تقارب روسي ــ مصري بصيغة (2+2) ومرسي يحرّض أنصاره: «الانقلاب» ينهار
أمضى المصريون، ليلتهم أمس، من دون حظر تجوال، فاستعادت شوارع القاهرة وباقي المدن المصرية حركتها الحيوية المعتادة، لتتسق في إيقاعها مع الحركة السياسية، التي تشعبت ملفاتها على مستويات ثلاثة: رسالة «تحريض» وجّهها الرئيس المعزول محمد مرسي إلى مناصريه من محبسه في سجن برج العرب في الاسكندرية، ونقاش مستمرّ داخل «لجنة الخمسين» لتمرير المسودة النهائية للدستور قبل انتهاء المهلة الدستورية المحددة، وزيارة تاريخية لوزيري الخارجية والدفاع الروسيين سيرغي لافروف وسيرغي شويغو وسط تقارب مثير للاهتمام في العلاقات بين روسيا ومصر.
وبعد القرار الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري، والذي قضى بانتهاء حالة الطوارئ منذ يوم أمس الأول، انطلاقاً من الحسابات الدقيقة التي أجرتها على الفترة التي نص عليها القرار الرئاسي، أكدت الحكومة المصرية أن إجراءات حظر التجوال سترفع ابتداءً من اليوم، فيما ستواصل القوات المسلحة، بالتعاون مع قوات الشرطة، تأمين الشارع المصري من أي محاولات للعبث بالأمن.
مرسي
في هذا الوقت، وجّه محمد مرسي رسالة إلى الشعب المصري قرأها محمد الدماطي، المتحدث باسم هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول، في مؤتمر صحافي، عقب زيارته في سجن برج العرب.
وقال مرسي في رسالته: «أيها الشعب الكريم، أتيحت الفرصة لي كي أضعكم في صورة ما حدث منذ 30 يونيو وحتى الآن، ما حدث انقلاب عسكري مستوفي الأركان، ومعالمه واضحة».
واعتبر مرسي، بحسب الرسالة، أنه «يجب لتحقيق استقرار الوطن والمصالحة بين أبنائه أن يقف الشعب على أن هذا الانقلاب جريمة وخيانة، لمخالفته القوانين الخاصة للقوات المسلحة، وخيانة لله ورسوله للحنث بالقسم، الذي أقسمه وزير الدفاع، والذي زج بالجيش في أمور السياسة ودوامتها، كما أنه خيانة للأمة أوقعت الفرقة بين أبنائها»، معتبراً أن «مصر لن تستعيد عافيتها إلا بزوال كل ما ترتب على الانقلاب وإلغاء آثاره ومحاسبة مريقي الدماء الغالية».
وأكد مرسي أنه «مختطَف» منذ الثاني من تموز الماضي، مشيراً إلى أنه اقتيد إلى دار الحرس الجمهوري وظل محتجزاً هناك حتى الخامس من تموز، ثم تمّ نقله إلى إحدى القواعد البحرية العسكرية، ولم ير هناك سوى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، ووفد الحكماء الممثل للاتحاد الأفريقي، والمحققين الأربعة الذين رفض الإجابة عن أسئلتهم لأنها «مخالفة للدستور»، بحسب قوله.
أضاف مرسي أنه يريد أن «يغتنم الفرصة ليحيي أبناء الشعب، الذين انتفضوا منذ اللحظة الأولى، ولا يزالون ثائرين بصورة يومية في أنحاء الوطن في صمود ليس له مثيل، وإن أنكره الذين يجحدون الشمس في رابعة النهار». وتابع «أطمئن الأبطال الثابتين على موقفهم أنني أستمدّ موقفي من قوتهم وعزمهم».
واختتم مرسي رسالته قائلاً: «لتبقوا حول حقوق الوطن لا حول شخص أياً ما كانت مكانته. عهد الانقلابات مضى، وأنا أرى أن الانقلاب بدأ في الانهيار وسيسقط أمام صمود الشعب المصري، وفي هذه المناسبة أحيي شهداء الحق ومصابي الأحداث، التي شهدتها البلاد منذ الانقلاب، وأشدّ على أيدي أبنائهم، فهم يرسمون طريق العزة للوطن».
الدستور
في هذا الوقت، تستمر النقاشات داخل «لجنة الخمسين» لإقرار المسودة النهائية للدستور المصري الجديد، قبل انتهاء مهلة عمل اللجنة في الثالث من كانون الأول المقبل، تمهيداً لعرض النص النهائي على الاستفتاء الشعبي.
وقال رئيس «لجنة الخمسين» عمرو موسى، في تصريحات صحافية أمس، ان اللجنة تصوّت حالياً على مواد الثلث الأخير من مسودة الدستور الجديد، مشيراً الى أن اللجنة قد تنتهي من أعمالها قبل نهاية الموعد المحدد لذلك.
من جهته، طمأن المتحدث باسم «لجنة الخمسين» محمد سلماوي، في حديث إلى «السفير»، إلى أن المخاوف الموجودة لدى البعض من عدم استطاعة اللجنة الانتهاء من أعمالها قبل الثالث من الشهر المقبل لا أساس لها من الصحة، مشيراً الى أن اللجنة تسير بإيقاع جيّد، وستنتهي من كتابة الدستور قبل موعد انتهاء أعمالها.
روسيا
من جهة أخرى، وصل إلى القاهرة مساء أمس وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان سيرغي لافروف وسيرغي شويغو إلى القاهرة، في زيارة تاريخية، يجريان خلالها محادثات مع القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية نبيل فهمي، في لقاء رباعي، وفق الصياغة المعروفة باسم (2+2)، وهي الصياغة التي تجري فقط بين روسيا وكبرى دول العالم، مثل الصين والمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
ويصطحب وزير الدفاع الروسي في زيارته وفداً عسكرياً يضمّ النائب الأول لمدير هيئة التعاون العسكري التقني أندريه بويتسوف، ومسؤول أكبر شركة لتوريد الأسلحة الروسية «روس أوبورون أكسبورت».
وبحسب مصدر متابع لتفاصيل زيارة الوفد الروسي فإن «المناقشات التي ستجرى على مدار يومين، وستمهد لزيارة يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر في شتاء العام المقبل».
وكشفت وسائل إعلام روسية وأميركية أن الزيارة ستشهد مباحثات حول أكبر صفقة لتصدير الأسلحة الروسية إلى مصر، وذلك منذ إنهاء الرئيس الراحل أنور السادات التعاقدات مع شركات الأسلحة الروسية والاتجاه غرباً نحو الشركات الأميركية في العام 1977.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن عضو المجلس الاستشاري في وزارة الدفاع الروسية روسلان بوخوف أن «مصر تسعى لإبرام صفقة أسلحة روسية بنحو ملياري دولار»، موضحاً أن «الصفقة تشمل طائرات مقاتلة من طراز (ميغ – 29) وأنظمة للدفاع الجوي وصواريخ مضادة للدبابات».
بدوره، قال عضو المجلس الاستشاري في وزارة الدفاع الروسية إيغور كوروتشنكو، في حديث إلى «بلومبرغ»، إن «المسألة تتعلق بقدرة مصر على الدفع»، معرباً عن «استعداد روسيا لتوريد مجموعة واسعة من الأسلحة لتلبية متطلبات مصر».
ونقلت صحيفة «الشروق» عن مصدر ديبلوماسي مصري قوله إن «الزيارة الروسية إلى مصر لها مكاسب للبلدين سياسية واقتصادية وعسكرية»، مشيراً إلى أن «روسيا ستستفيد من هذا التعاون العسكري لتسويق السلاح مرة اخرى إلى الشرق الاوسط».
ونسبت الصحيفة إلى مصدر عسكري قوله إن «التعاون العسكري مع مصر يعطي لروسيا امتيازات اخرى اقتصادياً منها تسهيل عبور سفنها من خلال قناة السويس وتسهيل أسبقية في دخول الميناء والتمويل».
ودلّل المصدر على ذلك باستقبال ميناء الاسكندرية السفينة الحربية الروسية «فارياغ»، والتي تزور مصر حالياً في إطار زيارة غير رسمية لتعزيز الروابط والعلاقات العسكرية بين البلدين.
في المقابل، نفى المصدر ما تردّد عن إقامة قواعد عسكرية في مصر، موضحاً أن «مصر ترفض منذ زمن إقامة قواعد عسكرية لأي دولة أجنبية».
كذلك، نقلت «الشروق» عن مصدر ديبلوماسي روسي قوله إن حرص موسكو على تطوير العلاقات مع القاهرة «لا يرتبط بشخص أي رئيس، هو بالأساس مرتبط بتاريخ طويل للعلاقة بين الشعبين المصري والروسي»، لكنه استدرك قائلاً: «بالتأكيد فإن قدرة رئيس البلاد على التعبير عن مصالح شعبه هي أمر رئيسي في هذا الصدد».
وتابع «إننا في روسيا ندعم خيارات الشعب المصري، ونثق في قدرات قادته، ونكن بصفة خاصة الكثير من التقدير لوزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي، الرجل القوي والرصين».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد