الانترنـت هـل يجعلنـا أكثـر غبـاء؟

10-06-2010

الانترنـت هـل يجعلنـا أكثـر غبـاء؟

الانترنت، أو الشبكة العنكبوتية التي تربط العالم أجمع، ولم تستثنِ أحداً من سكان المعمورة من شباكها، «تستغبي» مستخدميها ولا ترفع نسبة تركيزهم!
فعلاً؟! نعم، لقد أثبتت دراسات حديثة أن تصفح الانترنت يزيد من غباء مستخدميه!
وتحت عنوان «هل يجعلنا الانترنت أكثر غباء؟»، عرض الكاتب في صحيفة «وول ستريت جورنال»، نيكولاس كار، وهو مؤلف كتاب «السطحية: ماذا يفعل الإنترنت بأدمغتنا»، نتائج دراسات أثبتت أن الانترنت «بتشتيتها للأذهان»، تزيد من غباء الأشخاص، بجعلهم «مفكرين سطحيين».
وعاد كار بالزمن إلى ألفي عام، عندما قال الفيلسوف الروماني سينيكا «أن تكون في كل مكان هو ألا تكون في أي مكان»، وهو ما ينطبق حقاً على طبيعة الانترنت.
وتابع كار «تمنحنا شبكة الانترنت القدرة على النفاذ السهل إلى كمية غير مسبوقة من المعلومات»، لكن الدراسات تثبت أن «الأشخاص الذين يقرأون نصوصا محشوة بالروابط، يفهمون أقل ممن يقرأون نصوصاً تقليدية أفقية» أي مطبوعة. كما أن الذين يشاهدون عروضا متعددة الوسائط يتذكرون أقل ممن يأخذون المعلومات بطريقة مركزة. وعلى المنوال ذاته، فإن الأشخاص الذين يتشتت انتباههم باستمرار، سواء عبر الرسائل والبريد الالكتروني وغيرها... «يستوعبون أقل ممن بإمكانهم التركيز» بلا أي عوامل تشتيت. كما أن الأشخاص الذي يؤدون مهام عديدة هم أقل إبداعا وإنتاجية من أولئك الذين ينجزون عملا واحدا، على حدة.
القطبة المشتركة في كل هذه «العاهات» (عند الذين يستخدمون الانترنت) هي «تشتت الانتباه»، بحسب ما قال كار، لافتاً إلى أن «غنى أفكارنا، وذكرياتنا، يتوقف على قدرة العقل على التركيز، والمحافظة على هذا التركيز».
واستشهد كار بمقولة للفائز بجائزة «نوبل» عالم الأعصاب أريك كاندل انه «عندما ننتبه جيداً إلى معلومة جديدة، عندها فقط يمكننا ربطها ربطاً هادفا ومنتظماً مع معرفة راسخة في الذاكرة»، مشيرا إلى أن «أدمغتنا غير قادرة على صياغة وصلات عصبية قوية ومتمددة عندما يكون عقلنا مشتتاً باستمرار على الانترنت».
ونقل كار تجربة أخرى، أجريت مؤخرا في جامعة «ستانفورد للاتصالات» حيث أجرى الباحثون اختبارات معرفية على 49 شخصاً طلب منهم القيام بالعديد من المهام الإعلامية، واختبارات مماثلة على 52 شخصا آخرين طلب منهم القيام بمهام أقل.
وأظهرت نتائج الدراسة ان متعددي المهام لم ينجحوا بأي من الاختبارات، حيث كان من السهل تشتيت انتباههم، وكانوا أقل تحكماً بتركيزهم وكانوا أقل قدرة على التمييز بين المعلومات المهمة والتافهة.
وهذه النتائج، كما قال كار «أدهشت الباحثين»، الذين كانوا يفترضون أن من يقوم بأعمال عديدة على الانترنت «يكتسب مزايا عقلية إضافية». فالاختبارات أثبتت أن هؤلاء «لم يجيدوا، حتى القيام بالمهام العديدة المنوطة بهم»، وكانوا إلى حد كبير «أقل مهارة في الانتقال بين المهام، مقارنةً مع أولئك الذين كانوا مكلفين بالقيام بمهام أقل».
ولقطع الشك في الجدل عما إذا كانت الانترنت تزيدنا غباء، عكس كار فرضيته، متسائلاً «هل تجعلنا الانترنت أكثر ذكاء؟».
وللإجابة عن السؤال، استعان كار بدراسات علمية أثبتت أن «عقولنا تتكيف باستمرار مع الأدوات الجديدة التي نستخدمها، بما في ذلك تلك التي تساعد على العثور على المعلومات، وتخزينها وتشاطرها مع الآخرين». و«بتغيير عادات عقولنا، تقوم كل تكنولوجيا جديدة بتقوية بعض مجاري خلايا عصبية، ويضعف أخرى»، و«هذه التحولات الخلوية تستمر في تحديد الطريقة التي نفكر بها، حتى إن توقفنا عن استخدام التكنولوجيا».
واستشهد كار بتجربة قام بها عالم الأعصاب في جامعة «كاليفورنيا» مايكل ميرزينيتش على القرود، حيث أعاد ترتيب أعصاب يد قرد، فاكتشف أن خلايا الأعصاب في القشرة الحسية عند الحيوان تعرفت الى بعضها بسرعة وتنظمت لإنشاء «خريطة ذهنية» جديدة لليد.
هذا الأمر أقلق ميرزينيتش «إزاء العواقب المعرفية الناتجة عن التشتت المستمر الذي تقصفنا به الانترنت»، محذراً من أن «التأثيرات الطويلة الأمد على نوعية حياتنا قد تكون مميتة».
وأوضح كار أن «كل ما نضحي به أثناء البحث والتصفح هو قدرتنا على الانخراط في ما هو أكثر هدوءاً»، مشيراً إلى أن «الشبكة لا تشجعنا أبداً على التروي، ما يجعلنا في حالة تنقل عقلي دائم».
واعتبر كار أن «قراءة سلسلة طويلة من الصفحات (المطبوعة) تساعدنا على تطوير نوع نادر من الانضباط العقلي»، بما أن «الدماغ يتحيز عادة للهو»، وعندما «نقرأ، نتصدى لهذه العادة، فتزيد قدرتنا على التحكم بعقولنا وانتباهنا». والآن... هل اقتنعتم بأن الانترنت تزيدنا غباءً؟

المصدر: السفير نقلاً عن «وول ستريت جورنال»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...