«تجارة دمشق» في تقريرها السنوي: الصناعة أكثر تضرراً من السياحة
لم تصدر غرفة صناعة دمشق وريفها بعد انقضاء أكثر من نصف عام 2013 تقريرها السنوي المعتاد عن العام 2012 فمرة تؤكد مصادر في الغرفة بأن الغرفة لن تصدر التقرير، وأخرى يقال إن الغرفة ستصدره، وهذا التأخر في إعداد تقرير الغرفة السنوي سببه - كما بين مصدر في الغرفة - تغيب رئيس الغرفة باسل الحموي وسفره المتواصل، وعدم حضور أحد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة للإشراف على عمل الغرفة إلا بأوقات قليلة، حيث يتناوب كل من عصام زمريق وبشار حتاحت بأوقات متقطعة.
في هذه الأثناء في غرفة تجارة دمشق سبقت غرفة الصناعة في إعداد تقريرها السنوي والذي بين أن الأزمة انعكست سلباً على نشاطات الغرفة ولاسيما من ناحية الوفود التجارية الزائرة.
وفيما يتعلق بقطاع الصناعة أوضح التقرير الذي حصلت عليه «الوطن» أن خط الإنتاج الصناعي يتسم بأن طاقته الإنتاجية تقاس بطاقة أضعف مراحله وأنه كالسلسلة التي تنهار لانقطاع أضعف حلقاتها، وبالتالي فإن أي مشروع صناعي مهما كبر قد يتعثر لأبسط الأسباب، لذلك يعتبر قطاع الصناعة من القطاعات الأكثر تضرراً في هذه الأزمة على عكس ما يعتقده البعض بأن الأكثر تضرراً هو قطاع السياحة، والسبب أن قطاع السياحة في لحظة انتهاء الأزمة يمكن أن يعود إلى سابق عهده خلال فترة تتراوح من شهر إلى ستة أشهر، ولكن المصانع التي دمرت واليد العاملة التي سافر جزء منها خارج القطر بالإضافة إلى سفر عدد من رؤوس الأموال وخاصة في مدينة حلب وريف دمشق كل ذلك يؤكد أن قطاع الصناعة يحتاج إلى مجهود كبير لإعادة بنائه.
ويواجه قطاع الصناعة أيضاً مشكلة في قدرة اليد العاملة الصناعيّة على الوصول إلى أماكن عملها، حيث تشتدّ الحاجة إلى هذه اليد في ظلّ فتح السّوق العراقيّة والإيرانيّة أمام الصّادرات السوريّة لتخفيف أثر العقوبات، في حين لا تستطيع الوصول إلى أماكن العمل، كما أن مشكلة قطاع الصناعة السورية ليست وليدة الأزمة فقط ولكنها تفاقمت مع الأزمة والسبب الأساسي لهذه المشكلة هو عدم وجود إستراتيجية صناعية واضحة وضعف التواصل الفاعل بين الحكومة وصناعي القطاع الخاص بالإضافة إلى حاجة المؤسسات العامة الصناعية التابعة للدولة التي تشرف على 92 شركة إنتاجية عامة إلى إعادة هيكله جذرية. وبالنسبة لقطاع الزراعة، فإن بؤر التوتر في هذه الأزمة هي المناطق التي تعتمد عليها سورية في إنتاجها الزراعي (ريف دمشق - حوران - حمص - حماة وريفها -ريف إدلب - دير الزور) وبالتالي الآثار الزراعية ستكون «كارثية» في الأعوام التالية وهذا واضح إضافة إلى أزمة المواصلات وعدم توفر الفيول والمازوت وعدم توفر الأيدي العاملة إضافة إلى تركز معظم المواجهات في الأراضي الزراعية، وهذا ما أدى إلى تلف جزء منها وخاصة في ريف حمص وريف دير الزور.
بالنتيجة أن تراجع الإنتاج الزراعي سينعكس بالضرورة على تراجع الناتج المحلي السوري وعلى ضعف في الموازنة وستكون آثارها واضحة في ارتفاع الأسعار للمنتجات الزراعية.
لذلك لا بد على الحكومة في المرحلة الحالية القيام بما يلي حسب التقرير الذي حصلت عليه «الوطن» من توفير قروض من المصرف الزراعي وحتى المصارف الخاصة للمزارعين لإعادتهم إلى حقولهم وأن تكون بفوائد قليلة وفترات سداد تبدأ بعد 3 أعوام، وتوفير المازوت بشكل سريع من الدول الصديقة كروسيا وإيران والعراق، والعمل على توفير الأسمدة اللازمة للعملية الزراعية وكل مستلزمات العملية الزراعية عن طريق وزارة الزراعة وعن طرق الإصلاحيات الزراعية وتأمينها للمزارعين، كما يجب العمل على توفير المنتجات الزراعية التي يمكن أن يحصل تراجع في كمياتها بالسوق المحلية عن طريق دول الجوار مثل لبنان والأردن وإيران.
الليرة السورية
ويتحدث التقرير عن الليرة السورية بالقول: إن الرهان الأكبر في هذه المرحلة هو على الليرة السورية وعلى صمودها وبقائها، مبيناً أن عوامل تراجع قيمة الليرة السورية هي فرض حظر على استيراد النفط السوري، ما أدى إلى حرمان الخزينة من أكثر من ثلث إيراداتها وبالتالي تخفيض الموازنة العامة للدولة، وتراجع الصادرات غير النفطية بسبب الأزمة حيث أدت الأزمة إلى تراجع الصادرات الزراعية والصادرات الصناعية بنسبة كبيرة وتخلي أكبر الشركاء التجاريين لسورية عن الاستيراد من سورية كدول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية، وزيادة الاستيراد إلى حد كبير وصل تقريباً إلى 40% عام 2011-2012، وانعدام الدخل المتحقق من السياحة التي كانت وارداتها 6.5 مليارات دولار في عام 2010. إضافة إلى تدخل بعض الأشخاص في السوق السوداء وأدى ذلك إلى حدوث مضاربات ساهمت بفقد الليرة السورية لقيمتها.
وأوضح التقرير أنه في تاريخ 1/12/2011 كان كل دولار يساوي 51 ليرة سورية، وفي 1/12/2012 كان كل دولار يساوي 71 ليرة سورية. أي بعد أكثر من عام ونصف عام من الأزمة ووفق أسعار مصرف سورية المركزي زاد سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أكثر من 39.2% وهذا مع التأكيد أن المصرف المركزي قد تدخل بشكل فاعل للمحافظة على سعر الصرف واستخدام الاحتياطي، ولكن بالتأكيد أن المصرف المركزي لن يستطيع الاستمرار بالتدخل وخاصة أنه وفي تقديرات اقتصادية يحتاج إلى أكثر من 15 مليون دولار يومياً لإبقاء سعر الصرف كما هو (أي دون الـ100 ليرة وفقاً لتاريخ إعداد الدراسة) لذلك نجد أن المصرف المركزي يحاول كل فترة التدخل بطريقة معينة لمحاولة ضبط سعر الصرف.
ويبين التقرير طرق الدفاع عن الليرة السورية بالقول: من خلال عرض العوامل التي أدت إلى تدهور الليرة السورية والتي ذكرناها سابقاً نجد أن الدور الذي يمكن للدولة أن تؤثر فيه من خلال العمل على إيجاد أسواق بديلة للصادرات السورية التي مازالت تعمل وأعتقد أن سوق دول روسيا الاتحادية قد تشكل بديلاً فاعلاً في هذا المجال وخاصة بالنسبة لصادرات سورية من الأنسجة الصوفية والألبسة والمواد الغذائية ولعل الاتفاقية التي تعمل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية حالياً على إنجازها خطوة صحيحة في هذا المجال.
كما يمكن أن تؤثر الدولة في إعادة الثقة للمواطن السوري من خلال العمل على تخفيض أسعار المواد الغذائية حصراً، وبالتالي يستطيع المواطن السوري شراء حاجاته الأساسية ويستعيد ثقته بالليرة السورية، أي لابد للحكومة من العمل على تخفيض معدلات التضخم التي وصلت إلى مرحلة قياسية، ومن الضروري - حسب التقرير - زيادة استقلالية المصرف المركزي.
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد