"إيساف" تغادر أفغانستان: 3500 قتيل و"طالبان" باقية

29-12-2014

"إيساف" تغادر أفغانستان: 3500 قتيل و"طالبان" باقية

أنهى حلف شمال الأطلسي، اليوم، رسمياً خلال احتفال وداعي، عملياته العسكرية بعد استمرارها مدة 13 عاماً في أفغانستان التي ما تزال تشهد حركة تمرد عنيفة تقودها "حركة طالبان" المتشددة، فيما لم تبصر حكومة الوحدة الوطنية المنشودة النور رغم مرور ثلاثة أشهر على تولي الرئيس الجديد أشرف غاني مهامه.
وقامت "القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن" (ايساف) باحتفال وداعي، لم يعلن الحلف تفاصيله إلا في اللحظة الأخيرة بسبب خطر وقوع هجمات تشنها "حركة طالبان" التي استهدفت العاصمة الأفغانية كابول مرات عدة في السنوات الأخيرة.كامبل يرفع علم "الدعم الثابت" مكان علم "ايساف" خلال حفل وداعي في كابول أمس (أ ف ب)
وفي وقت لاحق اليوم، أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بانتهاء المهمة القتالية لحلف الاطلسي في أفغانستان، الا انه حذر رغم ذلك من المخاطر التي ما تزال ماثلة في هذا البلد. وأوضح، في بيان: "الان، وبفضل التضحيات الاستثنائية لرجالنا ونسائنا العسكريين انتهت مهمتنا القتالية والحرب الأطول في تاريخ الولايات المتحدة بطريقة مسؤولة".
وأضاف أوباما: "إننا أكثر أمناً وبلدنا أكثر أماناً بفضل عملهم"، مشددا على أن الوجود العسكري الأميركي أتاح "للافغان اعادة بناء بلدهم واجراء اولى انتخاباتهم وانجاز اول عملية انتقال ديموقرطي في تاريخ بلدهم".
لكنه قال إن "أفغانستان ما تزال مكاناً خطيراً"، لذلك فانه "استجابة لدعوة الحكومة الأفغانية ستبقي الولايات المتحدة وحلفاؤها على وجود عسكري محدود في افغانستان لمساعدة وتدريب القوات الأفغانية وأيضاً لشن عمليات لمكافحة الارهاب ضد فلول القاعدة".
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن "السنوات الـ13 الأخيرة وضعت بلادنا وقواتنا المسلحة في اختبار. لكن مقابل الـ180 الف جندي في العراق وأفغانستان عندما بدأت مهمتي لدينا الآن 15 الفا في هذين البلدين". وكان اوباما جعل من انهاء الحرب في العراق وأفغانستان واحدة من اولويات رئاسته.
وفي كابول، قال قائد قوة "ايساف" الجنرال الأميركي جون كامبل، خلال حفل إنهاء المهمة في مقر قيادة قوة "ايساف": "معاً أخرجنا الأفغان من الظلمات واليأس ومنحناهم الأمل بالمستقبل".
وأضاف كامبل، في تصريح نُشر على حساب "إيساف" على موقع "تويتر": "لقد جعلتم أفغانستان أقوى وأكثر أماناً، قائلاً: "آمل أن تكونوا فخورين بتأثيركم الإيجابي على الأفغان ومستقبلهم". وتابع أن "الطريق الذي يجب قطعه يبقى صعباً إلا أننا سننتصر.. لكن بمهمة، الدعم الثابت، سنواصل دعمهم".
بدوره، أكد مستشار الأمن القومي الأفغاني محمد حنيف اتمار، في الحفل، أن "أبناءنا وبناتنا في قوات الأمن الأفغانية في الواجهة، يحاربون لحماية مصالحنا الأمنية، وبإذن الله سينتصرون".
واعتباراً من الأول من كانون الثاني ستحل بعثة "الدعم الثابت" لمساعدة وتأهيل الجيش الأفغاني، محل "إيساف" التي خسرت 3485 عسكرياً منذ العام 2001. ويتم إنزال علم "ايساف" في كابول، لكن "حركة طالبان" لم تسلم أسلحتها.
وقال المتحدث باسم المتمردين ذبيح الله مجاهد، لوكالة "فرانس برس"، إن "13عاماً من المهمة الأميركية وحلف شمال الأطلسي كانت إخفاقاً كاملاً. واحتفال اليوم هو فشلهم".
وكرر الشروط التي وضعتها "طالبان" لكل مفاوضات سلام قائلاً "لن نجري محادثات سلام بوجود قوات للحلف الأطلسي في أفغانستان".
وسيبقى 12 الفاً و500 جندي أجنبي في أفغانستان لمساعدة القوات الأمنية الوطنية البالغ عديدها 350 ألف رجل باتوا يتولون بمفردهم الأمن في مواجهة الحركة المتطرفة التي حكمت البلاد من العام 1996 الى العام 2001.
وفي أوج الوجود العسكري للحلف في أفغانستان في العام 2011، بلغ عدد الجنود الأجانب الذين شاركوا في العمليات 130 الفاً من خمسين بلداً.
من جهته، كتب الأمين العام للحلف ينس شتولتنبرغ، في بيان، انه "في نهاية هذه السنة ننهي مهمتنا القتالية في أفغانستان ونفتح صفحة جديدة في علاقاتنا مع هذا البلد".
وأضاف "بفضل الجهود الكبيرة لقواتنا حققنا الهدف الذي حددناه. جعلنا بلدكم أكثر أماناً بحرمان الإرهابيين الدوليين من ملاذ.. أفغانستان أقوى مع إنشاء قوات أمنية قوية لم يكن لها وجود من قبل".
ويصر القادة العسكريون الأميركيون والأفغان على أن قوات الأمن الأفغانية ستتصدى لـ"حركة طالبان". ولكن يتخوف بعض المسؤولين من تكرار ما حدث في العراق عندما انهار الجيش العراقي الذي تدرب على أيدي عسكريين أميركيين في وجه تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش".
فأعمال العنف الأخيرة، وخصوصاً في كابول، كشفت الصعوبات التي تواجهها القوة الدولية في القضاء على تمرد "طالبان".
وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن عدد الضحايا المدنيين ارتفع بنسبة 19 في المئة في العام 2014 وبلغ 3188 قتيلاً تم احصاؤهم حتى نهاية تشرين الثاني الماضي.
ومني الجيش والشرطة الأفغانيين بخسائر كبيرة تتمثل بأكثر من 4600 قتيل في الأشهر العشرة الأولى من العام 2014، أي أكثر من كل خسائر قوات "ناتو" منذ العام 2001، حيث انفقت مليارات الدولارات من المساعدات من قبل الأسرة الدولية لكنها لم تحقق الكثير نظراً للفساد المستشري في البلاد.
وكان يُفترض أن تشكل الانتخابات الرئاسية في العام 2014 نموذجاً لبلد تسوده مصالحة وانتقال ديموقراطي، لكنها شهدت اتهامات بالتزوير ومواجهة خطرة بين المرشحين للدورة الثانية للاقتراع وأنصارهما.
وفاز أشرف غاني في نهاية المطاف على خصمه عبد الله عبد الله. لكن الرجلين الذي كان يُفترض أن يشكلا حكومة "وحدة وطنية" لم يتفقا حتى الآن على تسمية وزراء جدد بعد ثلاثة أشهر على تولي الرئيس مهامه.
ويأمل مقاتلو "طالبان" من جهتهم في الاستفادة من هذا الفراغ السياسي للبقاء في موقع قوة في حال جرت مفاوضات مع الحكومة الجديدة.
واستهدفت هجمات "طالبان" في الأسابيع الأخيرة في كابول منازل أجانب ومواكب ديبلوماسية وحافلات للجيش الأفغاني، وكذلك المركز الثقافي الفرنسي.
وكان الرئيس الأفغاني السابق حامد قرضاي (2001-2014) بدأ مفاوضات تمهيدية مع "طالبان"، لكنها اخفقت العام الماضي.
وسيتم تخفيض عديد القوات الأميركية تدريجياً الى النصف حتى نهاية العام 2015. وفي نهاية العام 2016 لن يكون هناك سوى قوة صغيرة لحماية السفارة في كابول، بحسب الاتفاقات وجدول الانسحابات.
لكن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم الجوي للأفغان. وقد تتدخل مباشرة في حال تقدم سريع لـ"طالبان".


 (أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...