بشار حافظ ستالين
تنفي الحكومة الأردنية أنها تدرّب سوريين، في أراضيها، للقتال ضد دولتهم. حماس... أقصد: حركة المقاومة الفلسطينية في فلسطين (حماس)، هي الأخرى تنفي أنها تدرّب، في الأراضي السورية، عناصر «الجيش الحر»، في إطار الاستعداد لـ«غزوة دمشق». مدرّبو «المقاتلين المعتدلين من أجل الحرية»، في المعسكرات الأردنية، خبراء أميركيون، ومدرّبو «الحر» الحمساويون، في ريف دمشق، هم، أيضاً، على حد تعبير دبلوماسي غربي، «اختصاصيون ويمارسون عملهم بمهارة»، بل يتفوّقون على المدربين الأميركيين في الأردن، في تقنيات حفر الأنفاق ويساعدون «الحر» في إنجازها.
عمان وحماس... ليستا على وفاق؛ فالأولى أميل إلى السعودية ولا تسير خطوة ميدانية من دون ضغوط أميركية مباشرة، بينما الثانية قَطرية. وهي، كما يقول الحمساوي أسامة حمدان، «مستقلة تماماً في قرارها». يمكننا، إذاً، أن نكذّب المعلومات الغربية التي تدعي أن انخراط المئات من مقاتلي حماس في الحرب ضد سوريا جرى بأوامر الدوحة. بالعكس، إنه قرار ذاتي يعبّر عن إيمان خالد مشعل بـ«الحرية والديموقراطية» ـــ كما هي الحال في قطر وغزة ـــ وقناعته بأنهما، أي الحرية والديموقراطية، «لا تتعارضان مع المقاومة». هل قال المقاومة؟!
المملكة السعودية وقَطر ـــ وبينهما ما صنع الحدّاد ـــ، المملكة الأردنية وحماس ـــ وبينهما سلسلة من المعارك ـــ، المنظمات الاستخبارية وعدوتها المنظمات الإرهابية، محمد بن عبد الوهاب وجان جاك روسّو، خبرات المدرّبين الأميركيين والأتراك والحمساويين، الأسلحة الإسرائيلية والأسلحة المصرية... كلها تجتمع معاً، وتعمل معاً، وتجاهد معاً، تحت لواء الولايات المتحدة الأميركية، للوصول إلى دمشق، في غزوة الغزوات، عبر درعا وريف العاصمة إلى قلبها بالذات، ومقصدها الأول الرئيس بشّار الأسد. بشار حافظ ستالين، آخر الديكتاتوريين القوميين العلمانيين المعادين للسلام والحرية في الشرق الأوسط. قال له الملك عبد الله الثاني، حسب تسريبات، «أنا وأنت في مركب واحد». قالها أو لم يقلها، فهي صحيحة. هي تصحّ، أيضاً، بالنسبة إلى حماس... فمن أين يأتي هذا الشّبق بالانتحار؟
وزير الخارجية الأردنية الدائم، محبوب واشنطن وتل أبيب، ناصر جودة، غاضبٌ متنمّر، لا يعجبه موقف عمّان، «الرمادي»، من الأزمة السورية. وهو يوضّح للصحافيين: كلا! نحن «مع الإجماع العربي» ضد سوريا! هل يعمل الوزير لحسابه، أم أن عمان تسير نحو الجنون؟
لم تعد خطط إنشاء منطقة عازلة أو أكثر في الأراضي السورية، المحاذية للحدود الأردنية، مجرد تسريبات، بل هي قيد الدرس. الفكرة تبدو بريئة: لن نتدخّل عسكرياً. فقط ندرّب مقاتلين سوريين معتدلين ونسلّحهم بأسلحة نوعية، وهكذا يتمكنون من الحفاظ على مناطق سيطرتهم، جنوب سوريا. وفيها سوف تنشأ مخيمات نزوح داخلي ومراكز صحية وتموينية، تحدّ من اللجوء إلى الأردن. وهذه فائدة أولى تتبعها فائدة تأمين الحدود الأردنية من تسلل السلفيين الجهاديين.
هل ينتظر مدبّرو الخطة، بالفعل، أن يضمن بضع مئات من المقاتلين ـــ حتى لو كانوا مدربين على أيدي الأميركان ومسلحين بأسلحة نوعية ـــ أمن المناطق «الإنسانية» في حوران؟ وحتى لو افترضنا ذلك، فمن الواضح أن تلك المناطق ستظل عرضة للقصف الجوي السوري، فهل يمكن إدامتها من دون غطاء جوي؟ ومَن سيقدم هذا الغطاء؟ ومن أين سينطلق؟ وما هو، هنا، دور القوات الأردنية؟
هل يعتقد مدبّرو الخطة حقاً أن بإمكان كتائب المعارضة المعتدلة أن تخوض معركتين، في الآن نفسه، مع قوتين أكبر وأشرس منها، هما الجيش العربي السوري وجبهة النصرة؟ ثم مَن الذي يجزم بأن الجماعات المسلحة على الأرض ليست متداخلة؟ ومن يضمن ألا يستفيد الإرهابيون من الدعم الأميركي ـــ الأردني؟
يعني ذلك، ببساطة، التورّط في الحرب السورية، واستجلاب الإرهاب، والفوضى، والصدام الأهلي، وأخيراً... الوطن البديل! أليست هذه وصفة للانتحار الذاتي؟ انتحار المنوّمين بالأوهام: إن تدريب وتسليح «المعتدلين» ليس موجهاً ضد «النصرة». كلا. وإنما القصد منه هو، كما كتب فهد الخيطان في «الغد» الأردنية، «فتح الطريق نحو دمشق»! وفي هذه الطريق سوف يلتقي الخصوم: رجال المملكة ورجال حماس، السي آي إيه وجبهة النصرة، في جحفل واحد. فماذا يفعل «المقاومون» في هذا الجحفل؟ يخوضون معركة الحرية في سوريا، لضمان المقاومة ضد إسرائيل تحت قيادة حمد؟ فتح الطريق نحو دمشق يعني شيئاً واحداً هو فتحها أمام إسرائيل لابتلاع فلسطين كلها، وطرد أهلها مرة أخرى وأخيرة. ربما، بذلك، تتحقق النبوءة: اليهود غربيها والمسلمون شرقيها! وهات يا جهاد ونكاح!
خسئتم! حتّى الموت، وعاش بشار حافظ ستالين!
ناهض حتر
المصدر: الأخبار
التعليقات
كفانا مجارة لحفل الجنون الإعلامي
إضافة تعليق جديد