فخري البارودي.. الإنسان الذي وظف فكره وأدبه في خدمه وطنه
تمر هذه الأيام الذكرى الخامسة والأربعون لرحيل الأديب والسياسي فخري البارودي الشخصية الوطنية العريقة التي شهدت على مرحلة مفصلية من التاريخ العربي المعاصر وتركت بصمة لا يمكن نسيانها في العمل الوطني والقومي كما في مجالات الفكر والأدب.
ولد البارودي في دمشق عام 1887 ليعيش طفولته وشبابه في مرحلة شهدت حالة من النهوض والوعي وبداية تجذر الفكر القومي وانكشاف معالم المؤامرات الخارجية على الوطن والأمة.
بعد تخرجه عام 1908 من المدرسة الثانوية برز إبداعه واشتغاله على المسألة الوطنية والقومية فأسس مع صديق له جريدة هزلية تحت اسم حط بالخرج والتي كانت تنطق باللهجة العامية وتتناول الأوضاع بأسلوب ساخر إلى أن سافر إلى فرنسا حيث اطلع على الحضارة الغربية وأفاد من تجربتها العلمية والفكرية.
لكن تلك الإقامة لم تطل حيث عاد إلى دمشق مع اندلاع الحرب العالمية الأولى ليشارك كضابط احتياط في قتال المستعمر الإنكليزي في فلسطين حيث تم أسره في معركة بئر السبع وسجنه في قصر النيل بالقاهرة لكن روحه القومية التي تشرب تفاصيلها في دمشق أبت إلا أن ينضم إلى صفوف الثورة العربية الكبرى بعد الإفراج عنه في القاهرة فكان من أوائل المشاركين في مقاومة الاحتلال الفرنسي في معركة ميسلون.
بعد دخول الاحتلال الفرنسي الى دمشق اعتقل البارودي بسبب دوره في نشر الوعي الوطني وسجن في قلعة دمشق لكنه واصل نشاطه السياسي القومي منذ لحظة إطلاق سراحه من خلال عمله في الصحافة إلى جانب عمله كنائب في البرلمان عام 1932.
برز البارودي في تلك المرحلة من خلال الصحافة التي لعبت دوراً في التحريض ضد الاحتلال وبث روح الثورة ثم أنشأ مكتباً لنشر الوعي والدعاية للقضايا الوطنية سماه مكتب البارودي لخدمة القومية العربية وقد انضم إليه رجال الكتلة الوطنية التي أصدرت عام 1936 بياناً باسم الشعب السوري ضمنه ميثاق الأمة القائم على أمانيها وحقها بالوحدة والاستقلال.
اثر ضغط الفرنسيين عليه لجأ البارودي إلى الأردن فأقام فيها حتى عاد إلى دمشق عام 1947 وانتخب نائباً في البرلمان السوري إلا أنه لم يستمر طويلاً في العمل البرلماني فاعتزل السياسة عام 1948 وعكف على التأليف وحفظ التراث الموسيقي والأدبي واستمر بهذا العمل حتى وفاته مطلع شهر أيار عام 1966.
وتظهر في مجمل كتابات البارودي ولاسيما الأدبية منها وطنية هذا الرجل وحماسته باتجاه تحقيق استقلال سورية حتى عندما كان سجيناً حيث يقول في إحدى قصائده من داخل المعتقل..
إذا اعتقلوا جسمي فروحي طليقة وهل كان ذنبي أن أحب بلاديا
فإن منعوا عني اقتراب أحبتي فما منعوا عن حب قومي فؤاديا.
وإلى جانب وطنيته الأصيلة والمتجذرة فإن الكثير من معاصري
البارودي يؤكدون على حضور الفكر القومي عنده والذي عبر عنه في مقولاته وكتاباته ولاسيما في شعره حيث نلحظ دعوته إلى الوحدة العربية من خلال قصيدته بلاد العرب أوطاني كما تنبه مبكراً إلى القضية الفلسطينية التي وضع فيها كتاباً كاملاً يصف فيه الحالة العربية وخصوصاً الفلسطينية.
من أهم مؤلفاته مذكرات الشرطي- كارثة فلسطين-مذكرات البارودي -المجموعة الشعرية تاريخ يتكلم ومجموعة قلب يتكلم-المعجم الموسيقي- المعجم الشامي ورددت الأجيال قصيدته الشهيرة بلاد العرب أوطاني التي أصبحت من أهم معالم التراث الشعري والفني القومي والتي نبهت إلى المسألة القومية بوضوح ورفض الحدود والتجزئة حيث لحنها محمد فليفل.
نبيل محمد
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد