الروح العسكرية الأمريكية ( 6-9 )
آلة الحرب ـ الأحلاف ـ القواعد وأعمال العدوان
نقله إلى العربية: محمود شفيق شعبان
الكسييف ـ كروتسكيخ ـ سفيتلوف
الحلقة السادسة
الوسائط الاستراتيجية ذات التمركز المتطور
تعتبر الوسائط الامريكية النووية ذات التمركز المتقدم التي تسعى واشنطن لتغيير الوضع الاستراتيجي المتشكل بواسطتها لصالحها، ملحقاً هاماً لترسانة الولايات المتحدة الاستراتيجية النووية.
فعلى حدود المسرح الاوروبي للحرب فقط يوجد 800 واسطة استراتيجية من السلاح النووي ذات المدى المتوسط (صواريخ وطائرات) وأكثر من 700 صاروخ تكتيكي فعال ومدفعية ذرية.
لقد وزعت الوسائط الامريكية النووية ذات التمركز المتطور في الشرق الاقصى والمحيط الهادي. فأراضي اليابان والمياه المحيطة بها محشوة بالسلاح النووي وحاملاته.
وجزيرة أوكيناو ـ قاعدة ضخمة للسلاح الننوي. كما تحولت كوريا الجنوبية إلى مجموعة قواعد للسلاح النووي، وتركزت في أراضيها حوالي 700 وحدة من الحشوات النووية التي تم تأمينها بوسائط التوريد المختلفة ـ من الطائرات إلى الوسائط المدفعية.
وبالتدريج دخلت منطقة المحيط الهندي في مدار الاستراتيجية الامريكية النووية. ولتسليح السفن الحربية والغواصات الذرية الامريكية التي تحرس في هذه المنطقة يوجد هناك سلاح نووي. احتياطات السلاح النووي موزعة في القاعدة العسكرية الامريكية في المحيط الهندي في جزيرة ديغو ـ غارسيا التي تقع في وسط هذه المنطقة.
فالسلاح ذات المدى المتوسط، أو، كما سمته الاوساط العسكرية في واشنطن، سلاح "المدى الوسطاني" يحمل، في حقيقة الامر، بالنسبة للاتحاد السوفييتي طبيعة استراتيجية.
فبرنامج الطغمة العسكرية في أمريكا وفي حلف الناتو لنشر الانظمة النووية الجديدة ذات المدى المتوسط ـ 108 قواعد لاطلاق الصواريخ البالستية من نوع "بيرشينغ ـ 2" و164 صاروخ مجنح ذات تمركز أرضي يعتبر دعوة صريحة للاتحاد السوفييتي وللامن الدولي.
نشرت هذه الصواريخ في جمهورية ألمانيا الاتحادية (108 قواعد لاطلاق صواريخ "بيرشينغ" و96 صاروخ مجنح) وفي انكلترا (160 صاروخ مجنح)، إيطاليا (112 صاروخ مجنح، بلجيكا وهولندا (48 صاروخ مجنح في كل منهما). وقد رسمت خطة لتصنيع 917 صاروخ "بيرشينغ ـ 2" حتّى نهاية الثمانينات.
تعتبر هذه الصواريخ طبقاً لمواصفاتها سلاح الضربة النووية الاولى وتخصص للاصابة المركزية للاهداف في الجزء الاوروبي من الاتحاد السوفييتي وفي أراضي حلفائه.
إن ظهورها في أوروبا يهدد التكافؤ التقريبي القائم بين حلف الناتو وحلف وارسو فيما يتعلق بالاسلحة النووية ذات المدى المتوسط.
وبصد نشر الصواريخ الامريكية النووية ذات المدى المتوسط في أوروبا اتخذ الاتحاد السوفييتي التدابير الجوابية التي يقود مضمونها إلى ما يلي:
لقد أُلغي، كما سبق ونبهنا إلى ذلك، القرار الوحيد الجانب (الموراتوريوم) الذي أعلنه الاتحاد السوفييتي في آذار 1982 لنشر الصواريخ ذات المدى المتوسط س س ـ 20 في الجزء الاوروبي من البلاد.
وفي حال الزيادة المستمرة للمقدرة الصاروخية النووية الامريكية في أوروبا سيرد الاتحاد السوفييتي على ذلك بالمثل.
وبالتنسيق مع حكومتي ألمانيا الديمقراطية وتشيكوسلوفاكيا في كانون الأول 1983 تم البدء بنشر الصواريخ السوفييتية التكتيكية الفعالة البعيدة المدى في أراضي هاتينا لدولتين الحليفتين للاتحاد السوفييتي من أجل ضمان الدفاع عن بلدان المنظمة الاشتراكية.
وقد وضعت هذه الصواريخ الآن في حالة الاستعداد الحربي مُشكّلة المقابل المكافئ للخطر وبالدرجة الاولى تجاه المناطق التي نُشرت فيها الصواريخ الامريكية.
واتخذت إجراءات مضادة تجاه أراضي الولايات المتحدة الامريكية مباشرة.
فقد اعتمدت ادارة ر. ريغان في محاولتها لاحراز التفوق، على احتمال مساعدة صواريخ "بيرشينغ ـ 2" للوصول إلى الاهداف والمدن الآمنة في بلدان حلف وارسو خلال 8 ـ 10 دقائق بعد اطلاق الصاروخ.
لكن هذا ـ تفوق وهمي. رفع الاتحاد السوفييتي عدد الغواصات المحملة بالصواريخ النووية عند سواحل الولايات المتحدة الامريكية.
وطبقاً لمواصفاتها من حيث ـ الاستطاعة، الدقة، بلوغ الاهداف في الاراضي الامريكية وزمن الطيران نحو الاهداف ـ فإن الصواريخ السوفييتية ذات التمركز البحري تشكل بالنسبة للولايات المتحدة الخطر المقابل المساوي للخطر الذي تحمله الصواريخ الامريكية في أوروبا بالنسبة للاتحاد السوفييتي وحلفائه.
وقد وقفت الاجراءات الجوابية بشدة في تلك الحدود التي تمليها أعمال الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو. ورداً على الزيادة المستمرة الجارية الآن للصواريخ الامريكية "بيرشينغ ـ 2" في أراضي جمهورية ألمانيا الاتحادية زرع الاتحاد السوفييتي بالتنسيق مع حكومة ألمانية الديمقراطية، إضافة لما كان قد نشر من قبل، الصواريخ السوفييتية التكتيكية ـ الفعالة البعيدة المدى في أراضيها.
فإذا كان الادعياء الامريكيون للسيادة العالية سيواصلون زيادة كمية الصواريخ المتوسطة المدى في أوربا والاسلحة النووية الاخرى بما في ذلك الاستراتيجية فلن يكون لدى الاتحاد السوفييتي أي مخرج آخر سوى الرد على ذلك بالمثل.
فالتوقف عن نشر الصواريخ الامريكية وإزالة الصواريخ التي سبق ونشرت من أوروبا كانت سيبعد الحاجة إلى الاجراءات الجوابية.
ويرى الاتحاد السوفييتي أن هذا كان سيسمح بتخفيف مستوى التوتر في أوروبا والعالم ويعزز الأمن الدولي.
ففي الدورة التاسعة والثلاثين للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة المعقودة في 27/9/ 1984 أشار أ. أ. غروميكو، متناولاً مسألة ضرورة نزع الاسلحة النووية من القارة الاوروبية، إلى أن "واشنطن سارت بوعي إلى نسف المفاوضات بشأن الاسلحة النووية ـ والشعوذة بالكلمات وكأنها لمصلحة المفاوضات ـ هي أسلوب دعائي مزيف. وكان واضح تماماً ما هو هدفه….
الاتحاد السوفييتي يطالب بالمباحثات الجدية. ونحن لسنا مستعدين لمثل هذه المحادثات فقط، بل ونلح عليها.
فمقترحاتنا حول تحديد وتقليص الاسلحة الاستراتيجية وتحديد الاسلحة النووية في أوروبا لا تزال فعالة.
وهي "أي المقترحات لا تعطي امتيازات ولا تلحق الضرر بأي طرف من الاطراف. ويجب على الولايات المتحدة الامريكية أن تزيل العراقيل التي وضعتها في طريق المفاوضات".
السلاح النيتروني
إن برنامج الزيادة المستمرة للمقدرة النووية الامريكية في أوروبا يقضي بنشر السلاح النيتروني في أوروبا، الذي سيدمر عند استخدامه، مشكلاً معدلاً عالياً من الاشعاعات الذرية، كل ما هو حي ويترك المنشآت، والمعدات سالمة.
وهو يسمح بالقيام بعمليات هجومية فوراً بعد استخدامه ويعتبر سلاح الضربة الاولى عملياً.
بدأت أمريكا في تصنيع هذا السلاح منذ عام 1958. وجرب النموذج الأول للحشوة النيترونية في عام 1963.
وازدراءً لذكرى ضحايا القصف الامريكي لمدينة هيروشيما اليابانية في عام 1945 وفي يوم الذكرى السنوية لهذا الفعل البربري للامبريالية الامريكية 6/8/1981 أعلن الرئيس ر. ريغان رسمياً عن الانتاج الواسع النطاق للسلاح النيتروني.
تواصل الولايات المتحدة الامريكية إنتاج وتكديس الذخائر النيترونية للصواريخ من نوع "لانس"، وللمدافع 155 مم و203.2 مم الموجودة لتسليح بلدان الناتو.
ومن أجل تمويل إنتاج السلاح النووي طلبت الادارة من الكونغرس الامريكي 47.5 مليون دولار في العالم المالي 1984 .
وكما أشارت الصحافة الامريكية فإن القذائف النيترونية عيار 155 مم (رسمت الخطة لانتاج 925 قذيفة) ستكمل احتياطات هذا السلاح الوحشي ذات الابادة الجماعية الذي تملكه الولايات المتحدة.
يوجد في ترسانات البنتاغون حوالي 380 رأس نيتروني مدمر من أجل صواريخ "لانس" وألف قذيفة نيترونية للمدافع المائلة عيار 203.2 مم.
يخزن هذا السلاح في الوقت الحاضر في أراضي الولايات المتحدة ويمكن أن يكون موزعاً في أية لحظة في المواقع الامامية في أوروبا الغربية.
وبصدد خطط أمريكا للبدء في إنتاج السلاح النووي النيتروني نشرت وكالة تاس بياناً في 12/3/1978.
استنكر فيه بحزم خطة الولايات المتحدة الموجهة لانتاج نوعاً جديداً من الاسلحة ذات الابادة الجماعية وتم التأكيد على اقتراح الاتحاد السوفييتي للموافقة على الرفض المشترك لانتاج السلاح النيتروني. "والحكومة السوفييتية جاهزة للبدء باجراء مباحثات حول هذه المسألة في أي وقت وعقد الاتفاقية الدولية المناسبة".
وفي 14/3/1978 تقدم وفد 8 دول اشتراكية ـ أعضاء لجنة (الآن مؤتمر) الانفراج: الاتحاد السوفييتي، بلغاريا، هنغاريا، ألمانيا الديمقراطية، منغوليا، بولندا، رومانيا وتشيكوسلوفاكيا ـ بمشروع اتفاقية لحظر انتاج وتكديس ونشر واستخدام السلاح النووي النيتروني، وتهربت أمريكا والدول الغربية الاخرى من عقد الاتفاقية المقترحة.
جاء في بيان وكالة تاس في 14/8/1981 أن "ظهور السلاح النيتروني في الترسانات العسكرية كان يمكن أن يقود إلى التخفيض الخطير لما يسمى بالعتبة النووية، وينقل ببساطة ـ إلى زيادة المغامرة لنشوب حرب نووية وكل المسؤولية ستقع عند ذلك على عاتق الولايات المتحدة الامريكية.
والتأكيد على أن الحشوة النيترونية ـ ليست إلاّ عبارة عن سلاح "شريف" وتقريباً "إنساني" يعتبر الوهم الخطير الذي يحاول الاستراتيجيون الامريكيون زرعه في وعي الناس.
ويُقال هذا عن السلاح المخصص لابادة الناس والذي تبقى عواقب استخدامه كما، يُنبه العلماء، لفترة طويلة جداً وتظهر بصورة مضرة على الاجيال المقبلة. هذه هي "الإنسانية" برأي واشنطن!".
السلاح الكيميائي
يقوم المذهب العسكري الامريكي على تصور "الساحة المتكامل للمعركة" الذي اعدته لجنة رؤساء الاركان والذي يشترط طبقاً له الاستعمال المركز والكامل لجميع أشكال الاسلحة ذات الابادة الجماعية ـ النووية والكيميائية والجرثومية ضد الحيوانات وسكان العدو المدنيين.
وفي هذه الحالة يعين دوراً كبيراً للسلاح الكيميائي. فهو سيستخدم ضد الجيوش وضد السكان المدنيين. وفي الدراسات التي أعدتها المنظمة الاجتماعية الامريكية "نصيحة من أجل السلام مفيدة للحياة" جاء أنه في المعركة التي ستستخدم فيها المواد السامة سيموت أكثر من 20 شخص من بين السكان المدنيين مقابل كل عسكري مقتول.
كدست الولايات المتحدة ترسانة كبيرة من السلاح الكيميائي وتواصل تطويره وزيادته. تملك الآلة العسكرية الامريكية 55 ألف طن من المواد السُمية القاتلة ذات التأثير العصبي ـ المشل وحوالي 150 ألف طن من الذخائر الكيميائية الموجودة في ترسانة الولايات المتحدة وصلت إلى 300 ألف طن.
وهذه الذخائر بشكل رئيسي ـ القذائف الكيميائية (حوالي 3 ملايين قذيفة) وعشرات الآلاف من القنابل الجوية ومئات الآلاف من الالغام والحشوات المتفجرة والوسائط الاخرى .
وبناء على حسابات العلماء فإن السلاح الكيميائي المكدس في أمريكا كافٍ ن يدمر البشرية جمعاء عدة مرات.
لكن الولايات المتحدة الامريكية اعدت وباشرت في تنفيذ برنامج جديد "لا عادة التسلح الكيميائي" لجميع صنوف القوات المسلحة الامريكية والذي يفترض أن يُنفق على تحقيقه أكثر من 10 مليار دولار.
وتفترض الخطة رفع الكمية الاجمالية للذخائر الكيمائية إلى 5 ملايين وحدة.
باشرت أمريكا بانتاج السلاح الكيمائي الجديد ـ الشطري (الثنائي) .
وفي شباط 1982 أعلنت الادارة الامريكية في رسالة رسمية خاصة للكونغرس أن "إنتاج السلاح الكيميائي الشطري ضروري جداً للمصالح القومية الامريكية".
وتقضي خطط البنتاغون بانتاج القذائف المدفعية الثنائية G _ 2 منذ عام 1985 للمدافع المائلة عيار 155 مم ومنذ عام 1986 ـ القنابل الشطرية "بيغ ـ آي" لتجهيز "VX_2 ".
ويفترض إنتاج الذخائر الثنائية للصواريخ التكتيكية والمجنحة البعيدة المدى. وإلى جانب الذخائر المزودة باشر البنتاغون بتصنيع أصناف مواد جديدة أكثر تسميماً بما في ذلك المواد السامة "ذات اللزوجة المتوسطة" التي جمعت الخصائص القاتلة لعدة مواد سامة.
وفي العام المالي 1985 رُصد أكثر من 1 مليار دولار لبرنامج اعادة التسلح الكيميائي الامريكي.
صادق الكونغرس على مواصلة الابحاث العلمية لانتاج السلاح الانشطاري الذي ستكون بداية انتاجه في عام 1986. والامبريالية الامريكية لا تقتصر على تكديس السلاح الكيميائي فقط.
فبعد السلاح الذري تم اختبار السلاح الكيميائي الامريكي عملياً. واستخدام الطغمة العسكرية الامريكية للمواد الكيميائية القاتلة في فيتنام والتي عانى منها أكثر من 2 مليون إنسان وبصورة رئيسية السكان لامدنيين، وأحلق ضراراً كبر بطبيعة هذا البلد التي يحتاج تجديدها، حسب تقديرات العلماء ليس أقل من مئة عام وصل إلى مقاييس لا سابقة لها.
وقد قدمت حكومة أفغانستان مراراً براهين كثيرة للرأي العام العالمي على استخدام الاسلحة الكيميائية المصنوعة في الولايات المتحدة الامريكية من قبل اعداء الثورة الافغانية. واستخدم السلاح الكيميائي الامريكي من قبل الطغمة السلفادورية باشارة من واشنطن ضد سكان بلدها الذين يناضلون ضد النظام المعادي للشعب.
وعندما ادرك الاتحاد السوفييتي ما هي الاخطار التي يحملها تكديس السلاح الكيميائي المتواصل في العالم للبشرة وبالاخص استخدامه، قدم مشروع قوانين الاتفاقية الاساسية لحظر السلاح الكيميائي للبحث في مؤتمر نزع السلاح في جنيف في صيف عام 1982.
وهذا المشروع عبارة عن أساس معلق جيداً للاتفاق. وقد دُقق بعض هذه القوانين واستكمل فيما بعد مع أخذ مواقف المشاركين الآخرين في المحادثات بعين الاعتبار. وفي شباط 1984 قام الاتحاد السوفييتي بخطوة هامة أخرى، حيث اقترح وضع رقابة دولية دائمة على سير عملية تدمير السلاح الكيميائي بالاجمال.
لكن الدول الامبريالية العظمى برئاسة الولايات المتحدة الامريكية تمسكت بالمدخل النقيض إلى مسائل تحريم السلاح النووي. وقال أ. أ. غروميكو، واصفاً مواقفها، في الدورة التاسعة والثلاثين للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة في 27/9/1984: "لا يرغب الجميع باجراء النجاح في هذه المحادثات. وبعض هذه الدول تتمنى فشلها. والاهتمام الظاهري لبعض الدول استعمل كالستار لتغطية خطط زيادة السلاح الكيميائي.
ومثل هذا التكتيك يجب شجبه بحزم.
كما ينبغي التسريع في عملية إعداد الاتفاقية الدولية لمنع والغاء السلاح الكيميائي.
وكان بمقدور هيئة الامم المتحدة أن تمهد السبيل لذلك كثيراً.
"المسألة ليست سهلة في المستقبل، لكن حلها سيكون أصعب".
مقدرة الحرب الجرثومية
في الآونة الاخيرة غالباً ما تسربت إلى الصحافة العالمية أخبار حول تجريب الاسلحة الجرثومية في الولايات المتحدة الامريكية.
فتحت رعاية البنتاغون وفي أراضي الولايات المتحدة وبعض حلفائها أدت ما تسمى بالمراكز، على سبيل المثال، المخابر العسكرية في فورت ـ ديتريك (ولاية ميرلاند) وفي لاهور (الباكستان التي استنبتت ودرست فيها الجراثيم المعلة والمميتة القادرة على إحداث الاوبئة القاتلة وظيفتها.
تطورت الابحاث لابتكار سلاح جرثومي في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية فوراً.
فاستيلاء الولايات المتحدة الامريكية على المواد السرية التي تتضمن المعلومات حول تصنيع واستخدام الاسلحة الجرثومية لادارة الحرب من قبل المختصين العسكريين اليابانيين مهد السبل لبدء الابحاث.
جاء في المذكرة السرية للخبرين الامريكيين الحكوميين ويتر وستابلفيلد 1/7/1947 أن المعلومات التي حصل عليها اليابانيون على أساس التجارب على البشر "ستمثل قيمة كبيرة بالنسبة للبرنامج الامريكي لتصنيع السلاح الجرثومي".
وكما هو واضح من التقرير الخاص الذي اعدته قيادة القوات البرية الامريكية في عام 1977 فقد تم اجراء 239 تجربة جوية للاسلحة الكيميائية والبيولوجية في الفترة بين 1949 و1969 في أمريكا.
فنشاطات البنتاغون لاستنباط الوسائط الكيميائية ـ الجرثومية ذات الهزيمة الشاملة حددت القرار الخاص لمجلس الامن القومي الامريكي الذي أُصدر في أواسط الستينات.
بعد الحرب العالمية الثانية تم في المخابر العسكرية الامريكية تصميم عدة عشرات من أنواع الذخائر الجرثومية.
ولتجهيزها فقد خصصت وكدست الجراثيم وسموم القرحة السيبيرية، والتهابات الدماغ، السل، سم الطعام، الجدري، والسم المشل، والجريب وغيرها من المواد السامة والامراض… وحول الخصائص المرعبة لهؤلاء الوسطاء البيولوجيين تحدث رئيس الادارة الكيميائية في الجيش الامريكي اللواء م. ستابس عندما خطب في الكونغرس في عام 1960.
صرح بأنه بواسطة 10 طائرات مجهزة بالوسائط الجرثومية يمكن قتل أو الحاق أضرار كبيرة بـ 60 مليون إنسان.
فعشر غرامات من السم الجرثومي يمكن أن تقتل مباشرة أثناء رشها على منطقة مأهولة بالسكان 14 ألف إنسان.
وبناءاً على اعتراف أحد المشاركين في اختراع "السلاح" الامريكي الجرثومي المتطور الدكتور ن. غوردون سلمت الولايات المتحدة الامريكية هذا السلاح، على الرغم من توقيعها في عام 1972 "على اتفاقية حظر إعداد وإنتاج وتكديس ذخائر السلاح الجرثومي (البيولوجي) والسام وتدميرها"، للمراكز العسكرية السرية والمدنية الاستقصائية ـ العلمية التي تعمل لصالح البنتاغون في ترسانات باين ـ بلافسكي وايجفورسكي ولصالح تجارب الاسلحة في داغويسكي في المخابر البيوكيميائية التابعة لجامعة ميرلاند بدلاً من تدمير ذخائرها الجرثومية.
وفي خريف عام 1975 اعترف الممثل الرسمي لوزارة الدفاع الامريكية: "تجري التجارب على السموم في ايجفود منذ عام 1970 وتواصل بفعالية". وكما تشير الصحافة في الوقت الحاضر فإن المواد الجرثومية مخبأة في أمريكا في 12 مستودع.
ويعتبر البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية للسلاح الجرثومي وسيلة لا بديل لها لادارة الحروب غير المعلنة (السرية) والنشاطات التخريبية والاعمال الارهابية.
وأبلغت الصحيفة الامريكية "نيوز دي" أن إرهابيين من التنظيمات الامريكية المعادية لكوبا قد قاموا بنقل فيروسات طاعون الخنازير إلى كوبا بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية في عام 1971 التي انتشر الوباء بنتيجة ذلك وقاد إلى موت 500 ألف خنزير.
وهكذا أُلحق الاقتصاد الكوبي بضرر كبير جداً.
وفي نهاية عام 1981 اتهم فيدل كاسترو الولايات المتحدة بشن الحرب البيولوجية ضد كوبا أمام الجميع.
وخلافاً لتكذيب وزارة الخارجية فقد توصلت المجلة الامريكية "كاولنتر سباي" التي غالباً ما كُتب فيها من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية بنتيجة التحليل الدقيق إلى الاستنتاج بأن للمخابرات المركزية يداً في نشر الاوبئة في كوبا.
وفي عام 1982 أعلنت اللجنة المركزية لنقابات السلفادور أن مناطق تمركز القصصيين السلفادوريين تعرضت لقصف الطائرات القاذفة التي ألقت البودرة السامة المنتجة في أمريكا والتي سببت مرضاً خطيراً ـ التهاب لحمة العين الباسوري.
وفي الصحافة ظهرت مراراً معلومات حول أن القوات الملهمة والمنظمة لاعداد الثورة الافغانية تحاول أن تنشر بين سكان أفغانستان أو بئة التهاب الدماغ واليرقان والامراض الاخرى بمساعدة المنتوجات السامة للمركز الطبي الاستقصائي في الباكستان والذي يعمل في إطاره مخبر لاهور الجرثومي الذي ينتج السلاح البيوكيميائي تحت رقابة الولايات المتحدة الامريكية.
إضافة تعليق جديد