كتاب لعسكري أمركي يحلل الإخفاق الجوي الإسرائيلي في العدوان على لبنان
نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أول من أمس، مقابلة مع الخبير في الشؤون العسكرية الأميركي وليام أركين، تناولت فيها كتابه الأخير الصادر عن جامعة سلاح الجو الأميركي في ماسكويل (الباما)، والذي ركز فيه على فشل سلاح الجو الإسرائيلي في تحقيق إنجازات مهمة خلال عدوان إسرائيل عام 2006 على لبنان، واصفاً الجهد العسكري الإسرائيلي بأنه غير فعّال ولم يؤدّ إلى النتائج المرجوّة منه.
وقال أركين إن أداء سلاح الجو الإسرائيلي كان في أحسن الأحوال «رقصة رائعة لم تحصد أي نتائج، إذ إن قادة إسرائيل (السياسيين) وقادة جيشها قدّروا النتائج بناءً على تأثرهم بنظرية الصدمة والرعب. لكنه لم يأت بنتائج كما حصل مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الأولى عام 1991»، مشيراً إلى أنه «من غير الممكن تحقيق النصر في الحرب خلال 34 دقيقة، ومن يعتقد غير ذلك فمبروك عليه» نصر كهذا، في إشارة إلى التقارير الإسرائيلية التي تحدثت في حينه عن تحقيق سلاح الجو الإسرائيلي للنصر على حزب الله في الدقائق الأولى للحرب.
وتحدث أركين عن خصائص حرب تموز 2006، مؤكداً على «أهمية المشاهد والتقارير والصور التي يجري بثّها من الميدان عبر وسائل الإعلام، إذ إن صور المناطق السكنية المدمرة، والغارات المكثفة والخسائر في صفوف المدنيين، تفرض نفسها على الرأي العام، وهو ما حصل لحرب إسرائيل الجوية عام 2006، التي عانت منها إسرائيل وسقطت في فخ النماذج المخصصة للهزيمة الذاتية»، مشيراً إلى أنه «كان على إسرائيل أن تخطط لتصفية قيادة حزب الله، رغم أنني مقتنع بأنها ما كانت لتنجح، لكن كان عليها أن تحاول» ذلك.
وقال أركين إنه «من الذين يعتقدون بأن سلاح الجو هو الأكثر كفاءة في الحروب، لكن ما أراه بشكل أساسي هو أن إسرائيل استخدمت هذه القوة بشكل غير فعال، الأمر الذي أدى إلى نتائج معاكسة، بل أعتقد أن هناك من في الجيش الإسرائيلي أيضاً من يوافقني الرأي بأن الدمار في بيروت وفي جنوب لبنان لا يمكن أن يعتبر نجاحاً عسكرياً، والإنجاز في تدمير الصواريخ البعيدة المدى ليس كبيراً، وخاصة أنه بعد عام من الحرب أعاد حزب الله تسليح نفسه بصواريخ مشابهة»، مشيراً إلى أن «إسرائيل اعتقدت بأن كل منزل أو مبنى أصيب في جنوب لبنان أو بيروت هو مرتبط بحزب الله، لكن ذلك أقل أهمية وتأثيراً من الناحية العسكرية، ومما أعتقده وأراد تحقيقه مخططو وقادة الحرب» الإسرائيليون.
وبحسب تقديره، فإن الفشل الإسرائيلي في الحرب «نابع من الضرورات التي ربما تزيد على الضرورات الأميركية في ما يتعلق بمسائل الرقابة والأمن الميداني ورقابة الإعلام، وأدى ذلك في الحالة الإسرائيلية إلى نشر معلومات ومعطيات لم تكن مترابطة أو دقيقة، في مقابل أن حزب الله شغل منظومة مركزية قوية ذات خبرة عالية في حرب المعلومات» والإعلام.
وفي مقارنة مع ما حققه سلاح الجو الأميركي في يوغوسلافيا وأفغانستان، وما حققته إسرائيل في لبنان، قال أركين إن الولايات المتحدة «نجحت في تحقيق أهدافها في الدولتين وتحديداً في يوغوسلافيا، حيث هناك إنجازات واضحة، وهي إقامة نظام ديموقراطي، وتسليم الحاكم (سلوبودان) ميلوسيفيتش إلى المحكمة الدولية في لاهاي، وما حسم المعركة هناك لم يكن الأهداف التي تمت مهاجمتها، بل تلك الأهداف التي تم الامتناع عن مهاجمتها، ولو كان الهجوم (الإسرائيلي) في لبنان جرى مثل الهجوم في يوغوسلافيا، لكان باستطاعة الجيش الإسرائيلي أن يصل إلى أهداف أفضل من التي حققها، وهي قرار مجلس الأمن بنشر قوات اليونيفيل على الحدود».
وكان محلل الشؤون الأمنية في صحيفة «هآرتس»، يوسي ملمان، الذي أجرى المقابلة مع أركين، قد قدم للأخير على أنه «محلل عسكري مستقل ومعروف، وآراؤه مسموعة في الولايات المتحدة ويجري نشرها في وسائل إعلامية أميركية مشهورة، مرئية ومقروءة، من بينها صحيفة الواشنطن بوست ونيويورك تايمز»، لكن أهم «من الآراء التي أدلى بها هي أن كتابه صادر عن كلية سلاح الجو الأميركي، ما يعني أنه بحث رسمي صادر عن هذا السلاح ، وله أبعاد وأهمية» خاصة.
ونوّه ملمان بالجهد الذي أولاه أركين لكتابة بحثه، مشيراً إلى أنه «تحدث مع قادة وضباط في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ومع قادة من حزب الله ومسؤولين لبنانيين، إضافة إلى تجوله في المناطق اللبنانية التي تعرضت للقصف، وأجرى تحليلاً ممنهجاً للصور الجوية التي عرضها سلاح الجو الإسرائيلي عن الأهداف التي قُصفت، ولصور أخرى من أقمار اصطناعية تجارية».
يحيى دبوق
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد