الدور الباكستاني في الاستراتيجية الأميركية

21-03-2010

الدور الباكستاني في الاستراتيجية الأميركية

الجمل: تشهد العاصمة الأميركية واشنطن دي سي يوم الأربعاء 24 آذار (مارس) 2010م انعقاد جولة الحوار الاستراتيجي الأميركي-الباكستاني, وتقول المعلومات بأن هذه الجولة, وإن كانت تمثل الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الأميركية-الباكستانية, فإن اللافت للنظر يتمثل في التساؤلات الآتية: توجد علاقات وروابط استراتيجية أميركية-باكستانية تتميز بالقوة والمتانة, فهل يمثل هذا الحوار الاستراتيجي الخطوة الأولى لاتفاق استراتيجي أميركي-باكستاني على غرار الاتفاق الاستراتيجي الأميركي-الإسرائيلي؟ ولماذا الحوار في هذا الوقت, ولماذا هو استراتيجي, وما علاقته بالنسق الإقليمي الذي يضم منطقة جنوب آسيا, منطقة آسيا الوسطى, ومنطقة الشرق الأوسط؟
توصيف المعلومات الاستخباراتية الجارية:
تقول المعلومات والتقارير بأن مؤسسة بروكينغز البحثية الأميركية قد باشرت من خلال فرعها الموجود في العاصمة القطرية الدوحة, الإشراف على عقد مؤتمر حول عنوان الحوار الاستراتيجي الأميركي-الباكستاني, وذلك خلال يومي 15 و16 شباط (فبراير) 2010م الماضي, والآن لاحقا, أخذ الموضوع خطوة متقدمة أكثر فأكثر, وذلك عندما تم الإعلان في العاصمة الأميركية واشنطن, والعاصمة الباكستانية إسلام أباد, بأن يوم الأربعاء 24 آذار (مارس) 2010م, سوف يشهد عقد جولة الحوار الاستراتيجي الأميركي-الباكستاني الأولي, وأشارت المعلومات إلى النقاط الآتية:
• أطراف الحوار: سيمثل الجانب الأميركي بواسطة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون-وزير الدفاع الأميركي روبرت غاتز-وزير الزراعة الأميركي توم فيلساك-نائب وزير الخزانة الأميركية-نائب وزير التجارة الأميركي إضافة إلى الأدميرال مايك مولين رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية, أما الجانب الباكسالمجال الحيوي الجيوسياسي الباكستانيتاني فسوف يمثله: وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي, قائد الجيش الباكستاني, إضافة إلى لفيف من كبار الوزراء والمسئولين الباكستانيين.
• بنود الحوار: سوف يتطرق الحوار إلى موضوعات: الأمن-الاقتصاد-المياه-الطاقة-التعليم-الاتصالات-الزراعة-الصحة-العلم-التكنولوجيا-الدبلوماسية العامة.
برغم شمول بنود الحوار الاستراتيجي الأميركي-الباكستاني, فإن ما هو لافت للنظر, يتمثل في أن ملف التعاون الأمني الباكستاني-الأميركي, سوف يكون هو الأكثر حضورا في هذا الحوار, وبكلمات أخرى, سوف يتم ربط مفهوم التعاون الأمني بكل الملفات الأخرى, وذلك على النحو الذي يجعل من قضايا الصحة والتعليم والاقتصاد وما شابه ذلك, مجرد متغيرات تابعة لمتغير مستقل هو الأمن, وفقا للأولويات والمتطلبات المحددة بواسطة الولايات المتحدة الأميركية!.
النوايا الأميركية الجديدة إزاء باكستان:
تشير التحليلات إلى أن السياسة الخارجية الأميركية سوف تسعى في مرحلة ما بعد انعقاد جولة الحوار الاستراتيجي الأميركي-الباكستاني, إلى توسيع هامش حرية استخدام وتوظيف أدوات السياسة الخارجية الأميركية, وعلى وجه الخصوص الأدوات الأمنية (العسكرية-المخابراتية) والأدوات الاقتصادية والأدوات السياسية, وذلك لجهة تفعيل الآتي:
• الملفات الأمنية (العسكرية-المخابراتية) لجهة التمركز العسكري في باكستان, وأفغانستان عن طريق نشر المزيد من القواعد العسكرية, وتحديدا عن طريق دفع الحكومة الباكستانية باتجاه توقيع اتفاقية أمنية أميركية-باكستانية, ودفع الحكومة الأفغانية باتجاه توقيع اتفاقية أمنية أميركية-أفغانية.
• الملفات السياسية-الدبلوماسية, لجهة ضبط النسق الإقليمي الخاص بمنطقة جنوب آسيا "شبه القارة الهندية" ضمن ترتيبات إقليمية تنسجم مع السياسة الخارجية الأميركية إزاء منطقة جنوب آسيا, وتوظيف هذا الانسجام في تقديم الدعم والإسناد للسياسات الخارجية الأميركية الإقليمية الأخرى, وتحديدا إزاء منطقة الخليج وإيران وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.
• الملفات الاقتصادية-التنموية, لجهة الاستحواذ الأميركي الكامل على موارد الشراكات غير المتكافئة, والتي تتيح من جهة سيطرة الشركات الأميركية على الموارد الاقتصادية, وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى تمنع الصين وروسيا وإيران من الاستفادة من أي مزايا اقتصادية في هذا المنطقة.
• الملفات العلمية-الثقافية, لجهة القيام بأمركة نظام التعليم والثقافة في المنطقة, وهو هدف ظلت مراكز الدراسات والبحوث الأميركية تتعرض له بكثير من الإسهاب, وذلك تحت ذرائع أن أنظمة التعليم التقليدية في مناطق جنوب آسيا وشبه القارة الهندية سوف تظل تشكل أحد أبرز محفظات المخاطر والتهديدات طالما أنها الأكثر دورا في إنتاج العقل والثقافة الأصولية الإسلامية.
من الواضح أن الحوار الاستراتيجي الأميركي-الباكستاني, الذي سيبدأ بعد يومين, لن يتوقف عند مجرد التفاهم وعقد جولات الحوار, وإنما سوف يتزامن مع تطبيق البرامج العملية التي ستركز وعلى عجل من أجل إسقاط النماذج التي سبق أن تم وصفها بواسطة الخبراء الأميركيين لأغراض تحويل منطقة شبه القارة الهندية إلى بروكسي أميركي كبير وواسع النطاق يعزز قدرة واشنطن في تحقيق المزيد من الاختراقات في منطقة آسيا الوسطى وشرق إيران وغرب الصين.
باكستان بين نظرية المؤامرة, ولعبة توزيع الأدوار:
تحاول السياسة الخارجية الأميركية, إلى اعتماد الوكيل الذي يقوم مقام إسرائيل في كل واحد من أقاليم العالم الفرعية والرئيسية, وعلى سبيل المثال لا الحصر, تقوم دولة كولومبيا حاليا بدور "إسرائيل أميركا اللاتينية" وتقوم الفلبين بدور "إسرائيل جنوب شرق آسيا" وتقوم كوريا الجنوبية بدور "إسرائيل الشرق الأقصى" وتقوم جورجيا بدور "إسرائيل القوقازية" وهلمجرا..
بالنسبة لمنطقة جنوب آسيا (شبه القارة الهندية) فقد ظلت تل أبيب تسعى وبكل قوة من أجل القيام من جهة بتقويض التحالف الأميركي-الباكستاني, وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى بتعزيز التحالف الأميركي-الهندي.
وبرغم أن إدارة بوش, وأيضا إدارة أوباما الحالية, كانتا أكثر اهتماما باعتماد سياسة خارجية أميركية تساعد في الانسجام مع المنظور الإسرائيلي, فإن الخبراء الأميركيين ظلوا أكثر ترددا إزاء خيار تعزيز الروابط مع الهندوالذي  سيتيح للهند التحول إلى قوة عظمى يمكن أن تشكل تهديدا محتملا لمشروع الهيمنة الأميركية على العالم.
ويبدو أن إدارة أوباما, قد حسمت أمرها على أساس اعتبارات حرارة العلاقات الأميركية-الهندية, وإضافة لذلك تقول العديد من المعلومات والتسريبات بأن أميركا قد حزمت أمرها على المضي قدما في تنفيذ مشروع تمديد أنابيب نقل النفط والغاز من دول آسيا الوسطى إلى أفغانستان, ثم إلى باكستان, والتي سوف تلعب دور منصة التصدير الرئيسية المطلة على المحيط الهندي, والهدف من ذلك هو قطع الطريق أمام تنفيذ إيران لمشروع خط أنابيب النفط والغاز الذي سيمر من إيران إلى باكستان, ثم إلى الهند, وأضافت بعض المعلومات والتسريبات, أن واشنطن سوف تسعى لتكثيف تمركزها العسكري الاستراتيجي في باكستان خلال الفترة القادمة, وذلك من أجل إجبار إيران, وأيضا الصين, لجهة الدخول في سباق تسلح مرهق لجهة القيام بنشر المزيد من قدراتها العسكرية بما يوازن القدرات العسكرية الأميركية الاستراتيجية التي سيتم نشرها في باكستان, وأشارت التحليلات إلى تعريض الأمن القومي الإيراني لمخاطر شد الأطراف, وما يمكن أن يترتب على ذلك من فرض الضغوط والإجهاد على القدرات العسكرية والاقتصادية الإيرانية, الأمر الذي يترتب عليه إجبار إيران على التوافق مع واقع معادلة توازن القوى في منطقة الشرق الأدنى, فهل يؤدي نشر القدرات العسكرية الأميركية في باكستان إلى تفعيل لعبة إبعاد إيران عن روابطها الشرق أوسطية, وذلك بعد أن أدركت واشنطن وإسرائيل, بأن لعبة إبعاد حلفاء إيران الشرق أوسطيين عن طهران قد أصبحت أكثر صعوبة.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...