تلاسـن متجـدّد بين واشـنطن وتل أبيـب
قرر المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل تأجيل زيارة مقررة له هذا الأسبوع إلى المنطقة، في أعقاب تلكؤ الحكومة الإسرائيلية في الرد على مطالب الإدارة الأميركية لإطلاق محادثات التقارب مع الفلسطينيين.
ويأتي هذا التأجيل أيضا إثر تصاعد الخلافات العلنية بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والحكومة الإسرائيلية، وتزايد الرسائل الاحتجاجية المفتوحة التي يوجهها قادة يهود إلى أوباما عبر وسائل الإعلام الأميركية. وقد ارتفعت حدة التلاسن في الأيام الأخيرة عبر تعاظم الرفض الإسرائيلي لمنطق «التسوية المفروضة»، والرد الأميركي عبر السفير السابق مارتين إنديك أن بوسع إسرائيل التصرف باستقلالية إذا كانت قادرة على العيش باستقلالية.
ويعتبر قرار ميتشل عدم الوصول إلى المنطقة هذا الأسبوع وتأجيل جولته إلى الأسبوع المقبل نوعاً من الإصرار الأميركي على عدم القدوم من دون الحصول على أجوبة إسرائيلية على المطالب الأميركية.
وبدا واضحاً خلال الأيام الأخيرة من تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وعدد من أعضاء السباعية وفي مقدّمتهم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أنه يتعذر عليهم اتخاذ القرار الذي تريده واشنطن بتجميد الاستيطان، بما في ذلك في القدس الشرقية المحتلة. وربما لهذا السبب دعا السفير الأميركي السابق في إسرائيل مارتين أنديك نتنياهو إلى اتخاذ القرار والاختيار بين أميركا وشركائه الائتلافيين. وكتب إنديك، الذي ترأس في الماضي مركز الدراسات التابع للوبي الصهيوني «إيباك»، في صحيفة «نيويورك تايمز» أنه «إذا واصل نتنياهو تأجيل الحسم السياسي، فمن الجائز أن تكون لذلك عواقب فظيعة على العلاقات بين واشنطن وتل أبيب».
وقال أنديك، في حديث مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن «المسألة المركزية هي ما هو الأهم، فإذا كانت إسرائيل قوة عظمى ولا تحتاج لحماية الولايات المتحدة، التي تعزل وتضغط على إيران، فلتتقدم لتفعل ما تشاء»، ولكن «إذا كنتم بحاجة للولايات المتحدة، فعليكم أن تأخذوا بالحسبان المصالح الأميركية. إن أوباما يوقع على رسائل لعائلات الجنود القتلى أكثر بكثير من تلك التي يوقعها رئيس الحكومة الإسرائيلية. وينبغي لإسرائيل الانتباه للمصالح الأميركية في الحرب».
وعلى الفور ردّ نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني إيالون على كلام أنديك. وقال «لا ريب في أنه ينبغي على إسرائيل أن تأخذ بالحسبان المصالح القومية الأميركية مثلما ينبغي للولايات المتحدة أن تأخذ بالحسبان مصالحنا». وأضاف «ولكن ينبغي لنا أن نفكر أولاً بأنفسنا، بأمننا. ومحظور التسرع ويجب العمل باتزان وليس بتعجّل».
ولكن إيالون كان قد انتقد الأميركيين صراحة وانتقد نتنياهو تلميحاً لموافقته على إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الفلسطينيين بوساطة أميركية. وقال إن «الجميع يتحدث عن محادثات التقارب، وهذا أيضاً خطأ. كان ينبغي التوجه نحو المفاوضات المباشرة، وهذا يشمل إبلاغ الفلسطينيين أنهم لا يحسنون إلى أحد إذا جاءوا إلى طاولة المفاوضات».
وحمل على «الجداول الزمنية»، موضحاً «لا جداول زمنية، ومحظور التسرع فقط من أجل أن نبدو لطفاء. لأن هؤلاء قد يتودّدون إلينا لفترة، ولكن بالتأكيد لن يحترمونا».
من جهة ثانية، ذكرت «هآرتس» أن الإدارة الأميركية مستاءة من نتنياهو لدفعه شخصيات يهودية لكتابة رسائل مفتوحة لأوباما.
غير أن هذه الرسائل هي جزء من حملة لكسب الرأي العام اليهودي في أميركا، الذي تحاول الجهات الأشدّ يمينية فيه تحريكه للتظاهر ضد أوباما. وقال مسؤولون أميركيون عن هذه الرسائل بأنها «خطوة غير حكيمة». ويبدو أن هذه الجهات اليمينية تحاول نقل المعركة ضد أوباما إلى الكونغرس ذاته. وقد وزعت هذه الأوساط مسودة قرار تأييد لإسرائيل بمناسبة «يوم الاستقلال» الـ 62 لها. وتتضمن المسودة العبارات التالية «وفرت إسرائيل لليهود من كل العالم الفرصة لإعادة البناء والمشاركة في الدولة اليهودية ومجتمعهم الوطني العتيق، بلاد إسرائيل، مع القدس بصفتها عاصمتها الموحدة. وقال الرئيس باراك اوباما في 4 حزيران 2008 إن «القدس ستبقى عاصمة إسرائيل وعليها أن تبقى موحدة... كما قال رئيس الوزراء نتنياهو في 22 آذار 2010 إن «الصلة بين الشعب اليهودي وبلاد إسرائيل غير قابلة للنفي. الصلة بين الشعب اليهودي والقدس غير قابلة للنفي. القدس ليست مستوطنة. هذه عاصمتنا».
وبحسب «هآرتس» فإن هذه الصياغات أغضبت منظمة «أميركيون من أجل السلام الآن»، والذين بعثوا برسائل إلى مكاتب كل أعضاء الكونغرس داعين إياهم إلى رفض تأييد القرار إلا إذا تغيّرت صيغته.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد