الوسطاء الأمريكيون يتوافدون إلى إسرائيل: المفاوضات تنطلق غداً
يبدأ اليوم «القطار الجوي» الأميركي في الهبوط في مطار اللد في محاولة لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل للمرة الأولى في عهدي إدارة باراك أوباما وحكومة بنيامين نتنياهو. وفيما يجري الحديث عن مفاوضات «عن قرب» فإن إسرائيل تتحدث عن أن هذه ليست سوى مرحلة تمهيدية قصيرة لإطلاق المفاوضات المباشرة، حتى في ظل استمرار الاعتداءات على الحرم القدسي.
وتسود في إسرائيل تقديرات بأن الإدارة الأميركية كانت تأمل في إطلاق المفاوضات التقاربية قبل وصول نائب الرئيس جون بايدن يوم الاثنين ولكنها تشدد على أن انطلاقتها لن تتأخر عن فترة وصوله.
وكانت الأنباء قد تحدثت عن أن المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل وطاقمه سيصلون مساء اليوم إلى مطار اللد، وسيبدأون اتصالاتهم غدا. ومن المنطقي الافتراض أن يوم غد لن يشهد عملا كثيرا مما يوفر فرصة لإطلاق الجهد الأميركي ابتداء من يوم الاثنين، موعد وصول بايدن.
ويبدو أن زيارة بايدن، التي يجري تصويرها وكأنها تقع في إطار إطلاق المفاوضات, هي في الغالب، استجابة لضغوط من اللوبي اليهودي على إدارة أوباما لإحداث توازن مع بادرات حسن النية التي قدمها الرئيس أوباما للعرب والمسلمين بزيارته للسعودية ومصر، وخطابه في القاهرة.
ومن المقرر أن يلقي بايدن خطابا أمام طاقم وطلاب جامعة تل أبيب يؤكد فيه بعبارات قوية استمرار التزام أميركا بأمن إسرائيل. وثمة من يحاول وضع زيارة بايدن في إطار الرغبة الأميركية في التأكد من أن إسرائيل لن تبادر إلى عمل عسكري ضد إيران من دون التنسيق مع الولايات المتحدة، لكن ذلك لا يبدو تبريراً منطقياً للزيارة.
وكان نتنياهو قد رحب بزيارة بايدن «صديق إسرائيل منذ سنوات, والذي ستسهم زيارته في تقدم العملية السياسية». وأشار إلى أن الهدف هو «محاولة التوصل إلى تسوية سلمية مع جيراننا الفلسطينيين عبر محادثات مباشرة». وتعتبر الحكومة الإسرائيلية موافقة السلطة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات تأكيدا لواقع أن الضغط مجد في السياسة. فالإدارة الأميركية والدول العربية المعتدلة مارست ضغوطا على قيادة السلطة بحيث بات «استئناف العملية السياسية واقعا قائما». ومن المعروف أن الصيغة التي تم التوافق عليها هي استئناف المفاوضات غير المباشرة بوساطة أميركية مباشرة.
ورغم سعي حكومة نتنياهو الشديد إلى إعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات لأغراض سياسية ودعائية، فإن وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان ليس متفائلا. وقد انتقد ليبرمان قبول حكومته بمبدأ المفاوضات غير المباشرة معتبرا أن ذلك تجاوب مع تعنت فلسطيني.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر فلسطيني أن الإدارة الأميركية تعهدت خطيا بأن تعلن عن الجهة التي لن تلبي التوقعات أو تعرقل التوصل إلى اتفاق. وأشارت إلى أن هذا التعهد لعب دورا بارزا في قرار وزراء لجنة المتابعة العربية في دفع الفلسطينيين نحو استئناف المفاوضات استجابة للمبادرة الأميركية.
وبحسب «هآرتس» فإن الوثيقة تظهر أن الأميركيين تعهدوا بأن يكونوا فاعلين في المفاوضات، وأن يقدموا أفكارا، وأن يضغطوا على الجانبين للتعامل بجدية واستقامة ونية حسنة. وتشدد الوثيقة الأميركية على أن الهدف النهائي من المفاوضات هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، وأن تكون ذات أراض متصلة، وتنهي الاحتلال القائم منذ العام 1967. ويتناقض الإعلان عن وجود مثل هذا التعهد مع ما سبق أن نقل عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام مؤتمر وزراء الخارجية العرب بأنه لم يحصل من الأميركيين على شيء.
وتشير «هآرتس» إلى أن الوثيقة تبين أن الولايات المتحدة أخذت علماً بموقف الفلسطينيين الرافض إقامة دولة بحدود مؤقتة، وأن واشنطن تلتزم بموقفها الذي عبرت عنه في خريطة الطريق، وهو وجوب تجميد إسرائيل البناء في المستوطنات، وتفكيك المواقع التي أنشئت بعد آذار من عام 2003.
ومع ذلك تضيف «هآرتس» أن الفلسطينيين لم ينالوا من الأميركيين موافقة على أن ترتكز حدود الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967، وأن النص يتحدث فقط عن زوال الاحتلال الذي بدأ عام 1967. وفضلا عن ذلك لم يقدم الأميركيون أية ضمانات للفلسطينيين بشأن تجميد البناء في المستوطنات.
وكانت الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي قد ألقت بظلال قاتمة على مستقبل المحادثات المقررة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن هذه الاعتداءات تمس بشكل كبير بفرص التقدم بالعملية السياسية.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد