أعرابية التكفيريين وعروبة العرب!
من المعروف أنّ حكام دول الخليج الأعرابية، أي التي تحكمها عقليات البداة وجوهرها الغزو والنهب والعبودية المسماة، تمويهاً، الكفيل، شكلوا مجلسهم الموقر عقب الثورة في إيران وخشيتهم على أنفسهم وسلطانهم من انتقال عدوى إسقاط الطغاة إلى دول(هم).
نقول هذا مع أن الملك المغدور فيصل منح واشنطن بشخص هنري كيسنجر في آذار عام 1974 سلطة في الرياض تقرر بموجبها ليس فقط السياسات الخارجية والاقتصادية وضمان حكم العائلة، وإنما أيضاً سلطة التدخل في أمور العائلة المالكة، وتقرير شخص الحاكم، كما تثبت ذلك وثائق البيت الأبيض المسجلة بصوت كيسنجر نفسه.
وبصرف النظر عن اللغو الكثير الفارغ عن العرب والعروبة الذي يتشدق به بعض حكام المنطقة، فإنهم امتنعوا عن وصف مجلسهم بأنه عربي، بل ميزوا أنفسهم من العرب بوصفه أنه خليجي. صحيح أن الشاه المخلوع كان قد هددهم بالويل والثبور في حال تسمية الخليج بالعربي، إلا أنه كان بإمكانهم تسميته مجلس التعاون العربي في الخليج، وهذه إمكانية. ثم إني على قناعة بأنه كان بإمكانهم تسمية مجلس باسم الخليج العربي وما كان الشاه ليتجرأ على الاعتداء على تلك المحميات الأنغلوأميركية.
لننتظر جوليان آسانج ثانٍ لمعرفة الحقائق السريالية.
ثمة أمر مهم لا بد من التنويه إليه هو أن العراق يقع على الخليج، لكنه استثني من ذلك التحالف التآمري، لأسباب معروفة.
في الحقيقة، ليس معروفاً سبب الخوف المزعوم لدول الخليج من هيمنة إيران. فبالعودة إلى التاريخ، وإلى الثورة اليمنية بقيادة المشير الراحل عبد الله السلال ورفاقه، نجد أن آل سعود لم يجدوا حرجاً في التحالف لضربها مع كل قوى الرجعية والعنصرية في المنطقة، بما فيها الفرس العجم الروافض من عبدة النار! بل إنهم تحالفوا أيضاً مع الاستعمار البريطاني في عدن التي كانت، كما الآن، محتلة، ومع العدو الصهيوني ورديفه العربي، أي نظام ذوي عون في الأردن، في الإغارة من القواعد البريطانية في عدن على قوات الثورة المدعومة مصرياً أيام الرئيس جمال عبد الناصر.
ولنتذكر أيضاً أن مملكة التكفير وإلغاء الآخر، تحالفت مع العدو الفارسي الرافضي المجوسي نفسه في جنوبي جزيرة العرب عندما طلب سلطان عمان مساعدته لقمع ثورة ظفار وثواره. لم يحتج وقتها أي من دول المعسكر الرجعي الى إحضار جيوش الروافض العجم إلى جزيرة العرب وإلى حدود سلطات عروشهم القصبية.
أما لغو حكام الخليج الحالي عن العرب والعروبة في وجه العدو الفارسي فأمر مثير للدهشة. فعندما كان خالد الذكر كسب الشارع العربي قبل كارثة حزيران 1967، وكانت كل الدول العربية مضطرة للانصياع له، فاجأنا آل سعود بالدعوة للتحالف الإسلامي، أي التحالف المعادي للعروبة التقدمية والمعادية للاستعمار، التي مثلها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ولنتذكر وقوفه ومعه كل القوى التقدمية ضد دعوة آل تكفير لتشكيل التحالف الإسلامي الرجعي. الوثائق الرسمية البريطانية والأميركية المفرج عنها تفضح دور لندن وواشنطن، وبالضرورة تل أبيب، في تشجيع تحالف قوى التخلف الأعرابية ومن يدور في فلكها.
المسألة إذن ليست لها علاقة بعروبة ولا بدين ولا بمذهب. لنتذكر أن اللغات السائدة في بعض دول [أو سمها كما شئت] الخليج، ليست العربية وإنما الأردية وغيرها من لغات الهند وشرقي آسيا. ولنتذكر أن العرب لا يشكلون سوى 10% من مجموع السكان في بعض دول طوال العمر!
الهدف الأول والأخير لمشيخات الخليج ومملكة التكفيريين الحفاظ على عروش قصبية تحكمها عشائر بداة، شكلاً ومضموناً، تبدد ثروات شعوب دول الخليج الفارسي على أهوائها من دون رقيب أو حسيب، وتتحكم في رقاب البشر الذين تعدهم قطعان ماشية لا أكثر.
النظام الحالي في إيران، وهو، بالمناسبة، ليس حلمنا الشخصي بأي حال، لكن بطرحه إسقاط السلالات الحاكمة ومسائل الحكم مثل الدستور ومجالس النواب وتبادل السلطة وما إلى ذلك هي التي تشكل خطراً على أنظمة دول الخليج العشيرية التكوين والجوهر، وهو سبب معادتها الجنونية له وليس غير ذلك. والمسألة لا علاقة لها بمذهب ولا بفرس وعجم ولا بعروبة وعرب ولا ببطيخ!
زياد منى
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد