باتفاق سوري- فرنسي- أمريكي: الآذاريون يتفقون على سليمان رئيساً

03-12-2007

باتفاق سوري- فرنسي- أمريكي: الآذاريون يتفقون على سليمان رئيساً

خطت قوى الرابع عشر من آذار خطوة سياسية كبرى، بإعلان تراجعها عن موقفها المبدئي الرافض لتعديل الدستور ومبادرتها الى ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية اللبنانية وإطلاقها الآليات الدستورية في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن.
وجاء موقف فريق الأكثرية، بعد سلسلة اتصالات على مدى تسعة أيام تقريباً، أي منذ فشل المبادرة الفرنسية في الثاني والعشرين من تشرين الثاني الماضي، حيث تقاطع مناخ التفاهم الأميركي الفرنسي السوري، على خيار ميشال سليمان، مع رغبة فريق الأكثرية بإحراج رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ومعه المعارضة اللبنانية، في إنتاج آلية «الخرطوشة الأخيرة»، التي سارعت المعارضة الى ملاقاتها إيجابا ولو بالمفرق وليس بالجملة كما فعلت قوى الرابع عشر من آذار.
وفي موازاة إعلان الأكثرية ترشيحها للعماد سليمان، أعلنت وكالة «سانا» أن الرئيس بشار الأسد تلقى اتصالاً من نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، هو الثاني بينهما منذ العشرين من تشرين الثاني، وبحثا خلاله «تطورات الأوضاع الأخيرة في لبنان واستمرار التشاور بين البلدين بهذا الشأن».
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية في باريس ان ترشيح سليمان «هو جزء من آلية دولية ـ إقليمية»، وأن واشنطن وباريس ودمشق «توزعت المهام في ما بينها»، اذ أنجز الأميركيون المطلوب منهم وبقي على دمشق أن تقنع حلفاءها، فيما المطلوب من باريس تسهيل انخراط المسيحيين وخاصة العماد ميشال عون في التسوية، وأشارت الى أن رئيس مجلس النواب اللبناني طلب صراحة من وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير خلال اتصال هاتفي قبل يومين، أن تقدم بلاده مساعدة في هذا الإطار.
ولم تستبعد المصادر نفسها إمكان أن يتوجه وزير خارجية فرنسا الى بيروت في المرحلة المقبلة «ولكن لا مواعيد نهائية حتى الآن»، وأوضحت أن وزير خارجية سوريا وليد المعلم سيزور باريس في السابع عشر من الجاري للمشاركة في اجتماع الدول المانحة المخصص من أجل فلسطين.
وبعد ترشيح العماد سليمان رسمياً من قبل الأكثرية، في ظل دعم دولي وإقليمي متزايد، بدت الخطوة الثانية محلياً، متصلة بأمرين أساسيين، أولهما التوافق مع العماد عون على حصته السياسية في الحكومة الجديدة التي بات مرجحاً أن تكون برئاسة النائب سعد الحريري، وثانيهما إنجاز الآلية الدستورية التي كثر اللغط حولها، فيما كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤكد بعد صدور موقف 14 آذار أن موضوع الآلية «مضمون ولن تكون هناك أية مشكلة وهذا الموضوع أخذته على عاتقي منذ اللحظة الأولى وأنا مسؤول عن ذلك».
ولكن الرئيس بري ربط بين السير بالآلية الدستورية وبأسرع وقت ممكن، وبين التوافق المسبق مع العماد عون، ناصحاً فريق الأكثرية وخاصة رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري أن ينجز التفاهم مع العماد عون حول موضوع الحكومة قبل أن تنطلق آلية التعديل الدستوري على قاعدة التوافق السياسي الإجماعي.
وقال بري إنه منذ لحظة إعلان العماد عون موافقته على ترشيح العماد ميشال سليمان لا بل تبنيه هذا الترشيح واعتبار نفسه طليعياً في هذا الخيار، فإن الإجماع اللبناني قد انعقد حول ميشال سليمان وبقيت خطوة واحدة هي التفاهم مع عون، رافضاً القيام بأي دور، وجدد القول أنه عندما تكتمل عناصر التوافق سأقوم بما هو مطلوب مني تقنياً ودستورياً على صعيد تعديل الدستور.
ورداً على سؤال حول مطلب العماد ميشال عون بتسمية رئيس للحكومة من خارج «تيار المستقبل»، قال بري ان هذا الأمر مبكر الحديث عنه ولا يجوز الافتئات على صلاحيات مجلس النواب وحق رئيس الجمهورية بالتشاور مع الكتل النيابية قبل أن يسمي رئيس الحكومة المكلف.
وأكد بري أن المطلوب من الجميع تقديم تنازلات «وأنا مستعد لذلك على حساب كتلتي لأن الحكومة المقبلة ستكون حكومة التحضير للانتخابات النيابية المقبلة بالدرجة الأولى».
وقالت مصادر في الأكثرية إن رئيس الجمهورية المقبل هو الذي يفاوض بشأن الحكومة، «لأن ذلك يندرج في سياق صلاحياته الدستورية، وليس من حق الموالاة ان تخوض في مثل هذا التفاوض، وإذا كانت للمعارضة مطالب معينة فعليها ان تناقشها مع العماد سليمان عندما يصبح رئيساً للجمهورية».
وأكدت المصادر أن الحوار مع ميشال عون ليس مسؤوليتنا وحدنا بل هو مسؤولية الجميع ولا سيما الرئيس بري، وشددت على عدم وضع موضوع حصة ميشال عون في الحكومة المقبلة كشرط مسبق خشية أن يؤدي ذلك الى تأخير التوافق.
وألمحت المصادر الى أن الرئيس نبيه بري توافق مع النائب وليد جنبلاط على أن يعاد تضمين البيان الوزاري مضمون الفقرة نفسها الواردة في البيان الوزاري للحكومة الحالية حول حق المقاومة باستعادة الأرض المحتلة في مزارع شبعا، كما اتفقا على تضمين البيان الوزاري فقرة تتعلق باحترام القرارات الدولية من دون تعدادها، وقالت ان رسائل سابقة تم تبادلها بين النائب الحريري وقيادة «حزب الله» في الآونة الأخيرة تصب في الاتجاه نفسه.
وقال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط إن ما جرى هو إعلان تسوية من قبل 14 آذار وقد بات المطلوب الآن، مبادرة الفريق الآخر، الى تقديم تنازلات، في سبيل المصلحة الوطنية العليا، وأضاف «نحن تخلينا عن خيار النصف زائداً واحداً وترجمنا ذلك بقرار الشراكة الوطنية المتمثل بترشيح ميشال سليمان لذلك ننتظر من شريكنا الوطني أن يبادر الى تقديم تنازلات سواء بالحكومة أو البيان الوزاري الخ»...
ورداً على سؤال، قال جنبلاط إننا أمام خيار من اثنين، إما أن تبادر الحكومة الى تقديم مشروع قانون بالتعديل الدستوري أو أن يتقدم عشرة نواب باقتراح قانون، ومن اللائق للمعارضة أن تكون التي ترفض العودة للحكومة الحالية، اعتماد الخيار الثاني، عبر اقتراح موقع من خمسة نواب من 14 آذار وخمسة نواب من المعارضة وبذلك يتحقق منطق الشراكة في الانتخاب والآلية الدستورية المؤدية لذلك.
وأكد جنبلاط أن احدى المهام الأساسية المطروحة أمام الرئيس المقبل تتمثل بمحاورة دمشق وفق بنود الحوار الوطني التي حظيت بإجماع كل المشاركين في الحوار.
ومن المتوقع أن يحدد العماد ميشال عون موقفه من التطورات خلال اذاعته «وثيقة المبادئ والثوابت المسيحية» الناتجة عن مشاوراته الاخيرة مع الفعاليات المسيحية، وذلك عند الثالثة من بعد ظهر اليوم من دارته في الرابية، وهي الوثيقة التي ستشدد على مضمون الشراكة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين.
وعلم أن العماد عون أبلغ العماد ميشال سليمان خلال اتصال هاتفي بينهما قبل يومين أنه لا يضع شروطاً عليه عندما يتمسك بمبادرته، وتحديداً في موضوع المرحلة الانتقالية لمدة سنتين وقال عون لسليمان «هذا شرط كنت قد وضعته في وجه فريق الأكثرية وليس بوجهك أنت، وأنا ما زلت على موقفي القائل أن الفرحة الكبرى للأب هي عندما يرى ابنه في الموقع الذي يتمناه له».
وعلم أن المشاورات تكثفت في الساعات الأخيرة بين العماد عون و«حزب الله» الذي أعلن، أمس، بلسان النائب حسن فضل الله أنه بعد إنجاز التوافق السياسي «فإن الباب سيصبح مفتوحاً أمام تجاوز باقي العقبات».
وعلم أن قيادة المعارضة تتجه الى اتخاذ قرار بتفكيك مخيم المعتصمين في ساحتي رياض الصلح والشهداء، وذلك في اللحظة التي ينتخب فيها ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.
وأقر فريق الأكثرية خلال جلسة موسعة دامت حوالى الثلاث ساعات في فندق الفينيسيا، خيار التعديل الدستوري لمصلحة ميشال سليمان، على أن تنطلق الآلية الدستورية اليوم.
وقالت مصادر المجتمعين إن التحفظ على التعديل كان شبه عام من حيث المبدأ، وأن الموافقة على ذلك جاءت بحكم الضرورة، وأشارت الى ان جميع نواب الاكثرية سيلتزمون التصويت على التعديل باستثناء النائب بطرس حرب الذي غاب عن الاجتماع بسبب رفضه التعديل.
وقال حرب انه استنكف عن الحضور لأن موقفه معروف وقد أبلغه للرأي العام مباشرة ويعرف كل اركان الاكثرية هذا الموقف وهو لم يجد ضرورة للمشاركة. 
وقالت مصادر ان النائب غسان تويني والنائب السابق نسيب لحود وعميد الكتلة الوطنية كارلوس اده تحفظوا على تعديل الدستور، لكن لحود اكد انه يوافق على ما يقرره الاجماع في «قوى 14 اذار»، وكذلك فعل النائب تويني حيث اشاد الرجلان بشخص سليمان، في حين قدم اده مطالعة وصفتها اوساط المجتمعين بأنها «حادة وعنيــفة». وقال ادة انه بـــاق في قوى 14 آذار ومتـــى تحول القرار الى حقيقة من خلال التعديل والانتخاب فإنه سيـــعلن انسحابه ويحـــافظ على العلاقة الجيدة مع هذه القوى.
وقال نسيب لحود في مداخلته إنه صوّت ثلاث مرات ضد تعديل الدستور في اعوام 95 و98 وألفين، لكن منذ انطلاقة تحالف 14 اذار حاولت قدر الإمكان ان اتبع قاعدة الالتزام بروح الفريق، لذلك انا اليوم إذ اتحفظ على هذا القرار اعلن التزامي قرار 14 اذار لان قناعتي هي ان هذا الفريق يجب ان يستمر برغم الأخطاء التي ارتكبت والتي يجب ان نجري مراجعة في صددها، لا سيما حول استحقاق رئاسة الجمهورية.
الا ان لحود اضاف ان العماد سليمان شخصية وطنية تتمتع بكل المؤهلات والكفاءات لتبوؤ رئاسة الجمهورية، لذلك سأخضع لقرار الجماعة برغم تحفظي لأن وحدة 14 اذار تستحق ان نحافظ عليها لأن معركة الحرية والسيادة والاستقلال لم تنته بعد.
وقدم سمير جعجع مداخلة مطولة شرح فيها الظروف التي استدعت مبادرة «الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان رغم التحفظ المبدئي».
كما شرح النائب سعد الحريري الظروف التي استدعت الموقف الجديد، مشدداً على ان هذا الخيار لا بد منه في هذه المرحلة.
واعتبرت مصادر المجتمعين ان الكرة أصبحت الآن في ملعب المعارضة وأن بيان 14آذار الذي تبنى رسمياً ترشيح سليمان يشكل اختباراً فعلياً لمدى مصداقية فريق 8 آذار في دعم ترشيح سليمان، مشيرة الى انه إذا صدقت النيات فإن قائد الجيش ينبغي ان يُنتخب الجمعة المقبل رئيساً للجمهورية.
وذكرت مصادر المجتمعين ان الحكومة ستكون متعاونة وستسهل أي إجراء يتفق عليه كمخرج للحل، ولكنها استبعدت ان تقدم الحكومة على الاستقالة لأن ذلك يرتبط بقضايا سياسية اخرى اكبر وأشمل من موضوع الاستحقاق الرئاسي، وتوقعت ان يكون لدى اللبنانيين رئيس جديد للجمهورية يوم الجمعة المقبل. ورجحت ان يتولى النائب الحريري المفاوضات مع الرئيس بري لتخريج آلية تعديل الدستور.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...