انتقال الحرب العراقية إلى داخل الكونغرس الأمريكي

11-04-2007

انتقال الحرب العراقية إلى داخل الكونغرس الأمريكي

الجمل:     تتضمن الحرب –أي حرب- صراعاً مزدوجاً سياسياً عسكرياً، بحيث يشكل أحدهما امتداداً للآخر، وبإسقاط هذه القاعدة النظرية على الحرب العراقية، نجد أن الصراع المزدوج يتمثل في الآتي:
• عسكرياً: في العمليات الحربية الجارية حالياً داخل الأراضي العراقية وبالذات معركة تأمين بغداد.
• سياسياً: في المواجهة بين صقور الإدارة الأمريكية المطالبين باستدامة استمرار احتلال العراق، والنواب الديمقراطيين الرافضين للغزو والاحتلال والمطالبين بسحب القوات الأمريكية من العراق.
المعركة السياسية يتمثل مسرحها الأساسي في العاصمة الأمريكية واشنطن، أما المعركة السياسية فمسرحها الأراضي العراقية.
أطراف الصراع في المعركة السياسية تتمثل في الكابيتول هيل (الكونغرس الأمريكي) والإدارة الأمريكية (البيت الأبيض، البنتاغون، والخارجية الأمريكية، وأجهزة الأمن والمخابرات الأمريكية)، أما أطراف الصراع في المعركة السياسية فتتمثل في القوات الأمريكية وقوات الأمن العراقية المدعومة أمريكياً، في مواجهة الميليشيات العراقية الرافضة للاحتلال الأمريكي، والتي أصبحت تضم الميليشيات السنية، وميليشيات جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
برغم الفاصل الجغرافي بين بغداد وواشنطن، إلا أن منطق قواعد الصراع قد جعل من المعركتين تمثلان شيئاً واحداً، شديد الترابط، وعالي الاستجابة للتغيرات المتبادلة، ومن أبرز الجوانب الدالة على ذلك:
- خسائر القوات الأمريكية العسكرية والمالية في العراق أدت إلى دفع الرأي العام الأمريكي لكي يغير تأييده لحرب العراق، ويقوم بدعم ترشيح الديمقراطيين للكونغرس، الأمر الذي أدى إلى سيطرة الديمقراطيين وإضعاف موقف الجمهوريين في الكونغرس.
- استخدام الديمقراطيين للكونغرس (السلطة التشريعية) كسلاح للانسحاب وإنهاء الحرب في مواجهة استخدام الجمهوريين للبيت الأبيض والإدارة الأمريكية (السلطة التنفيذية) كسلاح للاستمرار في الحرب والاحتلال.
- لجوء الجمهوريين إلى خيار التصعيد العسكري بحيث تتم مواجهة التمرد العراقي عن طريق إرسال المزيد من القوات الأمريكية وعدم الالتزام بتحديد أي جدول زمني للانسحاب، وفي المقابل لجأ الديمقراطيون إلى خيار مقاومة التصعيد العسكري عن طريق فرض القيود والضوابط على النفقات والمخصصات المالية وفقاً لحق الكونغرس الدستوري في ضبط الميزانيات الأمريكية.
وعموماً فإن تطور المواجهة بين الأطراف سوف يتحدد مسارها وفقاً للسيناريوهات الآتية:
• سيناريو التصعيد: إذا تشددت الأطراف الأمريكية في مواقفها، فسوف تحدث مواجهة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خاصة إذا استخدمت إدارة بوش حق الفيتو ضد قرارات الكونغرس المتعلقة بحرب العراق، وسوف يضر هذا السيناريو كثيراً بموقف الرئيس بوش داخل الحرب الجمهوري (الذي أصبح منقسماً بين جماعة المحافظين الجدد، وجماعة المحافظين التقليديين) وأيضاً سوف يضر بموقف الحزب الجمهوري في وسط الرأي العام الأمريكي الذي أصبح أكثر تأييداً لعملية سحب القوات الأمريكية من العراق.
• سيناريو التهدئة: تحاول الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض تحقيق التهدئة في الصراع والمواجهة مع الديمقراطيين، وقد دعا الرئيس بوش إلى اجتماع قمة مع الديمقراطيين من  أجل مناقشة الملف العراقي، وذلك بغرض تبادل وجهات النظر معهم وإقناعهم بتوجهات الإدارة الأمريكية الحالية إزاء العراق وسوريا وإيران.
وفي معرض التعليق على السيناريوهين، فإن سيناريو تصعيد المواجهة في واشنطن سوف يؤدي إلى التعجيل بخروج أمريكا من العراق، وحلحلة الكثير من الملفات الشرق أوسطية، وإضعاف التوجهات الليكودية داخل إسرائيل.. الأمر الذي يؤدي لفتح المجال أمام احتمالات حدوث عملية سلام شاملة في الشرق الأوسط.
أما  بالنسبة لسيناريو التهدئة، فإن احتمال حدوثه ضئيل للغاية، وذلك بسبب تشدد الأطراف الأمريكية في مواقفها، ولكن إذا حدث فإن العمليات العسكرية سوف تحتدم داخل العراق، وترتفع احتمالات توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد إيران، وتنقطع حركة التفاهم والحوار مع سوريا، ويجد تيار الليكود داخل إسرائيل فرصة للانقضاض على السلطة في تل أبيب، على النحو الذي يؤدي إلى إشعال الحروب في منطقة شرق المتوسط، وبالذات في جنوب لبنان، والأراضي الفلسطينية.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...