عامل النفط والعدوان الإسرائيلي ضد لبنان
الجمل: ينظر الرأي العام العالمي والعربي، إلى العدوان الذي تشنه إسرائيل ضد لبنان، على أساس اعتبارات إدانة وحشية وفظاعة عدوانية آلة الحرب الإسرائيلية، كذلك أصبح هذا الرأي العام أكثر معرفة بالدعم اللامحدود الذي تقدمة الإدارة الأمريكية لإسرائيل.
ولكن ما لم ينتبه إليه الكثيرون، هو المشروع الاستراتيجي الضخم الذي تقوم الإدارة الأمريكية بالإعداد لتنفيذه في المنطقة، ويتمثل هذا المشروع في السيطرة على منابع النفط الرئيسة في العالم. وذلك عن طريق تمديد خطوط الأنابيب وتجميعها في مكان واحد، من أجل التحكم بتوزيع الإنتاج، ولإظهار الملامح البارزة لهذا المخطط، يمكن الإشارة إلى الآتي:
• احتكار الشركات الأمريكية لحقوق التنقيب عن النفط ومشتقاته في المناطق التي تحتوي على المخازين، وقد وقعت الشركات الأمريكية على عقود مع الـ(حكومات الموالية لواشنطن)، تعطيها حقاً حصرياً دون غيرها للقيام بعملية التنقيب.
• المناطق النفطية التي قامت الشركات الأمريكية بعملية وضع اليد عليها هي: منطقة الجزيرة العربية (السعودية، وبلدان الخليج العربي، العراق) منطقة بحر قزوين (أذربيجان).
• مشروع الربط بأنابيب النقل: حيث تم التخطيط لعملية نقل النفط على النحو الآتي:
- نفط منطقة بحر قزوين: المرحلة الأولى تم إنجازها وتمثلت في خط أنابيب (باكو- تبليسي- سبهان)، ومن اللافت للنظر أن هذا الخط تم تمديده بطريقة لافتة للنظر، فالخط يتحرك من باكو (على ساحل بحر قزوين) باتجاه الشمال عبر أراضي جمهورية جورجيا (توجد فيها قواعد أمريكية وقوات للناتو)، ثم يتحرك الخط جنوباً عبر الأراضي التركية حتى ميناء سيهان على ساحل البحر الأبيض بجنوب تركيا.
- نفط العراق: وهناك بالأساس خط أنابيب ينقل نفط العراق عبر تركيا، وقد تمت صيانته بإشراف سلطات الاحتلال الأمريكية، وقد تضمنت تكاليف ذلك الكثير من التجاوزات المالية، (بلغت حوالي 1،4 مليار دولار حاولت الخارجية الأمريكية إخفاء المستندات، ولكن الصحافة سرّبت الأخبار).
- نفط الخليج والسعودية (وجزء من نفط العراق): ويتم تمديد خطوط الأنابيب من هذه الدول بحيث يتم تميعها ضمن خط رئيس واحد إلى داخل الأراضي الأردنية.
الحلقة الرئيسة، تتمثل بتمديد خط إضافي من ميناء سبهان التركي تحت مياه البحر الأبيض وحتى ميناء (عسقلان) الإسرائيلي فقد تم تمديد خط أنابيب من الأراضي الأردنية إلى الأراضي الإسرائيلية، وبذلك ترتبط خطوط أنابيب نقل النفط في إسرائيل على النحو الذي يجعل من دولة الكيان الصهيوني الـ(كازية) النفطية الأكبر في العالم لتصبح بورصة تل أبيب أكبر بورصة في العالم لعمليات بيع وشراء النفط، ومن ثم تمتلئ حسابات البنوك الإسرائيلية بالأموال النفطية.
إن تمديد خطوط أنابيب النفط العربي (من العراق، والسعودية، والخليج) وأنابيب نفط منطقة بحر قزوين (من أذربيجان، وتركمانستان، وغيرها) وتجميعها في إسرائيل، يؤدي بالضرورة إلى توسيع الـ(مجال الحيوي للأمن الاستراتيجي الإسرائيلي) بحيث تشمل مصالح إسرائيل الحيوية كل منطقة شرق المتوسط والشرق الأدنى والخليج العربي، وهو أمر يترتب عليه تصميم نموذج (لحماية) الأمن الإسرائيلي، قادر على الردع وتوجيه الضربات في كل هذه المنطقة.. وحالياً تعمل الولايات المتحدة من أجل إقناع حلف دول منطقة بحر قزوين على توقيع اتفاقية شراكة أمنية عسكرية مع إسرائيل بحيث تتولى الدفاع عن أمن خط أنابيب نقل النفط، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والذي يتضمن مشروعاً إضافياً لنقل المياه العذبة من تركيا إلى إسرائيل بحيث تتوازى أنابيب نقل المياه مع أنابيب نقل النفط.
وبالنتيجة: لما كان خط الأنابيب هذا يمر بمحاذاة السواحل اللبنانية، فالمطلوب استراتيجياً من إسرائيل، وبشكل عاجل السيطرة على لبنان أولاً.. ثم العمل على إدماج لبنان نفسه ضمن هذا المشروع، إضافة إلى العمل على إضعاف القطاعات الرئيسة التي يتميز بها الاقتصاد اللبناني، مثل الخدمات المصرفية، والمالية، والسياحية، وذلك حتى ينفرد الاقتصاد الإسرائيلي بتقديم هذه المزايا بعد القضاء نهائياً على منافسة لبنان.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد