أنقرة و«المجلس الوطني» يلتفان على مهمة أنان و العمال الكردستاني يحذر تركيا من دخول سوريا
تعرّضت مهمة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي انان إلى محاولات عرقلة جدية أمس، تمثلت في مسعى وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الذي يستعدّ لاستضافة ما يُسمّى «مؤتمر اصدقاء سوريا» في اسطنبول في الاول من نيسان المقبل، الى التشكيك في جدوى التعامل مع النظام السوري قائلاً إن استمراره «مستحيل وضد المنطق والتاريخ». أما «المجلس الوطني السوري» المعارض فقد تولّى من جهة أخرى، رفض البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن قبل يومين والذي يدعو الى وقف العنف من كل الأطراف والى اطلاق حوار سياسي شامل، حيث وصفه بأنه يمنح النظام «فرصة إضافية لقمع الاحتجاجات».
وفي تطور لافت، هدد حزب العمال الكردستاني انقرة بتحويل كل المناطق المأهولة بالأكراد إلى «منطقة حرب»، إذا دخلت القوات التركية إلى سوريا، فيما أعلنت موسكو أنها ستستقبل انان غداً، قبل أن ينتقل إلى بكين.
وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست، تعقيباً على بيان مجلس الأمن حول سوريا، إن «إيران تدعم أي مشروع لا ينتهك السيادة السورية». وأضاف إن «إيران تتجاوب مع المشروع الذي يتضمن مطالب الشعب السوري وتطبيق الإصلاحات المعلنة من قبل الرئيس السوري بشار الأسد ومسؤولي الحكومة السورية وإرساء الأمن والاستقرار في هذا البلد ويمهد للحوار الوطني فيه». وشدّد على «ضرورة اعتماد الخيار السياسي لمعالجة الوضع الحالي في سوريا وتحاشي أي تسرّع وإجراء ينطوي على تدخل».
وذكرت وكالة الأنباء القطرية (قنا) إن رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر تسلم رسالة من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، نقلها السفير السعودي لدى قطر أحمد بن علي القحطاني «تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها وتطويرها».
وشدّد داود اوغلو، في فيينا، حيث التقى نظيره النمساوي ميكائيل شبيندلغر قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، على ضرورة وضع «خطة عمل دولية لإنهاء المأساة الإنسانية» في سوريا. وقال «إضافة إلى رسالة مشتركة يجب أن نضع خطة عمل جماعية». وأضاف «ما زلنا نعتقد أن سوريا تسعى إلى كسب الوقت، ويجب علينا القيام بشي لوقف هذا العنف. وحتى تنتهي هذه المأساة الإنسانية يجب أن نتحرك معاً»، معتبراً أن «النداءات وحدها لا تكفي».
وكان مجلس الأمن اعتمد بياناً أمس الأول يطالب السلطات السورية والمعارضة بان تطبق فوراً خطة انان لحل الأزمة، ويتضمن تحذيراً مبطناً باتخاذ إجراءات دولية حيث ينصّ على أن مجلس الأمن «سينظر في اتخاذ تدابير أخرى» إذا لم يتم الالتزام
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ستشارك في مؤتمر «أصدقاء سوريا» في اسطنبول في الأول من نيسان المقبل. وأضافت إن «المؤتمر المقبل سيبني على الجهود السابقة لإنهاء العنف، وسيركز على إيصال المساعدات الإنسانية وإطلاق العملية السياسية الرامية إلى حدوث انتقال سياسي في سوريا». واعتبرت أن «خطة انان المؤلفة من ست نقاط تدعم هذا التوجه». واضافت «لذلك فإننا نتطلع الى الاجندة التي ستضعها الحكومة التركية لتعميق وتوسيع التوافق على الخطة المستقبلية، ونتوقع أن تمثل الامم المتحدة كذلك في هذه الاجتماعات».
وقال رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون لوكالة «فرانس برس» إن البيان الرئاسي لمجلس الامن «يمتاز بأنه موقف مشترك للمجتمع الدولي، لكنه لا يستجيب للحاجات الحقيقية للشعب السوري. الشعب السوري يتوقع اجراءات على مستوى المأساة التي يعيشها». واضاف «انها خطوة اضافية في عملية الرد الأوسع ضد نظام الاسد. لكنها ليست على مستوى المأساة. يجب ان تصدر تصريحات وقرارات اكثر قوة».
وهدد حزب العمال الكردستاني الحكومة التركية بتحويل كل المناطق المأهولة بالأكراد إلى «منطقة حرب» إذا دخلت القوات التركية إلى سوريا.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قال، الأسبوع الماضي، إن إقامة «منطقة آمنة أو عازلة» داخل سوريا من الخيارات التي يجري بحثها إذا تدفق عدد ضخم من اللاجئين السوريين إلى تركيا.
وقال الرجل الثاني في «الكردستاني» مراد قره يلان إن تركيا تمهد الأرض لتدخّل في سوريا. ونقلت وكالة أنباء «فرات» المقربة من الحزب عن قره يلان قوله إن «الدولة التركية تخطط لتدخل ضد شعبنا». وأعلن بوضوح أنه «إذا تدخلت الدولة التركية ضد شعبنا في كردستان الغربية فإن كردستان كلها ستتحوّل إلى منطقة حرب».
ويستخدم القوميون الأكراد اسم «كردستان الغربية» للإشارة إلى المناطق الكردية في شمال شرق سوريا، بينما يقصدون بكردستان كل المناطق الكردية في تركيا والعراق وسوريا وإيران.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن انان سيزور موسكو هذا الأسبوع، على أن يتوجه بعدها إلى بكين. ونقلت وكالة «إيتار تاس» عن مصدر دبلوماسي روسي قوله إن انان سيصل إلى موسكو في 24 آذار، على أن يلتقي المسؤولين الروس في اليوم التالي.
وأعلن بوغدانوف أن وفداً من المعارضة السورية سيأتي إلى موسكو قريباً، مشيراً إلى إمكانية لقائه بوزير الخارجية سيرغي لافروف. وقال «إنهم مستعدون للمجيء اليوم. هذا الوفد سيمثل هيئة التنسيق الوطنية، المعارضة في الداخل وفي الخارج. وأتوقع أن يلتقي وزير الخارجية».
وأعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى إفريقيا ميخائيل مارغيلوف أن «روسيا تعتبر سوريا مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط». وقال إن «ما يسرّ موسكو هو بدء الغرب بالإصغاء إلى وجهة نظرها»، مشيراً إلى أن «ذلك سمح بإقرار البيان الرئاسي في مجلس الأمن».
وأعربت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، عن أملها في أن «يكون بيان مجلس الأمن دعماً لمهمة انان فرصة لإحلال السلام في سوريا». وكررت أن «موسكو تدعم نشاط انان، وتأمل بأن تساعد خبراته وسمعته الدولية في إعادة سوريا إلى وضعها الطبيعي». وأضافت إن «موسكو تدعو كل الأطراف السورية إلى التعاون مع المبعوث الخاص، وتدعو أعضاء الأسرة الدولية إلى المساعدة في إنجاح بعثته المهمة».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في بيان، عن أمله أن تسجل وحدة مجلس الأمن «منعطفاً في رد المجتمع الدولي على هذه الازمة».
وقال بان كي مون، في كوالالمبور عاصمة ماليزيا، إن «مجلس الامن بعث برسالة واضحة الى سوريا لإنهاء العنف والدعوة إلى بدء حوار بين الحكومة والمعارضة». واضاف «بتعبيرات واضحة لا لبس فيها، دعا مجلس الأمن إلى إنهاء فوري لكل أعمال العنف وانتهاكات حقوق الانسان». وتابع «إنه طالب بالوصول الآمن للهيئات الإنسانية وحوار سياسي شامل بين الحكومة وكل أطياف المعارضة السورية». وشدّد على أن «أحداً لا يبحث الخيار العسكري» لحل الازمة.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه عن أمله في ان يتيح البيان الرئاسي التوصل الى وقف لإطلاق النار في سوريا. وقال لإذاعة «اوروبا-1» إن «الموقف الروسي شهد حلحلة، لأننا تمكنا أخيراً من تبني نص بالإجماع في مجلس الامن الدولي سيتيح لانان ان يحصل على وقف لاطلاق النار، وانتم تعلمون ان فرنسا في طليعة الدول المتلزمة في القضية».
وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله لإذاعة «دويتشلاند فونك» إن بيان مجلس الأمن مساهمة مهمة في حل الأزمة في سوريا. واضاف «لا يمكن للأسد أن يعتمد على اليد الروسية الحامية في العنف المرتكب ضد شعبه، ويمكن أن يؤدي هذا إلى تسارع عملية تآكل النظام».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد