الإمارات لم تغادر الجنوب... والسعودية تملأ «الفراغ» شمالاً
يوماً بعد يوم، تتضح حيثيات الانسحاب الإماراتي من اليمن، والذي تأكد أمس أن الجانب السعودي، إلى جانب الميليشيات التي كانت قد أنشأتها أبو ظبي في المحافظات الجنوبية والشرقية، ستملأ الفراغات التي خلّفها، بما يحقق أكثر من هدف. وفقاً لمعلومات ميدانية فإن قوات سعودية تسلّمت، أمس، المواقع التي أخلاها الإماراتيون في الساحل الغربي، وتحديداً في مدينتَي الخوخة والمخا. وهو ما أكدته بدورها وكالة «رويترز» نقلاً عن قياديَّين عسكريين في القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، ومسؤولَين في حكومة الأخير. وكانت السعودية قد أرسلت، قبل أيام، إلى محافظة مأرب، منظومة «باتريوت» لتحلّ محلّ المنظومة الإماراتية المنسحبة، إضافة إلى قوات للغرض نفسه. هكذا، تعود السعودية إلى صدارة مشهد الحرب في اليمن، بعدما تراجعت لمصلحة الدور الإماراتي الذي طغى خلال الأشهر الماضية. عودةٌ تفرض على المملكة جملة استحقاقات عسكرية وميدانية، بما يلائم المرحلة الجديدة التي ستحمل فيها العبء الأكبر من الحرب المستطيلة بلا طائل.
في هذا الإطار، علمنا أن نجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد عبد الله صالح، المحسوب على الإمارات، زار السعودية أخيراً، في إطار مساعٍ لـ«تصحيح» علاقاته في المملكة. وهي مساعٍ سرعان ما تُرجمت ثمارها على الأرض بتسليم طارق قيادة غرفة عمليات مشتركة تمّ تشكيلها حديثاً، بدفع قوي من أبو ظبي، لتتولى قيادة العمليات في الساحل الغربي بعد الانسحاب الإماراتي. وأعلنت قيادة الغرفة الجديدة، التي تشمل «حراس الجمهورية» (قوات طارق) و«المقاومة التهامية» (ميليشيات من المحافظات الشمالية) و«ألوية العمالقة» (ميليشيات جنوبية مدعومة إماراتياً)، في بيانها الأول، «استمرار النضال حتى تحرير كل مناطق البلاد من ميليشيات الحوثيين». وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الغرفة هذه تلقت تعليمات من قيادة «التحالف» بالاستعداد لفتح جبهة جديدة في محافظة إب، انطلاقاً من محورين: الأول من ناحية محافظة البيضاء، والثاني من ناحية الساحل الغربي.
تفيد المعلومات، أيضاً، بأن بقية الميليشيات الجنوبية (خارج إطار ألوية العمالقة) المدعومة إماراتياً تم سحبها من الساحل الغربي إلى جبهة الضالع (وسط)، في وقت شهدت فيه مواقع نفوذ أبو ظبي في محافظتَي شبوة وحضرموت قدوم تعزيزات إماراتية، تضاف إلى القوات والمعدات التي لا تزال موجودة في هاتين المحافظتين إلى جانب محافظة عدن وجزيرة سقطرى. وتثبّت أنباء تلك التعزيزات التقدير القائل بأن الإمارات لن ترفع يدها بسهولة عن جنوب اليمن، حيث أنفقت أموالاً كثيرة وبذلت جهداً كبيراً في إنشاء موطئ قدم ثابت لها بتزكية أميركية. لكن هذا الإصرار على إبقاء الجنوب في قبضتها يشرّع الباب على تنازع مستقبلي مع السعودية، التي لا يبدو بحال من الأحوال أنها سترتضي نشوء كيان انفصالي يمقتها، إلى جانب الشمال الذي بات يعتبرها عدوته الأولى. خطرٌ يضاف إلى تحديات أخرى سيكون على السعودية مواجهتها بنفسها من الآن فصاعداً، وعلى رأسها محاولة تحصيل أوراق ميدانية تمكّنها من الخروج من المستنقع اليمني بـ«إنجاز» لا يقلّ أهمية عما تعتقد الإمارات أنه «إنجاز» لها، أي السيطرة على الجنوب.
إلا أن المساعي السعودية المنتظرة هذه ستعترضها عقبات كثيرة، على رأسها تطور القدرات اليمنية على نحو لا تستطيع معه الرياض المناورة طويلاً، فضلاً عن أن إعلان الانسحاب الإماراتي من شأنه أن يفتح الطريق على مزيد من الضغوط الدولية على المملكة، والتي تجلّى آخرها في تقدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور جيم ريش، بمشروع قانون يدعو إلى مراجعة العلاقات مع السعودية، وإلى حل سلمي للصراع في اليمن.
إيران: لعودة السعودية أيضاً إلى «حضن المنطقة»!
أعرب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس، عن أمله بأن تنفصل بعض دول الخليج عن «الحركة المعادية للسلام المتشكلة في أميركا»، قائلاً «(إننا) نرغب في أن تعود، ليس فقط الإمارات، بل أيضاً السعودية إلى الحوار والتعاون في المنطقة». وقال ظريف، في حوار مع قناة «الميادين»، إن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، انضمّا إلى «مجموعة باء»، «ويمكنهما الخروج، ونحن نرغب بذلك»، مضيفاً «(إننا) نرغب في ألّا يذهب جيراننا إلى مجموعة جديدة، وأن يعودوا إلى حضن المنطقة». وأشار إلى «أنهم لا يتخذون قرارات ضد إيران وحسب، بل انظروا ماذا تفعل السعودية والإمارات ضد اليمن»، متابعاً: «هل كانت قطر متّحدة معنا ليتخذوا الإجراءات ضدها؟ هل كانت السودان متحدة معنا؟»، معتبراً أنهم «كانوا يريدون محاصرة القطريين وخنقهم لولا تدخل إيران».
الأخبار
إضافة تعليق جديد