخرج أيضا إلى دخول ما جرى ويجري في غزة اليوم ضمن الأحداث، ليأتي المسلسل معاصراً وحياتياً وأكثر التصاقاً وارتباطاً بالواقع المعاش حاليا... فالعمل فيه عمق إنساني وميلودراما من خلال حركة الشخصيات التي تعيش واقعا صعبا تحت الاحتلال، لكنها شخصيات أناس من لحم ودم، ومن مشاعر ورؤى، وهناك أكثر من نموذج اجتماعي: المراهق، المستهتر، المقاوم، الخائن، الغارق في المخدرات، العاشق السوي وغير السوي.
وأكد رزق ضخامة الإنتاج وتخديم العمل بشكل جيد، من مواقع التصوير إلى المعارك والمناوشات القتالية والتفجيرات وغيرها من مؤثرات ضرورية للعمل.
“سفر الحجارة” دراما اجتماعية تبدأ أحداثها مع العام 2001، في مدينة القدس الشرقية، حيث يعود الشاب الفلسطيني “خالد كنعان” إلى الوطن بعد دراسته للطب في لندن، مفضلا خدمة أبناء شعبه على العروض المغرية التي قدمت له في لندن، خصوصاً بعد تعرضه وصديقه “وليد”، الذي يدرس الإخراج السينمائي، إلى الاعتداء وحرق منزله إثر نجاحه، في محاولة لحرمانه من حمل خبراته الطبية إلى البلدان العربية، وخصوصا فلسطين.
لكن “خالد”، العائد إلى أمه أرملة الشهيد، يفاجأ باستشهاد أخيه أيضا، وتعرض أخته للاغتصاب ومن ثم القتل على يد عدد من الشبان الصهاينة، فيقرر الانتقام منهم، مستعينا ببعض الأصدقاء الذين يشكلون معا خلية للمقاومة، فيما شقيقه “خلدون” الذي يعمل في مصبغة للملابس، وهو شاب طائش له طموحات تتناقض مع أفكار أسرته، ينساق خلف مغريات الحياة من سهر ولهو وغرائز بصحبة رفاق السوء، حتى يتورط مع جهاز الموساد الإسرائيلي عبر علاقته بفتاة يهودية وإدمانه المخدرات، الأمر الذي يضطره للعمل كجاسوس على خلايا المقاومة لقاء الحصول على حقنة مخدر، لكن ذلك لن يطول، لتدور الأحداث وتجبر “خلدون” على مراجعة أفعاله ومواقفه.
وفي العمل خطوط درامية وإنسانية ووطنية أخرى سيتكشف عنها العمل الذي سيعرض خلال الموسم الرمضاني المقبل، وهو من بطولة: نادين، سليمان رزق، وائل رمضان، روعة ياسين، صفاء رقماني، تيسير ادريس، أمانة والي، نضال سيجري، ميلاد يوسف، قاسم ملحو، ليث المفتي، ليلى سمور، ربى السعدي، وغيرهم.
وفي البطاقة الفنية: مدير التصوير جوني نصار، مصور أسامة أميرة، مدير إضاءة ياسر الوادي، مدير الانتاج حسام منور، الصوت هيثم ريحاوي، مونتاج إياد يوسف، تأليف هاني السعدي، إخراج يوسف رزق.
ويؤكد رزق أن أحداث العمل تدور في القدس الشرقية، مشيرا إلى أن أغلب مواقع التصوير كانت في بلدة “صيدنايا” السورية، مبررا ذلك بأنها المدينة الوحيدة التي تشبه ببيوتها وتراثها المعماري مدينة القدس الشرقية، منهياً انه استغل خبرته الإنتاجية الكبيرة ليقدم عملاً ضخماً بإمكانات متواضعة، ومشيرا إلى أن كلفة العمل لم تتعدّ المليون ونصف المليون دولار!
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد