الشرع: العماد سليمان رجل جيد وأصدقاء سورية في لبنان هم الأقوى

12-12-2007

الشرع: العماد سليمان رجل جيد وأصدقاء سورية في لبنان هم الأقوى

لا يطيق الفراغ نفسه، ولو كان «هادئا» و«منظما» حتى الآن، خاصة أن المطروح لملئه يكاد يكون مرشح إجماع لبناني واقليمي ودولي، فمن أين تأتي العقد؟ من الداخل والتباساته السياسية والدستورية أم من الخارج أم من الاثنين معا ولو بنسب متفاوتة؟
لا أحد يملك جوابا حصريا على هذا السؤال، لكن محاولة رصد بعض مناخات عواصم القرار الاقليمي والدولي، تظهر أن قوة الدفع الخارجي باتجاه التوافق على خيار العماد ميشال سليمان، تسير في اتجاه ثابت، بينما تبدو، وللمرة الأولى منذ ثلاث سنوات تقريبا، العقد الداخلية «متفوقة» على عقد الخارج، لاعتبارات متصلة بالتوازنات الطائفية والسياسية وبحسابات المرحلة الانتقالية الممتدة منذ الآن وحتى موعد الانتخابات النيابية في ربيع العام .2009
واللافت للانتباه أن مصادر دبلوماسية عربية ذهبت الى حد التحذير من أن التعقيدات اللبنانية في الموضوع الرئاسي باتت تؤثر سلبا على بعض الانفراجات في العلاقات الاقليمية والدولية، ودعت جميع اللبنانيين الى عدم تضييع هذا الظرف الاقليمي من أجل انجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت ممكن.
ولم يلغ واقع التأزيم في الخطاب السياسي على خطي الموالاة والمعارضة، حقيقة أن الجهود التوافقية كانت ما تزال مستمرة، لا بل هي الشغل الشاغل للفريقين معا، وذلك في اتجاه ايجاد مخارج على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، خاصة في ظل قناعة بدأت تتبلور بأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة الاثنين المقبل، قد تكون الفرصة ما قبل الأخيرة لملء الفراغ الرئاسي قبل الدخول طوعا في «الفترة القاتلة» اعتبارا من بداية العام الجديد ولغاية منتصف آذار المقبل على اقل تقدير، والتي يستحيل خلالها تعديل الدستور، ما قد يهدد بتعطيل امكان فتح باب القصر الرئاسي للعماد ميشال سليمان، او على الاقل، قد يرجئ فتح الباب أشهرا عدة.
وتزامنت الوقائع الداخلية، مع حركة خارجية مواكبة، تجلت في موقف فرنسي عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، الذي تحدث عن عقبات دستورية وسياسية في آن معا، في حين حث وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل اللبنانيين على تغليب المصلحة الوطنية، مؤكدا ان لا خيار امامهم الا ان يتفقوا، فيما اعرب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع عن ثقة دمشق بقائد الجيش العماد ميشال سليمان، مؤكدا ان سوريا ليست بوارد العودة الى لبنان، معتبرا ان حلفاء دمشق في لبنان اقوى من اي وقت مضى، وقال ان الجميع يطالبون سوريا اليوم بالتدخل في لبنان.

وبرزت، في الوقت نفسه، الجولة التي قام بها العماد سليمان الى منطقة جنوب الليطاني وتفقده وحدات الجيش وقوات «اليونيفيل» وتأكيده على دور الجيش في حماية انجاز التحرير، واصراره على استمرار تمسك الجيش بعقيدته الوطنية، وصون امن المواطنين واستقرارهم، والحفاظ على الحريات العامة والعيش المشترك.
في غضون ذلك، جرت مشاورات مكثفة وبعيدة عن الاضواء، بين قيادات المعارضة، شكلت عين التينة محورها الاساس بجملة اتصالات ولقاءات أجراها الرئيس نبيه بري وأبرزها، ليل أمس، مع المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل.
كما برزت في المقابل حركة مشاورات مكثفة في جانب الموالاة، تركزت، حسب قيادي بارز في 14 آذار، «على دراسة سبل مواجهة المرحلة المقبلة، والبحث عن المخارج الممكنة للازمة الراهنة، قبل انتهاء العقد العادي للمجلس النيابي آخر الشهر الجاري».
وجاء في هذا الاطار الاجتماع الوزاري التشاوري الذي عقد مساء امس في السراي، وكذلك الاتصالات التي اجراها الرئيس فؤاد السنيورة بوزيري خارجية السعودية ومصر والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وكذلك في الاتصال الذي تلقاه من الممثل الاعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا.
وقال مصدر حكومي لبناني لـوكالة «فرانس برس» ان السنيورة عرض مع الثلاثة «حقيقة قرار التعطيل الحاصل»، مشيرا الى ان هذا التعطيل يدل على ان «القوى المعارضة لا تريد انتخاب رئيس وتريد استمرار الفراغ».
وتزامن ذلك، مع ايفاد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الوزير مروان حمادة والنائب وائل ابو فاعور للقاء البطريرك الماروني نصرالله صفير، الذي اعرب عن استيائه لما وصلت اليه الامور في ملف الاستحقاق الرئاسي، رافضا تحديد المسؤوليات في هذا الموضوع مكتفيا بالقول «لا تسألوني، اسألوا المسؤولين عن ذلك».
وبدا ان الخطاب العلني للموالاة يركز على استحضار خيار النصف + 1 مجددا، باعتباره الخيار المتبقي امام هذا الفريق، بالاضافة الى إطلاق تلميحات حول القيام بخطوات نوعية جديدة على مستوى الحكومة والترويج أيضا لخطة الرابع عشر من آذار من الآن وحتى نهاية العام الحالي وبعدها لجهة استعادة خيار نسيب لحود وبطرس حرب ومعهما النصف زائدا واحدا.
غير أن الاتصالات التي شارك فيها بفعالية السفيران السعودي عبد العزيز خوجة والمصري أحمد البديوي، وكذلك السفيران الأميركي جيفري فيلتمان والقائم بالاعمال الفرنسي اندريه باران ومندوب الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون، أظهرت أن البحث عن مخارج ظل هو الأساس.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية واسعة الاطلاع في بيروت ان العمل يجب أن ينصب على عقد جلسة التعديل والانتخاب في الوقت نفسه، وذلك من أجل تجنب أزمة الثقة القائمة بين الفريقين، وفي موازاة ذلك، يحصل الجميع على ضمانات حول الحكومة، ولا تعود هناك مشكلة حول قضية التعديل الدستوري.
وقال مصدر حكومي ان ابواب التسوية لم تقفل نهائيا، برغم تصعيد الموقف وارتفاع المؤشرات السلبية. واشار الى ان الاطراف المعنية وخصوصا في الحكومة، «دخلت في نقاش واسع لاستكشاف آفاق المستقبل، فيما لو تبين اننا سنبقى في حالة الفراغ».
وحمّل المصدر الحكومي الرئيس بري «مسؤولية اقفال منافذ التسوية من خلال اصراره على تجاوز الحكومة في موضوع التعديل الدستوري»، وقال «نحن لا نريد ان نسجل غلبة على احد ومن حق المعارضة ان يعود وزراؤها ولو لجلسة واحدة، مع ابداء التحفظ على الجلسات والقرارات السابقة، فهذا برأينا هو الحل الاسلم. وان طرح عدم شرعية الحكومة، وتجاوزها، هو الذي يقفل باب التسوية، وبالتالي فان الكرة باتت اليوم في ملعب المعارضة.
واشار المصدر الى أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أجرى اتصالات بعيدة عن الأضواء مع عدد من قيادات الأكثرية باتجاه الحلحلة، كما أن الرئيس المصري حسني مبارك بعث برسائل لعدد من القيادات أبرزها العماد ميشال عون يدعو فيها الى تسهيل انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
وفي المقابل، ابلغ قيادي بارز في المعارضة أن التصعيد «الذي افتعله فريق 14 اذار منذ عودة سعد الحريري من السعودية، وبعد الحركة الواضحة للسفير الاميركي، ليس اكثر من محاولة لالتقاط الانفاس، والحد من الخسائر واعادة لملمة للصفوف والحد من حال التفكك الذي اصاب هذا الفريق.
واعتبر القيادي المذكور ان لا جدية في اعادة طرح النصف + 1 ولا كل ما يقال حول خطة جديدة على صعيد الحكومة أو المجلس النيابي، مستغربا كيف ان الاكثرية تعلن حرصها على الدستور وتعنون حملتها على المعارضة بشعار التمسك بالدستور، ثم تطرح النصف + ,1 علما ان هذا الامر في منتهى الخطورة وله تبعات سلبية قاسية على من يرتكبه.
واذ حذر القيادي المعارض من اية مجازفة او مغامرة يمكن ان تجر الى خيارات سلبية، اشار الى طريقين لا ثالث لهما للحل، الاول وهو القبول بالتعديل الدستوري وفق آلية لا تعطي الحكومة اي شرعية، والثاني هو التفاهم السياسي على كل تفاصيل ما بعد الانتخابات الرئاسية. وقال المصدر ان المعارضة تنتظر، وكلما مر الوقت، ازداد ثقله على الجهات المعطلة.
الى ذلك، اعتبر نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، أمس، أن «أصدقاء سوريا الآن هم في وضع أقوى وأصلب من أي وقت آخر، حتى وعندما كانت القوات السورية داخل لبنان. عندما كنا داخل لبنان كنا لا نعرف من هو الكاذب، ومن هو محق فعلا، الحليف والمتملق، من معنا قلبا وقالبا وهم قوة حقيقية على الأرض، ولا يستطيع أحد في لبنان حتى ولو استعان بقوة خارجية أن يكسب المعركة ضد سوريا».
ورأى الشرع في لقاء سياسي عقده ضمن اجتماعات فروع القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية في دمشق، أنه لا عودة عسكرية أو أمنية سورية إلى لبنان، موضحا أن «وضعنا الآن أقوى وأفضل، وحتى أخلاقيا أفضل من أن نكون عسكريا ولا نعرف الصديق من الانتهازي. الآن نعرف الصديق من الانتهازي».
وحول دور دمشق في لبنان، أوضح الشرع «يطلب منا الجميع الآن أن نتدخل، وأن نضغط على حلفائنا (ميشال) عون ونبيه بري وحزب الله ووئام وهاب وأسامة سعد و(عمر) كرامي وسليمان فرنجية، هؤلاء حلفاء سوريا ولديهم وجهات نظر، ونحن ساهمنا في لبننة الموضوع، أي حدينا من التدخلات الخارجية».
ووصف الشرع العماد سليمان بالرجل الجيد، موضحا أنه «مؤيد من قبل سوريا، لكن هناك شكوى أنهم طرحوه للمناورة، وليسوا على استعداد للبحث في رئيس الحكومة التوافقي والثلث الضامن الذي كان مسار بحث منذ أشهر، من هنا وقفت الحكومة عند هذه النقطة».
من جهته، قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، خلال مؤتمر صحافي في الرياض، «إن المملكة تتابع باهتمام بالغ المشاورات القائمة لحل أزمة الرئاسة (في لبنان)، وتحث كافة الأطراف اللبنانية إلى تسريع ومضاعفة الجهود للوصول إلى حل توافقي لانتخاب رئيس للجمهورية، من منطلق تغليب المصلحة الوطنية على سائر الاعتبارات الأخرى بهدف الحفاظ على امن ووحدة واستقرار لبنان».
وأضاف الفيصل «لا خيار لهم (اللبنانيون) إلا أن يتفقوا حول موضوع انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق، لأن الخيار الثاني هو أن يبقى لبنان من دون رئيس ويبقى الفراغ الدستوري». وأضاف «لا أرى أن اختيار رئيس للجمهورية أو عدم اختياره فيه مصلحة لطرف على حساب الطرف الأخر، وايا كانت هذه المشاكل بين الحكومة والمعارضة، وتحت أي ظرف، لا يمكن أن تكون هذه المسألة (اختيار الرئيس) مشكلة بينهم، لأن من مصلحة الجميع أن تكون العملية الدستورية سارية المفعول».

المصدر: السفير
  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...