تراجع أسعار النفط: خاسرون ورابحون

13-12-2014

تراجع أسعار النفط: خاسرون ورابحون

جاء تراجع أسعار النفط بمثابة هدية للاقتصادات الأوروبية المتعبة، وغير القادرة على دفع النمو الضعيف، رغم كل إجراءات التقشف والإصلاح التي قامت بها.
وكون الاتحاد الأوروبي من أكبر مستهلكي النفط في العالم، فهذا يجعله من أكبر المستفيدين من انهيار الأسعار الحاصل.
في هذا الوقت، تستمر أسعار النفط في تراجع دراماتيكي، بعدما تدنّت إلى ما يقارب 60 دولاراً للبرميل. ويجعل هذا الانخفاض الأسعار تقترب من نصف ما كانت عليه في حزيران الماضي. ولم يتوقف مصدرو النفط عن الشكوى والتشكيك في الأسباب. بعضهم يتذمر والبعض يئن حرفيا من خسائر فادحة، كحال روسيا وإيران.
على نحو إجمالي، وضع صندوق النقد الدولي معادلة بسيطة لتصنيف الرابحين والخاسرين. وقالت رئيسة الصندوق كريستين لاغارد إن تراجع أسعار النفط بنسبة 30 في المئة، يعني نموا للاقتصادات المتقدمة بنسبة 0.8 في المئة. إذا كانت المعادلة السابقة فعالة، فهذا سيعني أن احتمال نمو الاقتصاد الأوروبي يمكن أن يصل إلى اثنين في المئة، وهذا رقم يتجاوز حتى أكثر التوقعات تفاؤلا قبل حصول الاتجاه المفاجئ في أسواق النفط.
واستطلعت «السفير» آراء مجموعة من المسؤولين الأوروبيين حول التأثير الإجمالي الممكن على اقتصادهم.
وقال وزير مالية النمسا هانس يورغ شيلينغ إلى مستجدين «مختلفين»، موضحا «لدينا توازن جديد بين الدولار الأميركي واليورو، ولدينا أسعار النفط المتراجعة. كلاهما يمكن أن يساعد النمو في منطقة اليورو»، مشيرا إلى تراجع قيمة اليورو أمام الدولار، بالتوازي مع انحدار سعر النفط، الأمر الذي يقوّي تنافسية الصادرات الأوروبية.
المفوض الأوروبي للشؤون المالية والاقتصادية بيير موسكوفيسي، قال ردا على سؤالنا، إن «مسألة أسعار النفط قضية مهمة، لأنه بإمكانها خلق صدمة عرض إيجابية»، لكنه أضاف «يجب أن نكون حذرين حول الآثار الأقل إيجابية بالنسبة إلى النمو».
وقال رئيس منطقة اليورو وزير المال الهولندي يارون دايسلبلوم «هناك إيجابيات وسلبيات»، موضحا أن «إحدى السلبيات هي معدل تضخم متدنّ جداً، وإحدى الايجابيات بالطبع (مبتسما) أسعار نفط متدنية جدا». ويلفت إلى نفس نقطة الحذر التي أشار لها المفوض الأوروبي، موضحاً «لتعزيز النمو يسعى الأوروبيون إلى رفع درجة التضخم المتدني (الذي يمثل مخاطر انكماش الأسعار ومشاكل للمنتجين) إلى حدود 2 في المئة. لكن انخفاض أسعار النفط ربما يصعّب ذلك، حينما يؤدي إلى تراجع أسعار مجمل السلع.
ضرورة الحذر، أكد عليها أيضا وزير المال الليتواني ريمانتس شادجيوتس. وقال، رداً على سؤال عن الأثر المحتمل، انه «إيجابي» عموما على مستهلكي النفط، لكنه حذر من أن ذلك «عامل واحد، من دون القيام بأي خطوات لتعزيز الاستثمار، مثلا، وتنفيذ إصلاحات هيكلية في بلداننا، فإن هذا الحافز الإضافي بالنسبة لديناميكيات أسعار النفط سيكون في مهب الريح».
بالنسبة لمصدري النفط، كانت ردود الفعل متفاوتة في الشكوى. الذهب الأسود هو مورد مهم لإيران، رغم أنها تصدّر الآن، بسبب العقوبات الغربية، حوالي ربع ما يمكنها تصديره. كل هذا يضغط على القيادة الإيرانية في وقت حساس من التفاوض حول الملف النووي. أظهرت طهران أخيراً ضيقاً علنياً من الآثار السلبية. الرئيس الإيراني حسن روحاني قال إن انخفاض أسعار النفط، على هذا النحو، لا يعود لأسباب اقتصادية، بل «السبب الرئيسي هو مؤامرة سياسية حاكتها دول بعينها ضد مصالح دول المنطقة والعالم الإسلامي، وتصب في صالح بعض الدول الأخرى فقط».
روسيا بدورها تتكبد خسائر كبيرة، وهي من أكبر مصدري النفط في العالم. هذا التراجع، متصاحباً مع العقوبات الغربية وانخفاض قيمة الروبل، يضعف الموقف الروسي في ظل صراعه مع الغرب.
لكن حتى حلفاء السعودية صاروا يتذمرون. أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح اشتكى، في القمة الخليجية الأخيرة في الدوحة، من نزيف «الموارد» في خزائن الدولة.
على كل حال، يلمح العديد إلى دور محوري للسعودية، أكبر مصدري النفط في العالم. فوفق معادلة صندوق النقد، هي الآن أكبر الخاسرين، ماليا، ومع ذلك لم تتحرك جديا. في اجتماع «أوبك» الأخير، حصلت خلافات حادة، ورفضت الرياض خفض الإنتاج الزائد أساسا عن حاجة السوق.
وفي المقابل، تفاوتت التقديرات حول الهدف من هذا الخفض. تحدث كثيرون عن زيادة الضغط على روسيا وإيران. بعض المحللين أشاروا إلى محاولة السعودية إزاحة النفط الصخري، الذي سيجعل أميركا المنتج الأول للنفط في العالم، من معادلة السوق. فإنتاج هذا النفط يكلف الشركات حوالي ضعفي تكلفة إنتاج النفط التقليدي، المقدرة بحوالي 20 دولارا للبرميل بحسب وكالة الطاقة الدولية.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...