تجارب صاروخية إيرانية تُرهب إسرائيـل وتُغضـب أميـركا
تسارعت أمس التطورات العسكرية والسياسية المحيطة بالأزمة النووية الإيرانية: وجهت طهران رسالة مدوية عندما اختبرت صواريخ يمكن أن تبلغ إسرائيل، وهو ما سارعت واشنطن الى التحذير من مخاطره، قبل أن تلجأ في وقت لاحق إلى تعديل لهجتها وتتحدث عن آفاق مفتوحة أمام الحل السياسي الذي يختصر المصالح الإقليمية المشتركة بين إيران والولايات المتحدة.
وعرض التلفزيون الحكومي الإيراني، لقطات لصواريخ تنطلق الى السماء من منصات في الصحراء. وذكرت قناة »العالم« أن قوة النخبة في إيران، أطلقت في إطار مناورات واسعة النطاق تسعة صواريخ بينها صاروخ »شهاب ـ ٣ الجديد« المجهز بشحنة تقليدية ويبلغ وزنه طنا ويصل مداه الى ٢٠٠٠ كلم، ويسمح بتنفيذ »نوع من القصف على القواعد العسكرية وأماكن تجمع الجنود والسفن العدوة«.
وذكر التلفزيون الحكومي الإيراني أيضا، ان وحدات من البحرية والسلاح الجوي التابعين للحرس الثوري، اختبرت بالإضافة الى صاروخ »شهاب ـ ٣« الذي يمكن ان يطال اسرائيل والقواعد الاميركية في المنطقة، صواريخ ارض ارض بينها »زلزال« و«الفاتح«، ويصل مدى الاول الى ٤٠٠ كيلومتر والثاني الى ١٧٠ كيلومترا. وقال خبير إيراني إن ميزة التجربة في قواعد الإطلاق المتحركة، القادرة على الظهور وإطلاق صاروخ والاختفاء خلال ثماني دقائق.
وبعد الإعلان عن التجربة الصاروخية، قال قائد القوات الجوية في الحرس الثوري حسين سلامي »نحذر الذين يعتزمون تهديدنا بمناورات وعمليات نفسية فارغة بأن صواريخنا ستكون مستعدة للانطلاق«. كما قال قائد البحرية في الحرس الثوري الادميرال مرتضى صفاري، ان قواته »تريد اظهار قدراتها على مواجهة اي مغامرة« في مضيق هرمز.
وقد سارعت واشنطن والدول الغربية الى إدانة التجربة الإيرانية، لكن من دون مبالغة. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس ان الحدث الإيراني يظهر ان التهديد الذي تمثله طهران ليس »وهميا«، فيما دعا البيت الأبيض »الإيرانيين الى التوقف فورا عن إنتاج الصواريخ البالستية«، وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها في صدد دراسة التجربة الإيرانية.
من جهته، عمد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، الى التأكيد على ان الولايات المتحدة ليست »أكثر قربا« من المواجهة مع إيران. وأضاف »هناك الكثير من التحركات الجارية، لكني اعتقد أيضا ان العالم كله يدرك عواقب أي نزاع أيا كان«. كما رأى في الوقت نفسه ان »من المستبعد كثيرا« أن تصل صواريخ الدفاع الجوي الروسية إلى أيدي إيران في وقت قريب.
وفيما اعتبرت باريس ولندن أن التطورات الإيرانية »تعزز مخاوف المجتمع الدولي«، وأكدت إسرائيل انها »لا تهدد إيران«، دعت الحكومة الالمانية طهران الى »التوقف عن اي شكل من اشكال قرع طبول الحرب«، بينما أكد نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي كيسلياك ان طهران »مستعدة« للتفاوض مع الدول الست في محاولة لايجاد حل للازمة النووية.
ورغم الإدانات الأميركية والغربية، جاء الحديث السياسي عن الأزمة النووية، ومن واشنطن تحديدا، أقل سلبية، بل أكثر ليونة من المتوقع، حيث اعتبر وكيل وزارة الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز في إفادة امام الكونغرس، ان رد ايران الأسبوع الماضي على رزمة الحوافز الغربية يشير إلى ان طهران مهتمة بإيجاد »أرضية مشتركة«. ويمثل هذا التصريح اول تعليق اميركي مباشر على الرد الايراني على الحوافز الغربية.
وأوضح بيرنز ان »ايران معنية بمحاولة إيجاد أرضية مشتركة.. سنرى ما إذا كان الإيرانيون جادين«. وشدد على ان طهران لم تحرز إلا تقدما »متواضعا« في البرنامج النووي بسبب العقوبات الدولية، و»من الواضح ان إيران لم تتقن تخصيب (اليورانيوم)«، رغم انه حذر من انه إذا استمرت طهران في رفض التخلي عن أنشطة التخصيب فستكون هناك »عواقب باهظة«. وتابع »نعتبر استخدام القوة خيارا مطروحا على الطاولة ولكنه خيار أخير.. لا نعتقد أننا استنفدنا كل الاحتمالات الدبلوماسية«.
وأعلن بيرنز ان الولايات المتحدة »لا تعترض على تأدية ايران دورا مهما في المنطقة يتناسب مع مصالحها الشرعية وقدراتها«، معتبرا ن لواشنطن وطهران »مصالح متداخلة« في المنطقة لا سيما في العراق وأفغانستان. وتابع »الايرانيون لم يغلقوا الباب نهائيا ولا نحن ايضا يجب ان نغلق الباب«.
وتحدث بيرنز تحديدا عن اتفاق الدوحة في لبنان، الذي اعتبر انه »سمح لحل جزئي لهذه الازمة«، مشيرا الى ان هذا الامر »مثال على النشاط الايجابي من جانب الحكومات العربية« القلقة من طموحات ايران الاقليمية.
وتابع بيرنز »نتابع باهتمام علاقة ايران بسوريا. بدأت سوريا محادثات سلام غير مباشرة مع اسرائيل وهذا بعد حضورها مؤتمر انابوليس.. وهي خطوة يبدو انها فاجأت القيادة الايرانية وأدت الى تعليق سلبي من ايران«. وأضاف »يبدو ان سوريا تسلك حيال اسرائيل سياسة مستقلة عن ايران يفترض ان تؤدي الى ان تقلق طهران من احتمال اضعاف العلاقة الوثيقة للغاية«.
وسبق التعليق الاميركي على الرد الايراني، قول نائب المدير العام للهيئة الذرية الايرانية محمد سعيدي، ان ايران »تتوقع ان تبدأ المحادثات النووية خلال ايام«. وقد اعلنت وكالة »فارس« لاحقا انه من المتوقع ان يتوجه منسق السياسة الخارجية الاوروبية خافيير سولانا الى طهران يوم ١٩ تموز. غير ان متحدثة باسمه قالت انه لم يخطط للقيام بأي زيارة للعاصمة الايرانية، رغم انها اكدت انه »سيعقد اجتماع قريبا« بين الجانبين.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد