«جنيف 2» سراب لايبلغه السوريون والنزاع تجاوز قوانين الحروب المتعارف عليها
برغم تأكيد الولايات المتحدة وروسيا مواصلة العمل لعقد مؤتمر دولي حول سوريا والتحضير له في مباحثات أواخر آب الحالي، فانه لا يبدو أن أيا من الأطراف المعنية متفائل بحصول اختراق يمهد لإيجاد حل سياسي للأزمة.
وتأتي المساعي الجديدة لإعادة إحياء «جنيف 2» والتي أعلن عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، في واشنطن الأسبوع الماضي، في وقت تتدهور فيه العلاقات الأميركية- الروسية بسبب تقديم موسكو حق اللجوء المؤقت لمسرب المعلومات حول برنامج المراقبة الأميركي إدوارد سنودن.
وقد تأجل مؤتمر «جنيف 2» باستمرار منذ أن أعلنت عنه واشنطن وموسكو في أيار الماضي. ويقول المحللون إن شيئا لم يتغير في هذا الخصوص، وإن كانت الدولتان تحاولان إضفاء أجواء إيجابية بالإعلان أن المباحثات ستستأنف «في أقرب وقت ممكن».
وفي إشارة إلى صعوبة عقد المؤتمر، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن «الجهود تتواصل، لكن لسوء الحظ لا يوجد تاريخ محدد لعقد المؤتمر»، لافتا إلى أن «جنيف 2 لم يمت تماما». وأضاف أن الولايات المتحدة تعتبر أن مؤتمر «جنيف 2» هو الطريق الوحيد لحل الأزمة و«إن تم عقده في أيلول أو تشرين الأول، أو أي وقت بعد ذلك».
وتسعى روسيا لمشاركة إيران في «جنيف 2» غير أن الإدارة الأميركية لا تبدو مستعدة لقبول الفكرة في الوقت الحالي. وقال المسؤول الأميركي «لا نرى كيف يمكن أن يكون لإيران دور بناء، لكن المفاوضات حول المشاركين في المؤتمر لا تزال قائمة».
يشار إلى أن الولايات المتحدة و«الإئتلاف السوري» المعارض يريدان أن يقبل الرئيس السوري بشار الأسد «بالتنحي عن السلطة، والقبول بتسليم الحكم إلى حكومة انتقالية لا يشارك فيها في وقت تتقدم قواته على الأرض».
من ناحيتها، تعتبر السلطات السورية أن «الإئتلاف» لا يمثل المعارضة السورية. ويقول المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن «الإئتلاف يمثل فقط شريحة صغيرة من المعارضة الخارجية».
ويتهم الجعفري الدول الغربية بأنها لا تريد لمؤتمر «جنيف 2» أن ينعقد ما لم تتقدم المعارضة عسكريا. ويقول إن «الرهان الغربي» هو أن يتغير شيء على الأرض، لذلك فهم «يؤجلون الذهاب إلى جنيف 2 شهرا بعد شهر، لكن إستراتيجيتهم لا تنجح». ويتابع إن «الذي يريد أن يذهب إلى جنيف 2 عليه أن يثبت أنه يسيطر على الأرض، غير أن الإئتلاف لا يسيطر على المجموعات الإرهابية».
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إن موسكو تريد عقد مؤتمر «جنيف 2» في أقرب وقت ممكن، لكن من غير المرجح حدوث هذا قبل تشرين الأول المقبل لازدحام جدول المواعيد الديبلوماسية قبل هذا الشهر.
ويقول المحللون إن الأطراف المتنازعة في سوريا لا ترى مصلحة لها في وقف العنف. ويقول نائب الرئيس لدراسات الدفاع والسياسة الخارجية في معهد «كاتو» كريستوفر بريبل إن «على أحد الطرفين أن يقر بأن الحل العسكري قد أخذ مجراه، لكن الطرفين ليسا مستعدين لقبول ذلك».
ويلفت بريبل إلى أن ما يزيد من صعوبة إيجاد حل سلمي أن المعارضة منقسمة بشكل كبير و«من الخطأ الإدعاء بأنها موحدة»، لافتا إلى أن «الأطراف المناهضة للأسد لا تتفق سوى على رحيله».
من ناحيته، يقول الباحث في مؤسسة «راند» وأستاذ الدراسات الدولية في جامعة جون هوبكينز كريستوفر شيفيس أنه في الكثير من الأحيان، لا تعقد مباحثات سلام إلا عندما تصل الحرب إلى طريق مسدود «بحيث لا يعود أي طرف يحرز تقدما فيما يدفع الطرفان أثمانا باهظة».
ويعتبر أن المرحلة الحالية ستستمر لبعض الوقت قبل أن يدخل الطرفان في مباحثات، لأن ثمة تقدما لا يزال يحصل على الأرض، ذلك أن «المعارضة كانت تتقدم في السابق والآن النظام يدفعها إلى الوراء».
وفي ظل هذه الأجواء التي يقول المحللون أنها غير مؤاتية لمباحثات ديبلوماسية، لا تزال واشنطن مترددة في إرسال الأسلحة الخفيفة التي وعدت بها المعارضة السورية، خوفا من وصولها إلى يد المجموعات الإسلامية المتشددة.
ويوضح المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة تشعر «بقلق هائل» من تدفق المجموعات «الجهادية» إلى سوريا، لافتا إلى أنها «تقوم بعمليات خطف وجرائم ضد المدنيين». ويضيف أن الولايات المتحدة قلقة بالتحديد من تنامي قوة «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».
وبحسب روبرت سبرينغبورغ، وهو أستاذ شؤون الأمن القومي في الكلية البحرية للدراسات العليا في مونتيري في كاليفورنيا تمت إحاطته بمسألة المساعدات العسكرية للمعارضة السورية، فإن «لا شيء مهما جدا يتم تداوله». وأوضح أنه يتم البحث في الوقت الحالي بتدريبات ومساعدات لوجستية وأسلحة خفيفة. ولفت إلى أن المساعدات سيكون حجمها صغيرا إلى درجة أنه «لا يمكن تبيانها عندما تبدأ».
ولا يزال البعض في واشنطن مثل السيناتور الجمهوري جون ماكين يطالب بإقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا، غير أن المسؤول الأميركي يؤكد أن «لا خطة الآن لمنطقة حظر جوي».
وحول توسيع القاعدة الجوية في الأردن، يقول سبرينغبورغ أن ما يحصل أمر ثانوي وليس تحضيرا لإقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا، ذلك أنه «لم يتم اتخاذ قرار من هذا النوع».
رنا الفيل
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد