إيران مستعدة لمناقشة التخصيب مقابل رفع العقوبات

17-04-2012

إيران مستعدة لمناقشة التخصيب مقابل رفع العقوبات

أعربت ايران أمس، عن استعدادها لحل كل القضايا المتعلقة ببرنامجها النووي خلال الجولة المقبلة من المحادثات مع دول الـ«5+1» في بغداد، إذا بدأ الغرب برفع العقوبات القاسية المفروضة عليها، مبدية إشارات الى إمكان قبولها بصفقة شبيهة بعرض تبادل الوقود النووي الذي طرح في العام 2009. وجاء ذلك، فيما أثارت زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد جزيرة أبو موسى المتنازع عليها مع الإمارات الأسبوع الماضي، تبادلا للانتقادات بين الطرفين الخليجي الذي يجتمع اليوم في الرياض، والايراني الذي حذر من تداعيات هذه القضية.

وقال وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي إن إيران مستعدة لحل كل المشكلات النووية خلال الجولة المقبلة من المحادثات مع القوى العالمية إذا بدأ الغرب في رفع العقوبات. وفي مقابلة مع وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء لمّح صالحي أيضا إلى أن إيران يمكن أن تقدم تنازلات بشأن اليورانيوم العالي التخصيب الذي يمثل مبعث قلق رئيسياً للقوى الغربية. ونقل عن صالحي قوله «إذا كان الغرب يريد إجراءات لبناء الثقة فيجب أن يبدأ في ما يتعلق بالعقوبات لأن هذا العمل يمكن أن يسرّع من عملية المفاوضات لتصل إلى نتائج».
وأضاف صالحي «إذا كانت هناك نيات حسنة فيمكن أن نمر من هذه العملية بسهولة ونحن مستعدون لحل كل المشكلات سريعا وببساطة وحتى في اجتماع بغداد» في إشارة إلى جولة ثانية من المحادثات مع القوى العالمية مقررة في العاصمة العراقية يوم 23 ايار المقبل.
وقال صالحي إن إيران ستؤكد دائما حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية لكن ربما يكون هناك مجال لحل وسط في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى. وأردف قائلا «التخصيب هو من حق إيران لكننا يمكن ان نتفاوض حول كيفية حصولنا على اليورانيوم الذي له مستويات تخصيب مختلفة». ومضى يقول «صنع وقود (نووي مخصب) بنسبة 20 في المئة من حقنا ما دام هذا يوفر احتياجاتنا في المفاعلات وليس هناك جدل حول هذه المسألة» لكنه أضاف «إذا ضمنوا وقدموا لنا مستويات مختلفة من الوقود المخصب الذي نحتاجه فستكون تلك قضية أخرى».
ووصف صالحي المحادثات مع مجموعة «5+1» في اسطنبول يوم السبت الماضي بأنه إيجابي وبناء. وكانت المحادثات قد تعثرت لأكثر من عام شدد خلاله الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العقوبات على إيران. وتعتقد الدول الغربية ان ايران تسعى لامتلاك القدرة على صنع أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران.
وأفادت وكالة «مهر» للانباء بأن وزير الخارجية شرح في مقابلة تلفزيونية مع قناة «جام جم» الفضائية مواقف ايران تجاه استمرار المفاوضات النووية مع مجموعة «5+1» وقال «قبل عقد هذا الاجتماع اتخذ الجانبان جميع التمهيدات المطلوبة من خلال استخدام لهجة إيجابية، وتحضراً للمفاوضات بجاهزية تامة لحل الملف النووي الايراني المصطنع، حيث توصل الجانبان الى نقطة مشتركة، وبالتأكيد فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية ستتخذ خطوة الى الامام في هذه المفاوضات».
وأضاف صالحي «عندما أدرك الغرب ان ايران لن تتخلى عن هدفها وان الشعب الايراني العظيم لا يمكن حرفه عن مسيرة التطور والتنمية، قبل الغرب الدخول في المفاوضات بدون شروط مسبقة واتخذ خطوة لإزالة قلقه حسب تعبيره، لأنه كما نسعى للحصول على حقوقنا فإن الغرب ايضا لديه مخاوف سواء كانت صحيحة أو خاطئة كان يتعين عليه إزالتها وانتهاج طريق الثقة والاطمئنان».
لكن واشنطن أكدت انها لن تقبل برفع العقوبات عن ايران قبل اتخاذ ايران خطوات «ملموسة» لطمأنة الغرب حول برنامجها النووي. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن «الحوار ليس كافياً لأي رفع للعقوبات. نبدأ فقط بالنظر في هذا الموضوع عندما يكون هناك ما يكفي من الخطوات الملموسة التي تمهد لأية تغييرات في مقاربتنا للعقوبات».
وقالت الدنمارك التي تترأس الاتحاد الاوروبي دورياً هذا العام، على لسان وزير خارجيتها فيلي سوفندال «أعتقد أنه سيكون خطيرا للغاية أن نخلق وضعاً نقول فيه للايرانيين إننا قد نرفع جزءاً من العقوبات. إنهم أبطال العالم في جعل المفاوضات الطويلة جدا لا تصل إلى أي مكان».
من جهته، أشار دبلوماسي غربي إلى أن الوفد الايراني أتى على ذكر صفقة تبادل الوقود النووي في اسطنبول على أنها «فرصة ضائعة»، وأضاف «هذا الحديث عن اتفاق تبادل الوقود النووي قد يكون إشارة إيجابية. نحن مستعدون لإعادة الاتفاق على الطاولة، ولكن بعد تعديل الكميات لأن الامور قد تطورت منذ ذلك العرض» الذي قام في العام 2009 على أن تبادل ايران 1200 كيلوغرام من اليورانيوم المنخفض التخصيب (3.5 في المئة) لديها بكمية كافية من اليورانيوم المخصب إلى 20 في المئة والضروري لتغذية مفاعل طهران النووي للأبحاث.
وقال الدبلوماسي الغربي إن اجتماع بغداد «سيكون معقدا. لا يتعلق الامر بإطلاق المحادثات لمجرد التفاوض بل من أجل التقدم في سبيل وفاء ايران بالتزاماتها».
وفيما انتقد رئيس الوزراء الاسرائيلي «سذاجة» الغرب في التفاوض مع الجانب الايراني، نفى الرئيس الاميركي باراك اوباما أن تكون واشنطن قد «قدمت أية هدايا لإيران»، مؤكدا أنه في حال فشل المفاوضات ستفرض أميركا عقوبات أقسى على طهران.
أما روسيا فأكدت انها لا تؤيد فرض مزيد من العقوبات على طهران. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان ان وزير الخارجية سيرغي لافروف ناقش المسألة الايرانية مع مدير مجلس الامن القومي الاسرائيلي الزائر ياكوف اميدرور، وحذر من فرض مزيد من العقوبات على طهران. وأكد لافروف «عدم قبول احتمال امتلاك ايران سلاحا نوويا»، بحسب البيان. إلا انه انتقد «اية محاولات خطيرة وغير مفيدة لاستخدام التقارير عن التقدم في التكنولوجيا النووية الايرانية لتصعيد التوتر بشأن ايران بشكل مصطنع وخلق مبرر لممارسة مزيد من الضغوط».
وقال وزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان ان عدم التوصل الى حل للنزاع بين بلاده وايران حول الجزر الثلاث المتنازع عليها في الخليج قد يمس «بالامن والسلم» الدوليين، وذلك في خضم تصاعد التوتر بين البلدين بعد زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لإحدى الجزر. وأكد الشيخ عبد الله في تصريحات نقلتها وكالة انباء الامارات «لا نستطيع ان نترك الامر (النزاع حول الجزر) الى الابد وقد يكون له تأثير على الامن والسلم الدوليين، ولا أنظر للمسألة على أنها مسألة بين الامارات وايران فقط».
ويأتي ذلك بعدما استدعت ابو ظبي سفيرها لدى طهران للتشاور، كما استدعت سفير طهران لديها للاحتجاج على زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى جزيرة ابو موسى يوم الاربعاء الماضي. وتعقد دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعا وزاريا اليوم في الدوحة لاتخاذ موقف موحد إزاء هذه الزيارة.
وفي الرياض، دان مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك عبد الله بشدة زيارة نجاد التي اعتبرها «انتهاكا لسيادة دولة الامارات ونقضا لمختلف الجهود التي تبذل لإيجاد تسوية سلمية لحل قضية الجزر الاماراتية عبر المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية» حسب ما نقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية.
إلا ان عبد الله بن زايد كرر دعوة ايران الى التفاوض والحوار لحل أزمة الجزر أو اللجوء الى محكمة العدل الدولية. وقال في هذا السياق «أرجو من الاخوة في ايران التخفيف من هذا التوتر والعودة الى طاولة المفاوضات بتوقيت محدد وأجندة واضحة وتكون نتائجها واضحة وذلك بالاتفاق على حل الموضوع أو الذهاب إلى محكمة العدل الدولية» مشددا على انه «لا بد من ان نصل بالمفاوضات الى نقاط واضحة، واذا لم نصل الى ذلك يكون التحكيم الدولي». وأضاف ان «احتلال الجزر الاماراتية طوال الاربعين سنة الماضية أوصلنا الى إحباط كبير من احتلال هذا الجار لهذه الجزر».
من جهته، قال صالحي ان «حكمنا لهذه الجزر غير قابل للتفاوض، وسيادة ايران على هذه الجزر مؤكدة وموثقة». وأضاف «نأمل أن تتصرف الاطراف الاخرى بشأن سوء التفاهم الذي يمكن ان ينشأ بصبر وبصيرة وحكمة، وإلا فإن الامور قد تصبح معقدة جدا».
وفي سياق مواز، قال صالحي «ليست لدينا نية لقطع العلاقات قطعا كاملا مع بريطانيا، وسنتخذ القرار على أساس سلوك الطرف المقابل. وبشأن الازمة في سوريا التي أصبحت معقدة وحساسة جدا، فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية تعارض بشدة تدخل الآخرين في قضايا سوريا، ونعتقد انه يجب على الامم المتحدة والمحافل الدولية القيام بخطوات إيجابية بأسرع وقت ممكن لإعادة الامن والاستقرار الى سوريا والبحرين».
إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام ايرانية ان مسؤولاً متهماً بتعذيب متظاهرين أثناء احتجازهم استقال من منصبه بعد أن وجه البرلمان للحكومة تهديدا بالعزل. ويتهم سعيد مرتضوي بالتورط في قتل متظاهرين أثناء احتجازهم في مركز الاعتقال كهريزك بعد إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد للرئاسة في العام 2009.
وأطلقت مجموعة من أعضاء البرلمان اقتراح العزل ضد وزير العمل والرعاية الاجتماعية عبد الرضا شيخ الاسلام هذا الشهر بعد أن عين مرتضوي رئيسا جديدا لمكتب الأمن الاجتماعي. وقالت وكالة أنباء «فارس» إن العضو البارز في البرلمان غلام علي حداد عادل كتب في رسالة إلى الأعضاء «اقترحت عليه (مرتضوي) أن يستقيل من منصبه كرئيس لمنظمة الأمن الاجتماعي من أجل حل المشكلة... وقد قبل اقتراحي».
وفي تقرير نشر في العام 2010 اتهم البرلمان مرتضوي الذي كان مدعي طهران العام في ذلك الحين بإرسال 147 محتجا الى المعتقل بعد القبض عليهم في حزيران 2009 لمشاركتهم في الاحتجاجات ضد نتائج انتخابات الرئاسة التي تزعم المعارضة أنها زورت. وأقيل في وقت لاحق من منصبه كمدع. وأدرج مرتضوي في الشهر الماضي على قائمة الاتحاد الاوروبي للمسؤولين الإيرانيين الممنوعين من السفر وتجميد الأصول بتهمة انتهاك حقوق الإنسان. ولا يزال مرتضوي يواجه إجراءات قضائية بشأن تورطه في قضية كهريزك، وأوردت وسائل إعلام ايرانية في الاسبوع الماضي أنه استدعي إلى جلسة.
وأطلق البعض على مرتضوي لقب «جزار الصحافة» وكان له دور محوري في إغلاق الصحف الاصلاحية واعتقال العشرات من الصحافيين. ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» مرتضوي في السابق بأنه «منتهك لحقوق الإنسان على نحو متكرر... يعود تاريخه البغيض لسنوات عديدة».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...