المفاوضات العراقية لا تنتج توافقاًً

05-07-2014

المفاوضات العراقية لا تنتج توافقاًً

طغى الغموض على مسار المفاوضات السياسية في العراق أمس، حيث كان لافتاً تأكيد رئيس الوزراء نوري المالكي عدم «التنازل أبداً عن الترشح لمنصب رئيس الوزراء» غداة إعلان رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي سحب ترشحه لرئاسة السلطة التشريعية ضمن ما بدا أنه صيغة تسوية قال إنها متفق عليها تراعي الاعتبارات الداخلية لـ«التحالف الوطني» وتستوجب انكفاء خصمه السياسي عن مواصلة سباق المنافسة على ولاية ثالثة. وجاء ذلك في وقت وجهت المرجعية الدينية الأعلى انتقاداً واضحاً للطبقة السياسية، إذ اعتبرت أنّ الجلسة الأولى للبرلمان الجديد أنتجت «إخفاقاً يؤسف له»، مشددة على أنّ «الإسراع» في تشكيل حكومة «تحظى بقبول وطني واسع، أمر في غاية الأهمية».
ووسط الضبابية التي أنتجها هذا المشهد قبل أربعة أيام من الجلسة الثانية للبرلمان العراقي الجديد، كانت القوات العراقية، المنهمكة في حربها ضد جماعات متطرفة يقودها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، تحقق انتصاراً رمزياً في محافظة صلاح الدين، حين نجحت في بسط سيطرتها على قرية العوجة مسقط رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وفي حدث لافت، فبعد ورود معلوماتمقاتلات من قوات "البشمركة" يشاركن في تدريبات عسكرية في السليمانية أمس الأول (أ ب) أمنية رسمية تحدثت عن إصابة زعيم «داعش» أبي بكر البغدادي في قصف جوي عراقي استهدف مدينة القائم الحدودية مع سوريا، ذكر مصدر إعلامي مقرّب من «داعش» أنّ الأخير زار «ولاية نينوى» وصلى بالناس في «المسجد الكبير» وعرّفهم بنفسه، وكإجراء احترازي قطع «داعش» الاتصالات في المدينة.
وفي مدينة كربلاء، قال ممثل المرجع الديني السيّد علي السيستاني في خطبة «صلاة الجمعة» السيّد احمد الصافي إنّ «الإسراع بتشكيل الحكومة وفقاً للأطر الدستورية مع رعاية أن تحظى بقبول وطني واسع، أمر في غاية الأهمية».
وأضاف «كما من المهم أن يكون الرؤساء الثلاثة، رئيس البرلمان ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، منسجمين في ما بينهم في وضع السياسات العامة للبلد وقادرين على حل المشاكل التي تعصف به وتدارك الأخطاء الماضية».
وانتقد الصافي البرلمان العراقي، قائلا «انعقدت أولى جلسات البرلمان الجديد وفقاً لما نص عليه الدستور، وتفاءل المواطنون أن يكون ذلك بداية جيدة للمجلس للالتزام بالنصوص الدستورية والقانونية، ولكن ما حصل من عدم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه كان إخفاقاً يؤسف له».
وفي بيان نشره على موقع رئاسة الوزراء العراقية أمس، قال المالكي إنّ «الانسحاب من أرض المعركة مقابل التنظيمات الإرهابية المعادية للإسلام والإنسانية، يعد تخاذلا عن تحمل المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية، وإني قد عاهدت الله بأني سأبقى أقاتل إلى جانب أبناء القوات المسلحة والمتطوعين حتى إلحاق الهزيمة النهائية بأعداء العراق وشعبه». وأضاف «أجدد شكري وتقديري واحترامي لجميع الأخوات والإخوة الذين انتخبوني ووثقوا بي والإخوة الأعضاء في ائتلاف دولة القانون، وأقول بكل عزم وقوة إني سأبقى وفياً لهم وللعراق وشعبه، ولن أتنازل أبدا عن الترشيح لمنصب رئيس الوزراء، فائتلاف دولة القانون هو الكتلة الأكبر، وهو صاحب الحق في منصب رئاسة الوزراء وليس من حق أي جهة أن تضع الشروط، لأنّ وضع الشروط يعني الديكتاتورية، وهو ما نرفضه بكل قوة وحزم».
وجاء إعلان المالكي في وقت كان التصور العام يشير إلى اقتراب نجاح مفاوضات تفضي إلى تخليه عن الحق في الترشح إلى منصب رئاسة مجلس الوزراء بالتزامن مع انسحاب رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي من السباق الانتخابي لتولي رئاسة البرلمان في ولاية ثانية.
ومساء أمس الأول، أعلن النجيفي أنه لن يرشح نفسه لرئاسة البرلمان لفترة جديدة ليسهل على الأحزاب السياسية مسألة اختيار بديل للمالكي. وقال، في كلمة نُشرت على صفحته على موقع «فايسبوك» في وقت متأخر مساء أمس الأول، «إنني أقدر عاليا طلبات الإخوة في التحالف الوطني الذين يرون أنّ (رئيس الوزراء العراقي نوري) المالكي مصرّ على التمسك برئاسة مجلس الوزراء في حالة ترشحي لرئاسة مجلس النواب»، مضيفاً «تقديراً لهم وحرصاً على تحقيق مصلحة الشعب والوطن والدفاع عن المظلومين وأصحاب الحقوق، جاء قراري بأنني لن أترشح لرئاسة المجلس».
وقال علي شبر، وهو القيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي» الذي يتزعمه أحد أقطاب «التحالف الوطني» السيّد عمار الحكيم، إنّ «خطوة النجيفي إيجابية وتصب في سياق إيجاد حلول للأزمة. إلا أن السيّد المالكي في المقابل أصبح بموقفه الأخير يعطي صورة للمتمسك بالسلطة. ويتصرف بعكس ما يريده التحالف الوطني والمرجعية الدينية التي شددت على التغيير». وأضاف أن «خطوة المالكي هذه، تعني أنّ المشاكل ستبقى عالقة».
ولدى تعليق شبر على كلام النجيفي في أنّ «التحالف الوطني» أبلغه أنّ سحب ترشيحه سيكون مقابل إجراء مماثل للمالكي، قال «حقيقة سمعت من قيادات عليا في البلاد اجتمعوا مؤخرا أنهم أبلغوا النجيفي بذلك».
من جهته، نفى ائتلاف «دولة القانون» وجود علاقة بين موقف النجيفي والتنازل المزعوم للمالكي عن تجديد ولايته. وقال عضو الائتلاف محمد سعدون صهيود، «ما أعلن عنه النجيفي غير صحيح، فمنصب رئيس الوزراء استحقاق انتخابي وشعبي للتحالف الوطني الذي يعي أن هذا المنصب من حصة دولة القانون بعد حصوله على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان (أكثر من 90 مقعدا من أصل 328)». وجدد صيهود موقف ائتلافه بأن المالكي «مرشح أوحد» لرئاسة الحكومة الجديدة.
في سياق متصل بالأزمة العراقية، بحث نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الوضع في العراق في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في إطار جهود واشنطن المزعومة لدى الأفرقاء في المنطقة لدعم تشكيل حكومة وحدة عراقية. وقال البيت الأبيض في بيان مساء أمس الأول، إنّ الطرفين «توافقا على أهمية دعم الأمن والاستقرار في العراق والتعاون مع جميع المكوّنات».
ميدانياً، استعاد الجيش العراقي أمس السيطرة على قرية العوجة في محافظة صلاح الدين، وهي مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين، في انتصار رمزي ضمن مساعيه لاستعادة مساحات كبيرة من الأراضي التي استولى عليها مسلحون في شمال البلاد وغربها، وتحديداً ضمن محاولاته لاستعادة مدينة تكريت.
وقالت وسائل إعلام رسمية إنّ القوات الحكومية مدعومة بطوافات ومتطوعين استعادت قرية العوجة في معركة استمرت نحو ساعة. ونقل التلفزيون الرسمي عن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة قاسم عطا قوله إنه تم «تطهير» العوجة تماماً وقتل 30 مسلحاً. وتقع العوجة على بعد ثمانية كيلومترات جنوبي مدينة تكريت التي لا تزال في أيدي المسلحين منذ أن شن تنظيم «داعش» هجوماً مباغتاً في شمال العراق الشهر الماضي. وبدأت الحملة لاستعادة تكريت يوم 28 حزيران الماضي لكن الجيش فشل حتى الآن في استرداد المدينة.
ميدانياً كذلك، قُتل العشرات من مقاتلي «داعش»، من بينهم سعوديون وشيشانيون، في قصف جوي نفذته طائرات مقاتلة من طراز «سوخوي» تسلّمها الجيش العراقي الأسبوع الماضي، على محافظة صلاح الدين، وفق ما ذكرت وسائل إعلام عراقية. ونقلت قناة «العراقية» عن مصادر أمنية قولها إنّ «82 إرهابياً» قتلوا في قضاء الشرقاط شمالي محافظة صلاح الدين، من بينهم 60 مسلحاً، معظمهم من جنسيات سعودية وشيشانية، قضوا بقصف جوي أثناء تجمعهم في منطقة العبد التابعة لجرف الصخر.
إلى ذلك، قتل 15 شخصا على الأقل بينهم جنود وأصيب نحو 25 في تفجير سيارة يقودها انتحاري عند مدخل مقر عسكري على بعد نحو 15 كيلومترا إلى الجنوب من مدينة سامراء، بحسب ما أفاد مصدر أمني.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...