داعش و إبادة الإسلام السياسي
الجمل-أمير دابيري ميهر- ترجمة: رندة القاسم:
عبر الأشهر الماضية حققت ميليشيات داعش التكفيرية مكاسبا في العراق. و توجد وجهتا نظر متضاربتان حول أصول هذه المجموعة الارهابيه. تقول احداهما أن داعش، كما القاعده، خلقت على يد الاستخبارات الغربية و خاصة ال CIA الأميركية و الموساد الاسرائيليه و M16 البريطانية. أما وجهة النظر الأخرى فمفادها أن داعش كانت نتيجة للأصوليه الاسلاميه.
و قدم معتنقو وجهتي النظر الأدله لاثبات رأيهم بداعش. المجموعة الأولى أشارت الى اعترافات ضباط غربيين بتورط عناصر من الاستخبارات و الأمن التابعة لهم في تسليح و تمويل ميليشيات داعش المقاتله في سوريه. و قوة داعش العسكرية البالغة ستون ألف مقاتل و تجهيزاتهم من الأسلحة الحديثة ما هي سوى اشارة الى اعتماد المجموعة التكفيرية على قوى رئيسية و دول غنيه.
غير أن المجموعة الثانيه تؤمن أن داعش تعزو نجاحها في العراق الى ايمانها العميق بالتكفيريه.
تحديد جذور داعش أمر هام، و لكنه ليس القضية الأساسيه المتعلقة بهؤلاء الارهابيين التكفيريين. فبعض وسائل الاعلام تركز على ولادة داعش بهدف تحويل الانتباه عن جرائمها الوحشية في سوريه و العراق.
المسألة الهامة المتعلقة بداعش تكمن في أن هذه المجموعة الارهابية نتاج مشترك للوهابية التكفيريه و الرأسماليه الليبرالية الغربية بهدف ابادة فكرة الاسلام السياسي. و داعش هي النقطة التي تلتقي فيها مصالح هذين الفريقين. و رغم كل اختلافاتهم فان الوهابية و الليبراليه الغربيه معارضتان للتأويل السياسي للاسلام و حضور الاسلام كحوار شامل يقود الحياة الخاصة و الاجتماعية للجنس البشري.
الوهابيه و السلفيه ، البعيدتان عن تطورات العالم الجديد، مرتبطتان بالأصوليه التي تؤمن بضرورة ابعاد السياسة عن الحياة اليوميه من أجل سعادة الانسانيه.
العداء بين السعودية الوهابيه و الثورة الاسلامية الايرانيه منذ انتصارها عام 1979 نابع عن هذا الخلاف الايديولوجي. فالثورة الاسلاميه الايرانيه كانت تجل قوي للاسلام السياسي المختلف تماما مع السلفية و حتى الرأسماليه الليبراليه الغربيه.
و بنفس الوقت تملك الحكومات الغربية ايمانا راسخا بأن ما من فئة اسلاميه، باستثناء الاسلام السياسي، تسعى لنهضة الحضارة الاسلاميه في مواجهة الحضارة الغربيه، و لهذا السبب كانت واشنطن و لندن حليفتين مع السعودية، أكثر الدول رجعية في المنطقة ، و بقيت معادية لايران، أكثر الحكومات ديمقراطية في الشرق الأوسط .
و لجأت الحضارة الغربية، و على رأسها الولايات المتحدة و بريطانيا، الى تدمير الاسلام السياسي كأفضل وسيلة لتعزيز هيمنتها. و هذه الاستراتيجية تقدم صورة مزورة عن الاسلام السياسي على شكل مجموعة مثل داعش. و الفكره من وراء هذه الحيلة هي نشر الادعاء بأن الاسلام السياسي لا يولد سوى العنف و التطرف. و بشكل مشابه، رسمت الحكومات الغربيه صورة عنيفة و أصوليه عن الثورة الايرانيه في محاولة لتشويه تاريخ الجمهورية الاسلاميه.
غير ان دمى مثل داعش لها تاريخ انتهاء و سوف تنتهي من الوجود عندما تهدد مصالح الحكومات الغربية. فالغرب كان مساندا لداعش عندما قاتلت ميليشياتها الحكومة السوريه، بل أن الولايات المتحدة دعمت داعش ضد الرئيس السوري بشار الأسد.و لكن بعد اعتداء داعش في العراق و خاصة بعد قطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي، أضحت تشكل قلقا جديا لواشنطن.
و بشكل مشابه ، كانت القاعدة مدعومة من الغرب حين قاتلت الاتحاد السوفييتي السابق في أفغانستان ، و لكن حين تحدت الغرب اعتبرت رمزا للارهاب الدولي.
هذه التكتيكات يجب ألا تخدع احد، لأن استراتيجية الغرب في مواجهة الاسلام السياسي لم تتغير بعد، فتشويه الاسلام السياسي، الذي يلتقي مع الاحتياجات البشرية بشكل فعال، هو أهم استراتيجية لدى الغرب حين قام بخلق المجموعات الأصوليه. و يجب أن يأخذ المفكرون الاسلاميون الموضوع بعين الاعتبار.
و حتى لو ضعفت داعش، يجب ان يتوقع المرء انبثاق مجموعات متطرفة مشابهة.
*بقلم الصحفي و المعلق السياسي الايراني دكتور أمير دابيري ميهر
عن موقع Press TV
الجمل
التعليقات
وماذا عن الاخوان المسلمين؟
إضافة تعليق جديد