السفارة الأمريكية ستتخلى عن موظفيها السوريين والدابي يرى تصاعداً للعنف بسوريا
حسمت موسكو موقفها أمس، مؤكدة رفضها مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، قدمته دول عربية وغربية، يشير إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك عشية وصول الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إلى نيويورك اليوم، تمهيدا لعقد اجتماع مع مجلس الأمن الثلاثاء المقبل لطلب «دعمه للخطة العربية».
وقدم الأوروبيون ودول عربية إلى مجلس الأمن مشروع قرار حول سوريا يستند على «الخطة» التي أعدتها الجامعة العربية وتطلب خصوصا تسليم الأسد صلاحياته لنائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين وإجراء انتخابات. واعتبر المندوب الألماني لدى الأمم المتحدة بيتر فيتيغ أن «لدينا فرصة اليوم لفتح فصل جديد حول سوريا».
وعلى الرغم من اعلان المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، بعد الاجتماع، أن موسكو مستعدة لإجراء نقاش حول مشروع القرار العربي ـ الأوروبي، فإنه أكد أن أجزاء من مسودة القرار بشأن سوريا غير مقبول.
وقال دبلوماسيون إن تشوركين أبلغ اجتماعاً مغلقاً لمجلس الأمن بأنه «يشعر بخيبة أمل كبيرة» تجاه مشروع قرار أوروبي ـ عربي يؤيد خطة جامعة الدول العربية بشأن سوريا.
ونقل دبلوماسيون عن تشوركين قوله إنه يختلف مع الجامعة العربية لمحاولتها «فرض حل خارجي» على الصراع في سوريا كما رفض فكرة فرض حظر للسلاح واستخدام القوة.
في هذا الوقت، تصاعدت وتيرة العنف في سوريا «بشكل كبير» بحسب رئيس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي، فيما أعلن معارضون سقوط عشرات القتلى من المدنيين والعسكريين.
وقبيل ساعات من عقد مجلس الأمن جلسته التشاورية، حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن «على الحديث بصوت موحد بشأن سوريا»، داعيا «دمشق للإصغاء إلى تطلعات شعبها».
لكن موسكو، التي انضمت إلى الصين في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مسودة قرار غربي في تشرين الأول الماضي يهدد دمشق بعقوبات وقدمت مسودة خاصة بها، أكدت إن النسخة الغربية ـ العربية غير مقبولة، ملمحة إلى استخدام الفيتو مجددا ضد أي قرار يدعو إلى تنحي الأسد.
ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله إن «أية قرارات تخص مستقبل التسوية السياسية في سوريا يجب أن تتخذ في إطار العملية السياسية، ومن دون فرض شروط مسبقة. أما المطلب باستقالة الأسد فإنه يعتبر احد الشروط المسبقة. ولذلك لن نؤيد الدعوة إلى تنحي الأسد عن منصبه إذا تضمنها أي قرار صادر عن مجلس الأمن».
وأضاف غاتيلوف «قام الفرنسيون أولا بإعداد مشروع القرار هذا. وإنهم يسلمون الآن المبادرة إلى الدول العربية وبصورة خاصة إلى المغرب الذي سيطرحه على مجلس الأمن. ويشير مشروع القرار الى خطة التسوية في سوريا التي قامت جامعة الدول العربية بإعدادها. ويتضمن مشروع القرار الدعوة إلى تأييد تلك الخطة».
وتنص خطة جامعة الدول العربية على ضرورة تسليم الأسد صلاحياته لنائبه، وتأليف حكومة وحدة وطنية خلال شهرين وإجراء انتخابات. وأعلن غاتيلوف أن التصويت على مشروع القرار الخاص بسوريا في مجلس الأمن الدولي محكوم عليه بالفشل. وقال إن «روسيا لا ترى أي مغزى في أن يطرح القرار الذي أعدته الدول الغربية والعربية والذي يتضمن دعوة الى استقالة الرئيس بشار الأسد وفرض عقوبات على سوريا للتصويت في مجلس الأمن الدولي».
وألمح غاتيلوف إلى أن موسكو ستستخدم حق النقض ضد المسودة العربية ـ الغربية. وقال «قد يحصل كل شيء. وقد يطالبون بإجراء التصويت العاجل، تجاهلا لرأي شركائهم. إلا أن هذا المشروع سيكون مشروعا فاشلا مسبقا، آخذا بعين الاعتبار وجهة نظرنا ورأي الشركاء الصينيين».
كما ألمح إلى استياء روسيا من عدم استبعاد مسودة القرار للتدخل العسكري ومن أنها تشير إلى عقوبات فرضتها جامعة الدول العربية على سوريا. وقال إن «روسيا قلقة من فقرة تقول إن مجلس الأمن سينظر في مدى تطبيق سوريا للقرار بعد 15 يوما ويتبنى إجراءات أخرى إذا لم تكن التزمت به». وتساءل «ما هي تلك الإجراءات؟ هذا هو السؤال».
وكرر غاتيلوف أن مسودة القرار الروسي ما زالت على الطاولة، موضحا أن المشروع الروسي على عكس المشروع الغربي «يركز على وجوب بدء مفاوضات سياسية بين الحكومة والمعارضة في سوريا والدعوة إلى وقف العنف فوراً من قبل كافة أطراف النزاع». وقال إن موسكو «تفترض أن مشروعنا ما زال مطروحاً على طاولة مجلس الأمن الدولي ونحن مستعدون لمواصلة العمل عليه. فنحن جاهزون بالطبع، لإدخال إضافات مناسبة في نصنا، وبالتحديد، تلك التي تتجاوب مع مهمة إطلاق العملية السياسية، والتي تتضمن دعماً لمواصلة بعثة مراقبي الجامعة العربية نشاطها».
وقال دبلوماسيون في مجلس الأمن إن الوفد المغربي التقى مع دبلوماسيين روس وصينيين أول أمس ليقدم إليهم احدث نسخة من مشروع القرار العربي الغربي.
وقال وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي، في مقابلة مع قناة «العربية» بثت أمس، إن «الجامعة العربية لن تسمح بالتدخل العسكري الأجنبي في سوريا، وإن هذا الأمر ليس مطروحا للنقاش». وأضاف إن «الجامعة العربية هي القناة الوحيدة التي يمكنها ان تجمع الطرفين من اجل انهاء هذه الازمة على اساس قرار يتفق عليه الجانبان، وإن هدف الجامعة العربية هو إخراج سوريا من هذه الأزمة من خلال خطة وآلية عربية».
وقال بن علوي إن الخطة العربية تشبه المبادرة الخليجية بخصوص اليمن، لكنه أشار إلى أن المبادرتين لن تكونا متشابهتين بسبب الاختلاف في المشكلة بين سوريا واليمن. وأضاف ان «مجلس التعاون الخليجي يعتقد ان مبادرته نجحت في إنهاء الأزمة اليمنية لكن المشكلة في سوريا ليست مشابهة لمشكلة اليمن». وأضاف ان «المعارضة الشرعية في اليمن تعمل مع الحكومة على إيجاد حل لكن المعارضة في سوريا منقسمة ولا تبحث عن حلول». ورأى ان «الحكومة السورية على الرغم من تعاونها مع الجامعة العربية لا تقبل كثيرا من قرارات الجامعة العربية».
وأعلن رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا محمد الدابي أن معدلات العنف في سوريا «تصاعدت بشكل كبير» خلال الأيام الثلاثة الأخيرة.
وقال، في بيان صدر في مقر الجامعة العربية في القاهرة، إن «معدلات العنف في سوريا تصاعدت بشكل كبير في الفترة من 24 إلى 27 كانون الثاني الحالي وخاصة في مناطق حمص وحماه وإدلب».
وأضاف إن «الوضع بما هو عليه الآن من عنف لا يساعد على تهيئة الظروف أمام القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري العربي في اجتماعه الأخير والتي تهدف إلى دفع كافة الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار». وطالب «بوقف العنف فورا حفاظا على أرواح أبناء الشعب السوري وإفساح المجال أمام الحلول السلمية»، مشيرا الى ان بعثة المراقبين «ستواصل مهامها حتى الآن برغم هذه الظروف».
من جهتها، أعلنت وكالة (سانا) «مقتل طفل وإصابة 11 شخصا بين مدني وعنصر أمن في انفجار عبوة في حي الميدان في دمشق تلاه اطلاق نار من قبل مجموعة ارهابية». كما اعلنت اصابة «عدد من المدنيين وقوات حفظ النظام بمنطقة قطنا بريف دمشق إثر انفجار عبوتين زرعتهما مجموعة ارهابية مسلحة في احد شوارع المدينة».
وفي القاهرة، اقتحم عشرات من المتظاهرين المعارضين مبنى السفارة السورية في القاهرة قبل أن تتمكن قوات الامن المصرية من صدهم، وحمّل السفير السوري السلطات المصرية مسؤولية هذا «التقصير».
وذكر موقع «آراب ديجيست» على الانترنت انه «علم من مصادر متعدد ان السفارة الأميركية (في دمشق) ستغلق أبوابها نهائيا في نهاية الشهر الحالي». وأضاف «تم إبلاغ الموظفين السوريين في السفارة الاميركية بالقرار، وبدأوا البحث عن عمل لهم في بيروت. كما تم إبلاغهم ان وزارة الخارجية ستواصل دفع رواتبهم لشهرين إضافيين بالرغم من إغلاق السفارة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد