لعبة واشنطن في تركمانستان وسيناريو موت الرئيس نيازوف
الجمل: حول التطورات الأخيرة التي حدثت في منطقة آسيا الوسطى، وتحديداً في جمهورية تركمانستان، نشر المحل مايك وايتني، على موقع غلوبال ريسيرش الكندي، تقريراً حمل عنوان (لعبة واشنطن في تركمانستان).
كان تقرير مايك وايتني مباشراً منذ البداية، وقد طرح الأمر بكل وضوح: هل كانت إدارة بوش ضالعة في موت الرئيس التركمانستاني نيازوف؟
لقد كان نظام نيازوف يلبي كل متطلبات ومعايير (عملية تغيير النظام) التي تتبناها الإدارة الأمريكية عادة ضد الأنظمة التي تتميز بالآتي:
- الجلوس على احتياطيات كبيرة من النفط والغاز.
- عدم القبول بتنفيذ ما تطالب به واشنطن.
وفي هذا الصدد فقد كان الرئيس التركمانستاني نيازوف يمتلك الكثير من الاحتياطيات النفطية، وفي الوقت نفسه الأكثر تمادياً في معارضة السياسات الأمريكية الخاص بمنطقة آسيا الوسطى ودول حوض بحر قزوين. ولهذه الأسباب كان نيازوف خلال الفترة السابقة مدرجاً بواسطة الإدارة الأمريكية على نفس القائمة التي تضم: محمد أحمدي نجاد، والرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، إضافة إلى أسماء أخرى.
تمتلك تركمانستان حوالي 5و22 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي (ثاني أكثر منتج للغاز الطبيعي في آسيا).
عارض نيازوف عروض الشركات الأمريكية رافضاً تمديد خط لنقل الغاز والنفط من تركمانستان عبر بحر قزوين إلى أذربيجان ليكون ضمن خط أنابيب باكو- تبليسي- جيهان (الذي مولته الشركات النفطية الأمريكية وبالذات شركة هليبرتون التابعة لديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي، وأشرف على تنفيذه شركة بريتيش بتروليوم البريطانية، وسوف يصل هذا الخط إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي، عبر خط أنابيب يمتد تحت مياه البحر الأبيض المتوسط، بمحاذاة الساحل السوري واللبناني).
كذلك عارض نيازوف رافضاً عروض الشركات المتصلة بتمديد خط لنقل النفط والغاز من تركمانستان عبر أفغانستان وباكستان وصولاً إلى ساحل المحيط الهندي على الساحل الباكستاني.
وبدلاً عن كل هذه العروض، قام نيازوف بالآتي:
• الموافقة على تمديد خط أنابيب يبدأ من تركمانستان، ويمتد عبر دول آسيا الوسطى إلى داخل الصين.
• الموافقة على إعطاء الشركات النفطية الصينية حق احتكار منتجات حقل إيولوتان الذي يبلغ مخزون احتياطياته من الغاز الطبيعي حوالي 7 تريليون متر مكعب.
• ارتبط باتفاقيات طويلة المدى مع شركة غازبروم الروسية، في كافة المجالات المتعلقة بنقل إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوكرانيا وشرق وغرب أوروبا.
يقول كل الخبراء والمختصين بشؤون آسيا الوسطى والقوقاز: إن ما قام به نيازوف في الفترة الماضية كان كافياً كي يجعل الإدارة الأمريكية تتحرك لاستهدافه، خاصة وأن تركمانستان هي المفتاح الرئيسي الذي ظلت الإدارة الأمريكية تلهث بقوة من أجل الإمساك به، وذلك لأن السيطرة الأمريكية على تركمانستان تؤدي إلى الآتي:
- قطع إمدادات الغاز والنفط عن شركة غاز بروم الروسية، وبالتالي ينقطع إمداد الغاز إلى أوكرانيا، وشرق أوروبا، وجنوب روسيا.
- تقليل كميات الغاز التي تعمل وتخطط روسيا لنقلها عبر خط الأنابيب الاستراتيجي لنقل الغاز إلى غرب أوروبا.
- السيطرة على دول آسيا الوسطى الأخرى، مثل طاجيكستان وأوزبكستان وكازاخستان وكيرغيزستان.
- تهديد جنوب روسيا، المتاخمة لمنطقة بحر قزوين، وتمثل هذه المنطقة منطقة القلب الحيوي للدولة الروسية، وذلك لتمركز المنشآت الروسية النفطية والصناعية والكهربائية والنووية فيها.
الأكثر إثارة للشكوك سيناريو موت الرئيس التركمانستاني نيازوف يتمثل في الآتي:
• يبلغ عمره 66 عاماً وظل يتمتع بصحة جيدة للغاية، وبرغم ذلك قيل بأنه توفي بسبب أزمة قلبية نتجت بفعل التسمم.
• في نفس لحظة الإعلان عن وفاة نيازوف، تم الإعلان عن إقصاء وعزل نائبه الأول عطاييف من السلطة، بواسطة قوربا نقولي بيدريمحمادييف (نائب رئيس الوزراء) بسبب اتهامات تتعلق ببعض المسائل الشخصية!!
• اتهم نائب رئيس الوزراء، نائب الرئيس بأنه قد سب وشتم ابنة عمه!؟
• تمت الدعوة لانعقاد اجتماع موسع يضم عدداً كبيراً من الزعماء التركمانستان الموجودين حالياً بالخارج، بحيث يتم الاتفاق على السماح لهم بأخذ دور في العملية السياسية التركمانستانية.
إذاً، ملخص المشهد التركمانستاني الحالي يقول الآتي:
تم الإعلان عن موت الرئيس نيازوف المعارض للسياسة الأمريكية، وعندما كان نيازوف يلفظ أنفاسه الأخيرة تم رفع الحصانة عن نائبه الأول وإيقافه بتهمة شخصية، بواسطة نائب رئيس الوزراء (نائب رئيس الوزراء يسيطر على الجيش والأمن). وحالياً الأمور تحت التهدئة لحين عودة (المحاربين القدماء الذين ظلوا موجودين بالخارج) لكي يشاركوا في ترتيب الأوضاع بعد أن لفظ نيازوف روحه ورحل.
يقول المحلل مايك وايتني بأن ترتيب الأمور التركمانستانية على هذه الطريقة، لا يمكن أن يكون بسبب القدر وسوء الحظ، بل لابدّ أن تكون هناك (ثورة ملعونة) جديدة قام البيت الأبيض وجماعة المحافظين الجدد بتدبيرها على غرار الثورة البرتقالية والتركوازية و(ثورة الأرز اللبنانية). وعلى ما يبدو فإنها سوف تحمل اسم (الثورة البلورية) لأن كل شيء فيها واضح بشفافية مطلقة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد