الغارة الإسرائيلية: دمشـق تحتـج و روسـيا قلقة وإيران تحذّر وبغداد الغارة «إهانة» للعرب ومصر تتخوف من تكرارها
تقدمت دمشق باحتجاج رسمي إلى الأمم المتحدة على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مركزاً عسكرياً للبحوث العلمية، مؤكدة حقها في الدفاع عن أراضيها. أما عربياً، فقد برزت بيانات التنديد من كل من جامعة الدولة العربية، ومصر، ولبنان، والعراق، إلا أن الرد العراقي كان الاشد لهجة، واصفاً ما حصل بـ«الإهانة» للعرب، وحذر من أن إسرائيل قد تستهدف أي دولة عربية بذريعة مشابهة. وكما كان متوقعاً فإن ردود الفعل الدولية تميزت بإدانة من روسيا بالاضافة الى إيران التي اكدت على ان للغارة «عواقب».
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، اعتبرت وزارة الخارجية السورية في رسالة بعثت بها إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن «فشل مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته في ردع هذه الاعتداءات الإسرائيلية الخطيرة سيكون له مخاطره الجمة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وعلى الأمن والسلم الدوليين».
وحملت دمشق في الرسالة «إسرائيل ومن يحميها في مجلس الأمن المسؤولية الكاملة عن النتائج المترتبة على هذا العدوان مؤكدة على حق سوريا في الدفاع عن نفسها وأرضها وسيادتها في مواجهته».
وأكد سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن إسرائيل تعتبر جزءاً من الأزمة السورية على اعتبار أن لها «أدوات في الداخل هي الجماعات المسلحة ومن وراءها من دول راعية».
وكانت وزارة الخارجية، بحسب «سانا»، «استدعت قائد قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان السوري المحتل اللواء إقبال سنغا، وأبلغته احتجاجها الرسمي على الانتهاك الإسرائيلي لاتفاق فصل القوات للعام 1974 والالتزامات التي يرتبها ذلك الاتفاق».
أما الرد العسكري فجاء على لسان رئيس هيئة الأركان في الجيش السوري علي عبد الله أيوب، الذي قال أنه مخطئ «كل من يتوهم أنه قادر على وضع قواتنا المسلحة موضع الاختبار»، مضيفاً أنّ «المعركة مع العدو الصهيوني مستمرة وهي لم تتوقف يوما». وأكد «الارتباط الوثيق بين الكيان الصهيوني وأدواته من عصابات القتل والإجرام التي تمارس الإرهاب الممنهج» بحق سوريا. وأضاف «أننا ندرك حجم التحدي الذي نواجهه نتيجة تمسكنا بمواقفنا وحقوقنا، ونعرف بالوقت نفسه حجم قدراتنا وجاهزيتنا لاستخدام هذه القدرات في الوقت المناسب».
وحذرت دمشق على لسان سفيرها في لبنان علي عبد الكريم علي من رد «مفاجئ» على الغارة الإسرائيلية. وقال علي إن سوريا تدافع عن سيادتها وأرضها وتملك قرارها وتملك المفاجأة في الرد على العدوان.
أما رد الفعل العربي، فتم اختصاره في بيان إدانة صادر عن الجامعة العربية، فضلاً عن إدانات كل من مصر والعراق ولبنان.
وأدان الأمين العام للجامعة نبيل العربي ما وصفه بـ«الاعتداء الإسرائيلي السافر»، واعتبره انتهاكا واضحا لأراضي دولة عربية ولسيادتها، وخرقا للقوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. كما طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ووضع حد لتمادي إسرائيل في اعتداءاتها على الدول العربية، مؤكدا أن صمت المجتمع الدولي عن قصف إسرائيل لمواقع سورية في الماضي شجعها على المضي في العدوان الجديد، مستغلة تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في سوريا للإقدام على هذا «العمل الإجرامي».
وأكد العربي على حق سوريا في الدفاع عن أرضها وسيادتها، والمطالبة بالتعويضات الكاملة الناجمة عن الخسائر التي تسبب فيها هذا العدوان.
وفي القاهرة، أدان وزير الخارجية محمد كامل عمرو الغارة، قائلا «إن مثل هذا الاعتداء على أراض عربية مرفوض تماما». وطالب المجتمع الدولي بتحميل إسرائيل المسؤولية، محذراً من تكرارها. كما شدد على خطورتها بالنسبة لمستقبل الأمن الإقليمي وللتطورات في المنطقة. وذكر عمرو بأن هذا الاعتداء يأتي في أعقاب اعتداء سابق على أراضي السودان في شهر تشرين الأول العام 2012.
وجاء الرد الأعنف من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الذي أكد أن العدوان الإسرائيلي على سوريا «رسالة إذلال وإهانة للعرب والمسلمين جميعاً»، لافتاً إلى أنه «لو كان العرب في موقف متماسك، لما تجرأت إسرائيل على العدوان على سوريا». وقال المالكي إن «إسرائيل تنتهز فرصة تفكك العرب والوضع في سوريا للقيام بعدوانها»، معتبراً أن «على العرب مسؤولية عدم ترك سوريا وحدها، وإشعار إسرائيل بأن عدوانها تجاوز كرامتهم». وحذر من أن إسرائيل قد تضرب مصر أو العراق أو إيران، وغيرها من البلدان، بذريعة ضرب «مراكز أبحاث لصناعة قنبلة نووية». وأضاف «المنطقة على فوهة بركان، وهناك مشروع لرسم خريطة لها تشارك فيها تركيا».
أما الأمين العام للأمم المتحدة، فأشار إلى أنه ليس لدى المنظمة الدولية تفاصيل حول الحادث، لكنه دعا جميع الأطراف في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل وسوريا إلى الامتناع عن أي أعمال تزيد من التوتر والتصعيد في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام ادواردو ديل بوي إن بعثة حفظ السلام «لم ترصد أي طائرات فوق المنطقة الفاصلة وبالتالي لم تتمكن من تأكيد الحادث»، مضيفاً «ذكرت البعثة أيضاً أن الأحوال الجوية كانت سيئة».
من جهتها، أبدت موسكو قلقها من العدوان على اعتبار أنه يشكل انتهاكاً للسيادة السورية. وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن «روسيا قلقة للغاية إزاء المعلومات بشأن ضربة شنتها القوات الجوية الإسرائيلية على مواقع في سوريا قرب دمشق»، مضيفة «في حال تأكدت صحة هذه المعلومات، فهذا يعني أننا أمام عملية إطلاق نار من دون مبرر على أراضي دولة ذات سيادة، في انتهاك فاضح وغير مقبول لميثاق الأمم المتحدة، أيا كان المبرر».
وفي ما يتعلق بالرد الإيراني، اعتبر وزير الخارجية علي اكبر صالحي أنه «لا شك بأن هذا العدوان يتماشى مع سياسة الغرب والصهاينة الرامية إلى حجب نجاحات شعب وحكومة سوريا في استعادة الاستقرار والأمن في البلاد»، مضيفاً أن هذه العملية تبرز «تطابق أهداف المجموعات الإرهابية مع أهداف الصهاينة».
بدوره، حذر نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من أن «هجوم النظام الصهيوني على محيط دمشق سيكون له عواقب خطيرة على تل أبيب»، بحسب «وكالة الأنباء الطلابية». وقال إنه ينبغي على الحكومة الإسرائيلية «ألا يخدعها نظامها المضاد للصواريخ... الذي اظهر عدم فعالية خلال حرب الأيام الثمانية ضد غزة».
ودعت الصين في تصريحات لوزارة الخارجية الأطراف المعنية الى أن تتجنب تنفيذ أي عمليات قد تؤدي إلى تصعيد توتر الأوضاع من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة .
أما على الصعيد الأوروبي، فاكتفى المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين آشتون بالقول «إن الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب التقارير الواردة حول الغارة المزعومة على الأراضي السورية أو على الحدود».
وفي أنقرة، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية سلجوق أونال أن الغارة تشكل مؤشراً على مدى تدهور الوضع الداخلي السوري، الذي بات يهدد السلم الدولي. واعتبر أونال أن التطورات في سوريا اصبحت مع مرور الوقت تتسبب في خلق مشاكل إقليمية، مؤكدا ضرورة حل الأزمة بكافة أبعادها بأسرع وقت !؟
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد