الملتقى السوري التركي بأنقرة: انتقاد مشترك لسياسات حكومة أردوغان تجاه سورية
بدأت في العاصمة التركية أنقرة أمس أعمال الملتقى السوري التركي تحت عنوان "قضية ومواقف" بمشاركة عدد من الأدباء والكتاب والمفكرين وأساتذة الجامعات في سورية وتركيا ولبنان والأردن وفلسطين بهدف مناقشة العلاقات السورية التركية والآثار السلبية لسياسات الحكومة التركية تجاه الأزمة الراهنة في سورية وتداعياتها على مستقبل العلاقات بين الشعبين وعلى منطقة الشرق الأوسط.
وأعلن الملتقى عن انطلاق فعالياته في مؤتمر صحفي جرى خلاله التعريف بأهداف الملتقى ومحاوره التي تبحث في العلاقات السياسية والثقافية والاجتماعية وانسياق السياسات الإقليمية وراء المشروع الغربي للمنطقة إلى جانب طرح الرؤى والحلول الكفيلة باستعادة العلاقات السورية التركية طبيعتها لما لها من أثر ايجابي في رسم مستقبل المنطقة بما يتوافق مع مصالح شعوبها ودور الأدباء والمفكرين في قيادة الوعي الجماهيري وتوجيهه لما يحاك للمنطقة من مؤامرات.
وأكد رئيس اتحاد الأدباء الأتراك كوكهان جنكيز خان في كلمة له أهمية الملتقى في تعزيز التعاون بين الأدباء الأتراك والعرب وتوسيع علاقات التعاون باعتبار الكتاب يشكلون جزءاً من الشعوب وعليهم أن يضطلعوا بدورهم في صياغة السياسات والعمل بفاعلية .
وأنه لابد من العمل من أجل مواجهة رياح التغيير التي بدأت تتجه في طريق مختلف وخاصة بين الجارتين سورية وتركيا؛ حيث بدأ البعض يستخدم لغة الحرب ويدفع تركيا لتبني سياسة عزل سورية، لافتاً إلى أن حزب العدالة والتنمية يشكل طرفاً في التآمر على سورية ويعطي لنفسه الحق بالتدخل في شؤون سورية الداخلية.
وأضاف رئيس اتحاد الأدباء الأتراك "لاشك أنه موقف خطير، والشعب التركي يدرك حقيقة ذلك وموقفنا واضح؛ فالمشكلة تكمن في استهداف الموقف السوري الثابت الذي يواجه الولايات المتحدة والغرب".
واعتبر أن هؤلاء يحاولون إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وسورية تشكل عقبة أمامهم ولذلك يستهدفونها، ونحن كمثقفين وأدباء ونمثل الشعوب وثقافتها ونسجل خطوة متقدمة أكثر من السياسيين، وخصوصاً في الأيام التي تتصاعد فيها لغة طبول الحرب ضد سورية علينا أن نكون فاعلين أكثر حيث يقع على عاتقنا مع نظرائنا العرب تبادل الزيارات لنعمل معاً لتعزيز نشاطنا كمثقفين، كما أننا أكدنا ونؤكد دوماً وقوفنا إلى جانب الشعب السوري.
من جانبه قال رئيس اتحاد الصحفيين السوريين الياس مراد "إن الشعب السوري يرفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية وأي محاولة من الجامعة العربية أو غيرها لفرض قرارات عليه"، مؤكداً ضرورة أن يسهم الملتقى في إعادة العلاقات السورية التركية إلى طبيعتها لأن مصلحة الشعبين مصلحة واحدة ومستقبلهما واحد.
وأضاف مراد "هذا الملتقى هو أحد أوجه التعاون المثمر، ونحن نسعى لإعادة العلاقات السورية التركية إلى ألقها، كي نعيد السنوات السعيدة فبدلاً من زرع الحقد نزرع المحبة وننشئ منشآت، وبدلاً من احتضان المقاتلين وإرسال الأسلحة نعود إلى اللقاءات المفتوحة للعائلات بين البلدين والأهل والأقارب في كل المناسبات".
وأكد رئيس اتحاد الصحفيين أن آليات الخروج من أزمة العلاقات تشترط توافر النية الطيبة لدى الحكومة التركية وأن تبدأ بوقف التصريحات المسيئة والتهديدات لأن منعكسها سلبي في الشارع السوري، إضافة إلى توقفها عن دور الشريك في الضغط على سورية وعدم الاستجابة للحصار الاقتصادي لأنه يؤذي الشعبين السوري والتركي، فضلاً عن احترام الاتفاقات القائمة بين البلدين واستكمال حركة النشاط الثقافي والسياسي والفهم المشترك لمصالح الطرفين.
بدوره أشار الأستاذ الجامعي الدكتور محمود السيد إلى أهمية اللقاء في إعادة تسليط الضوء على المصالح الحقيقية للشعبين السوري والتركي سياسياً وثقافياً واجتماعياً وانعكاس السياسات التركية الأخيرة سلبياً على هذه المصالح، مؤكداً أهمية العمل على ترسيخ قيم المحبة والإخاء بعيداً عن منطق القوة وسطوة الأقوياء وترويج العنف والعنصرية والاستعلاء .
من جانبه قال منسق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الإستراتيجية أنيس النقاش "كان لدينا أمل كبير عندما سمعنا بإنهاء المشاكل بين تركيا وجيرانها وتم توقيع عشرات الاتفاقيات بينها وبين دول المنطقة، وكنا نأمل أن تزداد هذه الاتجاهات مع خروج الولايات المتحدة من العراق، لكننا فوجئنا بسياسة أطلسية تستهدف سورية وتوتر العلاقات ليس مع سورية فحسب بل مع روسيا وغيرها من الدول".
وبيّن النقاش أن هذه السياسة مستغربة ومستهجنة وخاصة أنها تدعم المشروعات الأمريكية في حين هزمت هذه المشروعات التي لا يمكن للوكيل فيها أن ينجح في مكان خسر فيه الأصيل، محذراً من أن استمرار السياسة التركية هذه قد يدفع باتجاه الصدامات في المنطقة فحيثما تدخل حلف الأطلسي أشعلت الحروب.
وأضاف النقاش لقد شاهدنا الحروب الأطلسية تنكسر ولا نأمل لتركيا أن يصيبها ما أصاب الولايات المتحدة بل نأمل أن يعود الصواب والعقل إلى الإدارة التركية لأن الذي غلب المشروع الغربي في المنطقة قادر على هزيمة المشروع الأطلسي الذي يمكن أن تقوده تركيا.
من ناحيته قال الخبير الاستراتيجي أمين حطيط "لم نأت إلى تركيا دفاعاً عن بلد عربي أو شعب عربي، بل جئنا دفاعاً عن منطقة وشعوب تعيش في هذه المنطقة؛ فالنار تشتعل في هذه المنطقة وواجب أهل الرأي والفكر أن يطفئوها فالعاقل من يعتبر من التاريخ".
وأضاف "عندما تفكر تركيا مشرقياً تجد نفسها في فضاء استراتيجي فسيح تكون قائدة فيه، لكنها عندما تعمل غربياً فإن الغرب يرفضها، وكذلك عندما تعمل أطلسياً يستغلها الأطلسي وتجد نفسها في طريق الانتحار، فيما نحن نريد العزة والتقدم لتركيا وهذا يكون بالأمن والسلام والعلاقة مع الجيران، أما الحرب والمناطق الأمنية وحماية الإرهابيين فهي طريق معكوس".
من ناحيته قال رئيس اتحاد خريجي كلية العلوم السياسية الأتراك عثمان جبار "قررنا تنظيم هذا الملتقى والمشاركة فيه لأن فيه اتحادنا ونحن لسنا حياديين بل منحازون لصالح المحبة والأخوة، وندرك أن ما يسمى الربيع العربي هو الخريف العربي الذي يأتي بعده الشتاء.
من جانبه قال عضو اتحاد الكتاب العرب في سورية عصام خليل "أريد أن أتحدث إلى الشعب التركي أن حكومة حزب العدالة والتنمية تساعد على قتل السوريين أشقائكم من خلال دعمها للإرهابيين وتوفير مناطق آمنة لهم وتدريبهم ودعمهم بالسلاح، والشعب السوري لا يحتاج إلى مناطق آمنة أو معزولة وإنما إلى سياسة آمنة من التآمر ومعزولة عن الضغط الأمريكي.
وأضاف خليل إسرائيل قتلت مواطنين أتراكاً وكافأتها حكومة أردوغان بنشر منظومة الدرع الصاروخي من أجل سلامتها، والشعب السوري يرى أن حكومة حزب العدالة والتنمية تريد عزل سورية عن محيطها الطبيعي وأردوغان يعلم جيداً أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل بتركيا في الاتحاد وأن مستقبل تركيا هو مع جوارها الذي يقتسم معها التاريخ والجغرافيا وأن تكون تركيا عامل استقرار في المنطقة لا أن تكون خنجراً في ظهر الأشقاء كما تفعل الحكومة الحالية .
يشار إلى أن الملتقى يعقد بدعوة من اتحاد الأدباء الأتراك واتحاد خريجي كلية العلوم السياسية الأتراك واتحاد الكتاب العرب واتحاد الصحفيين في سورية على مدى ثلاثة أيام.
المصدر: عربي برس
إضافة تعليق جديد