سيناريوهات حرب القرن الإفريقي
الجمل: بإعلان الرئيس الاثيوبي ميليس زيناوي، عن دخول بلاده في الحرب ضد قوات اتحاد المحاكم الصومالية، تكون الأوضاع في شرق القرن الافريقي قد تحركت من حالة الحرب الأهلية الداخلية الصومالية، إلى حالة الحرب المزدوجة، إقليمياً وداخلياً. (الجانب الإقليمي يتمثل في الحرب بين القوات الاثيوبية والصوماليين، والجانب الداخلي يتمثل في الحرب الدائرة بين الأطراف الصومالية نفسها).
كذلك أصبح الطابع الإقليمي- الداخلي لحرب منطقة شرق القرن الافريقي يهدد بحدوث الآتي:
• سيناريو انتصار القوات الاثيوبية: ومعناه سيطرة أمريكا وإسرائيل وأمراء الحرب الصوماليين على المنطقة، وهذا السيناريو صعب الحدوث بسبب كراهية الصوماليين لأمريكا وإسرائيل والأثيوبيين وأمراء الحرب السابقين.
• سيناريو انتصار قوات اتحاد المحاكم الشرعية: ومعناه طرد النفوذ الأمريكي والإسرائيلي من منطقة القرن الافريقي، إضافة إلى قيام دولة إسلامية في الصومال على غرار دولة طالبان- القاعدة في أفغانستان، وهو سيناريو ممكن الحدوث إذا قررت اثيوبيا عدم التدخل في الشأن الصومالي، أو إذا أدركت الإدارة الأمريكية وإسرائيل أن لا جدوى من دعم اثيوبيا.
• سيناريو الصراع الممتد: وهو السيناريو الأكثر احتمالاً، وذلك بفعل الأسباب الآتية:
- الدعم الأمريكي- الإسرائيلي الكبير للحكومة الاثيوبية، والذي سوف يمكّن الحكومة الاثيوبية من التغلب على الكثير من مشاكلها الداخلية.
- كان الاثيوبيون في الماضي موحدين في مواجهة الخطر الارتيري، وحالياً تحتاج شعوب وأمم اثيوبيا المتنافرة إلى خطر خارجي جديد يساعدهم على الالتفاف والتماسك مع بعضهم البعض.
- يبلغ سكان اثيوبيا 60 مليون نسمة، منهم 30 مليون مسلم، و30 مليون مسيحي، وتجدر الإشارة إلى أن السلطة السياسية ظلت في يد المسيحيين الاثيوبيين لأكثر من 1000 عام، وذلك وفقاً لأسطورة الأسرة السليمانية، التي تقول: إن عائلة النبي سليمان الحكيم قد هاجرت من اليمن إلى اثيوبيا بعد سقوط دولة سبأ، وأن من أحفاد هذه الأسرة الامبراطور ميلك الأول، والثاني، والامبراطور هيلاسلاسي، وقد دعمت إسرائيل هذه الفكرة وأصبح الملك هيلاسلاسي يلقب بـ(أسد يهوذا) وراعي الكنيسة القبطية الارثوذكسية الاثيوبية المرتبطة بحاخامات أورشليم حصراً، بدلاً من سائر الكنائس الشرقية الأرثوذكسية الأخرى.
أما الـ30 مليون مسلم اثيوبي، فجميعهم من أصل صومالي، منهم 20 مليون يمثلون سكان جنوب اثيوبيا، و10 ملايين يمثلون سكان شرق اثيوبيا.. ويتميز المسلمون الأثيوبيين بكراهيتهم الشديدة للأسرة السليمانية، والمسيحيين الاثيوبيين، وعلى مدى سنوات طويلة ظلت حركات وجبهات تحرير الأرومو (خمسة ميليشيات مسلحة) تعمل من أجل الانفصال عن اثيوبيا، كذلك نشطت الكثير من الحركات المسلحة والميليشات المعارضة التي تطالب بفصل شرق اثيوبيا المسلم.
- ان وجود هذا الرصيد الكبير من القوى الإسلامية في حد ذاته يشير إلى جانبين:
* تزايد مخاوف السلطات الاثيوبية من أن قيام نظام إسلامي في الصومال سوف يؤدي لاحقاً إلى ثورات إسلامية داخل اثيوبيا يترتب عليها انفصال اقليمي جنوب وشرق اثيوبيا عن الوطن الأم.
* تهديد قادة حركة اتحاد المحاكم الشرعية الصومالية بنقل الصراع المسلح إلى داخل اثيوبيا.
حالياً المواجهة بين الطرفين تقوم على التوازنات الآتية:
• ميدان المعركة: يحارب الصوماليون داخل أراضيهم، وبالتالي يتفوقون على الأثيوبيين في مجال معرفة الأرض.
• أسلوب المعركة: الجيش الاثيوبي يقوم بحرب نظامية، ضد قوات صومالية غير نظامية تحارب بأسلوب العصابات... وبالتالي فهي حرب غير متماثلة مثل حرب القوات الإسرائيلية (النظامية) ضد قوات حزب الله (غير النظامية).
• الدعم: تعتمد اثيوبيا على الدعم الخارجي الأمريكي- الإسرائيلي- البريطاني.. أما قوات اتحاد المحاكم الصومالية فتعتمد على دعم وتأييد السكان المحليين، وهو الدعم والتأييد الذي ساندها كثيراً في السيطرة على الكثير من المدن الصومالية بلا معارك.
تتفاءل أمريكا وأسرائيل وبريطانياً كثيراً بقدرة الاثيوبيين في القضاء على حركة المحاكم الشرعية الصومالية، وبالمقابل يتفاءل زعماء حركة المحاكم الشرعية بقدرتهم على كسب المعركة المفتوحة ضد القوات الاثيوبية.
وأخيراً نقول: أصبح اندلاع حرب القرن الافريقي أمراً واقعاً، وقد أصدرت الأمم المتحدة تقريراً يتهم 7 دول بدعم حركة المحاكم الشرعية الصومالية منها: سوريا، ارتيريا، إيران، ليبيا، السعودية، اليمن، أما الحكومة السودانية فيعتبرها التقرير غارقة حتى أذنيها في دعم حركة اتحاد المحاكم الشرعية، والذي تلقى المئات عناصره تعليمهم الجامعي في السودان، وتطوّعوا للقتال ضمن فيالق وكتائب الجهاد الإسلامي التي كانت ناشطة في جنوب السودان في الماضي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد