عبد القادر الصالح.. رمزٌ ثوري أم «بطل» من ورق؟
أعلن «لواء التوحيد» أمس الاثنين مصرع قائده العسكري عبد القادر الصالح، متأثراً بجراح أصيبَ بها إثر استهداف الجيش السوري اجتماعاً لقياديي «التوحيد» في مدرسة المشاة في حلب. ومثلما حظي الصالح بالكثير من الأضواء منذ اشتهر بلقب «حجي مارع»، حظي نبأ مقتله باهتمام منقطع النظير، وتهافت العديد من المعارضين السوريين ومن الفصائل المسلحة على نعيه، ومن بينهم المراقب العام الأسبق لجماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا الشيخ عصام العطار، والرئيس السابق لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» السورية الشيخ معاذ الخطيب، فضلاً عن «جيش الإسلام»، أحد أكبر الفصائل المسلحة في سوريا.
ما لم يُقل عن الصالح... وسر اللقب
تؤكد مصادر خاصة أن «الصالح كان إخوانياً بالفطرة، وأن والد الصالح كان من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين في فترة الثمانينيات، وقد اعتُقل، ومات في المُعتقل. ويقول البعض إنه كان ضابطاً وثبت للأمن السوري انتماؤه إلى الجماعة وتعاونه معها، فاعتُقل إثرها».
وتروي مصادر محليةٌ في هذا الصدد أنّ «الصالح كان فاعلاً في بدايات التظاهر في مارع، وقد حاولت جهاتٌ أمنية سورية إقناعه بالقيام بدور في تهدئة الوضع، فأجاب حينها: أعيدوا أبي حيّاً، أُعدِ المتظاهرين إلى بيوتهم».
وتشرح المصادر سرّ لقب «حجي مارع» الذي لازم الصالح، بالقول إن «اسمه الكامل هو عبد القادر الصالح الحجي، وفي الريف يتم تداول اسم العائلة مضافاً إلى اسم منبتها الجغرافي، نظراً لتماثل الكنى في عدد من مناطق الريف بين عائلات لا تربطها صلة القربى. وهكذا كان اسمه متداولاً: عبد القادر الحجي مارع، لتمييز عائلته عن عائلات عدة تحمل كنية الحجي من بلدات أخرى. ثم سرى هذا الاصطلاح فكان حجي عندان، وحجي تل رفعت... مكتسباً رمزية قيادية، ودينية».
وخلافاً لجميع المعلومات السائدة حتى الآن، يؤكد مصدرٌ كان وطيد الصلة بالصالح، أن عمله السابق لا صلة له بالحبوب، بل «كان يعمل في شراء وتجفيف البامية وتصديرها إلى الأردن، وكان رأسماله قبل الأزمة أقل من عشرة ملايين ليرة، أي أنه كان تاجراً صغيراً، وهو لم ينل قسطاً وافياً من التعليم، وكلُّ ما أشيع عن سفره إلى أفغانستان ومشاركته في الجهاد هناك لا أساس له من الصحة».
ويقول مصدر إنه «يتغنى كثيرون بسمعة الصالح، وبأنه لم يسرق مثلَ غيره، ولكن؛ هل تساءلوا: ماذا فعل باقتصاد حلب؟، وماذا فعل لواؤه الذي كان يتغنى بأنه الأقوى على الأرض، والمنادي بالمبادئ والأخلاق الثورية تجاه لصوص الثورة أمثال (أحمد) العفش و(خالد) الحياني؟، لا شيء... بل إنه تحالف معهم أحياناً. وماذا فعل إزاء حالات السرقة والنهب، وتفريخ مجموعات لصوص باسم الثورة؟، كلّ ما كان يفعله حين كان يضبط كتيبة لصوص تابعة للوائه أن يعلن فصلها من اللواء».
يوافق مصدر ميداني معارض على غرابة تصدير الصالح بهذا الشكل. ويقول : «أي قائد عسكري هذا الذي يخاطب جنوده بمنطق: لا تخافوا... الملايكة رح تقاتل معنا؟». ويضيف المصدر: «اسألونا... نحن المقاتلون الفعليون على الأرض، هذا اللواء لم يكن يليق به فعلاً سوى اسم لواء التصوير الذي بقيَ ملازماً له في أوساط المقاتلين».
كيف تحول إلى «رمزٍ ثوري»؟
تؤكد مصادر إعلامية معارضة أن «جهاتٍ كبرى كانت معنيةً بتصدير الصالح ولوائه، والترويج الاعلامي لهما. ملايين الليرات صبّت عنده وعند فريقه الإعلامي الذي مُنح مقرّا من خمس نجوم، وقد كان مقراً لأحد المصارف في الشيخ نجار، فيما مُنعت عنّا أبسط المساعدات»، مضيفاً: «كان مسلحوه حريصين دائماً على فرض إعلام التوحيد فقط، ومنع بقية الاعلاميين من تصوير أي حدث، لا سيما في البدايات، حين كان التوحيد شبه وحيد في الساحة». ويشير المصدر إلى أن الصالح لم يكن يكتفي بنشاط المكتب الاعلامي لـ«التوحيد»، بل إنه وظّف إعلامياً خاصاً به، ويشتهر باسم «أبو فراس الحلبي».
وبدوره، يعلق مصدر سياسي معارض على ظاهرة الصالح بالقول إنه «حتماً كان للبروباغندا دورٌ بارز، فمعظم المعجبين بالصالح لم يعرفوه إلا عبر ماكينته الاعلامية فقط»، موضحاً أن «تعظيمه لا يتعلق به فحسب، بل بحالة هستيرية جمعية عند العموم، وبحاجتهم إلى رمز في ظل سيكولوجية الانسان المقهور. وغنيٌّ عن القول إن النماذج الأخرى كانت أسوأ من أن تحظى بمديح أحد، من حسن جزرة إلى أحمد عفش وسواهما من اللصوص العلنيين، علاوةً على النماذج التكفيرية المُنفّرة».
ويرى مصدر آخر أنّ البعض «كان يرى فيه فعلاً نموذجاً للقائد الثوري البسيط، تسهم في ذلك الكاريزما الخاصة به، فيما انضمّ آخرون إلى موجة التهليل لمجرد انها تحولت إلى موضة ثورية، وبالمحصلة، فقد كان الصالح نموذجاً ديماغوجياً بامتياز».
صهيب عنجريني
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد