سلبوه بطعم من ذهب
يبدو أن لكل زمن عصاباته التي تبتكر (أفانين) في طرق الاحتيال والنصب، مستفيدة حتى من مناخ انفتاح الاستثمار، وبما يتماشى مع الأحلام المشروعة لكل شخص بالاثراء السريع، ولو تطلب الأمر استخدام طعم من ذهب، هذا المعدن النفيس الذي يرغب كل الناس في اقتنائه والتبرج به، فكيف لو فكر أحدهم في الاتجار به، والاستفادة من قفزات أسعاره البهلوانية بين ليلة وضحاها في عمل هو أشبه -بالمقامرة- بين مؤشرات البورصة العالمية القائمة على تذبذبات أسعار العملة وحادثة اليوم لا تخلو من غرابة تصل إلى حد (الطرافة) وتتعلق بمجموعة من المحترفين الذي يمكن القول تجاوزاً إنهم (عصابة) قد تخصصت بالنصب والاحتيال على الناس وخاصة المغتربين والسياح بطعم من ليرات ذهبية حقيقية غامروا بشرائها من بلد مجاور طمعا بما ستجره لهم خلفها من خير وفير وآخر ضحاياهم (إذ لم يكن أولهم) كان مواطن سويدي الجنسية تعرف عليهم عن طريق شقيقه (فيصل) الذي يعمل في محل لبيع الحبوب بمحلة بالطبالة، وقد تعرف من خلال عمله هذا على فريد الذي كان يمده بمادة الحمص، وقد دار بينهما ذات يوم حديث، عرف فريد من خلاله أن لفيصل شقيقاً سويدي الجنسية، وهو من رجال الأعمال المغتربين، فبينت النية على الاحتيال على الاثنين معا (فيصل وشقيقه حسين) الذي يعيش في السويد مستخدما طعما من ذهب.
إذ راح يقنع فيصل بأن يقلب محل الحبوب إلى محل لبيع الذهب والصياغة وعندما شعر بأن فيصل بدأ يقتنع بكلامه أغراه بصفقة من الذهب يقول فيصل: اتصل بي المدعو أبو موسى -وهو لقب فريد- وأعلمني أن لديه تجارة سأستفيد منها مبالغ طائلة ودعاني لزيارته في بلدته (نوى) بمحافظة درعا وهناك عرفني على شخص يدعى (خالد) وآخر يلقب بأبي عبد الله عرضا علي كمية من الليرات الذهبية وطلب أبو عبد الله مني أن أعرفه على تاجر وبأنه سيعطيني من الربح لقاء (الوساطة) فأعلمته بأني سأعرفه على شقيقي حسين وهو رجل أعمال مقيم في السويد وبالفعل سارع فيصل للاتصال بشقيقه وأقنعه بوضع بعض رأسماله في تجارة الذهب بسورية كبلد منفتح ومتقدم وبأنه مستعد لقلب محله في بيع الحبوب إلى محل للذهب لتصريف الصفقة التي يعرضها عليه وطلب منه أن يأتي إلى دمشق لمعاينة البضاعة ومعرفة ماهيتها وثمنها وفعلا قدم شقيقه حسين من السويد إلى سورية ليأتي إليه «أبو عبد الله» ومعه ليرات ذهبية حقيقية تأكد حسين من خلالها بأنها من الذهب الخالص، والمتداولة ولدى سؤال حسين لأبي عبد الله عن باقي أنواع المصاغ الذهبي من:(أساور- خواتم- أطواق- شبكات) أجاب: سنبيعك إياها تباعا حين يتم بيع هذه الصفقة من الليرات واتفقا من ثم على دفع حسين ما يعادل خمسة ملايين ليرة سورية من بينها (155000 كرون دانماركي) 24000 كرون سويدي ، 30000 دولار، 25000 يورو إضافة لـ 150000 ل.س ثمنا لهذه الصفقة.
فقال أبو عبد الله ضعها في محفظة وسنلتقي بك في أول طريق المطار وهنا ساور الشك قلب حسين الذي حاول الاتصال بصديق له من هولندا لسؤاله عن وضع هذه الصفقة المقبل عليها وحقيقة هذه الليرات إلا أن الاتصال كان ينقطع فلم يجد حسين بداً من الذهاب بالمال برفقة شقيقه إلى أول طريق المطار حيث حضرت سيارة مرسيدس حمراء يركب بها أربعة أشخاص توقفت بجانبهما وطلب أبوعبد الله من حسين أن يصعد إلى السيارة مع محفظة النقود ولما حاول شقيقه فيصل الصعود إلى جانبه، طلب منه سائق السيارة عدم الصعود بحجة أن السيارة لاتتسع للجميع، ومن ثم انطلقوا جميعاً بالسيارة باستثناء شقيق حسين فيصل الذي أخذ رقم السيارة ومواصفاتها خوفاً على شقيقه الذي عاد إليه بعد ساعة لوحده، وأعلمه أنهم قاموا بأخذ المبلغ منه بعد أن تكلم معه صديقه من هولندا على جواله وهو داخل السيارة وأعلمه أن الذهب في سورية يباع ويشرى بوجود دفعة على كل قطعة ذهبية وبأن تجارة الليرات الذهبية ممنوعة.
وعندئذ علم- بعد فوات الأوان- أنه قد وقع ضحية عملية نصب واحتيال وحاول التراجع عن إتمام هذه الصفقة ولكن «أربابها» أكملوها على طريقتهم باشهار الأسلحة النارية عليه وإرغامه على تسليمهم النقود ثم طلبوا منه النزول من السيارة في محلة -المزه- ولاذوا جميعا بالفرار.
تقدم كل من حسين وشقيقه فيصل بشكوى إلى قسم شرطة القصاع حيث نظم الضبط رقم 664 لعام 2009 بالحادثة المذكورة وتبين بالتحقيق أن السيارة عائدة لشخص كان قد أجرها -بعقد إعارة - للمدعو محمد /إ الذي تبين بالتحري عنه أنه من أرباب السوابق بالاحتيال بالليرات الذهبية المزيفة وقد سبق أن أوقف بهذا الجرم لثلاث مرات وبإلقاء القبض على المذكور اعترف بمعرفته للمدعو (محمد/ع) المعروف أنه من أرباب السوابق أيضا في الاحتيال والدعارة وحيازة وترويج الليرات الذهبية المزيفة.
وبأنه قد قام باعارة -نفس السيارة- منذ حوالي شهر لهذا الشخص الذي تبين بالتحري عنه أنه موقوف لدى فرع الأمن الجنائي بريف دمشق بجرم النصب والاحتيال وأن السيارة المرسيدس الحمراء المذكورة فعلا بحوزته وقد تم حجزها من قبلهم ولدى سؤال المقبوض عليه (محمد/ع) تبين أنه على معرفة أيضا بشخص آخر من أرباب السوابق يدعى (أيمن /خ) إذ سبق أن أوقف معه بتاريخ 28/10/2008 بفرع المنطقة وتم تقديمهما في نهاية الشهر الثاني لعام 2008 لإدارة الأمن الجنائي لاكمال التحقيق معهما بجرم النصب والاحتيال حيث تم تنظيم ضبط من قبلهم وقدما للقضاء وتم إخلاء سبيل محمد/ع فيما بعد بمثل ما أخلي سبيل الثاني (أيمن /خ) الذي اتصل بالأول وأعلمه بوجود شخص يرغب بالنصب والاحتيال عليه وأنه قام بترتيب كل الأمور وطلب منه تأمين سيارة فخمة لاتمام هذه العملية فما كان منه سوى استئجار هذه السيارة من قبل صديقه محمد/أ وتم الاتفاق على تقسيم المبلغ الذي سيحصل من هذه العملية على جميع المشتركين فيها.
اللافت للنظر أن هذه العصابة المحترفة بأفانين السلب بالعنف والاحتيال وبطعم من ذهب على دراية كافية من «أين تؤكل الكتف» وقد استطاعت تنفيذ أكثر من عملية:
الأولى: موضوع ضبط قسم شرطة الصالحية رقم 2363 تاريخ 18/9/2003.
والثانية: موضوع ضبط قسم البحث رقم 2809 تاريخ 12/9/2006.
والثالثة: موضوع ضبط قسم البحث رقم 2767 تاريخ 17/1/2008 وجميع عمليات النصب والسلب والاحتيال التي قام بها هؤلاء كانت تحت تبرير القانون لايحمي المغفلين.
الأمر الذي حدا بالجهة المدعية (فيصل وشقيقه حسين) إلى تحريك الدعوى العامة بحق هؤلاء والطلب إلى الجهات المختصة إجراء المقتضى القانوني وانزال أقصى العقوبات الرادعة بحقهم مع إلزامهم بإعادة المبلغ المسلوب منهم إليهم بالتكافل والتضامن فيما بينهم وكذلك دفع تعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالجهة المدعية .
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد