كيري ينهي جولته بـ 930 وحدة استيطانية في القدس المحتلة
أنهى وزير الخارجية الأميركية جون كيري أمس، جولته المكوكية المكثّفة لتحريك العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من دون إنجاز المهمة. وبرغم أن إسرائيل واكبت سعيه بإعلان المزيد من خطوات البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ومن بينها مشروع لبناء 930 وحدة استيطانية في القدس، إلا أنه خرج ليعلن أن «تقدماً حقيقياً» قد تم، وأن استئناف المفاوضات «بات في متناول اليد».
غير أن التفاؤل الذي وسم كلام كيري «الوداعي» لم ينعكس تقريباً في تصريحات القادة الإسرائيليين والفلسطينيين. فقد كان واضحاً أن كيري بذل جهوداً كبيرة، وسافر مراراً بين القدس والعاصمة الأردنية ليلتقي ثلاث مرات في هذه الجولة مع كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقد اضطر كيري لإلغاء مؤتمر صحافي كان مقرراً له في عمان، كما ألغى زيارة مقررة له لدولة الإمارات ليكمل جهوده. ولكن نتائج هذا الجهد لم تظهر أبداً على الأرض، وتقريباً لم يتحقق أي من الأهداف شبه المعلنة. فهدف عقد قمة ثلاثية أو رباعية بين إسرائيل وفلسطين وأميركا والأردن في عمان لم يتحقق. كما أن هدف استئناف المفاوضات أو حتى عقد اجتماع على مستوى رفيع، وليس القمة، بين مسؤولة ملف المفاوضات الإسرائيلية تسيبي ليفني ورئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لم يتحقق أيضاً.
وكل ما تحقق هو قدر من التقدم في الصياغات الالتفافية، التي يعتقد أنها قد تقرب الطرفين من الاتفاق على إعلان استئناف المفاوضات. ومن أجل الإيحاء بأن مهمة كيري هذه التي جرى التحضير لها كثيراً لم تفشل، أمر وزير الخارجية بإبقاء مستشاريه فرانك ليفنشتاين وجونثان شفارتس في المنطقة لاستكمال المداولات، موحياً أنه سيعود قريباً إلى المنطقة. وقال كيري إن الزعيمين الإسرائيلي والفلسطيني طلبا منه العودة لاستكمال مساعيه.
ومن الواضح أن التفاؤل الذي أبداه كيري لا يجد من يشاركه فيه من الإسرائيليين والفلسطينيين. ومن الواضح أيضاً أنه يعتمد في تفاؤله على منطق مختلف يقوم أساساً على «أنه لا وقت لدينا، والوقت يهدد الوضع القائم. إنه يقود إلى انعدام الثقة، ويسمح لجهات معادية بالتأثير ويسمح حتى للامبالاة بالتفوق ولنافذة الفرص بأن تغلق. إن هدفنا هو استئناف مفاوضات التسوية الدائمة. والأمر ليس فقط من أجل إجراء مفاوضات. إننا نريد حلاً يقود إلى حل دولتين لشعبين، لأن غالبية الإسرائيليين والفلسطينيين يريدون ذلك. وهذا سيعزز أمن إسرائيل ومستقبلها كدولة يهودية. وهو سيمنح الفلسطينيين إمكانية تجسيد مطامحهم»، بحسب ما قال في مؤتمر صحافي في مطار تل أبيب قبل مغادرته.
وأشار كيري إلى أن «الأصعب هو تحريك العملية... ولكن بعد إطلاقها، يمكن أن نحفر فيها وننشغل بالمواضيع. والفجوات باتت ضئيلة جداً الآن... لم أكن لأفعل ذلك لو ظننت أنني لن أفلح... وإذا تطلب الأمر أسبوعاً آخر أو أسبوعين، فهذا لا شيء مقارنة بما نحاول فعله وتحقيقه». وخلص كيري إلى أن «هناك عدة تفاصيل مختلف عليها لكني واثق أننا على المسار الصحيح. الطرفان يعملان للوصول إلى المكان الصحيح. الطرفان يؤمنان بأن هذا ممكن».
وفي ختام لقاءاته مع كل من نتنياهو وعباس، أعلن كيري أنه أحرز تقدماً. ولكن عريقات قال بوضوح إن «أي اختراق يسمح باستئناف المفاوضات لم يحدث».
وبديهي أنه وبرغم طلب كيري الصريح من الطرفين تجنب إطلاق التصريحات وترك المداولات إلى المفاوضات السرية، إلا أن خروجه من المنطقة أفسح المجال لعودة الاتهامات المتبادلة. فقد زعم نتنياهو أن إسرائيل ليست الجهة التي يمكن أن توجه لها الاتهامات بالمسؤولية عن عدم استئناف المفاوضات. وقال إن «إسرائيل مستعدة للدخول فوراً ومن دون تأجيل أو شروط مسبقة في المفاوضات»، مضيفاً «أننا لا نضع أي عراقيل أمام استئناف مفاوضات التسوية الدائمة بيننا وبين الفلسطينيين». وفي إشارة لاستعداده الذهاب بعيداً من أجل تحقيق اتفاق أعلن أنه يؤمن «بإلزامية عرض كل اتفاق يتم التوصل إليه على قرار الشعب».
وأياً يكن الحال، وبرغم تفاؤل كيري فإن الخلافات الجوهرية ظلت على حالها. فإسرائيل ترفض تجميد الاستيطان، في حين يصر الفلسطينيون على وجوب التجميد الفعلي. وبرغم تعهد الولايات المتحدة المتكرر للفلسطينيين بوقف الاستيطان، إلا أن الإدارة الأميركية عجزت حتى اليوم عن تحقيق ذلك. وفضلت إسرائيل حتى الآن مواجهة كيري فعلياً بالإعلان عن المزيد من الاستيطان أثناء جولته الأخيرة.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أمس، أن بلدية الاحتلال في القدس ستعطي الضوء الأخضر لمرحلة جديدة من مشروع بناء 930 وحدة سكنية استيطانية في «هار هوما» في القدس الشرقية. وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن لجنة الشؤون المالية في البلدية يفترض أن تسمح بشق طرق وتشييد بنية تحتية، ضمن مشروع البناء الذي أطلق في العام 2011.
إلى ذلك، رفضت إسرائيل مطلبين فلسطينيين آخرين هما الإفراج عن معتقلي ما قبل اتفاق أوسلو، أي من مضى على بقائهم في المعتقلات أكثر من 20 عاماً وعددهم حوالي 120 معتقلاً، واعتبار حدود العام 1967 مرجعية المفاوضات حول حدود الدولتين مع الاستعداد لتبادل أراضٍ طفيف.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد