كيف تزوج الشيطان من ثلاث شقيقات
في أحد الأيام سيطرت على الشيطان رغبة جامحة بالزواج، فغادر الجحيم وتحول إلى صورة شاب وسيم وقام ببناء بيت جميل. عندما انتهى بناؤه وتأثيثه بأحدث طراز قدّم نفسه الى أسرة لها ثلاث شقيقات جميلات، فطلب يد الابنة الكبرى.
نال الرجل الوسيم استحسان الفتاة، كما سرّ الوالدان لمعرفة أنها ستعيش في بحبوحة، ولم يمض وقت طويل حتى جرى الاحتفال بالزفاف.
عند وصولهما إلى منزل الزوجية، قدّم اليها باقة رائعة من الأزهار، وعرّفها الى غرف المنزل وأخيراً وصلا إلى باب مغلق. قال لها: "المنزل بكامله تحت تصرفك، وكل ما أريد منك هو أمر واحد لا غير، لا تفتحي هذا الباب في أيّ حال من الأحوال".
بالطبع، قطعت له الزوجة الفتية وعداً صادقاً، لكنها في الوقت نفسه كانت تنتظر لحظة نكوصها بالوعد بفارغ الصبر. عندما غادر الشيطان المنزل في صباح اليوم التالي بحجة الذهاب إلى الصيد، أسرعت إلى الباب المحظور وفتحته، فرأت هاوية مرعبة تفحّ لهباً اندفع نحوها وأحرق الأزهار التي على صدرها.
عند عودة زوجها إلى المنزل، سألها عما إذا كانت قد برّت بوعدها، فأجابته بلا تردد: "نعم"، لكنه عرف بمجرد رؤية الأزهار بأنها كاذبة فقال: "لن أختبر فضولك بعد الآن. تعالي معي، سأريك بنفسي ما يوجد خلف الباب". ثم قادها نحو الباب وفتحه ودفعها حتى وقعت في الجحيم، وأغلق الباب ثانية.
بعد شهور عدة طلب يد أختها للزواج، وتم الأمر، ومن ثم تكررت القصة نفسها كما حدثت مع الزوجة الأولى.
أخيراً تقدم الى الأخت الثالثة، التي كانت فتاة حريصة وقالت لنفسها: "لا بد من أنه قتل شقيقتَيّ، وهذا يشكل تحدياً بالنسبة اليَّ، سأحاول وأرى ما إذا كنت أوفر حظاً منهما".
وهكذا، وافقت على طلبه. وبعد الزفاف أعطاها العريس باقة جميلة من الأزهار، إلا أنه منعها أيضاً من فتح الباب الذي أشار إليه. على أنها لم تكن أقل فضولاً من شقيقتيها، فقامت أيضاً بفتح الباب المحظور بعد ذهاب الشيطان إلى الصيد، لكنها كانت قد وضعت أزهارها في الماء.
وما إن شاهدت خلف الباب تلك الجحيم القاتلة وأختيها في داخلها حتى صرخت: "آه! يا لحظّي التعس! ظننت أنني تزوجت من رجل عادي، وبدلاً من ذلك تبيّن انه الشيطان! ما الطريقة للهرب منه؟".
أخرجت شقيقتيها من الجحيم وخبأتهما. عندما عاد الشيطان إلى المنزل نظر فوراً إلى باقة الأزهار، وكانت قد أعادتها إلى صدرها، وعندما وجد الأزهار لا تزال نضرة لم يطرح أيّ سؤال، واطمأن على سرّه وأحبّها الآن للمرة الأولى.
بعد أيام سألته إن كان يقبل بحمل ثلاثة صناديق إلى منزل والديها من أجلها، من دون أن يضعها أرضاً أو أن يستريح على الطريق، وأضافت: "عليك أن تفي بوعدك لأني سأقوم بمراقبتك".
وعد الشيطان بتنفيذ ما طلبته. في الصباح التالي وضعت إحدى أختيها داخل الصندوق وجعلته على كتف زوجها. كان الشيطان قوياً جداً، إلى أنه كان كسولاً أيضاً ولم يعتد على العمل، فتعب بسرعة من حمل الصندوق الثقيل وأراد أن يستريح قبل أن يخرج من الشارع الذي يعيش فيه. لكن زوجته صاحت به: "لا تنزله أرضاً، إني أراك!".
تابع الشيطان طريقه على مضض إلى أن انعطف عند زاوية الطريق. ثم قال لنفسه: "لا يمكن أن تراني هنا، سأرتاح قليلاً". وما إن شرع في إنزال الصندوق عن كتفه حتى صرخت الأخت من داخله: "لا تضعه أرضاً، ما زلت أراك!".
فأخذ يلعن حظّه، وجرّ الصندوق عبر شارع آخر وأراد أن يستند به الى درجة الباب، فسمع الصوت من جديد: "لا تنزله أرضاً أيها المخادع. ما زلت أراك!".
ففكّر: "أيّ نوع من العينين تملك زوجتي تمكنها من الرؤية حول الزوايا كأنها خط مستقيم، ومن خلال الجدران كأنها مصنوعة من الزجاج!". أثناء استغراقه في التفكير وصل وهو يتصبب عرقاً، خائر القوى إلى منزل حماته، وسلّمها الصندوق على عجل ثم أسرع إلى البيت ليعوّض جهده بفطور دسم.
تكرر الأمر نفسه في اليوم التالي مع الصندوق الثاني.
في اليوم الثالث كان عليها هي نفسها العودة إلى البيت داخل الصندوق. فأعدّت دميةً وألبستها من ثيابها ووضعتها على الشرفة بحجة أنها تستطيع أن تراقبه بشكل أفضل من هناك. ثم تسللت بخفة وبسرعة إلى داخل الصندوق وطلبت من الخادم وضع الصندوق على ظهر الشيطان. فصرخ: "اللعنة! هذا الصندوق أثقل بكثير من الصندوقين الآخرين. اليوم، وطالما هي على الشرفة، ستكون لديَّ فرصة أقل بكثير في الحصول على بعض الراحة".
حمل الصندوق بعناء كبير ومن دون توقف إلى منزل حماته، ثم أسرع عائداً إلى المنزل لتناول الفطور وهو يوبّخ نفسه، وظهره مقصوم. لكن خلافاً للمعتاد، لم تخرج زوجته لملاقاته، ولم يكن الفطور معدّاً. صاح منادياً: "مارغريتا، أين أنت؟"، لكنه لم يتلقّ جواباً. وبينما هو يجول الردهات نظر من النافذة فرأى الدمية على الشرفة.
صرخ بغضب: "مارغريتا هل نمت؟".
لكن مارغريتا لم تتحرك. أسرع إلى الشرفة حانقاً ولطمها على أذنها فوقع رأسها ليتبيّن أن الرأس ما هو إلا عبارة عن قبعة والجسم حزمة من الأسمال. انطلق مسعوراً نحو الأسفل وفتّش في أنحاء المنزل ولكن عبثاً. كل ما عثر عليه كان صندوق حلى زوجته الفارغ فهتف: "ماذا! لقد سرقوها مني ومع مجوهراتها أيضاً!". هرع ليخبر والديها بهذه المصيبة. وعندما اقترب من المنزل، ولدهشته، شاهد على الشرفة الشقيقات الثلاث معاً، وهن يضحكن بسخرية واحتقار.
ثلاث زوجات مرة واحدة، أخفن الشيطان وبشكل كبير الى درجة أنه فر هارباً على جناح السرعة. ومنذ ذلك الوقت فقد رغبته في الزواج ¶
ترجمه عن الإيطالية: عاصم مظلوم
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد