الحسكة : مراكز ثقافية بلا ثقافة
الجمل – القامشلي – محي الدين عيسو: مسكينة المراكز الثقافية في محافظة الحسكة لا يزورها أحد إلا في المناسبات الرسمية والاحتفالات الحزبية، أما النشاطات الثقافية فتكاد تكون نادرة وإن وجدت فلا يقبل عليها أحد.
المسؤولون عن هذه المراكز يضعوا اللوم على الجمهور الذي لا يهتم بالندوات الثقافية والسياسية والاجتماعية التي تقيمها المراكز دائماً، فيما يقول رضوان أحد المثابرين على ارتياد المراكز الثقافية يرفض هذا الاتهام ويتحدث عن سببين لمقاطعة المراكز الثقافية الأول : أنه عندما يقيم المركز الثقافي في أي منطقة من مناطق محافظة الحسكة ندوة في أي مجال حتى لو كان حول الزراعة فأن الصف الأول من مقاعد المركز يكون مخصصاً لمبعوثي الأجهزة الأمنية، وإذا نطق مواطن ما بأي كلمة أو شارك في مداخلة وضح فيها رأيه في الموضوع المطروح ، ومال باتجاه السياسة وتبين أن له رأي معارض فيما يخص القضايا الحساسة، فإن هناك من يسجل أقواله وكل شاردة أو واردة لتتم استضافته لاحقاً لشرب فنجان قهوة ، أو لقضاء بعض الوقت في " بيت خالته" وبعدها لو كتب لهذا المواطن الخروج لن يفكر بعيادة المراكز الثقافية بل سيلعن الساعة التي رأى فيها المركز الثقافي ويشتم من علمه أول حرف ، ويتحول تلقائياً إلى كاره وحاقد على الثقافة والمثقفين ، ويعزف عن ارتياد الندوات حتى لو كانت حول التدخين أو الإنجاب ، العادات المفضلة لدى أبناء محافظة الحسكة.
أما السبب الثاني حسب رأي رضوان هو إن المراكز الثقافية لا تتطرق إلى القضايا ذات الصلة بهموم المواطن ولقمة عيشه وسبل تحسين مستوى حياته وجميع المواضيع التي تثار في المراكز لا تهم المواطن العادي على أقل تقدير .
الدكتور ( آزاد ) يجد أن الشباب السوري عموما يتجه نحو الأصولية الإسلامية ولا يهتم بالمراكز الثقافية وأن الكثيرين من شباب المحافظة لا يعرفون أن هناك مركز ثقافي في منطقتهم لأنها مراكز حكومية لها دور دعائي ، لا دور ثقافي وفكري، حيث يتم تجاهل المواضيع المهمة وهذا شيء مؤسف.
الكاتب والباحث حواس محمود يجد أن سبب الطلاق بين المواطن والمراكز الثقافية تتلخص: بالمعاناة المعيشية وظهور وسائل الثقافة والإعلام للوجبات السريعة وهي الفضائيات والانترنت وغيرها ، وكذلك غياب طرح الموضوعات الفكرية الجادة وغياب الموضوعات الاجتماعية والتربوية والاقتصار على الشعر والأدب وغيرهما، بالإضافة إلى أنه من يدير المراكز الثقافية شبه أمي بالإضافة الى غياب الإعلان عن النشاطات الثقافية وأخيراً وهو الأهم غياب الحالة الديمقراطية وحرية التعبير.
في القامشلي وعند إقامة المركز الثقافي للمهرجان الشعري الأول تحدث دانيال مندوب دار الزمان والمسؤول عن بيع الكتب والذي عرض كتبه في الصالة الرئيسية عن الحضور الجماهيري قائلاً : استأجرنا صالة المركز الثقافي بقيمة ( 3000 ) ل س لمدة شهر والناس تأتي لتتفرج على الكتب وتقرأ جميع العناوين وأسماء الكتاب ولكنهم لا يشترون الكتب إلا نادراً بسبب الأوضاع المادية السيئة لعامة الناس وغلاء سعر الكتاب وتوقيت العرض الذي لا يصادف موعد الموسم الزراعي ، وتابع قائلاً : خلال فترة وجودنا في المركز أقيمت عدة ندوات سياسية حضرها المسؤولون وأصحاب ربطات العنق فقط وهؤلاء يعدون على الأصابع ، كما أقيم في المركز الثقافي في منطقة رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة معرض الكتاب ذاته الذي أقامته دار الزمان فكان الحضور ضئيلاً جداً ، ويتابع دانيال كانت أمنيتي أن تتبدل الوجوه التي تزورنا للشراء أو الإطلاع على الكتب الموجودة على الرغم من أنه لأول مرة في هذه المنطقة نعرض كتب بهذه الكمية وبهذه النوعية الجيدة والمتنوعة، وقد استفدنا من هذه التجربة المريرة و" توبنا ".
رانيا التي شطح بها الخيال لتقارن بين المركز الثقافي في القامشلي والمركز الثقافي في دمشق بأبو رمانة فيما تنتظر بدء المحاضرة التي تأجلت بسبب غياب الجمهور، غادرت المركز يجرجر أذيال الخيبة باتجاه البيت لأن جنة المواطن القنوع منزله .
الجمل
إضافة تعليق جديد