خفايا الصراع الأمريكي الأمريكي والفرنسي الأمريكي على"العروس الليبية"

16-09-2008

خفايا الصراع الأمريكي الأمريكي والفرنسي الأمريكي على"العروس الليبية"

الجمل: أدت زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى ليبيا إلى أزمة جديدة داخل الإدارة الأمريكية وتقول المعلومات والتسريبات بأن أزمة دبلوماسية ليبيا ستكون على غرار نموذج أزمة دبلوماسية إيران.
* الإدارة الأمريكية: قصة مدينتين دبلوماسيتين:
كشفت ملفات الأزمة الإيرانية والأزمة الكورية الشمالية والأزمة القوقازية وأزمة المفاوضات السورية – الإسرائيلية وغيرها عن وجود تباين داخل الإدارة الأمريكية:
• تيار ديك تشيني – جماعة المحافظين الجدد الذي يطالب باتخاذ سياسة خارجية أكثر تشدداً إزاء الأزمات الخارجية، تعتمد بشكل أساسي على الوسائل العسكرية وتشديد العقوبات.
• تيار كوندوايزا رايس – روبرت غيتز الذي يطالب باعتماد سياسة خارجية تقوم على التدرج في التشدد عن طريق الوسائل الدبلوماسية والتركيز على تفاهمات عبر الأطلنطي بما يؤدي إلى عدم تجاوز الحلفاء الأوروبيين.
الصراع بين التيارين انكشف بأوضح ما يكون خلال أزمة الغارة الإسرائيلية ضد سوريا وما ترتب عليها من افتضاح لملفات المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية المفبركة ضد سوريا وإيران، والتي كان التيار المتشدد يطالب بالاعتماد عليها الأمر الذي أدى بدوره إلى نشوء صراع بين أجهزة المخابرات الأمريكية والتيار المتشدد حول مدى مصداقية المعلومات الإسرائيلية حول سوريا وإيران.
* سردية أزمة ملف دبلوماسية ليبيا:
تعتبر ليبيا من أكثر بلدان الشرق الأوسط التي ظلت هدفاً لضغوط السياسة الخارجية الأمريكية على النحو الذي وصل إلى قيام الطائرات الأمريكية بشن الغارات ضد ليبيا وما ترتب على ذلك من المواجهة التي تمت في حليج سرت الليبي خلال إدارة الرئيس ريغان. رضخت الحكومة الليبية للضغوط الأمريكية وقامت بإنجاز الآتي:
• تفكيك برنامج أسلحة الدمار الشامل.
• إعادة الممرضات البلغاريات ضمن سيناريو إعادة المحاكمة وتسليمهن مع الطبيب الفلسطيني إلى بلغاريا.
• دعم نظام الرئيس التشادي إدريس ديبي في مواجهاته مع الحركات التشادية المسلحة ذات التوجهات العربية.
• دعم أنظمة مالي والنيجر في صراعاتها مع الحركات المسلحة العربية كحركة الطوارق والبدو وغيرها.
• التأكيد على موافقة طرابلس بعودة اليهود الليبيين وتعويضهم.
• تسليم المواطنين الليبيين للمحاكمة الدولية بتهمة تفجير طائرة بان إم الأمريكية فوق لوكربي.
• الامتثال لقرارات القضاء الأمريكي ودفع المليارات كتعويض لأسر ضحايا طائرة لوكربي.
• إبداء الاستعدادات بمنح الشركات النفطية الأمريكية المزيد من الامتيازات النفطية في ليبيا.
وعلى خلفية هذه التنازلات بدأت التحركات الفرنسية الساعية لاحتواء ليبيا ضمن النفوذ الفرنسي الشرق أوسطي، وكان أن تحرك الرئيس ساركوزي زائراً إلى ليبيا على النحو الذي أدى إلى المزيد من التفاهم الليبي – الفرنسي إزاء:
• ملف التعاون في القضايا الإفريقية وبالذات لجهة دعم الأنظمة الموالية لفرنسا في البلدان الإفريقية الفرانكفونية ومساعدتها في القضاء على حركات المعارضة وبالذات ذات التوجهات العربية – الإسلامية.
• ملف التعاون في القضايا الشرق أوسطية.
• ملف التعاون في المجال النفطي الليبي – الفرنسي.
• ملف التعاون الاقتصادي الليبي – الفرنسي وإعطاء فرنسا المزيد من المزايا التفضيلية في التعاون التجاري.
برغم التعايش الفرنسي – الأمريكي على خط باريس – واشنطن عبر نافذة علاقات عبر الأطلنطي فإن واشنطن ما زال يسيطر عليها شبح النزعة الاستقلالية الأوروبية وعلى وجه الخصوص تأثير العامل الفرنسي في بلورة هذه النزعة، وتشير معطيات الخبرة إلى أن علاقات خط واشنطن – باريس تتميز بالآتي:
• ازدواجية محفزات واشنطن إزاء باريس فهي على أساس اعتبارات النوايا تنظر لباريس كمصدر للخطر وعلى أساس اعتبارات التعامل الظاهري تتقيد بالأداء السلوكي الذي يظهر التعاون البارد.
• محاولات باريس التعامل مع واشنطن على المستوى الظاهري على أساس اعتبارات أن النفوذ الأمريكي يمثل أمراً واقعاً من جهة ومن الجهة الأخرى محاولات البحث عن فرصة لبناء النفوذ الفرنسي.
وعلى هذه الخلفية المزدوجة بدا واضحاً أن العلاقات الفرنسية – الأمريكية ستظل لفترة طويلة قادمة مستبطنة العداء والتنافس في الداخل وفي الخارج تظهر التعاون والتكامل.
* فرصة ليبيا: صراع واشنطن – باريس:
جاءت زيارة كوندوليزا رايس لطرابلس بشكل يعكس مدى تأثير ازدواجية المعايير في السياسة الخارجية الأمريكية فهي:
• من جهة تهدف إلى التعامل مع ليبيا باعتبارها قد أوفت بالتزاماتها إزاء المشروطيات الأمريكية وبالتالي يجب على واشنطن أن تتجاوب مع التنازلات الليبية بما يؤدي إلى تقديم النموذج الذي يجب أن تحتذي به كل من سوريا وإيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا.
• من جهة أخرى تهدف إلى قطع الطريق أمام محاولات باريس الهادفة إلى نسج خيوط شبكة النفوذ الفرنسي وإعادة إنتاج القوة الجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية الفرنسية بما يترتب عليه:
- حرمان فرنسا من ممارسة النفوذ على منابع النفط حتى لا تخرج باريس من دائرة التبعية النفطية للمصادر النفطية التي تسيطر عليها أمريكا كالخليج العربي وغيره.
- حرمان فرنسا من الحصول على المزايا التجارية في أسواق العالم الثالث وبالذات في الدول النفطية.
- قطع الطريق على فرنسا من التمدد داخل إفريقيا لأن الدول الإفريقية الفرانكفونية أصبحت أكثر ميلاً للاعتماد على واشنطن واستبدال دائرة النفوذ الفرنسي بدائرة النفوذ الأمريكي.
حتى الآن لا يمكن القول بأن فرصة ليبيا قد تحدد مصيرها النهائي ولمن تؤول: لباريس أو لواشنطن ولكن التطورات القادمة ستحدد إلى أي عاصمة سيتم ترحيل العروس الليبية لقضاء شهر العسل!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...