«هدوء نسبي» رحلة البحث عن الحقيقة
قليلة هي الأعمال التي تحاول خرق خطوط يحاول كثيرون الابتعاد عنها، ولكن ماذا إن جاء عمل خرق تلك الخطوط وقدم طرح للمرة الأولى عبر مسلسل درامي عربي بكل ما تحمله الكلمة من كلمة (عربي)؟..
ربما هذا ما يحققه مسلسل (هدوء نسبي) الذي يتابع المخرج شوقي الماجري تصويره في سورية وهو من تأليف خالد خليفة وإنتاج أربع جهات إنتاجية عربية هي شركة إيبلا السورية، قطاع الإنتاج المصري، روتانا خليجية و( ART)، ويجسد أدواره فنانون من سورية والأردن و لبنان ومصر وتونس وعمان والعراق وفرنسا وأمريكا، ومنهم نذكر: نيللي كريم، عابد فهد، بيير داغر، ندين سلامة، محمد جمعة، جواد الشكرجي، نادرة عمران، سيسيل، جويل أدمز.
يتناول العمل بكثير من الجرأة حياة المراسلين الصحفيين في العراق أثناء الحرب وسعيهم لكشف الحقيقة أمام العالم... حول المرجعيات والمصادر التي اعتمدها الكاتب خالد خليفة في نصه، يقول: لم يبخل علي أي صحفي بمعلومة سواء كان انكليزياً أم أمريكياً أم عربياً فجميعهم قدموا لي إجابات عن أسئلتي، وهدفي كان صنع دراما حياتية فقد أصبح لثقافة العربية شهداء اليوم هم شهداء الحقيقة، فالبحث الإنساني لدي كان الأعمق ،حتى أن الفريق العراقي الذي ينقل الكلام للهجة العراقية أبدى دهشته لأن ما شاهده في التصوير كان يشبه لدرجة كبيرة ما جرى في بغداد.
أما المخرج شوقي الماجري فيؤكد أنهم يقدمون من خلال العمل شهادة الصحفيين حول ما حدث، يقول: (نحاول أن نكون موضوعيين فنحن لسنا مع جهة ضد أخرى ولكننا مع إحساسنا وأتمنى أن أعود خلال تنفيذ العمل للإحساس الذي كنت أعيشه في تلك الفترة تماماً فنحن نحكي عن أمر مهول).
وحول ماهية العمل يوضح الماجري أنه عمل إنساني فهو ليس توثيقياً و إنما روائي نتابع خلاله مصائر العديد من الشخصيات التي أتت من سورية وتونس ولبنان ومصر والسعودية والعراق.. إضافة للعائلات العراقية فيتم تناول ما قدمه المراسلون الصحفيون من أثمان كبيرة وصلت إلى حد الأرواح ليوصلوا للعالم الصورة الحقيقية التي كانت تحدث أثناء الحرب في العراق.
- السياسة إلى أي مدى حاضرة في العمل؟ وماالذي تم لمحاولة تجنب التطرق إليه في العمل؟
المسألة لاتتعلق بما الذي حاولنا تحاشيه وإنما هي الزاوية التي نرى العمل من خلالها فكل عمل له زاوية للرؤية، إننا لم نرد الدخول للمسألة السياسية بمعناها المتعلق بالشخصيات المعروفة التي كانت موجودة.
- عنوان العمل المبدئي الذي أشيع في الإعلام كان (بغداد زمن الحرب والموت) ومن ثم انتهيتم لعنوان أقل وطأة (هدوء نسبي)... فهل هو مؤشر لتقديم تنازلات رقابية؟ وإن كان كذلك ماالذي ستقدمونه من تنازلات قادمة حتى يظهر للنور؟
العنوان هو أصعب الأمور في العمل، وكلا العنوانين مقترحان لأن المسلسل فيه أكثر من مستوى... عموماً لا أعتقد أن العنوان سيكون مشكلة، ومما لاشك فيه أن اختيار هذا المشروع بحد ذاته لم يكن سهلاً، فطريقه مليء بالألغام ولكن هذا لايعني أننا مغامرون فنحن نعرف ماالذي ننجزه وما الذي سنقدمه لأننا واعون لمرحلتنا التاريخية.
- استخدمت أكثر من كاميرا في العمل فما الخيارات التي يمكن أن تحصل عليها التصوير في العمل بواسطة كاميراتين، فماذا الذي يمكن أن تعطيك خيارات أوسع؟
استخدامي لأكثر من كاميرا يساعدني في التقاط الصورة الحية بأكثر من زاوية في الوقت ذاته، فهناك لحـظات لاتتكرر سواء عند الممثلين أم بحركة معينة أم عبر المعارك والتفجير وبالتالي أسرق لقطات مختلفة وبحجم مختلف، وهذا العمل الخامس الذي أصور فيه بأكثر من كاميرا.
وتحدث الفنان عابد فهد عن مدى حضور السياسة في تشخيص دور( ناجي) الذي يؤديه في العمل، فقال: الحالة السياسية موجودة في المشاهد التي صورناها كلها، والقرارات السياسية قائمة بكل أسطر العمل ومن خلالها سأعبر عن هؤلاء الصحفيين، فنحن لانهرب من الحقيقة في المسلسل، إننا أمام أرض شائكة وهنا مكمن الصعوبة.... ندعو في العمل لكرامة الإنسان وحرية التعبير وهناك إضاءة إلى الخطورة التي شكلها الإعلاميون فكانوا مستهدفين ومبعدين ومحاصرين وقصفوا وقتلوا... فكيف سأحب وهناك قرار يمنعني من الحب ومن تصوير أرض المعركة حتى إنه يمنعني من العيش وتنفس الهواء.... كانت هناك محظورات وممنوعات فلا يحق لك أن ترصد مايجري هنا أو هناك وعليك أن تبعد الكاميرا من هذا المكان، فالأمريكون كان لهم دور كبير في تحديد نقاط مهمة لكل الإعلاميين وهناك حدود للكلمة.
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد