تسويةمؤقتةتنقل يورانيوم إيران إلى روسياليخصّب بدرجةأعلى ويُعادإليها

لم تفسد محادثات ايران ومجموعة الدول الست، هدوء ضاحية غنثوود الراقية. ساعات قصيرة من المناقشات المباشرة على بعد 7 كيلومترات من العاصمة السويسرية جنيف، في يوم طويل من التجاذبات «الايجابية»، المتنقلة بين طهران وواشنطن ونيويورك، فتحت الباب امام ما بدا أنه الاختراق العملي الاول في جدار الازمة النووية، بعد 14 شهرا من «القطيعة» الغربية، وفي العلاقات الاميركية ـ الايرانية بعد ثلاثين عاما من «العداء».

في الفيلا المتاخمة لبحرية جنيف، التي احتضنت في العام 1985 القمة الشهيرة بين الرئيس الاميركي السابق رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، ساد التفاهم، وغابت العقوبات. حصيلة «مثمرة» اكتست جديتها في ثلاثة عناوين: لقاء ايراني اميركي ثنائي تاريخي؛ اتفاق على إرسال أغلب اليورانيوم الايراني المنخفض التخصيب الى روسيا لتخصيبه بدرجة أعلى ثم إعادته الى طهران؛ وخطاب اميركي رئاسي لين، مغاير، واكثر انفتاحا.
ولم تتبلور الصورة الكاملة لحجم الاختراق الذي تحقق امس في جنيف، ولا معانيه الكاملة وتداعياته. لكن في فترة استراحة الغداء بين جولتي محادثات ايران ومجموعة الدول الست، جلس أمين عام مجلس الامن القومي الايراني سعيد جليلي مع مساعد وزير الخارجية الاميركية ويليام بيرنز. سبق للبلدين ان ناقشا مواضيع كأفغانستان والعراق، لكن في إطار متعدد الطرف. وهي المرة الاولى التي يلتقيان فيها على هذا المستوى، وفي اجتماع ثنائي لمناقشة اهتمامات مشتركة، علما ان البيت الابيض أعطى امس الأول ممثله موافقته على لقاء الموفد الايراني، اذا سنحت الفرصة.
وهي المرة الاولى التي يكون فيها لبيرنز مشاركة فاعلة في الاجتماعات بين ايران والدول الست، علما انه شارك في اجتماع تموز العام 2008 في جنيف، من دون ان يكون له أي دور فاعل. وقد ذكرت وزارة الخارجية الاميركية، ان بيرنز دعا جليلي خلال اللقاء الى اتخاذ خطوات عملية لإظهار ان برنامج ايران النووي لن يكون لأغراض عسكرية، وناقش معه ايضا قضية الاميركيين الثلاثة الموقوفين في ايران.
وعقب انتهاء الجولة الثانية من المحادثات، التي دامت نصف ساعة، بعد جولة صباحية دامت اكثر من ساعتين، عقد منسق السياسة الخارجية الاوروبية خافيير سولانا مؤتمرا صحافيا، اعلن فيه عن جولة حوار ثانية قبل نهاية تشرين الاول الحالي، تسبقها اجتماعات تحضيرية مكثفة بين الجانبين على مستوى المساعدين، لافتا الى ان الطرفين «توافقا مبدئيا على ان ينقل اليورانيوم الضعيف التخصيب من ايران الى دول اخرى لزيادة تخصيبه».
وفي وقت لاحق، اكد مسؤول اميركي في جنيف ان أغلب اليورانيوم الايراني المنخفض التخصيب، سيرسل من ايران الى روسيا لتخصيبه بموجب اتفاق تجري صياغته لتعزيز الثقة الدولية في برنامج ايران النووي. وذكر مسؤول آخر ان الاقتراح قد يكون خطوة مؤقتة مهمة للمساعدة في بناء الثقة، بينما اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان مديرها العام محمد البرادعي سيزور ايران خلال ايام.
وفيما اعتبر جليلي ان الاجتماع مع الدول الست «وفر فرصة جيدة لتعاون جديد لإزالة المخاوف الدولية»، وجدد وزير الخارجية الايرانية منوشهر متكي استعداد بلاده لنقل هذه المحادثات «الى مستوى لقاء قمة»، اطل الرئيس الاميركي باراك اوباما بوجه رئاسي اميركي «مغاير» تجاه ايران. كلمة «عقوبات» لم تحضر في خطابه القصير، وحل مكانها «زيادة الضغط». ووقف البرنامج النووي أصبح مرادفا لـ«إثبات سلمية النشاطات النووية للجمهورية الاسلامية الايرانية».
واوضح اوباما ان «اللقاء اليوم يشكل بداية بناءة، لكن من الضروري ان يستتبع بأفعال بناءة». واضاف ان «على الجمهورية الاسلامية تمكين المفتشين الدوليين من الوصول من دون قيود» الى منشأة قم النووية التي اعلن عنها مؤخرا. وحدد لايران شرطين للتقدم نحو الحل: الشفافية، وتدابير ملموسة حول سلمية نشاطاتها النووية. أما اذا لم تلتزم ايران بواجباتها، فان «الولايات المتحدة مستعدة للتقدم نحو ضغط اكبر عليها.. وصبرنا لن يكون طويلا».

المصدر: السفير