لا يمكنكم قتل السفراء
الجمل- بقلم:Andrei Sokolov- ترجمة: وصال صالح: ارتكبت عملية القتل الوحشية بحق السفير الروسي في تركيا آندريه كارلوف في أنقرة في اليوم الذي كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينوي حضور مسرحية "Woe from wit"أو –ذو العقل يشقى- في مسرح مالي موسكو، والسيناريو مأخوذ عن المسرحية الرائعة لآلكسندر غريبويدوف، وغريبويدوف هو كاتب وموسيقي ودبلوماسي من أرفع الرتب، قُتل في بلاد فارس حيث كان يعمل كسفير لبلاده، الجريمة حدثت في 30 كانون الأول عام 1829 عندما هاجم متعصبون إسلاميون السفارة الروسية في طهران حيث كان السفير غريبويدوف يأوي عدداً من الأرمن لإنقاذهم من الذبح.
ولتجنب ردة فعل عنيفة من الامبراطورية الروسية أرسل شاه بلاد فارس الخائف حفيده، وحمله بهدايا باهظة الثمن بشكل خرافي إلى مدينة بطرسبرغ، ومن بين الهدايا حجرالماس خرافي كان معروفاً باسم "الشاه" وما يزال هذا الحجر من أكثر الآثارأهمية في متحف الكرملين، وبدت الحجة تعويض كافي للقيصر عند قبول الهدايا جنباً إلى جنب مع اعتذار الشاه حيث قال القيصر نيقولا الأول بأنه أخبر حفيد الشاه الفارسي أن الحادث المؤسف في طهران سيذهب في غياهب النسيان، وكان ذلك وسيلة قيصرية لغض الطرف عن دم غريبويدوف و37 دبلوماسياً روسياً وقوقازياً كانوا يحرسون السفارة، ونتيجة لذلك لم يؤدي الهجوم على السفارة الروسية لأي عواقب لبلاد فارس.
أيضاً قُتل اثنان من السفارة الروسية في فجر السلطة السوفييتية، غاتسلاف فوروفسكي وهو رئيس السفارة في إيطاليا الذي قتل عام 1923 في سويسرا وبرأت المحكمة في لوزان المتهم وشريكه بسهولة جداً واعتبرت مقتل الدبلوماسي عملاً انتقامياً، وفي أعقاب ذلك قطعت جمهورية السوفييت الفتية العلاقات الدبلوماسية مع سويسرا لمدة 23 عاماً، بعد أربع سنوات، أي في عام 1927 قُتل السفير الروسي في بولندا بترو فويكوف، وانتقاماً لقتل فويكوف كانت ردة فعل الاتحاد السوفييتي على الإرهاب بإلقاء القبض على 20 من ممثلي العائلات الأرستقراطية الروسية وأعدموا بدون محاكمة.
الرمزية القاتمة لأحداث العنف التي وقعت أو حلت بسفراء روسيا وعواقب تلك الجرائم لا يمكن أن تثير بعض جمعيات بعينها اليوم لم تعد روسيا تتاجر بحياة دبلوماسييها، وهي لن تلجأ إلى مقابلة الإرهاب بردة فعل إرهابية، الأتراك يدركون ذلك جيداً، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اتصل هاتفياً مع نظيره الروسي مباشرة تقريباً بعد الهجوم على السفير الروسي في أنقرة، اردوغان أخبر بوتين متابعته الشخصية للتحقيق ووعد بتعزيز الحماية للبعثة الروسية في تركيا.
هل هذا يكفي؟
العلاقات الروسية – التركية لم تعد مكتملة الثقة والشك العلني الصريح لا يزال يسود العلاقات الروسية- التركية، وعملية قتل آندريه كارلوف في أنقرة ستجعل الأمور أسوأ، الحدث المأساوي في أنقرة كشف أيضاً عيوب كبيرة في النظام الأمني الذي يضمن حماية الدبلوماسيين الروس في الدولة المتحاربة حيث تحدث الهجمات الإرهابية بانتظام.
ما هي أهداف القاتل مولوود ميرت آلطنطاش وهو شرطي سابق، وسائل الإعلام سارعت للإعلان بأنه عضو في منظمة إرهابية شبه أسطورية FETO التي يدعوها الرئيس التركي اردوغان بأنها تقريباً كل أعدائه في الداخل والخارج، و اتهمهم جميعاً بأنهم من أنصار خصمه السياسي سيء السمعة فتح الله غولن، مع ذلك وجدت محكمة اسطنبول في وقت سابق بأنه لا يوجد قرار من المحكمة لتأكيد وجود منظمة إرهابية مسلحة تدعى FETO ، مع ذلك منذ ثلاث سنوات تقود الإدارة التركية عملية مطاردة السحرة تحت ستار النضال ضد المنظمة الشبه أسطورية ولا يزال الآلاف من خصوم اردوغان في السجون التركية –وهؤلاء الناس مهتمون إما بالتخطيط لانقلاب في تركيا أو ببساطة دعم غولن.
ذكر جميع المراقبون بالإجماع أن الهدف الرئيسي من مقتل الدبلوماسي الروسي كان محاولة لضرب ضربة مؤلمة للغاية وضربة قوية للانتعاش البطيء في العلاقات الروسية- التركية، بالطبع، تم تحقيق الهدف، والكثير يتوقف الآن على اردوغان، في الثواني الآولى التي تبعت الرصاصات القاتلة صرخ القاتل بوضوح قائلاً بأنه جاء للانتقام من الإجراءات الروسية في سورية، ومع ذلك، فإن الرئيس التركي، بدون تشكيك للحظة أشار فوراً إلى الحكاية المفضلة لديه لفتح الله غولن، الذي يختبئ في الولايات المتحدة الأميركية- مؤخراً كان الرئيس اردوغان اعتذر عن الأسباب الحقيقية لتدخله في الصراع السوري، فجأة أعلن الرئيس التركي عن نيته طي صفحة عداوته الشخصية للرئيس-بشار الأسد- والمطالبة برحيله، وغني عن القول أن هذه الخطة تأتي كرد مخالفة لأهداف روسيا في البلاد، على المرء أن يفترض أنه سيكون من الصعب للغاية بالنسبة لأردوغان استعادة ثقة بوتين به.
في 20 كانون الأول وخلال اجتماع ثلاثي بين الوزراء الروسي والإيراني والتركي لشؤون الدفاع والخارجية –سيرغي لافروف رئيس وزارة الشؤون الحارجية الروسية قال بأن روسيا وإيران وتركيا هي من القوات الأكثر فعالية في حل الأزمة في سورية، إذ ان الأتراك لا يجدون الشجاعة للاعتراف بأن آثار الإرهاب في الشرق الأوسط تفضي إلى الدولة شبه الإسلامية (المحظورة في روسيا) مع الاستمرار بالإشارة إلى غولن عوضاً عن ذلك، فلن يكون هناك مزيداً من التقدم بين البلدين .
في 19 كانون الأول، وضعت تركيا تضحية دموية أخرى على مذبح الإرهاب في الشرق الأوسط وتركيا فعلت ذلك على حساب روسيا، لأن تركيا تلعب دوراً مناصراً للإرهاب الشرق أوسطي لسنوات عديدة ومن الواضح أن روسيا ستستمر في محاولة حل النزاع في سورية وتطوير العلاقات مع تركيا في نفس الوقت، ومع ذلك فإن الموقف الحالي للإدارة التركية بالاعتراف بأخطائها في كل من السياستين الداخلية والخارجية على حد سواء، من المرجح أن لا يحقق أي نتائج.
الاغتيالات والهجمات على السفراء في القرن الحادي والعشرين:
28 آذار 2003 –الهجوم على السفير السعودي –محمد أحمد راشد- في الكوت ديفوار –أبيدجان – ما ادى إلى مقتله.
29 كانون الأول 2003 –إصابة سفير الفاتيكان مايكل كورتني بجروح قاتلة في بوروندي.
2 تموز 2005 – تم اختطاف السفير المصري في العراق –إيهاب الشريف- في بغداد ولم يتم العثور على جثته أبداً.
27 تموز 2005- أعدم السفير الجزائري علي بلعروسي من قبل الإسلاميين في العراق.
20 آب 2006- تعرض السفيرالروسي في كينيا فاليري يغوشكين لهجوم وعانى الدبلوماسي من جروح بسبب الطعنة، لكنه عاد بعد ذلك لممارسة مهامه الدبلوماسية.
عن:PRAVDA.ru
الجمل
إضافة تعليق جديد