استراتيجية أميركية جديدة في العراق
التحدي الأكبر الذي يواجه الولايات المتحدة الأميركية اليوم على صعيد السياسة الخارجية يكمن في اعادة اعمار العراق . و لذلك قام مركز Saban لسياسة الشرق الأوسط في مؤسسة Brookings بتجميع خبراء في موضوع العراق بهدف مناقشة عملية اعادة الاعمار السياسية و الاقتصادية و الشؤون العسكرية . وترأس الفريق "كينيث م. بولاك" الذي قام بدوره بتجميع نتائج النقاشات اضافة الى معلومات من زيارات للعراق و مقر القيادة المركزي الأميركي في "تامبا" ليضع بذلك تقريرا تحت عنوان:" انتقال في الزمن: استراتيجية جديدة لأميركا في العراق" و التقرير يتضمن دراسة شاملة و مفصلة حول البديل عن الاستراتيجية الأميركية العسكرية و السياسية و الاقتصادية الحالية في العراق.
يعتبر التقرير أن التطورات الايجابية التي قامت بها ادارة بوش في العراق لاتتعدى كونها هشة و مزيفة و تخفي مشاكلا أعمق يمكن أن تظهر على السطح بسهولة. حيث كانت السياسة الأميركية تركز على المشاكل الخطأ و تضع حلولا خاطئة . و لكن المشكلة الأساسية تتمثل في الفراغ الأمني الذي خلفه سقوط نظام صدام حسين في نيسان 2003 و هو أمر لم تستطع الولايات المتحدة تجاوزه مما أدى لظهور مشكلتين وهما:
• التمرد و المتمركز بشكل أساسي في المجموعات القبلية السنية غرب العراق.
• دولة فاشلة انهار فيها البناء الحكومي و لم يحل مكانه بناء آخر جديد يضم مؤسسات عسكرية و سياسية قوية.
والى أن تنجح الولايات المتحدة في مساعدة العراق لبناء المؤسسات المذكورة ,فان الحاجة ستكون ملحة لالتزام القوات العسكرية الخارجية و للمساعدات الاقتصادية.
ان الوقت ليس لصالح الولايات المتحدة ,فالاحباطات المتكررة بسبب فشل اعادة الاعمار تزيد من تآكل الدعم الشعبي العراقي ومن اندفاع العراقيين لوضع أموالهم بأيدي المتمردين أو جماعات الميليشيا التي تستطيع منحهم راحة فورية ,وان كان معظم العراقيين يدركون أن هذا الطريق خطر للغاية.
ولكن مع وجود الوعد بوشك قيام حكومة جديدة أحجم الكثير من العراقيين عن اللجوء الى المتمردين .ولكن قيام حكومة عراقية جديدة و "دائمة" في 2006 يعني أن على العراقيين الانتظار أربعة أعوام قبل تحويل آمالهم تجاه أفق جديد ,لذا من الضروري ألا تكون هذه الحكومة مخيبة للآمال كسابقاتها و اذا تمكنت هي و الولايات المتحدة من تحقيق نتائج ايجابية عندها ستستحوذا على قلوب و عقول العراقيين .
العمليات الأمنية و العسكرية:
الخطأ الأساسي في الاستراتيجية الأميركية المتعلقة بالعراق يتمثل بعدم قدرتها على توفير الأمن الأساسي للعراقيين . و توفير هذا الأمن ,لاملاحقة المتمردين,يجب أن يكون الأولوية الجديدة في السياسة الأميركية .
ويجب أن تتبنى الولايات المتحدة استراتيجية تقليدية لمواجهة التمرد (COIN ) والهادفة لهزم التمرد و بناء دولة حيوية . و الهدف الأساسي وجود رجال أمن بنسبةعشرين بالألف من تعداد السكان , و قياسا الى الأثنين و العشرين مليون عراقي خارج كردستان, فان هذا يعني وجود أربعمائة و خمسين ألف رجل أمن الأمر الذي يتجاوز امكانيات الولايات المتحدة و العراق. و لكن ستعمل الاستراتيجية على تحقيق هذه النسبة في المناطق الأكثر أهميةو الأكثر دعما لاعادة الاعمار , و ستغدو هذه المناطق كمقاطعات أمنية تتدفق عليها المصادر الاقتصادية لتكون بمثابة نماذج ناجحة عن اعادة الاعمار و الأساس الذي ستنتشر منه عملية اعادة الاعمار لتشمل البلد بأسره و ذلك مع توفر المزيد من القوات الأمنية .
فالاستراتيجية المذكورة ستبدأ بالتقليل من المصادر المخصصة لاقتلاع التمرد في غرب العراق و الانتقال الى ضمان أمن مناطق حساسة مثل كردستان , بغداد , الكثير من جنوب شرق العراق و عدد من المراكز المدنية الأساسية , هذا الى جانب حقول النفط ومناطق اقتصادية أخرى حيوية.
و هذا التركيز الأمني و الجهود لأجل التنمية سيؤديان الى تطور اقتصادي و سياسي . وفي الوقت نفسه سيتوحد الرأي العام ضمن المناطق الأمنية لأجل دعم اعادة الاعمار , وسيرى العراقيون خارج هذه المناطق قدرة الحكومة على منح بديل أفضل عن الميليشيات و المتمردين . وستقوم الولايات المتحدة بتدريب المزيد من القوات العراقية ضمن البيئة المناسبة في هذه المناطق و تساعدهم على بناء علاقات ثقة و تفاهم.
ولكن لتحقيق استراتيجية مواجهة التمرد تحتاج الولايات المتحدة الى:
• جعل حماية الشعب العراقي و البنية التحتية المدنية أولويتها العليا و تدريب قوات أمن عراقية هدف ثان قريب و اصطياد المتمردين هدف ثالث بعيد.
• التحول في استراتيجية العمليات العسكرية من الهجوم الى الدفاع ,ولكن البقاء في حالة الهجوم فيما يتعلق بعالمي السياسة و الاقتصاد. أما الهجوم العسكري فيكون فقط في حالة المواجهات الفورية لعمليات تمرد أو عندما تحدد الاستخبارات و بشكل واضح هدفا هاما.
• التركيز على التقليل من تأثير الميليشيات و الجرائم المنظمة و سط وجنوب العراق الأمر الذي يعوق التطور الاقتصادي و يهدد بحرب أهلية .فالميليشيات وجدت هناك لعدم قيام الولايات المتحدة بملء الفراغ الأمني بعد صدام حسين و الحل الوحيد هو نشر قوات عراقية و قوات تحالف في المناطق.
• خلق بنية قيادية متوحدة تدمج و بشكل كامل العمليات المدنية و العسكرية .و يجب أن تخلق الولايات المتحدة و الحكومة العراقية سلسلة من اللجان المشتركة لدمج عملية صنع القرار العسكري و السياسي و الاقتصادي أفقيا و عموديا. وتضم هذه اللجان اللاعبين الأساسيين في اعادة الاعمار و الحكومة.
ان الخطة الوليدة لادارة بوش, و القاضية بنشر فرق اعادة اعمار اقليمية (PRTs )في العراق, قاصرة عن تحقيق المطلوب لأنها لن تنشىء سلطة وطنية متحدة .
وكذلك هو حال استراتيجية"نظف ,سيطر, ابن " الأميركية و المعلن عنها حديثا . فقد طبقت في المكان الخطأ في البلد – غرب العراق- وبذلك سحبت قوات من وسط و جنوب العراق حيث كان الدعم الشعبي لاعادة الاعمار في أعلى مستوياته و لكنه فسد مع فقدان الأمن. و بالمحصلة, وقعت هذه المناطق الحرجة من البلد تحت سيطرة ميليشيات طائفية شريرة يمكن أن تقسم البلد و تسوقه الى حرب أهلية .
اعتماد تكتيك أكثر ملائمة . يجب ان يرافق التغيير في استراتيجية الولايات المتحدة تغييرات على المستوى التكتيكي . و يعرض التقرير مثالين عن التغييرات الكثيرة في السلوك التكتيكي و هما:
• عدم التركيز على احصاء المعتقلين . اذ استبدل الجيش المقياس الفيتنامي في عد الجثث بمقياس جديد في العراق يساويه من حيث الرداءة و هو عد المعتقلين .
• لتسهيل السيطرة على السكان يجب القيام باحصاء رسمي و خلق نظام بطاقات هوية على أساس البيولوجيا الاحصائية (علم الاحصاء مطبقا على المشاهدات البيولوجية). فالاحصاء الذي يشمل البلد سيساعد على تحديد المتمردين و مساعديهم , و بطاقات الهوية على اساس البيولوجيا الاحصائية ستجعل من الصعوبة بمكان أن يخفي المتمردون هوياتهم أو يختلطوا بسهولة ضمن السكان.
تغييرات في الملاك و التنظيم . يوصي التقرير باحداث تغيرات كثيرة في السياسات التنظيمية و البنائية و المتعلقة بالملاك التي يتبعها الجيش الأميركي في العراق . أحد الأمثلة أن جنود الجيش الأميركي و المارينز يجب أن يعملوا ضمن أزواج حيث يبقى فرد من الزوج في العراق في منطقة المسؤولية ذاتها (AOR ) و الآخر في الوطن للراحة و التدريب للمناوبة التالية .و يجب أن يستمر الاثنان بالتناوب طالما الانتشار الأميركي مستمر. و سيتمكن الضباط من تبادل المعلومات بشكل مستمر و تزويد بعضهم البعض بالدروس التي تعلموها.و يجب أن تعمل قطاعات الاستخبارات التابعة لأزواج الجنود كعناصر "خلفية"و "أمامية" .
جهود متحدة بشكل أفضل لاعادة الاعمار. من الاخفاقات الأخرى الهامة في الجهود الأميركية في العراق هو ندرة الأشخاص المدنيين من منظمات أساسية مثل : USAID,CIA, ادارات الدولة , الطاقة ,الزراعة و غيرها . و عدد قليل من المناطق العراقية الثماني عشرة يضم أكثر من ستة أشخاص مدنيين أميركيين تابعين للحكومة.و ينبغي على الدولة و USAID تقديم أعداد أكبرمن الأشخاص- خاصة أولئك الذين يمتلكون معرفة باللغة العربية و العالم العربي- لأجل اعادة اعمار العراق.
تدريب القوات المسلحة العراقية. شهد تدريب قوات أمن عراقية تقدما أكثر من أي وقت مضى و لكن لايزال الوقت طويلا قبل تمكنهم من أن يحملوا على عاتقهم و لوحدهم مهمة توفير الأمن في العراق. و الضغوطات السياسية للاسراع في تشكيل المزيد من الوحدات المدربة العراقية لتحل مكان الجنود الأميركيين هي المشكلة التي تعطل الجهود الأميركية .و الطريقة الوحيدة لايجاد جنود عراقيين قادرين على القيام بمهمة توفير الأمن لبلدهم هي منحهم الوقت من أجل التطور عبر التدريب الرسمي وغير الرسمي .
و حتى هذه اللحظة يوجد مابين أربعون ألف و ستون ألف عراقي في قوات الأمن قادرين على المشاركة بطريقة فعالة في COIN و عمليات الاستقرار في العراق. و على الرغم من أن هذا الرقم أقل من المطلوب لضمان أمن البلد من دون القوات العسكرية الأميركية ,فانه يجسد زيادة جيدة عبر السنة الماضية, و يضع الافتراض بقدرة القوات العراقية على تحمل المزيد من مهام الأمن في السنوات القادمة. ولكن قبل حدوث ذلك يجب أن تخاطب الولايات المتحدة ثلاث مشاكل أساسية :
* يجب أن يركز رجال الجيش الأميركي بشكل أكبر على اختيار و تدريب الضباط العسكريين العراقيين و خاصة على المستويات التكتيكية.
* تحتاج القيادات العليا الأميركية و العراقية لبذل جهود أكبر لخلق تشكيلات أمنية عراقية متكاملة.
* يجب أن تجعل الولايات المتحدة من مهمة اعادة بناء البنية التحتية ذات الدعم العسكري أولوية عليا اذا كانت القوات المسلحة العراقية ستتحمل المسؤولية كاملة عن أمن البلد
بناء نظام سياسي عراقي جديد :
ستحتاج الولايات المتحدة الى تطوير نظام سياسي يحوز على ثقة العراقيين باقناعهم بوجود وسائل غير عنيفة وفعالة لمواجهة مشاكلهم وبأن الآخرين لن يستخدموا العنف ضدهم و أنهم سينالون فرصا متكافئة وأن للدولة دستور قادر على مخاطبة احتياجاتهم.
شرعية الحكومة العراقية الجديدة ستتوقف على امكانية تحسينها لمستوى معيشة شعبها عبر توفير نسبة أعلى من التوظيف وتيار كهربائي أكثر ثباتا و تأمين ماء نظيف و بنزين اضافة الى الأمن الذي هو الجزء الأساسي من كل هذه الاحتياجات.
وهناك مشاكل أربع تواجه الهيكل السياسي العراقي وهي:
• العراق الآن مقسم بعمق و هذه الانقسامات تخلق العداء و تغذي العنف و تحول دون الأداء الفعال للحكومة العراقية.
• الحكومة المركزية العراقية الآن شرعية تماما و لكنها عاجزة بشكل أساسي.
• ترتبط الأحزاب السياسية العراقية بخيوط واهنة مع الشعب العراقي و تحصر تفاعلها على الأغلب مع أنصارها.
• الولايات المتحدة ,كسلطة احتلال رئيسية و قوة محركة خلف اعادة الاعمار,تفتقد للأشخاص و الامكانيات و معرفة طريقة اعادة بناء العراق بل و حتى المصادر للقيام بذلك.
مشاركة السلطة و المصالحة الوطنية:
كما هو حال الأمن ,فان ميثاق مصالحة وطنية مقترنا بترتيبات جديدة للمشاركة بالسلطة شرط أساسي لأي تقدم في العراق. و العائق الأكبر في طريق المصالحة الوطنية يكمن في حقيقة أن الكثير من العرب السنة يشعرون بأنهم مبعدون عن عملية اعادة الاعمار السياسية و التي يقوم بها الشيعة و الأميركيون و, على نطاق أقل , الأكراد. و بغض النظر عن هذه المشاعر يتوجب على السنة أن يسلموا ببعض الأمور فبشكل خاص عليهم أن يتقبلوا فكرة أن نصيبهم بالمصادر العراقية يتناسب مع أعدادهم و بالمقابل يرد الشيعة و الأكراد على هذا التنازل السني و تنازلات أخرى عن طريق:
• تعديل البرنامج المضاد لبعثنة العراق و انشاء عملية مصارحة و مصالحة رسمية .
• دمج السنة في القوات المسلحة و الخدمة المدنية.
• توفير حماية أكبر للأقليات.
• تعديل القانون الانتخابي بشكل يحول دون مشاركة المتعصبين طائفيا.
• تزويد شيوخ القبائل السنية بالمصادر في حال توقفهم عن مهاجمة الطرقات و خطوط الطاقة و أنابيب النفط و قوات التحالف في مناطقهم و منع الجماعات الأخرى من القيام بالمثل .
و الهدف الأساسي الآخر أمام الولايات المتحدة هو السيطرة على الشيعة . فمنذ سقوط صدام حسين ظهرت نزعة خطرة من قبل بعض قادة الشيعة .فمنهم من يتحدث عن انفصال جنوب شرق العراق و تأسيس منطقة مستقلة ,شبيهة بكردستان, مع احتفاظهم بعائدات حقول النفط الجنوبية لأنفسهم . و هم يتوقعون من الأكراد القيام بالشيء ذاته في الشمال تاركين السنة دون عائدات نفطية .و هذا الأمر سيكون بمثابة تطور كارثي في العراق و سيؤدي لاندلاع حرب أهلية ضمن مجتمع الشيعة من جهة و بين السنة و الشيعة العرب من جهة أخرى.
ومنذ سقوط بغداد و القادة الأكراد هم الأكثر استعدادا لمناقشة الأمور الأفضل لمصلحة العراق وفي الوقت نفسه يراقبون بغيرة تميز كردستان .و طالما أنهم لايدفعون بأجندة متطرفة تطالب بانفصال فوري و ملكية كاملة لعائدات حقول النفط الشمالية أو حل اعتباطي للمطالبة بملكية كركوك ,فان الوضع الراهن للقضايا المتعلقة بهم يجب ألا يمنع ايجاد الحلول لقضايا العراق السياسية الأخرى.
ولكنهم سيطالبون بالمقابل بامتيازات تقابل تلك الذي يحصل عليها العرب السنة و يجب أن توفر لهم الولايات المتحدة حصة أكثر تكافؤا من المساعدات الأجنبية بحيث يرون أن الفائدة الحقيقة تكمن في بقائهم جزءا من العراق.
اللامركزية. الوزارات العراقية مصابة بالشلل من جراء الفساد و بقايا الممارسات البيروقراطية الموروثة من الحكومة السابقة و وفقا لذلك يجب أن تبدأ الولايات المتحدة و الحكومة العراقية الجديدة بالتحرك تجاه نظام فيدرالي تحتفظ فيه الحكومة المركزية بالسيطرة على القوات المسلحة,السياسة الخارجية, السياسة المالية و النقد و معايير قومية تتضمن تنظيم وسائل الاعلام و تنظيم قطاع النفط(و لكن ليس توزيع عائدات النفط).و يجب أن تتطور كل القوى الأخرى الى حكومات محلية . و يقترح التقرير عددا من الاجراءات الكفيلة بدعم عملية اللامركزية ومنها:
• منح أموال المساعدات الأجنبية و عائدات النفط مباشرة للحكومات المحلية .
• يجب أن تنتقل السيطرة على الشرطة العراقية من وزارة الداخلية الى المسؤولين المحليين.
نظام جديد لتوزيع عائدات النفط: ان نجاح أو فشل اعادة الاعمار السياسي في العراق أمر مرتبط بانشاء نظام ثابت و عادل لتوزيع عائدات النفط . فمن دون خطة كهذه من المستحيل تخيل مصالحة وطنية حقيقية لأن كل الأحزاب ستستمر بالقتال حول الغنائم مما سيصرف أنظار الموظفين و حكومة الفنيين عن مهمة ادارة الدولة هذا اذا لم نتحدث عن اعادة اعمارها. و الأكثر من ذلك , فان خطة توزيع ثابتة أمر ضروري لضمان عدم ذهاب جميع العائدات الى خزانةالحكومة المركزية لأن هذا سيغذي الفساد و يركز القوةالمالية بيد الحكومة الفيدرالية.
ولكن من الضروري أن يشمل نظام توزيع عائدات النفط العراقي عدة "سلال" تودع فيها العائدات و يفترض التقرير خمس سلال منفصلة و هي:
• السلة 1: تمويل الحكومة الفيدرالية من أجل الأمن القومي و الشؤون الخارجية و السياسة المالية و أعمال أخرى متعلقة بالحكومة المركزية.
• السلة 2: تطوير البنية التحتية.
• السلة3: التوزيع المباشر على الحكومات المحلية بناءا على تعداد سكان بلدياتها.
• السلة4: بركة اضافية للعائدات تقسم بين المناطق وفق اساس سنوي يضعه مجلس الممثلين(البرلمان العراقي) و بذلك يمنح العراقي العادي فائدة ملموسة لأداء ممثله أو ممثلها و الذي سيناضل للحصول على أكبر قدر من هذه السلة لأجل ناخبيه.
• السلة 5: تمويل مباشر للشعب العراقي. يجب أن تودع النقود من عائدات النفط في حسابات مصرفية خاصة بكل عراقي و تخصص لأغراض محددة- التعليم, التقاعد,الرعاية الصحية .....الخ.- وذلك لمنح العراقي جائزة مباشرة لمعارضة الجريمة المنظمة و المتمردين الذين ينهبون النفط و يدمرون البنية التحتية لتصنيع النفط.
بناء قدرة الحكومة المركزية بمعالجة الفساد. يمكن اعتبار الفساد العامل الأكبر الذي يحول دون خلق مصداقية للمؤسسات السياسية العراقية .و كما هو الحال في مشكلة عدم الأمن التي تتداخل معه,يقوض الفساد كل مرحلة من اعادة الاعمار . و يقدم التقرير حوالي أربعين وصفة مختلفة للولايات المتحدة و الحكومة العراقية من أجل محاربة الفساد و منها:
• خلق منظمات غير حكومية مستقلة NGO مسؤولة عن اصدار تقرير سنوي عن النظام المالي ونظام النقد في العراق
• ايجاد محكمة خاصة لقضايا الفساد ترأسها هيئة من القضاة يضمون على الأقل قاضيا واحدا أجنبيا لضمان الحيادية.
• تغيير المفاهيم العراقية حول الفساد بتثقيف وسائل الاعلام العراقية بحيث تغدو قادرة بشكل أفضل على كشف الفساد.
اصلاح العملية السياسية العراقية. القرار القديم الذي اتخذته الولايات المتحدة بالسماح للمبعدين و الشيعة المتعصبين بتحديد شكل العملية الديمقراطية العراقية قد أسفر عن بنية سياسية فاقمت الكثير من المشاكل و أضحت بالتالي كارثية . ان النظام الانتخابي العراقي قائم على مبدء التمثيل النسبي و الذي يعوق ظهور الكثير من عوامل الديمقراطية لأنه يجبر العراقيين على التصويت لصالح مرشحي الحزب . و لكل قادة الأحزاب مصلحة راسخة في بقاء هذا النظام لأنه يكافىء الولاء للحزب و يدعم الأحزاب الوطنية الضعيفة على حساب المرشحين المستقلين الأقوياء .و لكن نتيجة لذلك لاتجسد الأحزاب التي في السلطة الآن طموحات الشعب العراقي بشكل دقيق رغم انتصاراتها الانتخابية . ولايحمل قادة الأحزاب في داخلهم الحوافز التي تدفعهم الى التسويات اللازمة من أجل تحقيق المصالحة الوطنية أو مخاطبة احتياجات الشعب. وبالمقابل يحملون كل الدوافع لحشو جيوبهم بأكبر قدر ممكن من الثروة العامة خلال عملهم في مناصبهم.
و من الأفضل للعراقيين الانتقال الى فكرة التمثيل الجغرافي المباشر و المستخدم في بريطانيا العظمى و الولايات المتحدة ,لأنه سيشجع على تسوية برلمانية و مصالحة وطنية و يجبر المشرعين على منح الاهتمام عن قرب لاحتياجات ناخبيهم. وسيملك المرشحون المنتمون لمناطق تضم سكانا متنوعين دوافعا قوية لأجل ايجاد الحلول التي تضمن لهم الدعم عبر الخطوط الطائفية. و مما لاشك فيه أن الأحزاب الحالية كارهة لفكرة التخلي عن النظام القائم . و الحل الوحيد يكمن في اعتناق العراق لنظام هجين كذاك الذي في ألمانيا, أي يحدد نصف عدد المقاعد في مجلس الممثلين عن طريق التمثيل النسبي و النصف الآخر بانتخابات جغرافية مباشرة.
و حتى من دون هذا الاصلاح الشامل للنظام الانتخابي الحالي في العراق,ينبغي القيام بتغييرات كثيرة للتخفيف من الطائفية و جعل القادة العراقيين أكثر وعيا لتأمين احتياجات ناخبيهم و تهدئة التطرف.
زيادة الدعم الدولي. يجب أن تعهد الولايات المتحدة بعض من مهام اعادة اعمار العراق الى هيئات دولية . و من المستحسن أن تقوم الأمم المتحدة و هيئات دولية أخرى بتشجيع العراقيين . و الأكثر من ذلك يمكن للأمم المتحدة من خلال وكالاتها المتنوعة أن تؤسس شبكة واسعة من الأشخاص و المصادر اللازمة للمراحل المختلفة من بناءالوطن . ولكن لضمان أكبر دعم ممكن من المنظمات غير الحكومية يجب أن تعتمد الأمم المتحدة و بقية الدول على عاملين:
• استعداد الولايات المتحدة للسماح للأمم المتحدة و الدول الأجنبية بلعب دور رائد –خاصة في المجال السياسي و الاقتصادي- في عملية اعادة اعمار العراق.
• استعداد الولايات المتحدة لاعتماد استراتيجية حقيقية لمواجهة التمرد بحيث تصبح القطاعات الرئيسية في البلد آمنة بشكل يسمح للمدنيين بالقيام بمهامهم. و فقط عن طريق بناء مناطق آمنة في العراق تستطيع الولايات المتحدة أن تأمل بجذب عدد كبير من الأجانب.
دعم تطور الاقتصاد العراقي:
نجاح عملية تطوير الاقتصاد يعتمد على الوضع السياسي و الأمني في العراق .و صحيح أن الاقتصاد العراقي لايعمل جيدا و لكنه غير خامد. فالمساعدات الأجنبية مستمرة بالتدفق الى العراق . ورغم ذهاب الكثير من أموال النفط خارج العراق عن طريق الابتزاز بقي أيضا الكثير منها داخل العراق و ان كانت ملوثة بالفساد.
ان هذا التدفق في الأموال و قرار الولايات المتحدة برفع الرسوم الجمركية عن الواردات بعد سقوط بغداد قد أديا الى انهمار سلع المستهلكين الأجنبية . كما أن الكثير من المساعدات الأجنبية خصصت لاصلاح البنيةالتحتية مما أدى لازدهار صناعة البناء في العراق الأمر الذي خفف من حدة البطالة ووضع الأموال في أيدي الطبقة العاملة العراقية. و لكن تبقى هذه الانجازات هشة فتدفق المساعدات الأجنبية و الواردات الرخيصة الثمن أمران لن يستمرا الى الأبد . و الصناعة و الزراعة و اقتصاد الخدمات العراقي في حالة شلل بسبب الافتقاد للاستثمارو الفساد و الادارة غير الفاعلة .
وتواجه كل من الولايات المتحدة و الحكومة العراقية الجديدة تحديين اقتصاديين و هما:
• الحاجة الملحة لحصول العراقيين على نتائج ايجابية ملموسة مابين 6 -12 شهرا بحيث يستطيع العراقيون أن يقيموا فيما اذا كانت هذه الحكومة أفضل من سابقاتها.
• الحاجة لمساعدة العراقيين على التعامل مع مشاكلهم البنيوية المتنوعة بحيث يعمل الاقتصاد العراقي بقوته الذاتية دون دعم خارجي.
هناك الكثير من المتطلبات بعيدة الأمد و أخرى قريبة الأمد لذا من الضروري أن تقوم الولايات المتحدة و الحكومة الجديدة بوضع أولويات واضحة للسياسة الاقتصادية في العام التالي. والحاجة ملحة لنمو فوري في قطاعات هي الأكثر أهمية للحياة المعيشية للعراقي العادي على المدى القريب.أما فيما يتعلق ببقية مجالات الاقتصاد العراقي فيجب التركيز على الاصلاحات بعيدة الأمد.
أهمية العمل المتكامل:
احدى الأفكار الأساسية في التقرير تقول بأهمية تكامل البرامج العسكرية و السياسية و الاقتصادية لتعزيز اعادة الاعمار. و هناك دائما احتمالات بالفشل أو النجاح في جهود كبيرة مثل اعادة اعمار العراق . ولكن التكامل الملائم يزيد من امكانيات النجاح في حقل معين مما يساعد على تحقيق الأمر نفسه في الحقول الأخرى و للأسف العكس صحيح.
الجمل / ترجمة : رندة القاسم
إلى الندوة
إضافة تعليق جديد