أردوغان يغازل الأمريكان
تدرك الحكومة التركية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، جيدا حجم المعارضة الشعبية لقرار إرسال قوات تركية إلى لبنان، لذا لجأت إلى أسلوب التدرج في تظهيرها. فكانت البداية مع إرسال قوات بشروط، ثم الإعلان عن جس نبض الدول الإقليمية، إلى أن اتخذت الحكومة قرارا مبدئيا، أمس الاول، بهذا الصدد.
وربط البعض مبدئية القرار بجولة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان، وانتظار زيارته إلى أنقرة، حيث ستخرج الحكومة على الرأي العام بضمانات مطمئنة من انان حول مهمة القوة الأممية السلمية.
ويتوقع تبعا لذلك أن يطلب 110 من نواب البرلمان عقد جلسة استثنائية للبرلمان نهاية الأسبوع الحالي أو، وهو المرجح، مطلع الأسبوع المقبل، للتصويت على ما سيعرف بـ مذكرة لبنان. وأعلن المتحدث باسم الحكومة التركية جميل جيتشيك، اثر اجتماع ضم رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان والعديد من الوزراء أمس، نتوقع أن يناقش البرلمان التوصية الحكومية الثلاثاء> في 5 أيلول المقبل، موضحا أن مهمة القوات، التي لم يحدد عددها، ستستمر عاما على الأقل.
وبرغم أن حزب العدالة والتنمية لا يخشى كثيرا من تكرار البرلمان ما فعله في الأول من آذار ,2003 حين رفض مذكرة العراق، إلا انه يتحسب منذ الآن لأية مفاجآت، حيث أن الصراع على هذه المذكرة على أشده. وقد أصدر تعليمات لنواب الحزب يدعوهم فيها للحضور الكثيف والاقتراع لصالح المذكرة، أما من يعارضها فعلى الأقل عدم الحضور، حتى لا يؤثر وجوده سلبا على نتيجة الاقتراع للمذكرة، التي تحتاج لتأييد نصف عدد النواب الحاضرين للجلسة زائد واحد لتتم المصادقة عليها. يشار إلى انه في جلسة 1 آذار 2003 أيد قرار المشاركة في الحرب ضد العراق عدد من النواب اكبر ممن عارضوه، لكنه كان اقل من نصف عدد الحاضرين ففشل.
ولا يبدو أن قيادة الحزب قلقة هذه المرة، لكن أصواتا من داخله بدأت ترتفع معارضة مذكرة لبنان. وقال محمد دولغير انه سينظر إلى القوة التركية على أنها قوة سنيّة، فيما اعتبر عبد الله تشاليشكان أن القرار موال لإسرائيل. إنها لعبة كبيرة، وأنا سأعارض المذكرة حتما>. واعتبر نور الدين اقطاش انه لا فائدة من ذلك لتركيا التي ستذهب إلى المستنقع.
ولعل الدور الأبرز هو الذي يؤديه اردوغان، الذي نقلت صحيفة وطن عنه قوله، خلال اجتماع حزبي قبل يومين، إن عدم مشاركة تركيا في غزو العراق كان لغير صالحها بصورة كبيرة. وذكرت صحيفة حرييت أن هذا أول اعتراف من نوعه من جانب أعلى مسؤول في الحزب، وهو بهذا التصريح يحرض نواب الحزب على عدم تكرار الخطأ.
ويقول رئيس تحرير حرييت ارطغرل اوزكوك إن نتيجة رفض مذكرة 1 آذار هي تمركز مقاتلي حزب العمال الكردستاني شمالي العراق. وحث اردوغان على أن يكون شجاعا، ويرسل قوات إلى لبنان من دون أي خوف. وينضم اوزكوك بذلك إلى مجموعة من الكتاب الذين يرون أن الفرصة سانحة لتركيا لتتقدم على إيران، وتتخلص من سوريا وفقا لجدول أعمال الولايات المتحدة، وتتحول إلى القوة الأولى في المنطقة.
واستخدم الكاتب المعروف جنكيز تشاندار المصطلحات التي يهواها اردوغان كلاعب كرة قدم سابق. وقال ان عدم إرسال قوات تركية إلى لبنان يعني ألا تكون في مصاف الدوري الممتاز، مشددا على انه بمقدار ما يتعاظم النفوذ السوري الإيراني في المنطقة يتراجع وضع تركيا، لذا عليها أن تقدم رغم المخاطر التي قد تواجهها.
وجاء الهجوم الأعنف على قرار الحكومة المبدئي بإرسال قوات تركية لتعزيز اليونيفيل من القوى العلمانية، لاسيما صحيفة جمهوريت التي اتهمت الحكومة بأنها تأخذ في الاعتبار مصالحها الضيقة، المتمثلة في كسب رضى أميركا لتبقى في السلطة، وليس المصالح الوطنية لتركيا. وذكرت الصحيفة أن ما يسمى الإسلام المعتدل ليس سوى احد أقدام الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى إليه واشنطن.
ويلفت مصطفى بلباي، في جمهوريت، إلى تزامن إعلان الحكومة إرسال قوات إلى لبنان مع إعطاء الرئيس الاميركي جورج بوش موعدا لأردوغان في البيت الأبيض في تشرين الأول المقبل.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد