لبنان باتجاه مواجهات جديدة
هل هناك من يقود لبنان باتجاه مواجهات جديدة ربطاً بالقرار 1701؟ مردّ السؤال الالتباسات الكثيرة التي تحيط بالاجراءات التي اتفق عليها خلال الايام القليلة الماضية قبل قبول اسرائيل رفع الحصار البحري والجوي عن لبنان. علماً بأن مراجع رسمية لبنانية أكّدت أنه ليس في لبنان من يقبل أي تعديل من شأنه “خرق السيادة اللبنانية”. وذلك ردّاً على اسئلة عن تعديلات “تتمّ كأمر واقع” على المعابر البحرية والجوية لناحية دور دولي مباشر في اعمال الرقابة، وخصوصاً بعدما تبيّن أن الجانب الألماني يريد وقتاً وإجراءات واضحة قبل ارسال قواته البحرية، بينما يدور جدل حول طبيعة وشكل المساعدة الالمانية في المطار والمرفأ.
وقالت مصادر مطلعة إن النقاش الذي جرى امس بين اعضاء لجنة مراقبة المراكز الحدودية ووفد الضباط الألمان، تناول التفاصيل التقنية والأمنية تمهيداً لوصول وفد ألماني اكثر تخصصاً، يضم خمسة خبراء في الجمارك وخمسة آخرين في الشرطة، وهو الذي سيتولى تحديد الأجهزة الضرورية لاستخدامها على المعابر وتدريب الفريق اللبناني عليها.
وأضافت المصادر: “ان نقاشاً دار حول المراحل اللاحقة من الخطة الأمنية التي ستعتمد على المعابر، واستغربت جهات معنية أن تصل بعض الطروحات الى مرحلة يقترح فيها البعض تمركز خبراء اجانب بلباس مدني ـــ سواء كانوا من الألمان او غيرهم ممن قد تكلفهم الأمم المتحدة بمهمات متشابهة ـــ ولساعات عدة في المطار تتراوح ما بين اربع او خمس ساعات، بحجة اجراء التدريبات اللازمة للعناصر اللبنانية على كيفية استخدام المعدّات الجديدة”.
ونقلت مصادر سياسية رفيعة المستوى عن جهات امنية مشاركة في الاجتماعات “تنبيهات” إلى أن هناك جهات لبنانية لا تعارض هذا الوجود المباشر، وأن هذا الامر تجري تغطيته بحجة حاجة الاجهزة اللبنانية الى وقت للتدرب على استخدام هذه الاجهزة.
وقال الرئيس نبيه بري لـ“الاخبار” إن هناك اتفاقات واضحة، وإن قرار مجلس الوزراء واضح، وإنه لن يكون هناك اي وجود لأي عنصر مدني او غير مدني من خارج القوى الرسمية اللبنانية على كل هذه المعابر. والتدريبات يمكن ان تُجرى في مقار تابعة للأجهزة اللبنانية، ولا يمكن القبول بأن يشارك هؤلاء في اي اعمال مراقبة او تفتيش تُنفّذ على الارض. وأكّد بري أنه اجتمع مع معنيين من المرجعيات السياسية والامنية، وأنه لم يسمع ما يثير القلق. وكذلك التقى دبلوماسيين من الدول المعنية ولم يشعر بأن الامر محل بحث.
وكان مراقبون قد اشاروا الى أن هناك تفاهماً سهّل على الفريق الالماني الإشراف على زرع كاميرات مراقبة وأجهزة تحسس للتفتيش عند كل المعابر البرية والجوية والبحرية، وأنها سوف تكون موصولة بغرفة عمليات خاصة تتبع للبحرية الالمانية التي سوف تنتشر قبالة الشاطئ، وهي البحرية التي تعمل بتنسيق كامل مع البحرية الاسرائيلية منذ زمن بعيد.
وتأتي هذه المعلومات في وقت نفت فيه مصادر لجنة مراقبة المراكز الحدودية أن يكون هناك أي توجه الى تمركز مراقبين دوليين على المعابر الجوية البحرية والبرية، وأن السلطة فيها ستبقى للقوى اللبنانية حسب مهماتها. وتوقفت المصادر عند القرار الذي اتخذ بأن يكون مركز “الخبراء المراقبين” في احد فنادق عين المريسة، مطلّاً على البحر وتتولى قوى الأمن الداخلي حمايته.
باريس
وفي باريس، نقل مراسل “الاخبار” بسام الطيارة عن مصدر في وزارة الخارجية الفرنسية، أن باريس تلقّت طلباً رسمياً من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، عشية رفع الحصار، لمساعدة قوات اليونيفل “لفترة انتقالية على تأمين مهمة مراقبة السواحل اللبنانية بانتظار تأليف القوة البحرية التابعة للقوات الدولية”. وحسب المصدر، فإن هذا الطلب “يستند إلى البند الـ١٣ من القرار ١٧٠١ الذي يسمح للأمين العام بطلب مساعدة بعض الدول”. وقال المصدر الفرنسي إن باريس ترى أن هذه المهمة “مرحلية”.
وكما هي الحال بالنسبة إلى قيادة اليونيفيل التي سوف تتسلمها إيطاليا بعد حين، فإن القوة البحرية الفرنسية التي تساندها قطع يونانية وإيطالية، سوف تستبدل لاحقاً بالبحرية الألمانية. وعدّد ناطق باسم وزارة الدفاع القطع الفرنسية المشاركة “في الرقابة” بفرقاطتين (مسار ومونكلام) وطائرات هيليكوبتر موجودة “حالياً في المنطقة” بالإضافة إلى سفينة إنزال بحري. وشدّد الناطق العسكري على أن نطاق عمل البحرية الفرنسية سوف يكون محصوراً بين ٦ و١٢ ميلاً بحرياً، وأنها باتت جاهزة عملياً منذ امس الجمعة. وهذه القطع سوف تكون “تحت قيادة فرنسية لا تحت إمرة الأمم المتحدة، على أن تتعاون بشكل وثيق مع السلطات اللبنانية” وهو ما سمح برفع الحصار الإسرائيلي.
وتقول مصادر موثوقة إنه رغم وضع هذه القطع تحت قيادة فرنسية فإن “قواعد الاشتباك قد نوقشت بالتفصيل مع الأمم المتحدة”، وحسب بعض المصادر فإن هذه القوة لا تستطيع إطلاق النار لإيقاف البواخر إذ إن قواعد عملها تعتمد على مبدأ “لا إكراهية”. وإذا تطلّب الأمر استعمال القوة لتوقيف باخرة، يجب “من حيث المبدأ” أن يأتي القرار من السلطات اللبنانية “أو بالتشاور معها”. ويقول المراقبون: “لا وضوح” إن لم نقل “غموض” يكتنف عمل القوات البحرية الفرنسية في ضوء هذه “التوضيحات” التي قدمها الناطق العسكري، خصوصاً أن تجهيز السفينتين غير مؤهل لعمل مطاردة السفن وملاحقتها.
ويبدو أن الإخراج الإعلامي الذي رافق “تأليف القوة البحرية” كان فقط لإيجاد مخرج للتصلب الإسرائيلي في قضية الحصار الذي كان هدفه الضغط على لبنان في موضوع الأسرى من جهة ولمراضاة الرأي العام الداخلي من جهة أخرى. والواقع، كما يقول مصدر، أن “كل شواطئ البحر الأبيض المتوسط تحت رقابة شديدة منذ مدة طويلة”، وأفضل برهان هو السفن التي تفتش من حين إلى آخر في هذه البقعة الشرقية، وكان آخرها السفينة البنمية المتوجهة إلى سوريا التي أوقفت في قبرص قبل يومين. وتتحدث بعض المصادر الأوروبية عن أن إسرائيل كانت تفضّل، قبل رفع الحصار، وصول السفن الألمانية لوجود «اتفاق تعاون لتبادل المعلومات» بين الدولتين في ما يخص الرقابة البحرية، بحيث يمكن إسرائيل متابعة المعلومات التي تلتقطها السفن الألمانية في منطقة المراقبة «مباشرة»، حيث إن تل أبيب لا تتوقع من فرنسا القبول بمشاركتها للمعلومات بانتظار وصول السفن الحربية الألمانية.
خريطة انتشار القوة الدولية
جنوباً يفترض ان تواصل القوة الدولية نشر قواتها في كل المنطقة الحدودية خلال 15 يوماً، على ان يتم الانسحاب الإسرائيلي بعد هذه الخطوة، علماً بأن النقاش الاساسي يتولاه الفرنسيون والايطاليون والاسبان حول طبيعة الانتشار، وحيث تقرر ان ينتشر الايطاليون في منطقة صور ويتخذوا من برج قلاويه مقراً لقيادتهم بينما ينتشر الفرنسيون في القطاع الاوسط ويتخذون من إحدى بلدات قضاء بنت جبيل مقراً لهم، ويتولى الاسبان القطاع الشرقي ويكون مقرهم حاصبيا او مرجيعون.
وكان لافتاً امس وضع مجموعة من الضباط والجنود من الوحدات الفرنسية والايطالية والاسبانية نقطتين مطليتين بالأزرق والابيض قبالة بركة النقار على حدود مزارع شبعا المحتلة بمسافة 25 متراً، والى الغرب منها بنحو 300 متر. ومنعت المواطنين او رعاة الماشية من الاقتراب منها.
وامس تلقى الرئيس فؤاد السنيورة اتصالاً من نظيره الباكستاني شوكت عزيز أبلغه قرار باكستان المشاركة في قوات الطوارئ الدولية .كما اجرى السنيورة اتصالات هاتفية بكل من بطريرك الارمن الكاثوليك نرسيس بيدروس التاسع عشر وببطريرك الارمن الارثوذكس الكاثوليكوس آرام الأول وكان بحث في ظروف ومعطيات تشكيل قوات الطوارئ الدولية التي ستنتشر في الجنوب، ومشاركة قوات تركية فيها بخلاف رغبة الارمن.
أسلحة جنبلاط
أما على صعيد المعابر البرية فقد نفت المصادر الامنية كلام النائب وليد جنبلاط “عن دخول اسلحة وألف كيلوغرام من المتفجرات الى لبنان” وقالت: “إن هذه الأنباء لا صحة لها على الإطلاق وإن المعابر البرية مضبوطة ما فيه الكفاية”. وأوضحت ان الشاحنات التي عبرت المصنع على الحدود اللبنانية ـــ السورية تحمل مساعدات غذائية وتحمل تراخيص من وزيرة الشؤون الاجتماعية السيدة نايلة معوض وهي خضعت لتفتيش دقيق
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد