تدويل المبادرة العربية يضيء مصابيح إسرائيل الحمراء
ما أن سكتت المدافع في لبنان وحل مكانها ضجيج وصول القوات الدولية إلى الجنوب، حتى باتت إسرائيل تخشى هدير الحركة السياسية الدولية في الموضوع الفلسطيني أيضا. وتزداد الخشية الإسرائيلية مع احتمال وصول رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير في نهاية الأسبوع المقبل إلى المنطقة برسالة واضحة تدعو إلى استئناف المفاوضات على المسار الفلسطيني.
وإذا لم يكن هذا كافيا، فإن المساعي الجارية في مجلس الأمن الدولي لتحويل المبادرة العربية التي اقرت في قمة بيروت في العام 2002 إلى قرار دولي، تضيء كل المصابيح الحمراء في أروقة صنع القرار في إسرائيل.
ونشر موقع معاريف الالكتروني أمس أن الحكومة البريطانية، وفي ذروة مساعي بلورة القرار ,1701 أرسلت إلى تل أبيب المبعوث الخاص لرئيس الحكومة اللورد مايكل ليفي الذي حمل معه إلى القادة الإسرائيليين رسالة خاصة تحمل إشارات حول النوايا المقبلة.
وأجرى ليفي سلسلة لقاءات مع كل من رئيس الحكومة الإٍسرائيلية إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الدفاع عمير بيرتس، شارك فيها السفير البريطاني الجديد في إسرائيل توم فيليبس. وبحسب موقع معاريف، فإن اللورد ليفي عمل على تهيئة الأرضية لزيارة بلير لإسرائيل حاملا رسالة واضحة.
تجدر الإشارة إلى أن عزم بلير على تنفيذ الجولة العاجلة يأتي في أعقاب موت خطة الانطواء التي كان البعض في بريطانيا وأميركا يأمل أن تحرك العملية السياسية في المنطقة. وأبلغ اللورد ليفي أولمرت أنه فور انتهاء الحرب ينبغي العودة فورا إلى المسار السياسي، وخصوصا إلى خريطة الطريق، واستئناف العملية السلمية مع الفلسطينيين.
ولكن معاريف تشير إلى أن اللورد ليفي خرج بانطباع من حواره مع أولمرت وهو أن إسرائيل غير معنية بتنفيذ أي عمل في المسار الفلسطيني، طالما أن قضية الجندي الاسير جلعاد شاليت لم تجد لها حلا. وربما لهذا السبب كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن تكثيف الجهود الأوروبية عموما والبريطانية خصوصا من أجل حل قضية أسر شاليت.
وأشارت مصادر في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إلى أنه لا خشية من خلافات مع بلير في الموضوع الفلسطيني، لأن أحدا لا يعتقد أن رئيس الحكومة البريطانية غير موقفه القائل بعدم التفاوض مع حماس.
وسيصل إلى إسرائيل يوم الثلاثاء المقبل أيضا المبعوث الأوروبي مارك أوتي، في محاولة لبحث سبل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. كما أن مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بنيتا فيريرو فالدنر قالت أمس أنها تتوقع استئناف العملية السياسية وفق خريطة الطريق، لأن ذلك هو مفتاح الحل في المنطقة.
غير أن المراسل السياسي لـ معاريف بن كسبيت أشار أمس إلى القلق الشديد الذي ينتاب إسرائيل من اعتزام الجامعة العربية عرض المبادرة العربية على مجلس الأمن لإصدار قرار يحولها إلى حل دولي متفق للصراع. وترى إسرائيل أن هذه المبادرة التي ستعرض هذا الشهر عبر قطر على مجلس الأمن، ترمي إلى تدويل الصراع بشكل تام. ولذلك أصدر رئيس الحكومة منذ الآن أمرا صريحا برفض الخطوة رفضا باتا. وترى وزارة الخارجية الإسرائيلية أيضا أن هذه خطوة خطيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن القوة المحركة لهذه المبادرة هي مصر، التي أرسل وزير خارجيتها احمد أبو الغيط مؤخرا رسالة مفصلة بهذا الشأن الى ليفني، أشار فيها إلى أن مصر تؤيد استئناف المبادرة السعودية وطرحها على مجلس الأمن للأمم المتحدة للتصويت.
وكتب كسبيت أن السعودية أيضا تقف هي الأخرى وراء هذه المبادرة وأن الأردن يؤيدها من الخارج كما أن الكتلة الأوروبية ستؤيدها بحماسة. وبحسب المفهوم الإسرائيلي، فان الحديث يدور عن تطور خطير على نحو خاص مع إمكان فرض حل مفروض على إسرائيل يتضمن العودة إلى حدود 1967 وتحقيق بهذا الشكل أو ذاك لحق العودة.
وكانت صحيفة هآرتس قد أشارت إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أثار، أثناء محادثاته قبل أيام في إسرائيل، مسألة المبادرة العربية لاستئناف المفاوضات برعاية مجلس الأمن. ومعروف أن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى كان قد وزع رسالة بهذا الشأن من المقرر أن تبحث في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد في القاهرة قريبا.
وأبلغت ليفني انان أن إسرائيل تعارض المبادرة العربية هذه، لأنها ملتزمة بخريطة الطريق التي توفر هيكلا للتسوية مع الفلسطينيين وسبلا للتوصل لاتفاق مع لبنان وسوريا. وترى مصادر الخارجية الإسرائيلية أن المبادرة العربية لن تحظى بقبول مجلس الأمن خاصة وأنه ليس هناك إجماع عربي حولها.
وأشارت هآرتس إلى أن مصر والسعودية تفضلان تركيز الجهود السياسية في المسار الفلسطيني وتعربان عن عدم رضاهما إزاء الأنباء حول تأييد جهات إسرائيلية استئناف المفاوضات مع سوريا. وقالت أيضا أن هناك خشية في صفوف الفلسطينيين من أن استئناف المفاوضات مع سوريا سيكون على حسابهم.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد