فرنسا تدوّر الزوايا لإقناع إسرائيل بـ«السلام»: مبعوث خاص وتراجع عن الاعتراف بفلسطين
في إطار المسعى الفرنسي لتحويل المؤتمر الدولي لحل المسألة الفلسطينية من مجرد فكرة إلى أداة عملية للتسوية السياسية، يصل يوم الأحد المقبل إلى الأراضي الفلسطينية المبعوث الفرنسي الخاص بيير فيمون. وتأمل فرنسا أن تسهم هذه الزيارة في إقناع كل من الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية بقبول الجدول الزمني الذي كانت حددته لعقد المؤتمر في مطلع الصيف المقبل. ولتسهيل مهمة قبول إسرائيل للمبادرة الفرنسية، تراجعت باريس بلسان وزير خارجيتها الجديد جان مارك آيرولت عن تهديدها السابق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا فشلت جهود انعقاد المؤتمر الدولي.
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن فرنسا عمدت طوال الشهر الماضي إلى إجراء اتصالات مكثفة مع كل من تل أبيب ورام الله وعدد من دول العالم، لعرض مبادرتها السياسية التي أساسها عقد مؤتمر دولي في باريس. وأعلنت السفارة الفرنسية في تل أبيب أمس أن «المبعوث الفرنسي الخاص سيبحث مع الأطراف في المراحل المقبلة الضرورية التي تسمح بانعقاد، حتى الصيف، مؤتمر دولي يجمع الطرفين وشركاءهما الأساسيين».
وتوقعت مصادر إسرائيلية بقاء فيمون في الأراضي الفلسطينية حتى يوم الثلاثاء، حيث سيجتمع إلى مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين ليبحث معهم مسألة المؤتمر الدولي.
ومعروف أن فيمون هو أحد الديبلوماسيين المخضرمين في الخارجية الفرنسية، وهو يحظى بتقدير في أرجاء العالم، وسبق أن تولى منصب السكرتير العام لخارجية الاتحاد الأوروبي. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن «الحديث يدور عن شخص فائق الجدية يعرف جيداً الشأن الإسرائيلي الفلسطيني. وهو من نوع الأشخاص الذين إذا طُلب منهم تنظيم مؤتمر، فإنهم يوفرون البضاعة ويعقدون المؤتمر».
وبحسب ما أعلن الفرنسيون سابقاً، فإنهم يرغبون قبل عقد المؤتمر الدولي في باريس في الصيف أن يعقدوا اجتماعاً في باريس أيضاً لـ «مجموعة الدعم الدولية» للعملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين. ويشارك في هذا الاجتماع ما بين 20 إلى 30 دولة من بين الأهم في العالم التي يعنيها النزاع العربي ـ الإسرائيلي، ولكن من دون حضور الطرفين المعنيين.
وفي إطار المساعي الفرنسية لعقد المؤتمر الدولي، وصل أمس الأول إلى القاهرة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، حيث اجتمع إلى كل من وزير الخارجية المصري سامح شكري والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وبحث معهما في المبادرة الفرنسية بهذا الشأن، وفي أمر عقد «مجموعة الدعم» في نيسان. ومعروف أن مصر والأردن وعدداً من الدول الأوروبية مثل أسبانيا وإيطاليا تؤيد المبادرة الفرنسية، في حين لم تعلن دول مثل ألمانيا وبريطانيا ولا حتى أميركا معارضتها لها.
وكان وزير الخارجية الفرنسي السابق لوران فابيوس قد أعلن عن المبادرة الجديدة قبل وقت قصير من انتهاء ولايته. ولكن المبادرة لم تكن شخصية بل هي تمثل الحكومة والرئاسة الفرنسية، ولذلك فإن الخارجية الفرنسية شرعت باتخاذ خطوات عملية لتوضيح المبادرة وعقد المؤتمر.
ولكن لأن إسرائيل عارضت المبادرة من اللحظة الأولى، متذرعةً بما رأت أنه تهديد متضمن فيها لأن فرنسا أعلنت أنها ستعترف بفلسطين دولة حتى إذا فشلت مساعي عقد المؤتمر، عمد وزير الخارجية الفرنسي الحالي إلى القول إن فشل المبادرة لا يعني الاعتراف بفلسطين بشكل تلقائي. وأوضح «ليس هناك أبداً أي شيء تلقائي. وأنا لا أريد استبعاد أي شيء، لكن لا ينبغي أن نضع موضوع الاعتراف كشرط مسبق، وإلا فإننا نبعد الجميع». ويشكل هذا القول أول تراجع فرنسي رسمي عما سبق أن أُعلن في المبادرة التي نُشرت في 16 شباط الماضي. كما انه ليس صدفة أن يختار آيرولت القاهرة ليعلن من هناك هذا التراجع الذي يروق للآذان الإسرائيلية برغم أن المبادرة برمتها لا تروق لإسرائيل.
وفي كل حال فإن أقوال آيرولت أثارت علامات استفهام في كل من تل أبيب ورام الله حول ما إذا كانت تمثل تغييراً جوهرياً في الموقف الفرنسي، أم مجرد تدوير لزوايا الكلمات لتسهيل تقبل إسرائيل المبادرة. وكان ملحوظاً أن إسرائيل لم تسارع لتلقف الموقف الفرنسي الجديد، في حين لم تعمد أوساط فلسطينية لمهاجمته.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد