لافروف يراهن على «سلمية» كيري والمعارضة تستنفر مذهبيا ضد الجيش العربي السوري
خرجت مؤشرات طائفية ومذهبية إضافية من النزاع السوري الدموي، وطالت شراراتها لبنان، ما دفع الأمم المتحدة الى التحذير من انتشار الخطر الى خارج سوريا. فمن قتل الشماس وخطف المطرانين في حلب، الى أصوات الاستنفار التي أطلقت من صيدا وطرابلس، وصولا الى تصعيد إطلاق الاتهامات ضد «حزب الله»، وأنباء الهجمات الواسعة للجيش السوري في معركة القصير وريفها، اكتسبت الأزمة السورية بعداً مثيراً للقلق، يخالف أجواء التفاهم السياسي الذي أوحى به وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عندما قال قبل ساعات من لقائه نظيره الأميركي جون كيري، ان الأخير يميل إلى إيجاد حل سياسي للأزمة، وانهما سيحاولان اليوم ترجمة ذلك إلى محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة.
وفي اعتداء من شأنه تعزيز قلق المسيحيين في سوريا، أفادت معلومات من دير سيدة البلمند بأن «مسلحين أقدموا على خطف متروبوليت حلب للروم الأرثوذكس المطران بولس اليازجي ومتروبوليت السريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم». وأكدت وكالة الأنباء السورية (سانا) خطف المطرانين.
وعلم أن «المطرانين كانا في سيارة واحدة يقودها سائق المطران اليازجي، وهو شماس، وان المسلحين رموه من السيارة ما أدى إلى مقتله». وذكرت قناة «الميادين» أن «اليازجي وإبراهيم موجودان في منطقة كفر داعل في قبضة مجموعة من المقاتلين الشيشان». والمطران يازجي هو شقيق بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، الذي تولى منصبه في شباط الماضي.
وتبادلت السلطات السورية والمعارضة الاتهامات بارتكاب مجزرة في جديدة الفضل، ذات الغالبية المسيحية والدرزية، في ريف دمشق، حيث سقط «مئات القتلى» بحسب المعارضين.
وفي لوكسمبورغ، «شرعن» وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عملية «تقسيم نفط سوريا»، عبر رفع العقوبات عن المناطق التي يعتبرونها «محررة»، فيما عادت عملية رفع حظر الأسلحة إلى الأضواء، مع سحب ألمانيا «الفيتو» عليه، على طريقة: من يريد لا يمكننا منعه. وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، إن العربات المصفحة والسترات الواقية من الرصاص أصبحت تشحن رسمياً للمعارضة المسلحة.
وأعلن لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره الغيني فرانسوا لوسيني في موسكو، أنه سيبحث مع كيري، على هامش اجتماع مجلس روسيا - حلف شمال الأطلسي في بروكسل اليوم، الوضع في سوريا، مشيراً إلى أن كيري يميل إلى إيجاد حل سياسي للنزاع الدائر في سوريا. وقال «أعوّل على أن يتعزز هذا التفهم. للأسف، هناك عدد غير قليل من الراغبين في زعزعة هذا التوجه، لكني عندما تحدثت هاتفياً إلى جون كـــيري، لاحظـــت ما يؤكد عزمه الذي ظهر خلال اتصالاتنا السابقة، إلى إيجاد حل سياسي في أسرع وقت، والبحث عن سبل تحويل هذا الوضع إلى إطار للمحادثات بين الحكومة والمعارضة».
وأعلن لافروف أنه اتفق مع كيري على مناقشة «ما تستطيع روسيا والولايات المتحدة عمله لحث الذين ما زالوا يقاومون عملية السلام في سوريا على تغيير موقفهم نحو تنفيذ ما اتفقت عليه مجموعة العمل حول سوريا خلال اجتماعها في الصيف الماضي في جنيف».
وذكرت وكالة «مهر» الإيرانية أن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي ونظيره المصري أحمد كامل عمرو اتفقا، خلال اتصال هاتفي بينهما، «على عقد اجتماع للدول الأعضاء في مبادرة الرئيس المصري محمد مرسي (إيران، مصر، تركيا والسعودية) بشأن الأزمة السورية في المستقبل القريب على مستوى وزراء الخارجية».
ولم يكد رئيس «المجلس السوري» المعارض جورج صبرا يعيّن رئيساً بالإنابة لـ«الائتلاف» بديلا لأحمد معاذ الخطيب، حتى شن هجوماً على «حزب الله» بحجة مشاركته في معارك القصير وريفها.
وقال صبرا، في مؤتمر صحافي في اسطنبول، إن «ما يجري في حمص هو إعلان حرب على الشعب السوري، ويجب على الجامعة العربية أن تتعامل معه على هذا الأساس»، داعياً الحكومة اللبنانية إلى أن «تعي خطورة ذلك على حياة السوريين وعلى العلاقة بين الشعبين والدولتين مستقبلا».
وأضاف «على الحكومة اللبنانية أن تتعامل بالجدية اللازمة مع احتلال الأراضي السورية وإرهاب السوريين وقتلهم»، آملا أن «يرفع الشعب اللبناني الشقيق صوته عالياً لرفض قتل أحرار سوريا وإرهابهم».
وسيطر الهدوء الحذر أمس على منطقة الهرمل والقرى اللبنانية المحاذية للحدود السوريّة. فسقطت قذائف معدودة، كادت واحدة منها تتسبب بمجزرة في مدرسة للأيتام، إذ سقطت بالقرب منها. وسقط عدد من القذائف عند ضفة مجرى النهر الكبير مقابل بلدة الدبابية في عكار. وشهد أمس سقوط «قذائف» من نوع آخر. فقد وصل إلى هواتف عدد من المواطنين رسائل نصيّة تحذر من الاقتراب من أماكن ستقصفها، وموقّعة باسم «جبهة النصرة».
وسط ذلك، دعت مجموعة من رجال الدين إلى «التعبئة العامة لنصرة اللبنانيين السنة الذين يتعرضون للاعتداء في مناطق القصير وريفها».
واستنكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لإمام مسجد التقوى في طرابلس الشيخ سالم الرافعي «السكوت عن التدخل السافر والمباشر لحزب الله في الاعتداء على المظلومين من اللبنانيين والسوريين في القصير، وتخلي الدولة عن واجباتها ومسؤولياتها في الدفاع عن مواطنيها». كذلك أصدر إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير، فتوى «للشبان اللبنانيين المقيمين في لبنان وخارجه، للقتال دفاعاً عن بلدة القصير في سوريا». وأعلن «تأسيس كتائب المقاومة». ودعا «كل من يرى أنه مهدد من حزب الله إلى تشكيل خلايا سرية ليكون جاهزاً للدفاع عن نفسه».
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نيسيركي إن «الأمين العام بان كي مون يشعر بقلق عميق إزاء التوتر الشديد الذي شهدته منطقة الحدود اللبنانية»، مضيفاً أن «لديه بواعث قلق شديد بشأن خطورة وامتداد أعمال العنف إلى خارج سوريا».
وأشار نيسيركي إلى اجتماع عقده بان كي مون مع رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بشأن الأزمة السورية. وكانت الجامعة العربية قد أعلنت عن انه سيتم عقد اجتماع بين بان كي مون والعربي والمبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي لبحث مهمته. ولم يوضح نيسيركي لماذا لم يشارك الإبراهيمي في اللقاء.
وكرر بان كي مون، بعد اللقاء، دعوته إلى وقف توريد الأسلحة إلى طرفي النزاع في سوريا، محذراً من تداعيات امتداد الصراع الى بقية الدول في المنطقة. وقال «لا بديل سوى الحل السياسي لإنهاء الصراع في سوريا، وبالتالي أصبحت الحاجة ملحة للحوار بين الطرفين».
ورفض العربي ما طرحه بان كي مون، معتبراً أنه إذا كان النظام السوري «يتلقى أسلحة من بعض الأطراف» فينبغي أن يتسلح المعارضون أيضاً لإيجاد «نوع من التوازن». وأكد العربي أن الإبراهيمي لا يزال حتى الآن يمارس مهمته باسم الأمم المتحدة والجامعة العربية، وقال: «ندعم جميعاً فكرة مهمة مشتركة بين المنظمتين لأنهما تسعيان إلى الهدف نفسه».
ثم عقد بان كي مون والعربي والإبراهيمي اجتماعا. وذكر بيان للأمم المتحدة أنه تم بحث «سبل مساعدة طرفي النزاع في سوريا على إطلاق عملية سياسية».
المصدر: السفير + وكالات
إضافة تعليق جديد