ثورة الذكور هل ستنتهي؟

14-06-2013

ثورة الذكور هل ستنتهي؟

الجمل ـ بشار بشير: سؤال يعرف جوابه كل الرجال : أيهما أفضل الأنثى أم الذكر ؟ لنرجع إلى التاريخ قليلاً قبل أن نجيب .

دينياً: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملاً خفيفاً *الأعراف 189 ) يقول الخالق ( ج ج) أنه بدأ الخلق من نفس واحدة لا يحدد مبدئياً جنسها وأنه جعل ( أي صنع أوخلق ) منها زوجها وهنا نعرف أنه أصبح هناك زوج من الأنفس والنفس الثانية جُعلت لتسكن إلى الأولى , ثم تَغشى النفس الثانية (أي تأتي أو تجامع) النفس الأولى فتحمل الأولى حملاً خفيفاً وبما أن الأنثى هي التي تحمل (دون أي إستثناءات) إذاً فالنفس الأولى التي بُدأ بها الخلق هي أنثى . وماذا إذاً عن آدم أول الخلق والذي خُلقت الأنثى من ضلعه (حسب الأسطورة اليهودية) الواضح في القرآن أن آدم ليس أول الخلق , فالخالق (ج ج) يقول (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * ص 71-72 ) إذاً الله بدأ الخلق ببشر ثم سوى هذا البشر ( "فإذا" هنا تفيد بطول المدة بين الخلق والتسوية ) و نفخ فيه من روحه فأصبح البشر آدم الذي سجدت له الملائكة , ولا يظنن أحد هنا أن البشر الذي خُلق كان تمثالاً طينياً لم تدب فيه الحياة إلى أن نفخت فيه الروح فالروح هنا لا علاقة لها بالحياة ففي القرآن النفس هي ما تجعل المخلوقات حية والله يتوفى الأنفس عند موتها ولا يتوفى الأرواح ( الله يتوفى الأنفس حين موتها* الزمر42 ) (كل نفس ذائقة الموت*آل عمران 185 ) كل مخلوق حي (من حيوان أو إنسان) فيه نفس ولكن مخلوق واحد كرمه الله بالروح وهي جزء من الذات الإلهية نفخها في البشر فأصبح إنساناً سوياً عاقلاً مسؤولاً (هو آدم ) حمَّلته نفخة الروح أمانة لم يقبل أحد حملها فأستحق لذلك سجود الملائكة له . فآدم ليس أول البشر وإنما أول من حمل جزءاً من الذات الإلهية (الروح) من البشر , وحسب منطوق القرآن الخلق بدأ بأنثى .
علمياً: أصبح معروفاً أن كل جنين يبدأ أنثى فإما أن يبقى أنثى أو تحوله جيناته إلى ذكر أي أن العلم يقول أن أصل الإنسان أنثى وقد يتحول بعدها إلى ذكر, وهناك مفارقة قد تكون ذات مغزى من المعروف أن الزوج الأخير من مجموعة الصبغيات ( الكرموسومات ) هو الذي يحدد جنس الإنسان فإذا كان الزوج على شكل (xx) ينتج أنثى وإذا كان على شكل (x y) ينتج ذكر, أريد أن تلاحظوا أن (y) الأخيرة هي (x) تنقصها القطعة اليمنى السفلى . هل يعني هذا أن مجموعة الصبغيات الكاملة تنتج أنثى والناقصة تنتج ذكر ؟ سؤال آخر هل يمكن إعتبار نجاح عمليات الإستنساخ ( توليد مخلوق من بويضة غير ملقحة ) إنذار للذكور بأن الحياة يمكن أن تستمر وتتكاثر بدونهم على إعتبار أن عملية الإستنساخ تحتاج لبويضة أنثوية ولرحم ليتم توليد حياة جديدة و لا ضرورة "لذَكَر ملقح" إطلاقاً .
تاريخياً: لا بد أن الجماعات الإنسانية الأولى كانت أنثوية أمومية فالأنثى هي صانعة الحياة عبر الولادة أي موجِدة المجتمع وهي المسيطرة فيما بعد على الكتلة الأكبر من المجتمع بفعل وعي الأبناء لأمهاتهم , في حين أن الذكر الذي كان يسعى لتأمين القوت والحماية كان لا يعرف وقتها أن له أي دور في خلق الحياة فهو يجامع أي أنثى إرضاءً لغريزته ( مثلما يأكل حين يجوع ) ومن المؤكد أنه مضى وقت طويل قبل أن يدرك الذكر أن الولادة التي تحصل بعد تسعة أشهر هي نتيجة لنزوته التي نسيها ونسي من أستقبلتها . ولا أدل على أمومية المجتمع الأول و سيطرة الأنثى فيه من كون الآلهة الأولى إناث وعلى رأسهم الإلهة الأم (الديانات السورية الأولى مثلاً). التطور الأهم الذي أصاب المجتمع الأول هو التحول إلى الزراعة وهو تطور سيترك أثاراً إجتماعية عميقة جداً , على الأغلب فإن القوة العاملة في المجتمع كانت الذكور فالإناث أعلى مرتبة ولهم مسؤولياتهم المختلفة (الحمل الإرضاع و الكهانة) وهكذا يمكننا أن نخمن أن الزرّاع الأوائل كانوا ذكوراً وهنا بدأ الذكر يعي أهمية وجوده فهو يَقرب الأنثى فيخلق منها حياة جديدة ويَقرب الأرض (يزرعها) فيخلق منها حياة جديدة , إذاً (بدأ الذكور يفكرون) ليست الأنثى صانعة الحياة الوحيدة الذكر أيضاً له حصة هامة في خلق الحياة . هذا الإكتشاف أدى إلى أول وأعمق ثورة (إنقلاب) إجتماعي لقد أصبح الذكر يطالب بالأولوية الإجتماعية التي يعتقد أنه يستحقها , وسرعان ما تغير شكل المجتمع و أحد مظاهر التغير كان الدخول المفاجئ لكثير من الآلهة الذكور إلى الميثولوجيا الدينية بل إنه مع الوقت أصبحت الآلهة الذكور هي المهيمنة كماً ونوعاً عاكسة ما يحصل على أرض الواقع من تحول من المجتمع الأمومي الذي تهيمن فيه الأنثى وتُقدَّس إلى المجتمع الذكوري . كان هناك نقلة أخرى لتكتمل السيطرة الذكورية , مع تكون المجتمع الزراعي ظهر مفهوم مُلكية وسائل الإنتاج وأول وسيلة إنتاج أهتم الإنسان (الذكر) بتأكيد ملكيته لها هي الأرض , وبما أن الأرض تحتاج ليد عاملة فإن أسهل طريقة للحصول على يد عاملة هي إستخدام الأبناء وهكذا في وقت متقارب تكونت فكرتان الأولى أن الأنثى هي كالأرض آلة إنتاج ( تنتج أيدي عاملة ) و يجب تأكيد ملكيتها لذكر محدد . والثانية أن الأولاد الناتجين يجب أن ينتموا للذكر الذي يملك الآلة التي أنتجتهم وهذا أمر ضروري ليكون ليكون له سيطرة عليهم بدل أمهم كما عادة المجتمع الأول وهكذا ظهر الأب وظهر مفهوم المجتمع الأبوي . سيطرة الذكر أصبحت شبه كاملة فهو أصبح الإله ( لأنه صانع للحياة ) وهو مالك لوسائل الإنتاج أي الأرض و الإناث وهو المسيطر على الأبناء ومن خلالهم على المجتمع محدثاً تحولاً كاملاً من المجتمع الأنثوي الأمومي إلى المجتمع الذكوري الأبوي , وأقتصر الوجود الأنثوي على بعض الآلهة الأنثوية الثانوية وعلى بعض التقديس الطقسي للإناث المرتبط بتقديس الجنس والولادة , والضربة النهائية كانت على الطريق.
المجتمعات التي أتحدث عنها هنا هي المجتمعات التي ظهرت فيما يدعى اليوم سورية وبين النهرين وهي على الأغلب أول مجتمعات وحضارات عرفتها البشرية ومما وصلنا فإن هذه المجتمعات رغم تحولها كما ذكرت إلى مجتمعات ذكورية أبوية إلا أنها كانت لاتزال تمتلك حياة دينية ( ميثولوجيا ) ملونة متنوعة تشكل الإناث جزءاً منها وكذلك فإن المجتمع كان لايزال يتقبل الإناث ويحتفظ لهم ببعض القدسية , ورغم سيطرة الذكور إلا أن الإناث كان لهم وجودهم وكيانهم الإجتماعي ولم يُضطهدوا أو يعتبروا أشياء لا شركاء . هذا لا ينطبق على كل شعوب المنطقة فقد وجد ضمن هذه الشعوب شعب بدوي جاهل غير مستقر سمي لكثرة تنقله وعبوره للأراضي العبرانيين . كان العبرانيون شعباً رعوياً لم يستطع أن يطور حضارة مثلما فعلت بقية الشعوب في المنطقة وهو لم يستطع بحكم عدم إستقراره خلق مجتمع مزدهر كمن حوله ولم يستطع حمل ميثولوجيا دينية منوعة وملونة فهذا الأمر كان يحتاج لخيال واسع و لقصص كثيرة ولعبادات وطقوس ومعابد وهياكل وآلهة وتماثيل وهذا أكثر بكثير مما يستطيع شعب رعوي متنقل إستيعابه وحمله لذلك كان على العبرانيين الإكتفاء بإله واحد وهم أختاروا أن يكون هذا الإله على شاكلتهم ذكراً متعصباً محارباً وهذه كانت الضربه القاضية للإناث . أنتشرت فكرة الإله الواحد عند أكثر المجتمعات ( البعض ماطل قليلاً بإبقاء بعض الألهة الثانويين مع كبير الألهة أو رب الأرباب ) وأعتمد الجميع فكرة ذكورية الإله الواحد أو الإله الأكبر المهيمن لم يكن هناك طبعاً أي فرصة ليكون هذا الإله أنثى ولم تكن هذه المجتمعات قادرة على طرح فكرة الإله المنزه عن الجنس ( أي لا ذكر ولا أنثى ) فهذه فكرة كانت بحاجة لقدرة تجريدية ليست بمتناول تلك المجتمعات وهكذا قُضي على آخر مشاركة للإناث في خلق الشكل المجتمعي . زوال آخر مظاهر القدسية عن الإناث أبقى لهم دور واحد وهو الولادة (التكاثر) ونظراً لوجود الغريزة الجنسية فقد ترافق هذا الدور مع المتعة الذكورية وهكذا تحولت الأنثى لأهم ممتلكات الذكر فهي مصدر ثروته (الأبناء) وهي مصدر متعته وقد تفننت المجتمعات الذكورية في طرق إظهار سيطرة الذكر على الأنثى وملكيته لها .رغم كل سيطرة الذكر على الأنثى ظلت هناك ناحية تؤرقه إنها حاجته الجنسية للأنثى وهي نقطة ضعف لابد من إيجاد تبريرلها يريح الذكر .حسناً إنها الأنثى الخبيثة التي عصت أمر الآلهة و أغرت الذكر ليمارس معها ما نهت عنه الألهة وهكذا أرتُكبت الخطيئة الأولى (التي ستعاني منها البشرية نهاراً إلى الأبد ولكن سيستمتع الذكور بها ليلاً إلى الأبد " يا لنفاق الذكور") إذاً رغم أهمية العامل الجنسي إلا أنه خطيئة (كذا) والأنثى هي صاحبة هذه الخطيئة و المسؤولة عنها ( حتى اليوم أي معاشرة جنسية لا يرضى عنها المجتمع تُحمَّل مسؤوليتها للأنثى رغم تساوي الطرفين الذين مارساها فيزيولوجياً في أفضل الأحوال , و كون الأنثى هي الطرف الأضعف والمجبر والأقل مسؤولية في أكثر الأحوال) . القرآن على صعيد الخطيئة الأولى لا يُحمِّل الأنثى المسؤولية هناك إشارة مبهمة لما حصل فالنهي كان عن الإقتراب من الشجرة والأكل من ثمرها (هل هو تشبيه للشجرة وثمرها بالجنس والجماع ) وعلى كلٍ فالقرآن يُحمّل آدم المسؤولية ( فأكلا منها فبدت لهما سوءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق االجنة وعصى آدم ربه فغوى* طه 121 ) .
هناك ملاحظتان لابد من الحديث عنهما : الأولى هي لماذا يَنسُب العبرانيين الولد لأمه رغم تعصبهم الذكوري ؟ ربما بسبب إنغلاقهم الإجتماعي ومحاصرتهم التامة لإناثهم مما يجعل أبناء العبرانيات بالتأكيد عبرانيين وهكذا يضمنوا نقائهم العنصري . والسبب الثاني هو أن العبرانيين مجتمع رعوي بدوي لم يتحول للزراعة والإستقرار مثل بقية مجتمعات منطقته لذلك لم يهتم الذكور بالهيمنة على العائلة وتأكيد ملكيتهم لها . المؤكد أن نسب الولد لأمه لم يكن تعبيراً عن إحترام الأنثى أو علو مرتبتها .

الملاحظة الثانية هي عن اللغة العربية التي واكبت تماماً ذكورية المجتمع ففي الغة العربية هناك ضمائر خاصة للإناث ولكن إذا كان لدينا جمع من مئة أنثى ومعهم ولد صغير ذكر فإن هذا الجمع يعامل لغوياً معاملة المذكر (كمثال نقول : عشرة نسوة ذهبن إلى السوق . أما إذا كان معهم ذكر واحد فنقول عشرة نسوة وطفل ذهبوا إلى السوق ) أي أن طفلاً ذكراً يغلب آلاف الإناث لغوياً . مفارقة لغوية أخرى هي أن لعضو الأنوئة أكثر من خمسين اسماً و وصفاً في العربية يكاد لايوجد بينها واحد مؤنث , أي أن عضو التأنيث كل أسمائه وأوصافه مذكرة وهذه حالة غريبة تستدعي الدراسة ليت بين اللغوين من يبين لنا أسبابها .هل هي طريقة لإثبات هيمنة الذكورة ؟

بعض الفلسفات و الأديان أصبحت تربط التطهر و الزهد بالدنيا بالبعد عن الرغبة بالتملك وأول ما يجب الزهد بتملكه هو الأنثى وأول ما يجب البعد عنه هو الغرائز (الجنسية على رأسها) وأول ما يجب التطهر منه هو الخطيئة الأولى , وهكذا ظهرت إلى حد ما فكرة التطهر من الإناث أو البعد عنهم أو توافقاً مع النظرة الذكورية عزلهم عن المجتمع فبما أن الذكر هو الحاكم بأمره فلماذا يُحمِّل نفسه المسؤولية فلتحملها الأنثى هو عليه أن يضع القوانين العازلة للأنثى وهي عليها أن تطيع وتنفذها . ترسخت هذه النظرة والطريقة بالتعامل مع الأنثى في المجتمعات الأكثر إنعزالاً و الأقل نشاطاً على الصعيد الإقتصادي كالمجتمعات البدوية الرعوية التي لا تحتاج لكل الأيدي العاملة في المجتمع ويمكنها الإستغناء عن الإناث كقوة عاملة ( أي عزلهم إجتماعياً عبر قوانين الحجاب ومنع الإختلاط ) وتحويلهم لمجرد ملكية والتفنن بوضع القوانين التي تتيح للذكر التصرف بملكيته الخاصة (إناثه أو زوجاته) كيفما يشاء مع التأكيد الزائد على عدم التعدي أو حتى النظرإلى ملكيات الآخرين (مما يقوي نظرية الملكية الخاصة و يتوافق مع نظرية عزل الإناث ) .على مر الأيام ونظراً للإنغلاق الإجتماعي وبطء التطور تحول عزل الإناث إلى هدف بحد ذاته بل وأصبح هوية خاصة لهذه المجتمعات و الغريب أنها ولظروف معينة أستطاعت تسويق شكلها الإجتماعي هذا لدى مجتمعات أكثر تطوراً من جهة و مختلفة تماماً من حيث الشكل الإقتصادي أي أنها تعتمد على عمل الأنثى مع الرجل من جهة أخرى .أي أن نظرية العزل لا توافقها تماماً. ولكن نظراً لإستماتة المجتمعات البدوية المنغلقة لتصدير هويتها أخذت تُدخل بعض التعديلات على نظرية العزل بما يتوافق وشكل المجتمعات المستهدفة فاكتفت بتحجيب الأنثى كمرحلة أولى كنوع من بدء إعلان إنتصار شكلها المجتمعي ( ولو شكلياً ) على المجتمعات الأكثر تحضراً والأكثر ديناميكية .
في الحقيقة لم تساهم الأديان بإعادة أي حقوق للأنثى لا من حيث إعادة موقعها وحقوقها الإجتماعية ولا من حيث إعتبارها شريكة لا مملوكة . اليهودية وسمت الأنثى بحمل الخطيئة الأبدية وأعتبرتها نجسة وناقصة مقارنة بالذكر . رسول المسيحية عيسى (ع ) كان رحيماً بالمرأة بما يتوافق مع نظرته لكل المخلوقات ولكنه بالنهاية كان أبن مجتمعه الذكوري في مجمل تعامله مع المرأة , أما المسيحية فيما بعد فهي التي قنننت المجتمع الذكوري الأبوي ( البطريركي ) وهي التي أطلقت أكبر حملة إضطهاد ضد الإناث أسمتها مطرقة الساحرات ( تحولت فيما بعد إلى محاكم التفتيش) دافعها كان سعار جنسي بحت موجه من الرهبان المحرومين من الجنس ضد الإناث . الإسلام لم يشذ عن من قبله وعن مجتمعه الرعوي الذكوري فأعتبر الأنثى أقل من الذكر ( للذكر مثل حظ الأنثيين *النساء 11 ) بل و سحب الإنتقاص من المرأة على التاريخ كله فهي غير كفوْ لحمل المسؤولية منذ فجر التاريخ (وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم *النحل 43 ) وهي أيضاً لا تقرر حتى عن ذاتها وجسمها فهي مثلاً دائماً تُنكح ولا تَنكح ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء *النساء 3 ) ( يا أيها الذين آمنوا إذا نَكحتم المؤمنات * الأحزاب 49 ) والمفارقة أن المرأة لا تَنكح هي بقرارها إلا في حالة واحدة ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تَنكِحَ زوجاً غيره *البقرة 230 ) في حالة تطليق الرجل لزوجته ثلاث مرات.
رغم تباين تطور المجتمعات البشرية إلا أنها لاتزال تشترك بنفس النظرة الأساسية عن الأنثى مع بعض الفروقات الشكلية , بعض المجتمعات تحاول خلق نوع من المساواة بين الذكور والإناث عبر قوانين يسنها الذكور في مجتمع ذكوري فتأتي كمنحة من الذكور أكثر مما هي إعادة لحقوق الإناث , بعض المجتمعات بدأت فيها ردة على الشكل المجتمعي الحالي بالكامل أي مجتمع العائلة الأبوي وذلك عبر محاولة إلغاء العائلة كمقدمة لإلغاء النظام الأبوي ويتمثل ذلك بإستبدال الزواج بالمساكنة وبالأمهات العازبات اللواتي ألغين سيطرة الأب عليهن وعلى أبنائهن وعدن إلى المجتمع الأمومي مرة أخرى ( أضطرت بعض المجتمعات للإعتراف بحقوقهن عبر تسجيل أبنائهن بأسمائهن وتجاهل الآباء ) .

غريبة هذه الثورة (الإنقلاب) التي قام بها الذكور فهي مستمرة منذ آلاف السنين لم تخمد ولم تستكين ولا يبدوأ أن في وارد حاملي لوائها التخفيف من غلوائها أو التخفيف من ظلمها للإناث فالذكور لا زالوا حتى اليوم ولكي يبرهنوا عن أحقيتهم يقيسون الأمور بميزان ذكوري لا يمكن أن ينصف الإناث . فمثلاً الذكور أفضل من الإناث لأنهم لا يتصرفون بعاطفة مثلهن , هذا ما يقوله الميزان الذكوري الذي أصبح من البديهيات ولكن ربما لو نظرنا من الطرف الأنثوي لوجدنا أن التفكير بعاطفة أفضل ربما أن هكذا تفكير كان وفَّر على البشرية مثلاً تاريخاً لا ينقطع من الحروب وما ينتج عنها من مآسي وظلم أوصلنا لها التفكير العقلاني اللاعاطفي الذكوري . ربما لو أن الإناث هن المتحكمات لا الذكور لما كنا نعيش في عالم مضطرب متقاتل يقدس الحروب وصانعيها هو على الأغلب نتاج التستيستيرون الذكري . أكثر ما يؤلم في أطول حالة ظلم في التاريخ هو أن كثير من المظلومات قد تماهوا مع الظلم وأعتادوا عليه ولم يعودوا يطيقوا من يذكرهن به أو يحاول إنقاذهن منه أصبحوا شركاء الذكور في ظلم أنفسهن وأصبحوا الحجة الذكورية على الإناث المنتفضات لتحصيل حقوقهن ( مثلاً كيف يمكن لأنثى أم أن تقول لأبنها أختك قد أخطأت ويجب أن تقتلها لتغسل عارنا . أو أن تقوم أنثى أم بتحجيب إبنتها التي لم تتجاوز السابعة أو الثامنة من عمرها ) أليس هذا منتهى النجاح بتدجين الأنثى أليس هذا منتهى التماهي مع ظلم الذكر . الطريق لمجتمع عادل بين الذكور والإناث طويلة وبالكاد بدأ البعض بالسير عليها والمجتمع الذكوري لن يتسامح لا مع الإناث ولا مع الذكور الذين سيقربونها .



إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...