السعودية وإيران: «اليمن» وكارثة الحج ترفعان منسوب التوتر
يسير التوتّر السعودي ـ الإيراني في منحىً تصاعديّ تجاوز، يوم أمس، نقطة التصعيد الكلامي بين الجانبين، وهو ما تبدَّى في إعلان «التحالف» السعودي الذي يقود حرباً ضدّ اليمن، ضبط زورق صيدٍ إيرانيّ يحمل أسلحة لجماعة «أنصار الله»، ما استدعى رداً إيرانياً وصف المزاعم السعودية بالشائعات التي تدخل في سياق «الحرب النفسية والأكاذيب»، في حين بدا كلام المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أقرب إلى التهديد بعدما توعَّد بردّ قاسٍ، على خلفية تأخر عودة جثامين الحجاج الإيرانيين الذين قضوا في كارثة التدافع في مِنى.
وفي خضمّ التوترات الناجمة عن كارثة التدافع في مِنى، الأسبوع الماضي، والتي راح ضحيّتها مئات القتلى والجرحى والمفقودين، غالبيتهم من الإيرانيين، أعلن «التحالف» الذي يفرض حصاراً بحرياً على اليمن منذ بدء حربه قبل ستة أشهر، ضبط زورق صيد إيراني قال إنَّه يحمل أسلحة لـ«أنصار الله»، في تطور يطرح تساؤلات كثيرة، خصوصاً لجهة توقيته.
التأخير في عودة جثامين الحجاج الذي أرجئ، حتى الآن، ثلاث مرَّات، ردَّ عليه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي الذي توعَّد بردّ «قاس وعنيف» إذا لم تقم السعودية «بواجبها» لإعادة جثامين 239 حاجاً إيرانياً قضوا في هذه المأساة، وذلك بعد ساعات على إعلان السعودية ضبط الزورق الإيراني.
ووفقاً لرواية «التحالف» السعودي، وهي الأولى في هذا السياق، فإنَّ من بين المعدات المضبوطة في الزورق يوم السبت الماضي، قبالة مدينة صلالة العُمانية، «18 قذيفة مضادة للدروع، و54 قذيفة مضادة للدبابات، ونظام توجيه للقذائف». وبالإضافة إلى القبطان، هناك 14 إيرانياً على متن الزورق، المسجل «مركب صيد» في إيران.
وقال بيان لـ«التحالف»، إنَّه تمّ «إحباط محاولة تهريب أسلحة للميليشيات الحوثية عن طريق سفينة صيد إيرانية»، وأشار البيان إلى أنَّ الأسلحة التي تم ضبطها تضمنت: «قذائف كونكورس مضادة للدروع، وقذائف مضادة للدبابات، وبطاريات قذائف، وأنظمة توجيه للنيران، وبطاريات مناظير، ومنصات إطلاق».
وتعليقاً على الواقعة، نفى مصدر مطّلع في وزارة الخارجية الإيرانية صحة «مزاعم احتجاز قوات التحالف السعودي قارب صيد إيرانياً يحمل على متنه أسلحة باتجاه اليمن»، منوهاً إلى أنَّ تناقل مثل هذه الإشاعات، يدخل في سياق الحرب النفسية.
ووصف المصدر، وفق ما نقلت عنه وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء، مزاعم احتجاز القارب في بحر عمان بـ «الأكاذيب والحرب النفسية»، مؤكداً أنَّ الشعب اليمني ليس بحاجة إلى أسلحة إيرانية للتصدي للمعتدين. وقال: «من الواضح أن لا أساس لعمليات اختلاق الأخبار وإلصاق التهم، إذ إنَّ قوات الائتلاف لجأت إلى سيناريو بالٍ ومتكرّر للتغطية على فضيحة كارثة مِنى».
وخلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلاب كلية الضباط للعلوم البحرية في نوشهر (شمال)، قال المرشد: «إذا تعرّض الحجاج وجثامين ضحايا الكارثة إلى إساءة، فإنَّ ردّ إيران سيكون قاسياً وعنيفاً»، مضيفاً أنَّ «مسؤولي البلاد يتابعون القضية، إلَّا أنَّ المسؤولين السعوديين لا يقومون بواجباتهم».
وخلال كلمته، أوضح خامنئي «مارسنا ضبط النفس حتى الآن، لكن السعوديين يجب أن يعلموا أنَّ إيران أقوى، وقدراتها أكبر، ولا يمكنها منافستنا على أيّ جبهة»، مؤكداً أنَّه «يجب أن يذهب ممثلون من إيران والعالم الإسلامي إلى السعودية ويحققوا في سبب حادثة الحج».
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قد ردَّ على الانتقادات الإيرانية أمس الاول، وقال لتلفزيون «العربية» إنَّ طهران تتدخل في شؤون الآخرين، مضيفاً أنَّه يرى في ما تقوله إيران تعارضاً مع مبدأ السيادة وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
وللمرة الرابعة منذ وقوع مأساة منى في 24 الشهر الحالي، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال السعودي، محذرةً من «التأخير واللامبالاة» في إرسال الجثامين والبحث عن المفقودين.
وأبلغ مدير الشؤون القنصلية في الوزارة علي جيكني الديبلوماسي السعودي «عدم موافقة عائلات الضحايا دفن جثث أقاربهم في السعودية. الجميع يطالب بالإسراع بنقل الجثامين»، محذراً من «اللامبالاة في ما يتعلق بكشف مصير المفقودين.. وتمهيد السبل للإسراع بالتعرف على هوية الضحايا ونقل جثامينهم الطاهرة إلى أرض الوطن».
وأعلنت السلطات الإيرانية، أمس، أنَّ أخبار السفير الإيراني السابق في بيروت، غضنفر ركن أبادي (49 عاماً)، انقطعت منذ حادث التدافع في منى.
ونفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم المعلومات التي نشرتها وسائل إعلام عربية تفيد بأنَّ ركن أبادي دخل السعودية باسم مستعار. وقالت: «دخل بجواز سفر عادي لأداء مناسك الحج.. وقدمنا للسعودية كل المعلومات المتعلقة بهويته وهوية الحجاج الآخرين المفقودين».
وأعلن علي أكبر ولايتي وزير الخارجية السابق ومستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، من دون ذكرهم، أنَّ «مسؤولين» إيرانيين «بين المفقودين او القتلى». ودعا السعودية الى اتخاذ «التدابير اللازمة» بشأنهم، في حين ذهبت بعض وسائل الإعلام إلى أبعد من ذلك، مشيرةً إلى احتمال تعرض ركن أبادي للخطف بعد حادث التدافع.
جنسيات الحجاج الذين قضوا في تدافع منى
في وقت لم تصدر فيه السلطات السعودية حتى اليوم الأربعاء لائحة تفصيلية بجنسيات الحجاج الذين لقوا حتفهم، على اثر حادث التدافع في منى بالقرب من مكة المكرمة، والذي أدى الخميس الماضي إلى مقتل 769 حاجَّاً وإصابة 934 آخرين بجروح، إلا أن بعض الدول أكدت عدد القتلى بين رعاياها.
وأعلنت كل من ايران مقتل 239 من مواطنيها، و مصر 75 قتيلاً، و نيجيريا 64 قتيلا، وأندونيسيا 57 قتيلاً، ومالي 53 قتيلاً.
أما الهند فقد أعلنت أنها فقدت في الحج 45 قتيلاً، وباكستان 40 قتيلاً، والنيجر 22 قتيلاً، والكاميرون 20 قتيلاً، وساحل العاج 14 قتيلاً، وتشاد 11 قتيلاً، والجزائر 11 قتيلاً.
كذلك أفادت الصومال عن مقتل ثمانية من مواطنيها الحجاج، والسنغال سبعة قتلى، والمغرب خمسة قتلى، فيما تشاركت كل من ليبيا وتنزانيا أربعة قتلى لكل منهما، وفقدت كينيا ثلاثة من حجاجها وتونس قتيلان.
وفقدت كل من بوركينا فاسو، وبوروندي، وهولندا قتيل واحد لكل منها، أما بنين فإنها لم تحدد عدد قتلاها من حجاج بيت الله الحرام.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد