التهديدات التي تواجه قاعدة أنجرليك الأمريكية في تركية

23-12-2007

التهديدات التي تواجه قاعدة أنجرليك الأمريكية في تركية

الجمل: تعتبر تركيا من البلدان الشرق أوسطية التي ظلت طوال فترة الحرب الباردة الأكثر استضافة للقواعد والقوات العسكرية الأمريكية، هذا وبرغم تعدد القواعد العسكرية الأمريكية ومنشآت حلف الناتو، فقد ظلت قاعدة أنجرليك هي الأكثر سيطرة على الخطاب الإعلامي المتعلق بحلف الناتو، والوجود الأمريكي، والعلاقات الأمريكية – التركية.
* التهديدات الأمنية والسياسية التي تواجه قاعدة أنجرليك:
أشار التقرير الدوري لتسليط الضوء على الإرهاب الذي تصدره مؤسسة جيمس تاون الأمريكية، إلى أن قاعدة أنجرليك العسكرية الجوية الأمريكية باتت تتعرض إلى المزيد من التهديدات الأمنية والسياسية بسبب:
• التوتر السائد في منطقة جنوب شرق تركيا بسبب الصراع بين القوات التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني.
• الموقف الحرج الذي أصبح يواجه القاعدة فالأكراد الأتراك المتعاطفون مع حزب العمال الكردستاني يعتبرون القاعدة باعتبارها مركزاً للتجسس ضدهم يقوم بجمع المعلومات الاستخبارية ويقدمها للسلطات التركية. أما الأتراك فينظرون إلى القاعدة باعتبارها مركزاً لتقديم الدعم والحماية للحركات الكردية الانفصالية الناشطة في جنوب شرق تركيا وشمال العراق.
• الرأي العام الإسلامي الصاعد في تركيا والمهيمن حالياً على الشارع التركي أصبح ينظر إلى قاعدة أنجرليك والوجود العسكري الأمريكي في تركيا باعتباره وجوداً يستهدف المسلمين الموجودين في الشرقين الأوسط والأدنى.
• بروز الحركات الإسلامية المتطرفة في تركيا، ومن أبرزها: حزب الله التركي، تنظيم القاعدة في تركيا، الحركات الإسلامية الكردية المسلحة. وجميع هذه الحركات سوف لن تتردد في تنفيذ عملياتها ضد قاعدة أنجرليك وغيرها من القواعد الأمريكية وقواعد حلف الناتو الأخرى متى ما توافرت لها فرصة القيام بذلك.
• الرقابة الشديدة من قبل السلطات التركية على عمل قاعدة أنجرليك وبقية القواعد العسكرية الأمريكية والتابعة للناتو، مما يترتب عليه عدم قدرة هذه المنشآت والقواعد العسكرية الأمريكية والغربية الانخراط في تنفيذ العمليات السريّة التي كانت السلطات التركية تغض النظر عنها في الماضي.
• استخدام السلطات التركية الحالية ملف القواعد العسكرية الأمريكية منها قاعدة أنجرليك، وقواعد ومنشآت حلف الناتو كورقة ضغط في علاقات أنقرة – واشنطن وأنقرة – أوروبا. بكلمات أخرى، أصبحت أنقرة ترفع سقف مطالبها بسبب إدراكها التام لمدى حاجة أمريكا والغرب للتسهيلات العسكرية التركية.
* نشأة قاعدة أنجرليك:
بدأت الوحدات الهندسية التابعة للجيش الأمريكي في ربيع عام 1951م بإنشاء قاعدة أنجرليك بالقرب من مدينة أضنه التركية الجنوبية الشرقية، وقد خطط البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) لاستخدامها كقاعدة عسكرية جوية يتم استخدامها لأغراض العمليات العسكرية الطارئة، وأيضاً كنقطة استراحة واستعادة حيوية للقاذفات الإستراتيجية المتوسطة المدى عند قيامها بالرحلات الطويلة.
بعد اكتمال المنشآت وفقاً للترتيبات السياسية بين الحكومتين التركية والأمريكية، وتحديداً في كانون الأول عام 1954م تم التوقيع بين هيئة الأركان التركية وقيادة سلاح الجو الأمريكي على الاتفاقية العسكرية المشتركة المتعلقة بقاعدة أنجرليك.
في 21 شباط 1955م تم رسمياً إطلاق تسمية "قاعدة أضنه" على قاعدة أنجرليك وأصبحت مقراً لتمركز السرب الجوي العسكري الأمريكي رقم 7216. ولاحقاً في 28 شباط 1958م تم تغيير التسمية إلى قاعدة أنجريك الجوية.
* المهام "المعلنة" لقاعدة أنجرليك:
تشير المعلومات إلى أن الأهداف والأدوار المعلنة لقاعدة أنجرليك هي:
• تنفيذ المهام والعمليات الاستطلاعية العسكرية: كانت القاعدة تمثل نقطة الانطلاق الرئيسية لطلعات طائرات التجسس الأمريكية من طراز   (U-2) ضد الاتحاد السوفييتي خلال فترة الحرب الباردة المرتفعة الشدة والمنخفضة الشدة.
• رصد حالة الطقس في منطقة شرق المتوسط والشرق الأدنى وذلك عن طريق برنامج "إطلاق البالونات" المخصصة للاستطلاع الجوي لحالة الطقس (بحسب ما هو معلن).
• إطلاق برنامج طلعات التجسس بواسطة أسراب طائرات بوينج من طراز (RB - 47H) المخصصة لجمع المعلومات العسكرية والمسوحات الجوية الاستخبارية في مناطق: بحر قزوين، البحر الأسود، القوقاز، إيران، آسيا الوسطى، أفغانستان، العراق، ومنطقة شرق المتوسط.
• إسناد عملية التدخل العسكري الأمريكي في لبنان صيف عام 1958م عندما أصدر الرئيس الأمريكي دوايت آيزنهاور الأمر بنشر القوات الأمريكية في لبنان. وعندها تحركت القوات الأمريكية من قاعدة أنجرليك التي تتكون من الطائرات الحربية من طراز:
(F - 100)، (B - 57)، (RF - 101)، (RB - 66)، (WB - 66). هذه الطائرات التي قامت بالأساس بنقل وحدات الجيش الأمريكي الموجودة في ألمانيا الغربية آنذاك ونشرها في لبنان. وبعد ذلك ظلت الطائرات العسكرية الأمريكية الموجودة في قاعدة أنجرليك تقوم بعمليات الاستطلاع الجوي والتغطية الجوية وتقديم الخدمات اللوجستية للقوات الأمريكية التي كانت موجودة في لبنان.
• خدمات التدريب على عمليات الطيران العسكري التكتيكي: ظلت قاعدة أنجرليك تمثل محطة أساسية لعمليات التدريب على عمليات الطيران العسكري التكتيكي التي تقوم بها القوات الجوية الأمريكية، وأيضاً قوات حلف الناتو.
• توفير الغطاء للوجود العسكري الأمريكي: بسبب الدعم الأمريكي لقبرص اليونانية خلال صراع عام 1975م بين اليونان وتركيا حول جزيرة قبرص، أعلنت السلطات التركية قرارها بإغلاق جميع القواعد العسكرية الأمريكية وتسليمها للجيش التركي، وبرغم ذلك بقيت قاعدة أنجرليك وقاعدة أزمير متاحتان لاستخدام القوات الأمريكية وذلك بسبب ارتباطهما بحلف الناتو، والذي يضم كلاً من تركيا وأمريكا. وعلى هذا النحو ظلت قاعدة أنجرليك تقوم بأداء مهماتها العادية و"غير العادية" تحت غطاء حلف الناتو.
* قاعدة أنجرليك واستهداف البلدان العربية:
تمثل قاعدة أنجرليك نقطة ارتكاز عسكرية رئيسية للعمليات العسكرية الأمريكية التي تستهدف البلدان العربية وإيران. وتقول المعلومات بأن القوات الإسرائيلية كانت تجد في قاعدة أنجرليك الغطاء والمساندة لعملياتها في شرق المتوسط والشرق الأدنى:
• استطاعت القوات الأمريكية استخدام مزايا قاعدة أنجرليك في حربها ضد العراق، إضافة إلى استخدامها لهذه القاعدة في عمليات إسناد ودعم الحركات الكردية الانفصالية التركية والإيرانية ، وأيضاً تأمين منطقة حظر الطيران (منطقة كردستان الموجودة شمال العراق) التي فرضها قرار مجلس الأمن الدولي على العراق.
• ظلت القوات الأمريكية تستخدم قاعدة أنجرليك في تجميع المعلومات الاستخبارية الجوية وأنشطة التنصت الإلكتروني على إيران وبلدان منطقة شرق المتوسط.
• لعبت قاعدة أنجرليك دوراً رئيسياً –من وراء ظهر السلطات التركية- في نقل 70% من العتاد والقوات الأمريكية التي نفذت عملية غزو واحتلال العراق.
عموماً، لقد أشرنا إلى المهام المعلنة، وبخصوص المهام غير المعلنة يمكن القول بأن الإسرائيليين يدركون جيداً مدى أهمية وجود هذه القاعدة الجوية الأمريكية في جنوب شرق تركيا، وبالمقابل يدرك العسكريون العرب مدى خطورة وتهديد مثل هذه القاعدة على خلفية:
• العلاقات العسكرية والروابط الأمنية الوثيقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
• التوجهات العدوانية للإدارات الأمريكية ضد البلدان العربية.
• وجود قاعدة أنجرليك في موقع يمثل نقطة الوسط بين القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في بلغاريا وجورجيا وتشيكيا، والقواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في الخليج العربي.
أصبحت تركيا في الوقت الحالي أكثر انفتاحاً إزاء ملف العلاقات العربية – التركية، وأكثر انغلاقاً إزاء ملف العلاقات التركية – الأمريكية، لذلك من المهم أن تقوم البلدان العربية بـ"تفعيل" العلاقات التركية – العربية، بما ينطوي على التوافق العربي – التركي إزاء حدود وطبيعة ومهام قاعدة أنجرليك وغيرها من القواعد العسكرية الأمريكية والتابعة لحلف الناتو، ومدى خطورة ذلك في تهديد الأمن التركي أولاً وأمن منطقة شرق المتوسط ثانياً وأمن منطقة بحر قزوين والقفقاس وآسيا الوسطى ثالثاً، التي تعتبر جميعها ضمن المجال الحيوي للمصالح التركية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...